قدم السيد جسده ودمه المبذولين لتلاميذه معلنًا لهم أنه مُقبل على الصليب بإرادته، وبخطته الإلهية ليهب مؤمنيه غفران الخطايا والإتحاد معه... هذه العطية هبة قائمة عبر العصور تتمتع بها كنيسة المسيح، وتتقبلها من يدّي المخلص نفسه. في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [حتى الآن المسيح الملاصق لنا الذي أعد المائدة هو بنفسه يقدسها. فإنه ليس إنسان يحول القرابين إلى جسده ودمه، بل المسيح نفسه الذي صُلب عنا. ينطق الكاهن بالكلمات، لكن التقديس يتم بقوة الله ونعمته. بالكلمة التي نطق بها: "هذا هو جسدي" تتقدس القرابين.]
ويقول القديس أمبروسيوس: [المسيح هو بعينه الذي يعلن خلال الكاهن هذا هو جسدي.]
إذ سلمهم السيد هذا السرّ العظيم قال لهم: "الحق أقول لكم أني لا أشرب بعد من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما أشربه جديدًا في ملكوت الله" [25]. وقد سبق لنا تفسير هذه العبارة في دراستنا لسفر اللاويين (10: 9) حيث رأينا السيد يشرب نتاج الكرمة أي يفرح حين يكمل المختارون في ملكوت الله.