|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النوع الأول من ذبيحة الإثم: 14 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 15 «إِذَا خَانَ أَحَدٌ خِيَانَةً وَأَخْطَأَ سَهْوًا فِي أَقْدَاسِ الرَّبِّ، يَأْتِي إِلَى الرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ: كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ الْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ مِنْ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ الْقُدْسِ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ. 16 وَيُعَوِّضُ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مِنَ الْقُدْسِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ، وَيَدْفَعُهُ إِلَى الْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ عَنْهُ بِكَبْشِ الإِثْمِ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ. 17 «وَإِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَعَمِلَ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ، كَانَ مُذْنِبًا وَحَمَلَ ذَنْبَهُ. 18 فَيَأْتِي بِكَبْشٍ صَحِيحٍ مِنَ الْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ، إِلَى الْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ مِنْ سَهْوِهِ الَّذِي سَهَا وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ. 19 إِنَّهُ ذَبِيحَةُ إِثْمٍ. قَدْ أَثِمَ إِثْمًا إِلَى الرَّبِّ». قلنا أن البعض يميز بين ذبيحتي الخطية والإثم بأن الأولى تقدم عن مقدمها ككل، أما الثانية فعن خطية معينة، والبعض يميز بينهما بأن الأولى تقدم عن الخطايا التي لا تسبب ضررًا ماديًا معينًا، أما الثانية فتقدم عن خطايا تصيب ضررًا لحق بالهيكل أو بالناس، لذلك يقسم الوحي ذبائح الإثم إلى نوعين: أ. ذبائح تقدم عن خطايا تضر المقدسات الإلهية. ب. ذبائح تقدم عن خطايا تضر إخوته. في هذا الأصحاح يتحدث عن النوع الأول، قائلًا: "إذا خان أحد خيانة وأخطأ سهوًا في أقداس الرب، يأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه كبشًا صحيحًا من الغنم بتقويمك من شواقل فضة على شاقل القدس ذبيحة إثم، ويعوض عما أخطأ به من القدس ويزيد عليه خمسة يدفعه إلى الكاهن" [15-16]. يُقصد بالخطأ السهو ضد المقدسات، والإهمال في تقديم الالتزامات نحو الهيكل مثل البكور من الحيوانات الطاهرة وفداء البكور من الإنسان وأوائل الثمار والعشور... إلخ. وكما قيل في سفر ملاخي: "أيسلب الإنسان الله؟ فإنكم سلبتموني. فقلتم بمَ سلبناك؟ في العشور والتقدمة" (ملا 3: 8). ويقصد بالسهو النسيان أو عدم فهم الشريعة. هنا يلتزم الإنسان بتقديم ذبيحة خطية، إذ لا غفران للخطية حتى وإن كانت بسبب النسيان أو عدم معرفة الشريعة إلاَّ بالدم المقدس الذي يطهر من كل خطية. هذا التكفير لا يعني تجاهل إصلاح الخطأ المادي الذي أصاب الغير حتى وإن كان المضرور الهيكل إن صح هذا التعبير. بالحقيقة لا يصاب الهيكل بضرر مادي، لأن الله هو مصدر شبعه، لكن الشريعة تدرب الإنسان أن يرد ما اغتصبه من الغير أيا كان هذا الغير. أما الذي يقيِّم الضرر فهو موسى النبي نفسه [15]، وفيما بعد صار الكاهن يقوم بهذا الدور (لا 27: 8). ويكون التقييم مقدرًا بشواقل من الفضة مع اعتبار "شاقل القدس" أي شاقل المضبوط المحفوظ في القدس هو المعيار الحقيقي والصحيح للشاقل. إن كان الله في محبته اللانهائية يغفر لنا كل خطية، فلأجل بنياننا الروحي يطالبنا برد ما قد أخطأنا به خلال إهمالنا مع دفع غرامة تأديبية توازي الخُمس. ويرى اليهود أن الخُمس هنا لا يعني خُمس القيمة، إنما يقدم ربع القيمة لتكون الغرامة هي خُمس المبلغ الإجمالي كله بينما المبلغ الأصلي يصير أربع أخماس. غير أنه للعلامة أوريجانوس رأي آخر وهو أن الشخص يرد المبلغ الأصلي مضافًا إليه مبلغًا يوازيه ومعه الخُمس. فإن كان الضرر يمثل خمسة شواقل فضة فإنه يرد الخمسة مضافًا إليها خمسة شواقل أخرى وأيضًا شاقل آخر... على أي الأحوال إن كان رقم 5 يُشير إلى الحواس في كثير من كتابات الآباء كالعلامة أوريجانوس والقديسين ديديموس الضرير وأغسطينوس وجيروم، هذه التي يجب أن تكون مكرسة للرب وحده وممتصة بالكامل في محبته لنصير بالحق مع العذارى الخمس الحكيمات (مت 25: 1)، نستقبل العريس السماوي بخمس مصابيح ممتلئة زيتًا منيرة بالروح القدس، فإننا إذ نخطئ في حق المقدسات الإلهية لا يطلب الله رد الظلم الذي سببناه بدفع مال أو تقديم تقدمات، إنما بالأكثر بتقديم حواسنا في وحدة الروح مقدسة للرب، أي نرد لله حق ملكيته علينا وفي أعماقنا حتى نحيا مقدسين له في الداخل كما في التصرفات الظاهرة. ما هو شاقل القدس الذي يُحسب معيارًا للتعويض؟ كلمة "شاقل" مشتقة من الفعل العبري "شقل" التي تعني "وزن"، وهو معيار لوزن الأشياء الثمينة، كما أنه نوع من النقود الذهبية والفضية غير المسكوكة (تك 23: 15-16)، وكانت جميع العيارات والنقود تحسب بالنسبة إليه. وقد وجد أكثر من شاقل لدى اليهود، إذ وُجد الشاقل المعتاد لوزن الأشياء الثمينة كالذهب والفضة وغيرهما (تك 23: 16؛ 1 صم 17: 5)، وشاقل القدس يقال أنه ضعف الشاقل المعتاد. أضيف إلى القدس يُحفظ في خيمة الاجتماع أو الهيكل ليكون نموذجًا تامًا مضبوط على الشاقل الصحيح. وشاقل الملك (2 صم 14: 26) ربما يُشير إلى وزن معين كان محفوظًا لدى الملك. هذا وكان العبرانيون يستخدمون شاقل الفضة كنقود وقد ضرب بعد السبي في عهد المكابيين (1 مك 15: 6)، ذكر في العهد الجديد باسم "الفضة" (مت 26: 15)، وأيضًا شاقل الذهب يستخدم كوزن كما كعملة ذهبية. الآن نعود إلى التعويض الذي يقدمه الخاطئ عند توبته ورجوعه إلى الرب، إذ يقيِّم موسى أو الكاهن الضرر الذي أصاب الهيكل من الجانب المادي بشاقل القدس الذي من الفضة. فإن الفضة تُشير إلى كلمة الله المصفاة سبع مرات كالفضة (مز 12: 6)... وكأن المعيار الذي يقيس به الكاهن تصرفاتنا ليس حكمته البشرية أو تقديره الشخصي وإنما "كلمة الله". هذا هو معيار حياتنا، الذي به نقدم حساباتنا لدى الله في اليوم الأخير. أما كونه "شاقل القدس" أي شاقل حقيقي أصلي غير مغشوش، وكما يقول العلامة أوريجانوس: [شاقل القدس يصور إيماننا... بالحقيقة يوجد كثيرون لهم اسم المسيح لكن ليس لهم بالحقيقة المسيح، لذلك يقول الرسول بولس: "لأنه لا بُد أن يكون بينكم بدع أيضًا ليكون المزكون ظاهرين بينكم" (1 كو 11: 19)]. هكذا تُشترى الشاه التي تقدم ذبيحة الخطية مقدرة بشاقل القدس، بمعنى آخر نلتقي بالسيد المسيح حمل الله الحقيقي خلال الإيمان المقدس الحقيقي غير المزيف. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [بكل تأكيد لا ينال أحد مغفرة الخطايا ما لم يكن له الإيمان المستقيم المختبر والمقدس، به تقتني "الشاه" الذي بطبعه يغسل خطايا المؤمنين. هذا هو شاقل القدس، الإيمان المختبر، الذي لا يمتزج بمكر وخداع، أي نفاق الهراطقة. هكذا لنقدم إيمانًا مستقيمًا لنغتسل "بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح" (1 بط 1: 19)]. |
|