|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شواهد مشهورة عن الحزن في الكتاب المقدس: “لأَنَّ لِلَحْظَةٍ غَضَبَهُ. حَيَاةٌ فِي رِضَاهُ. عِنْدَ الْمَسَاءِ يَبِيتُ الْبُكَاءُ، وَفِي الصَّبَاحِ تَرَنُّم”. (مزمور ٥:٣٠). في ترجمة أخرى “ربما الحزن الآن في المساء لكن في الصباح ترنم”. “عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي.” (مزمور ١٩:٩٤). في إحدى الترجمات: “حينما يكون الوضع فيه أفكارٌ كثيرة ومُقلِقة، في ظل هذه التساؤلات والشكوك أنت يارب تخرجني منها”. “اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. أَمَا هِيَ فِي سِفْرِكَ؟” (مزمور ٨:٥٦). يتحدث هنا عن شخص مُصلي ومُهتَم بحياة الصلاة وليس شخص كثير البكاء شفقةً على نفسه. “تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ. أَيْضًا فِي الضِّحِكِ يَكْتَئِبُ الْقَلْبُ، وَعَاقِبَةُ الْفَرَحِ حُزْنٌ”. (أمثال ١٤ : ١٢-١٣). إن الأمثال هي منوال حياة وأسلوب وقوانين حياة مأخوذة من الكلمة وبقيادة الروح القدس، وهي لا تعني أمثالًا شعبية فهي وحي. تخبرنا الآية أن هناك طرق تبدو للناس مستقيمة لكن عاقبتها طرق الموت، هكذا أيضًا الناس الذين يسيرون في هذه الطرق يضحكون ولا يدرون أنهم سيبكون لأنهم يسيرون في طرق مُعوّجة، وعاقبتها البكاء والموت. لا يعني هذا النَص؛ “احذروا من الضحك لأنكم ستبكون” لكنه يحذر من الطرق غير المُستقيمة لأن نهايتها الحزن والبكاء. “اَلْحُزْنُ خَيْرٌ مِنَ الضَّحِكِ، لأَنَّهُ بِكَآبَةِ الْوَجْهِ يُصْلَحُ الْقَلْبُ. قَلْبُ الْحُكَمَاءِ فِي بَيْتِ النَّوْحِ، وَقَلْبُ الْجُهَّالِ فِي بَيْتِ الْفَرَحِ” (جامعة ٣:٧-٤). يتحدث سليمان في سفر الجامعة ضد نفسه، ففي سفر الأمثال نجد سليمان في حالة روحية قوية أما في سفر الجامعة فهو يتحدث وهو في حالة ضعف روحي، فحتى الأمور التي كان يقول عنها إنها رائعة في سفر الأمثال صار يتحدث عنها بطريقة سلبية في سفر الجامعة. ربما يقول قائل: ولكنها آية ذُكِرَت في الكتاب المقدس؛ هنا نرد بأنه ليس معنى أنها آية ذكرت في الكتاب المقدس أن الرب يقول لك “افعلها”، وإلا فهل حين ذكر الوحي قصة سقوط النبي داود في الزنا، هل يعني ذلك أن الرب يريدك أن تفعل مثله؟! حاشا، لكن حين تقرأ نصوص كهذه اعرف لمَن كُتِبَتْ ولماذا كُتِبَتْ؟ ذُكِرَتْ في الكتاب المقدس كلمات تفوه بها إبليس، فهل معنى هذا إننا يجب أن نتكلم بهذه الطريقة أو نقول هذا الكلام؟ حاشا بالتأكيد! نجد أيضًا إيليا النبي، الرجل الناري والذي سار مع الرب بصورة صحيحة مدة طويلة من الزمن. كما استخدمه الرب في نهضات عظيمة للشعب القديم، لكنه في أواخر أيامه أُصِيب باكتئاب حاد نظرًا لتركيزه الشديد على نفسه وتركيز تفكيره على تهديدات إيزابل له بعد أن كان دائمَ التركيز على الرب الحي الذي هو واقف أمامه حتى إنه قال للرب تحت تأثير الاكتئاب: “خُذْ نَفْسِي لأَنَّنِي لَسْتُ خَيْرًا مِنْ آبَائِي”. (١ ملوك ٤:١٩). هل لأن إيليا قال هذه الكلمات للرب يصير لي الحق أن أقول كلمات مثلها للرب؟! حاشا، فنحن نقتدي بإيليا قبل إصابته بالاكتئاب وليس بعده، وكذلك بالنسبة لسليمان نقتدي به في حالات قوته وليس في ضعفه، ولكن ربما تتساءل: “ولماذا ذُكِرَتْ في الكتاب المقدس؟” الإجابة هي: لكي تعرف كيف يتكلم ويتصرف الشخص الضعيف والمُنتكِس إذ يرى الأمور بصورة سوداوية. نجد أيضًا سليمان يتحدث بصورة فيها رثاء لنفسه وتمنى أن يعود لحكمته الأولى بعد أن سار في طريق مسرة الجسد والشهوات حيث قال إنه لم يمنع نفسه عن أية مسرة أو خطية، فكانت النتيجة أنه دخل في الاكتئاب. إذًا حين لم يمنع نفسه عن الشهوات هذه ليس دعوة لنا أن نفعل مثله، وحين أصيب بالاكتئاب فهذه حالته الشخصية وقتها وليس دعوة لنا أن نكتئب مثله. |
|