منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 03 - 2024, 01:29 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

خُطفتُ إلى السماء الثالثة





خُطفتُ إلى السماء الثالثة

هكذا تبدأ »رؤ بولس«، مستندة إلى نصِّ الرسالة الثانية إلى كورنتوس: »أعرفُ رجلاً مؤمنًا بالمسيح خُطف قبل أربع عشرة سنة إلى السماء الثالثة. أبجسده؟ لا أعلم. أم بغير جسده؟ لا أعلم. الله يعلم. وإنَّما أعلم أنَّ هذا الرجل خُطف إلى الفردوس وهناك سمع كلامًا لا يقدر بشرٌ أن ينطق به ولا يجوزُ له أن يذكره« (2 كو 12: 2-5).

أوردتُ نصَّ الرسالة لأشدِّد على اثنين. أوَّلاً، لا يعلم الرسول إن هو خُطف بجسده أم بدون جسده؟ وهذا أمرٌ هامٌّ في التقليد اليونانيّ، المرتبط خصوصًا بأفلاطون. فالنفس تعيش في عالم المثُل، في الأعالي، ويمكن أن يظنَّ الكورنثيّون أنَّ رسولهم كان هناك. أمّا بولس، فهو لا يعرف. ولكن كاتب رؤ بو يعرف: خُطف الرسول بجسده، ورأى بعينيه البشريَّتين وسمع بأذنيه كما اعتاد أن يسمع على الأرض.

رأى في السماء »سكّان« السماء، الأبرار. أخنوخ، كاتب البرّ (ص 201) وإيليّا الذي تذكَّر الصعوبات التي قاساها لكي يصل إلى هنا. قال: »عظيمةٌ مواعيد الله ولكنَّ الكثيرين لا يفهمونها« (ص 202). واللافت هو أنَّ الجميع يستقبلون بولس، لا كضيف آتٍ إليهم، بل كشخص أعظم منهم. ويخبرنا »بولس« كيف مضى »إلى حاضرة المسيح«. قال: »أصعدني (الملاك) في قارب ذهبيّ، مع ثلاثة آلاف ملاك يسيرون أمامي إلى أن وصلتُ إلى حاضرة المسيح. فاستقبلني سكّانُ حاضرة المسيح بفرح عظيم« (ص 205).

والأمر الثاني: قال بولس في 2 كو إنَّ بشرًا لا يقدر أن ينطق بما رأى. بل لا يحقُّ له. ولكنَّ »بولس« في رؤ بو أخبرنا بكلِّ ما رأى وسمع. ذاك ما ذُكر في رؤ بو. قال الملاك: »ما أبيِّنه لك الآن، ما تسمعُ، لا تكشفْه لأحد على الأرض.« وأردف الرائي: »سمعتُ هناك أقوالاً لا يحقُّ لأحد أن يتفوَّه بها« (ص 202).

إلى أين خُطف بولس؟ إلى السماء، وإلى الجحيم. وإلى هناك تبعه دانتي في الكوميديا الإلهيَّة(5). دانتي، شأنه شأن إينه، مضى بجسده إلى الجحيم، إلى الأسافل حيث الموتى يكونون. وهو استوحى إحدى النسخات العصر الوسيطيَّة، في اللاتينيَّة، ليروي ما روى. أمّا رؤ بو فاستفادت من تقاليد عديدة حملتها اليهوديَّة، كما المسيحيَّة. نذكر على سبيل المثال صعود إشعيا(6) وما حملته الأخبار اليهوديَّة عن هذا النبيّ الذي نُشر بمنشار مع الشجرة التي أقام فيها. كما نذكر رؤيا إبراهيم(7) الذي رأى في ما رأى، آدم وحوّاء والحيَّة ومختلف أشكال الشرِّ من زنى وسرقة وعبادة أوثان.

وما كانت رؤ بو وحدها. فقد سبقتها رؤيا يوحنّا (كتاب قانونيّ)، ورافقتها رؤيا بطرس (رؤ بط). فرؤيا يوحنّا »رسمت« مصير الكنيسة ساعة اقتراب نهاية الأزمنة، من مجيء ثانٍ ودينونة أخيرة. أمّا رؤ بط فقدَّمت المحاولة الأولى لإلقاء الضوء على مصير كلِّ إنسان بعد النهاية: »بعد ذلك، يأتي الرجال والنساء إلى المكان الذي يستحقُّون. يعلَّقون بلسانهم الذي به جدَّفوا على طريق البرّ، ويمدَّدون على نار لا تنطفئ من أجل عقابهم«.(8)

أمّا رؤ بو فتمتدُّ في الزمان والمكان: تُذكَر الشمس والقمر والكواكب، والبحر والمياه والأرض، وذلك قبل الصعود إلى السماء. وذُكرت هذه الأمكنة، وكأنَّها أشخاص حيَّة تتَّهم البشر الخاطئين، وتطلب العدالة من عند الله. أو بالأحرى تَطلب منه أن يسمح لها لكي تفعل. قالت الشمس: »اتركني فأفعل« (ص 188). أترى الربّ غافلاً؟ كلاّ. فهو يقول في كلِّ حالة: »عرفتُ كلَّ هذا، عيني رأتْ وأذني سمعت، ولكن صبري يحتملهم إلى أن يهتدوا ويتوبوا، وإن لم يعودوا إليَّ أدينهم جميعًا« (ص 189). والنتيجة التي تجعل الكتاب يثور هو أنَّ الخليقة تخضع لله، »والجنس البشريّ وحده يخطأ« (ص 190). وهكذا يمكن أن تكون رؤ بو نداء إلى التوبة. أمام شرِّ البشر تظهر أناةُ الله وطولُ باله، وهو يتمهَّل قبل أن يعاقب (1 بط 3: 20).

بعد أن يُطرَح موضوع الشرِّ في هذا العالم، ينقلنا الكاتب إلى العالم الآخر. السماء أوَّلاً. وبولس لا يصل إلى السماء السابعة على مثال إبراهيم الذي التقى موسى هناك(9). بل يبقى في السماء الثالثة. ثمَّ الجحيم التي تُصوَّر بتفاصيل كثيرة وترتيب مسرحيّ مليء بالحياة. تقول رؤ بو: »حينئذٍ رأيتُ نهر نار يغلي، وفيه دخل عددٌ كبير من الرجال والنساء، بعضهم غطس حتّى الركبتين، وآخرون حتّى السرَّة، وآخرون حتّى الشفتين، وآخرون، أخيرًا، حتّى الشعر« (ص 212-213): هناك الفاترون، والمجادلون، وقاطعو الرجاء. ونذكر أحد العذابات: ونظرتُ أيضًا نهر النار: شاهدتُ فيه رجلاً أخذه بحلَقه ملائكة الجحيم(10) الماسكون في يدهم شوكة ثلاثيَّة الأسنان(11) يَثقبون بها أحشاء ذاك الشيخ. فسألتُ الملاك وقلتُ: »يا سيِّدي، من هو هذا الشيخ الذي يسومونه كلَّ هذه العذابات؟« فأجابني الملاك: »هذا الذي تراه كان كاهنًا لا يقوم بخدمته القيام الصحيح: يأكل ويشرب ويزني ساعة يقدِّمُ قربانَ الربِّ أمام مذبحه المقدَّس.« (ص 214-215).

وتتوالى العذابات لأهل الكبرياء والسحر والزنى والفجور. فيقول »بولس« مثلاً: »وشاهدتُ رجالاً آخرين ونساء معلَّقين بحواجب عيونهم وبشعرهم، يجرُّهم نهر نار. فقلت: »من هؤلاء يا ربّ؟« فقال لي: »هنَّ اللواتي ما استسلمن لأزواجهنَّ الأخصّاء (وهم الذين ما استسلموا لنسائهم) بل للزواني (والزانيات). لهذا فهم يكفِّرون بلا انقطاع العقوبات الخاصَّة بهم« (ص 217).

هي مسيرةُ النفوس من النفَس الأخير إلى المثول أمام الله، إلى المحاكمة والحكم مع تنفيذ الحكم. كلُّ هذا منظَّم بحسب منهجيَّة واضحة مع صفوف الملائكة بوظائفهم المحدَّدة والمتنوِّعة، من أجل المعذَّبين ومن أجل العائشين في سعادة مع الله.

دخلتْ نفسٌ إلى السماء، صرخ الملائكة في وجه هذه التعيسة وطلبوا أن تؤخذ عنهم بسبب نتانتها. »ثمَّ حُملت واقتيدت أمام وجه الله لعبادته: فدلَّها الملاك على الربِّ الإله الذي صنعها على صورته ومثاله. ولكن سبقها الملاك وقال: »أيُّها الربّ، أيُّها الإله القدير، أنا هو ملاك هذه النفس: أنا من كان يقدِّم لك أعمالها نهارًا وليلاً، ساعة لم تكن تتصرَّف بحسب أحكامك.« وقال الروح أيضًا: »أنا الروح الذي سكن فيها منذ يومٍ فيه خُلقت. عرفتُها في ذاتها، وما تبعَتْ مشيئتي، فأحكم عليها يا ربّ بحسب دينونتك.« حينئذٍ ردَّ كلام الله عليها وقال: »أين هو الثمر الذي أثمرتِ مقابل الخيرات التي نلتِ؟ هل عاملتُكِ يومًا بخلاف ما عاملتُ الأبرار؟ أما أشرقتُ شمسي عليكِ كما على البارّ؟ فصمتت النفس، وأُنشدت عدالة الله ودينونته (ص 197-198).

ما نلاحظ هو أنَّ تصوير عذابات الجحيم أوسع من الكلام عن الراحة في السماء. فهذه العذابات تدوم يومًا بعد يوم، وتلاحق الخاطئ نهارًا وليلاً. توسّل الناس إلى بولس وفي النهاية، سُمح لهم أن يرتاحوا يومًا في الأسبوع. سمع الله بكاء بولس وبكاء الملائكة، وعلى رأسهم ميخائيل.

وننهي كلامنا في هذا العرض بلقاء بولس مع العذراء مريم. قال: »وإذْ كنتُ بعدُ ناظرًا إلى الشجرة (= شجرة معرفة الخير والشرّ التي بها دخلَ الموت إلى العالم)، رأيت من بعيد صبيَّةً آتية مع مئتي ملاك يُنشدون المدائح أمامها. فسألتُ وقلتُ: »يا ربّ، من هي تلك الآتية في مثل هذا المجد؟« فقال لي: »هي العذراء مريم، أمُّ الربّ.« اقتربتْ منّي وحيَّتني وقالت: »سلام، يا بولس حبيب الله والملائكة والبشر. جميعُ القدّيسين رفعوا الصلاة إلى ابني يسوع الذي هو أيضًا ربّي، لكي تأتي هنا بلحمك وبعظمك، ولكي يشاهدوك قبل أن تترك العالم. فقال الربُّ لهم: ''انتظروا، اصبروا قليلاً! بعد وقتٍ قصير تشاهدونه، ويكون معكم إلى الأبديَّة.« (ص 226).

وواصلت مريم كلامها بأنَّ الأبرار طالبوا ببولس وإلاّ يكونون في حزن إذا هم لا يرونه قبل موته، لأنَّه احتمل المتاعب الصغيرة والكبيرة فأوصل إليهم البشارة. »ها هم جميعًا، هؤلاء الأبرار، وقد جاؤوا ورائي للقائك« (ص 227).

وهكذا دُوِّنَت رؤ بو لتتحدَّث عن عظمة هذا الرسول وما عمله في حياته على الأرض من أجل الملكوت. هو ما انتظر ساعة الموت لكي يكون مع الأبرار، بل مضى إليهم قبل موته، وتعرَّف إليهم واحدًا واحدًا، لأنَّهم ما عادوا يطيقون الابتعاد عنه.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
ختُطف هذا إلى السماء الثالثة
سيكون السلام هو ذهبك؛ السلام هو فضتك؛ السلام هو أرضك
السلام لجسدك السلام لقبرك السلام لروحك يا ابانا القديس انبا بولا
اورشليم الجديدة ( السماء الثالثة)
فى الجلسة الثالثة للتأسيسية السلفيون: السلام الجمهورى بدعة


الساعة الآن 07:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024