|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسير سفر المزامير - مزمور 17 التأديب يقود إلى رؤية الله هذا المزمور هو مرثاة قدمها إنسان متهم ظلمًا فاحتمى بالهيكل ينتظر حكم الله في قضيته[340]. ربما صلى به داود حين ضايقه الأعداء؛ وقد سجله عندما كان في برية معون، حينما قام شاول ورجاله على مسيح الرب (1 صم 23: 25). يقول C. Stuhlmueller: [نحتاج إلى المزمور 17 كاحتياجنا إلى آلامنا السرية ونحن أبرياء، لا لننطلق إلى ما وراء آفاق تلك الأرض فنبلغ الأبدية فحسب، وإنما لكي ندخل إلى قلب يسوع الذي أُتهم ظلماً (يو 8: 46)، البريء الذي "لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا" (2 كو 5: 21). وحينما نتلو المزمور 17 نصلي أيضًا من أجل الأوقات التي فيها نحن قد اسأنا الحكم وظلمنا أبرياءً: نصلي من أجل كل ضحايا الظلم[341]]. يعتقد البعض أن هذا المزمور يماثل المزمور 16 حتى ليحسبوا المزمورين كتوأمين. يكشف لنا هذا المزمور عما حلَّ بداود النبي، أنه كمن أُلقي في أتون نار ملتهب، لكنه عوض أن يهلك خرج منه ليس فقط دون أن يلحق به ضرر وإنما خرج ينعم بالاحتماء تحت ظل جناحي الرب، ويعاين بهاء وجهه الإلهي! |
05 - 09 - 2020, 06:24 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
مزمور مسياني:
يرى البعض أن المزامير 16-24 تمثل مجموعة مسيانية متكاملة، كل مزمور منها يقدم نبوة واضحة عن السيد المسيح المخلص. ولعل أروع هذه النبوات ما ورد عن الصليب وآلام الرب المجيدة في المزمور 22. يقول Gaebelein عن المزمور 17: [عند قراءة هذه الصلاة الثمينة يشعر الإنسان في الحال أنها تخص شفتي من هو أعظم من داود. بينما كتب هذه الصلاة بروح الله - كما كتب كل الصلوات الأخرى - بما فيها من صلوات اللعنات (ضد الأعداء)، فإن سمة هذه الطلبة الموجهة لله لا تخص داود... كلماتها أولاً وقبل كل شيء تنطبق على المسيح. هو الكامل والبار... هو الشفيع عن شعبه. إذ يتقدم بدعواهم يطلب ذلك خلال بره هو وكماله. والآب يسمع دائمًا لتشفعاته[342]]. طبَّق القديس جيروم كل ما ورد في هذا المزمور على السيد المسيح. وبعض الآباء الآخرين مثل القديس أغسطينوس حسبوا أن كل ما جاء في المزمور يخص السيد المسيح وشعبه. إذ يقول القديس أغسطينوس: [يجدر بنا أن ننسب هذا المزمور لشخص ربنا المتحد مع الكنيسة التي هي جسده]. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
العنوان:
"صلاة لداود". توجد أربعة مزامير أخرى تحمل ذات العنوان، وهي (مز 86، 90، 102، 142). وقد دُعيت صلوات لأنها مفعمة بالتوسلات، فهي من خصائصها وعناصرها الأساسية[343]. لقد أتقن داود النبي فن الصلاة، حتى دعى نفسه "صلاة". عرف كيف يلجأ إليها على الدوام، خاصة وأنه رجل آلام وأوجاع، يشعر أنه في حاجة إلى الله كملجأ له من أعدائه الأشرار ومن ضعفاته الشخصية وسقطاته، لكي يتأهل خلال مراحم الله أن يرتفع فوق التأديبات إلى الحياة السماوية المفرحة. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
الإطار العام:
1. اللجوء إلى الله لتأكيد براءته [1-5]. 2. طلبة من أجل الرحمة [6-12]. 3. توسل ضد الأشرار [13-14]. 4. تمجيد لله [15]. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
1. اللجوء إلى الله لتأكيد براءته: جاءت افتتاحية المزمور صلاة لتبرئته [1-5] يليها تثبيت هذه البراءة [3-5]. يترجى المرتل في الله أن يبرئه، واثقًا في برّ الله الذي لا يحابي الوجوه، ومعتمدًا على صلاح ضميره. "استمع يا الله عدلي (برّي)، واصغ إلى طلبتي، وانصت إلى صلاتي فليست هي بشفتين غاشتين" [1] يطلب المرتل من الله أن يستمع إليه ويصغى وينصت، مكررًا ثلاث مرات في هذا العدد طالبًا من القاضي أن ينصفه. هذا التكرار لا يُقدم منه باطلاً وإنما دليل اللجاجة وعدم اللجوء إلى آخر غيره. كان داود بارًا بلا عيب، يتبع الحق والعدل من جانبه، بريئًا من الأخطاء المُتهم بها؛ غير أن السمات الواردة هنا (عدلي (بريّ)، بشفتين بلا غش) تنطبق على السيد المسيح أولاً وقبل كل شيء، إذ هو البار الكامل، وشفتاه بلا غش (1 بط 2: 22)، يشفع ببره عن شعبه، ويستمع الآب على الدوام إلى شفاعته. السيد المسيح هو المتضرع، الذي يصلي كرأس من أجل جسده، الكنيسة، حاسبًا قضية شعبه قضيته الخاصة به، متشفعًا لأجل قديسيه، لأنه "في كل ضيقهم تضايق" (إش 63: 9)، قائلاً لشاول: "شاول شاول، لماذا تضطهدني؟" (أع 9: 4). ونحن أيضًا كأعضاء في جسد المسيح يليق بنا أن نحيا بالبر، لأن الآب لا يمكنه أن يتعامل معنا ما لم نكن أمناء معه بالتمام، لنا برّ المسيح. هو يعرف دوافعنا الحقيقية؛ قد نخدع أنفسنا أحيانًا، لكننا لا نقدر أن نحدع الله. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
ويلاحظ في المزمور الذي بين أيدينا الآتي:
أ. لا يمكننا فهم الدفاع بالبر هنا كتعبير ساذج عن البر الذاتي، فهو ليس مجرد تأكيد من جانب الإنسان العابد على خلوه من الخطية، إنما هي محاولة لتبرير الإنسان من إتهامات معينة ظالمة[344]. فبقولنا: "استمع يا الله عدلي (بري)"، لا نعني أننا بلا خطية، وإنما نعني أن صوت دم السيد المسيح واستحقاقاته أعظم من صوت الاتهامات الباطلة ضدنا بل ومن صوت الخطية التي تشهد ضدنا، صوته فينا أقوى، لأنه صوت برّ المسيح، الحق الإلهي! في برّ المسيح نسمع صوت الرسول: "طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها، كان إيليا إنسانًا تحت الآلام مثلنا وصلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر..." (يع 5: 16-17) وكأنه ببر المسيح نحمل مفتاح السماء، ويستجيب لنا الآب نفسه! ب. بقوله: "فليست هي بشفتين غاشتين" يعلن المرتل أنه لا ينطق في صلاته بالشفاة المجردة، وإنما خلال إنسجام الشفتين مع إخلاص القلب الداخلي، وأمانة العمل؛ وكأن المرتل يعلن أن صلاته تخرج من كيانه كله: الفكر الداخلي أو نية القلب والكلمات مع العمل. صاحب الشفتين الغير غاشتين يحمل إخلاصًا داخليًا وصدقًا في تصرفاته الظاهرة، فلا يسقط تحت التوبيخ الإلهي: "جبهة امرأة زانية كانت لكِ... ألست من الآن تدعينني يا أبي أليف صباي أنت... ها قد تكلمتِ وعملتِ شروراً واستطعتِ" (إر 3: 3-5). شفتا الغش مكروهة عند الناس فكم بالحري تكون مكروهة لدى الرب؟! الله لا يطلب صلوات الشفاة الغاشة، وإنما يطلب سكب النفس (1 صم 1: 15) وسكب القلب (مز 62: 8). ج. إذ يلجأ المرتل إلى الله يجد في الحضرة الإلهية راحته، فيطلب منه أن يتسلم بنفسه قضيته ويعلن أحكامه فيها علانية، لأنها أحكام عادلة ومستقيمة. "من وجهك ليخرج قضائي، |
||||
05 - 09 - 2020, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
عيناي لتنظرا الإستقامة" [2].
* ليت قضائي لا يصدر عن الشفاة الغاشة (التي للأشرار) وإنما عن حضورك البهي، لكي لا أنطق بخلاف ما أكتشفه فيك. ليت عيناي - عينا القلب بالطبع - تعاينان الأمور المستقيمة. القديس أغسطينوس ماذا يعني المرتل بوجه الآب إلا الابن الذي خبَّرنا عن الآب، وأعلن بالصليب كمال الحب الإلهي، فإننا خلال عمله الخلاصي ننعم ببهاء الوجه الإلهي، ويحق لنا الدخول إلى الأحضان الأبوية، معاينين كل ما هو حق ومستقيم. د. استقامة حياته الداخلية: "جرَّبت قلبي وتعهدته ليلاً، واحميتني فلم تجد فيّ ظلمًا. لكيما لا يتكلم فمي بأعمال الشر" [3]. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
كلمة "جربت" تستخدم للتعبير عن امتحان الذهب بالنار (زك 13: 9)، الأمر الذي يفوق حدود الفحص العادي إلى التفتيش في الأعماق داخل النفس البشرية. ربما عنى المرتل بطلبته هذه أن يقدم قلبه لله ليلاً حينما يترك كل من هم حوله ليكشف للرب أعماق قلبه وصدق نيته بعيدًا عن أعمال البشر والانشغال معهم في أحاديثهم... يرى الله في داخله إخلاصًا صادقًا، لا يحمل كراهية أو بغضة أو ظلمًا حتى ضد المفترين عليه. يرى الله في قلبه إشتياقًا حقًا ألا ينشغل المرتل بكلمات الناس بالرغم من عدم إنعزالهم عنه جسديًا؛ هو يتحدث معهم ويعاملهم لكنه كمن هو غريب يطلب أن ينطق بأعمال الله لا الناس. وربما أراد المرتل أن يعلن أنه ما أسهل على البشر أن يحكموا ضده، بإساءة فهم كلماته أو تصرفاته، أما الله فيحكم حسب أعماقه. وكأنه يقول مع الرسول بطرس بعد إنكاره للرب: "يارب أنت تعلم كل شيء، أنت تعرف إني أحبك" (يو 21: 17). ما أحوجنا أن نتعهد قلوبنا ليلاً، فيشرق مسيحنا علينا ويحول ظلمتنا إلى بهاء نوره! |
||||
05 - 09 - 2020, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
ربما يقول "تعهدته ليلاً، لأن الليل هو ترمومتر الحياة الروحية، فيه تنكشف القلوب. الإنسان الملتهب قلبه بالحب طول نهاره عندما يحل الليل يجد لذته في التمتع بالصلاة ودراسة الكتاب المقدس والتأملات الروحية، وحينما يضع رأسه يردد في قلبه: "إني لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي لعينَّي نومًا أو لأجفاني نعاسًا، ولا راحة لصدغي، إلى أن أجد موضعًا للرب" (مز 132 صلاة النوم). يضع رأسه على وسادته ليهيم فكره في السماويات حيث يوجد قلبه ويكون هناك كنزه. أما من ارتبك بهموم الحياة فلا يجد في الليل لذة بل يعاني من الأرق ويزداد قلقه، ويصير الليل لا للراحة بل لاختبار عربون الجحيم الذي لا يُطاق. والذي يقضي يومه في الملذات الجسدية والتسيّب من جهة حواسه، فمتى حلّ الليل ينغمس بالأكثر في أحلام اليقظة المثيرة لجسده وأفكاره... وهكذا يكشف الليل للإنسان حاله الداخلي.
في الليل تنفتح السماء أمام عيني المرتل ليهيم في حب الله ويصلي من أجل أخوته! ه. ضبط لسانه: "لكيما لا يتكلم فمي بأعمال البشر" [3]. لقد تهيأ المرتل تمامًا لتقديم أفكاره وكلماته وأعماله لفحص دقيق جدًا من قبل الله، وفي نفس الوقت أدرك الغبطة التي يتمتع بها الإنسان الذي يصرخ إلى الله ليهبه كمال القلب والحديث والعمل. * "لكيما لا يتكلم فمي بأعمال الشر"، أي لئلا يفلت من شفتي كلام إثم، بل يخرج منهما كل ما يليق بمجدك وحمدك، وليس كتعديات البشر المقاومين مشيئتك. القديس أغسطينوس. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
* لا تزعج نفسك بأمور العالم التي لا ينفعك منها شيء صالح لحياتك، إذ كُتب "لكيما لا يتكلم فمي بأعمال البشر". فالإنسان المولع بالحديث عن الخطاة وأعمالهم سرعان ما تثور فيه شهوة الإستهتار. بالحري يلزمك أن تنشغل بحياة الصالحين، فإن هذا يعود عليك بشيء من النفع[345]. * تعلمت أن أصلي حتى لا يتكلم فمي بأعمال البشر القديس باسيليوس الكبير * لا تبحث في فكرك عن أخطاء الغير، ولا تدنس لسانك باتهام قريبك؛ فإن القول "لا يتكلم فمي بأعمال الناس" أمر له تقديره! الأب بابي (السرياني) وربما قصد المرتل بقوله: "لا يتكلم فمي بأعمال البشر"، أو في النص العبري: "لا يتعدى فمي..." أنه وإن مرّ به فكر إدانة من جهة إنسان - حتى وإن كان عدوه - فإن هذا الفكر لا يمكن أن يجتاز فمه، أي لا يتحول إلى كلمات وبالتالي إلى عمل، إنما يحبسه ليقتله بعمل الله فيه. فقد وضع الله حافظًا لفمه وبابًا حصينًا لشفتيه كي لا يخطئ بلسانه. |
||||
|