|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو سر نصرة داود في حربه ضد جليات؟ أ. لعل سر نصرته الخارجية على جليات هو نصرته في الداخل. عندما سأله والده أن يفتقد سلامة إخوته ويأخذ منهم عربونًا [19] أي يحضر من عندهم شيئًا يحمله على الطمأنية من جهتهم يقول الكتاب: "فبكر داود صباحًا... وذهب كما أمره يسى" [20]. طاعة الإنسان لوالديه وآبائه الروحيين في الرب هي غلبة داخلية على الإرادة الذاتية، تتبعها غلبات ونصرات خارجية. كثيرون انهزموا من الخارج لا لشيء إلا بسبب هزيمتهم الداخلية. لقد أطاع داود بلا تردد وبفرح أسرع بتنفيذ في الصباح دون تأخير. غلب أيضًا داخليًا عندما ثار عليه أخوه اليآب إذ أجابه في هدوء وبحكمة. ب. أدرك داود أن كل نصرة هي لحساب الرب نفسه وكنيسته، وكل هزيمة تُهين الرب وكنيسته. فإنه وإن كان قد سأل: "ماذا يفعل للرجل الذي يقتل الفلسطيني؟" فقد أكمل السؤال بقوله: "ويزيل العار عن إسرائيل؛ لأنه من هو هذا الفلسطيني الأغلف حتى يُعيّر صفوف الله الحي؟". هكذا تطلع إلى المعركة بكونها صراع بين الله نفسه وعدو الخير الشيطان. لعله على سبيل حب الاستطلاع سأل عن الأجرة لكنه بلا شك لم يكن ممكنًا أن توجد أجرة تسحب قلب إنسان أمام رجل عملاق كجليات متدرب على القتال، وقد ضعف أمامه الملك وكل رجال الحرب وارتعب قدامه إخوة داود الأكبر منه... لقد غار داود غيرة رب الجنود، وأدرك أن "الله" نفسه يهب الغلبة ليتمجد في وسط شعبه. بهذا الفكر نزل داود إلى أرض المعركة مختفيًا في الله. ج. يرى القديس أمبروسيوس أن سر نصرة داود أنه لم يثر هو الحرب إنما كان جليات الذي بدأها، أما هو فدُفع إليها لغيرته الروحية... لم يحمل سلاح شاول بل مقلاعه الخاص به وعصاه... دخل الحرب بعد استشارة الرب. يقول: [داود لم يثر حربًا ما لم يُدفع إليها... قوته اعتمدت على ذراعيه لا على أسلحة الغير... لم يدخل قط في حرب دون طلب مشورة الل ]. ليتنا في جهادنا الروحي نلتزم بهذه الأمور الثلاثة، لا ندفع أنفسنا في الحرب بأنفسنا إنما في اتضاع نهرب من كل عثرة، فإذا دخلنا إلى حرب عندئذ نحمل خبرتنا الشخصية مع ربنا ونعتمد على نعمته العاملة فينا لا على صلوات الغير دون جهاد من جانبنا، وأخيرًا لا ننطلق إلى الحرب دون طلب مشورة الرب وعونه. د. يرى القديس أمبروسيوس أن داود غلب لأنه قدم نفسه عن الشعب، إنه طلب ما هو للغير باذلًا نفسه لحسابهم، إذ يقول: [داود أيضًا اتبع خطوات (موسى) الذي أُختير من بين الجميع ليحاكم الشعب. كم كان وديعًا ولطيفًا ومتضعًا في الروح، وكم كان مجاهدًا ومستعدًا لإظهار الحب. قبل مجيئه إلى العرش قدم نفسه عن الكل. كملك أظهر نفسه معادلًا للجميع في القتال، مشاركًا إياهم متاعبهم. كان شجاعًا في المعركة، لطيفًا في حكمه، صبورًا في احتمال الإهانة، مستعدًا بالأكثر أن يحتمل الغير عن أن يرد عليهم أخطاءهم. كان عزيزًا على الجميع، وبالرغم من كونه شابًا اختير بغير إرادته ليحكم عليهم... وعندما كبر في السن سأله شعبه ألا يدخل المعركة إذ فضل الجميع أن يتعرضوا للخطر من أجله عن أن يتعرض هو للخطر من أجلهم. لقد ربط الشعب به بكامل حريتهم إذ قام بواجبه نحوهم؛ أولًا عندما حدث انشقاق بين الشعب فضل أن يعيش في حبرون كما في منفى (2 صم 2: 3) عن أن يملك في أورشليم. ثانيًا عندما أظهر حبه للشجاعة حتى بالنسبة لعدوه... أُعجب بأبنير كبطل شجاع مع أنه كان قائدًا لمن هم ضده ومثيرًا للحرب، لم يستخف به عندما طلب السلام بل كرّمه وصنع له وليمة (2 صم 3: 20)، وعندما مات عن خيانة بكاه وانتحبه]. |
|