|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر نشيد الأناشيد 9 السبت 08 ديسمبر 2012 بقلم : قداسة البابا شنودة الثالث الروحيون يقرأون هذا السفر,فيزدادون محبة لله..أما الجسدانيون فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم ,لئلا يسيئوا فهمه,ويخرجوا عن معناة السامي إلي معان عالمية. من هذه الطالعة من البريةنش8:5نش3:5 موضوع تأملنا اليوم في سفر النشيد هو عبارة قالها الرب عن كنيسته,وردت مرتين في السفر في: 0من هذه الطالعة من البرية كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان وكل أذرة التاجرنش3:6. 0من هذه الطالعة من البرية مستندة علي حبيبهانش8:5. إنه تأمل في جمال الكنيسة أو في جمال النفس البشرية المحبة لله.وكيف أنها طالعة من البرية وطالعة في جمال معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة التاجر كأعمدة من دخان صاعدة من المجمرة. وسوف نتناول هذا الوصف:كأغنية تنشد لكنيسة العهد القديم أو كأغنية تنشد للكنيسة المنتصرة أو كأغنية تنشد لقديسي البرية. +++ 1- أغنية تنشد لكنيسة العهد القديم: يمكن أن تؤخذ عبارةالطالعة من البريةعلي كنيسة العهد القديم التي طلعت من برية سيناء واتجهت إلي كنعان مستندة علي ذراع حبيبها. مسيرة الكنيسة في البرية كانت مسيرة عجيبة حقا,إذ خرج الشعب بلا طعام ولاشراب ولا ملابس كافية لتلك الرحلة الطويلة ولاباقي في الاحتياجات اللازمة. مجرد خروج علي اسم الله بالإيمان وليس أكثر وضعوا أرجلهم في البحر مستندين علي ذراع حبيبهم الذي سندهم في عبورهم. سند المياه من هنا وسندها من هناك ومشت الكنيسة في البحر مستندة علي حبيبها وعاشت في البرية. عاشت بالإيمان الذي يري ما لايري. وفي قلب كل واحد يرن قول الربوتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر,وأطعمك المن الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤكثيابك لم تبل عليك ورجلك لم تتورم هذه الأربعين سنةلكي يعلمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم اللهتث8:2-4. حقا إن الإنسان الذي يحيا في الإيمان مستندا علي الله حبيبه يمكن أن يختبر عجائب في عمل الله معه... يمكن أن يفجر له الله ماء من الصخرةخر17:6ويمكن أن يحول له الماء المر إلي ماء حلوخر15:23-25ويمكن أن يشق له في البحر طريقاخر14:22,21ويمكن لهذا المؤمن أن يختبر محبة الله له:يظلله السحاب بالنهار ويضيء له عمود النار بالليلخر13:22,21ويمكن أن يحميه الرب من جميع أعدائه. وهذا كله حدث لتلك الطالعة من البرية. وانهزم أمامها سيحون ملك الأموريينعد21:23-26كما انهزم أمامهم عوج ملك باشان عد21:23-35..حتي لكأن شعوب الأرض إلي كل هذا ويقولون في عجب:من هذه الطالعة من البرية مستندة علي حبيبها؟! أيضا النفس المستندة إلي حبيبها يسقط عن يسارها ألوف, وعن يمينها ربوات وبعينيها تنظر وتتأمل مجازاة الأشرارمز91:7:8.الرب يظلل علي يدها اليمني فلا تضربه الشمس بالنهار ولا القمر بالليلمز121:6,5 مشكلتنا في الحياة أننا لانستند علي حبيبنا!!قد نستند علي مواهبنا, علي قوتنا وذكائنا, علي غنانا!أو نستند علي ذراع بشري أو علي حكمة بشرية!وربما نستند علي الشيطان وكل حيله!! وقد ننجح نجاحا مؤقتا, الهزيمة أفضل منه!وقد نفشل.. أما الذي يستند علي الله الذي يحبه فيمكنه-كالثلاثة فتية-أن يمشي في أتون النار ولايحترق..كانت النار تحيط بهمولم تكن لها قوة علي أجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق حدث ذلك لأنهم كانوا مستندين علي حبيبهم الذي كان ماشيا معهم في وسط النار,وكان شبيها بابن الآلهةدا3:27,25. لعل الملائكة في ذلك الوقت كانوا ينظرون إلي نفوس هؤلاء الفتية في النار وهم يغنون من هذه الطالعة من البرية مستندة علي حبيبها؟!لقد طلعوا من النار وكأنهم خارجون من أحد البساتين أو إحدي الفراديس! داود النبي جرب الاستناد علي ذراع حبيبه. حينما قالالرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟!..إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي,وإن قام علي قتال ففي هذا أنا مطمئنمز27:3وحينما قالالرب يرعاني فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضني وإلي ماء الراحة يوردني..أيضا إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرامز3ولماذا لا أخاف؟لأنك أنت معينفسي مستندة علي ذراع حبيبها. وهكذا أيضا الكنيسة في العالم تعيش مستندة علي ذراع حبيبها. لاحظوا أنه قال مستندة علي حبيبهاولم يقل مستندة علي القوي الجبار..حقا إن حبيبها قوي جبار, ولكن عبارة حبيبها لها عمقها العاطفي ولها قوتها أيضا,إذ يقال في نفس النشيد المحبة قوية كالموت,مياه كثيرة لاتستطيع أن تطفيء المحبةنش8:7,6ولأنه يحب هذه النفس ويحب هذه الكنيسة لذلك يفعل كل شيء لأجلها وبقوة. النفس التي تستند علي حبيبها تعيش مطمئنة في سلام.. تغني قائلة:وإن قام علي قتال فأنا مطمئنةمز27:3ولماذا أنت مطمئنة أيتها النفس؟ولماذا كانت الكنيسة كلها مطمئنة؟لأنها مستندة علي حبيبها شماله تحت رأسي ويمينه تعانقنينش2:6رحمته تحيط بي من كل ناحية إنها مطمئنة لأنها في حضن الله فمهما صادمتها المشاكل والعقبات والحروب لاتهتز ولاتضطرب وإنما تقول في ثقة المستند علي حبيبهإن كان الله معنا فمن علينا!.. هذا النشيد أيضا هو أغنية الكنيسة المنتصرة.. 2- أغنية للكنيسة المنتصرة: يمكن أن يقال هذا النشيد في السماء في استقبال الكنيسة التي جاهدت علي الأرض. وغلبت الكنيسة التي عاشت في هذا العالم في البرية القفرة..في تعب وشقاء في الطريق الكرب,ودخلت إلي الفردوس من الباب الضيقمت7:14ولذلك تستقبلها الملائكة قائلين:من هذه الطالعة من البرية..؟! العالم بالنسبة إليها كان برية أقفرت من تنعمات العالم وملاذه ومن لهوه وعبثه وضجيجه لأنها أطاعت قول الكتاب لاتحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم إن العالم يمضي وشهوته معه1يو2:17,15أما هي فأجابت الرب بقول المزمورلكي يزهو لك جسدي في أرض مقفرة ومكان بلا ماء وموضع غير مسلوكمز36:1. هذه الكنيسة طالعة من البرية لكي يختطفها الرب علي السحاب وتكون مع الرب كل حين1تس4:17. نعم:من هذه الطالعة من البرية التي لم تعش في فراديس وفي جنات كما عاش سليمان وهو يعزي نفسه بخيرات العالم قائلا بنيت لنفسي بيوتا وغرست لنفسي كروما. عملت لنفسي جنات وفراديس وغرست فيها أشجارا من كل نوع ثمر,عملت لنفسي برك مياه قنيت لنفسي عبيدا وجواري..جمعت لنفسي فضة وذهبا اتخذت لنفسي مغنين ومغنيات وتنعمات بني البشر..ومهما اشتهته عيني لم أمسكه عنهماجا2:4-.10 أما الكنيسة فرفضت أن تستوفي خيراتها علي الأرض لو16:25. إنما تعبت علي الأرض لكي تتمتع في السماء عاشت علي الأرض في طقس لعازر المسكين عاشت فقيرة ولكن مستندة علي حبيبها كما قال بولس الرسولمكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين..2كو4:9,8كحزاني ونحن دائما فرحون كفقراء ونحن نغني كثيرين كأن لاشيء لنا ونحن نملك كل شيء2كو6:10. هذا النشيد يمكن أيضا أن يصلح لقديسي البرية فهو: 3- أغنية تنشد لقديسي البرية: هؤلاء القديسون يسبحون الرب في كل يوم تسبحة جديدة وفي كل يوم يهمس الملائكة في آذانهم قائلين:ها باركوا الرب يا عبيد الرب, القائمين في بيت الرب في ديار بيت إلهنا في الليالي ارفعوا أيديكم أيها القديسون وباركوا الربمز134:2,1. يستمع الملائكة إلي هذه الصلوات الطالعة من البريةويقولون للرب طوبي لكل السكان في بيتك يباركونك إلي الأبدمز84:4. أهل العالم-حتي إن دخلوا الكنيسة-قد يسرحون في أمور العالم أثناء الصلاة.أما هؤلاء القديسون-فحتي إن شغلوهم بشيء من أمور العالم-فإنهم أثناءها يسرحون في الله. عاشوا في البرية القفرة بدون أية معونة مستندين علي حبيبهم واستطاعوا أن يقدسوا البرية بصلواتهم وبحياتهم حتي تحولت البرية إلي سماء ثانية واجتذبت إليها طالبي الروح من أقصاء الأرض كلها.. عاشوا في طقس الصلاة الدائمة ولقبوهم بملائكة أرضيين أو بشر سمائيين,فعندما تصعد أرواح هؤلاء القديسين إلي السماء فلاشك ستجري الملائكة لاستقبال أرواحهم الطاهرة بهذا الهتاف من هذه الطالعة من البرية. سليمان الحكيم-كاتب سفر النشيد-أتراه في حلم أو في رؤيا-أبصر جماعات السواح والمتوحدين والرهبان طالعة من البرية فاستقبلها بهذا النشيدمن هذه الطالعة من البرية؟! يوحنا كاسيان حينما زار براري مصر قال إن المسافر من الإسكندرية إلي طبيبةالأقصرلم يكن صوت التسبيح والألحان والصلوات ينقطع من أذنيه طوال الطريق..وذلك لكثرة الأديرة والقلالي والمغارات المنتشرة في كل مكان في البرية يسكنها أولئك القديسون الذين أحبوا فأحبوا الوحدة وعاشوا كملائكة الله علي الأرض.. كل شبر من تلك الأرض المقدسة قد باركه القديسون ودشنوه بصلواتهم ومزاميرهم حبات الرمال تقدست إذ وطأتها أقدامهم الطاهرة. هذه الحياة المقدسة الطالعة من البرية كأعمدة من دخان صاعدة إلي عرش الله يهتف لها سكان السماء قائلين:من هذه الطالعة من البرية؟! إن الحياة التي شهدها العالم في براري مصر في القرنين الرابع والخامس كانت كأنها الحلم!نسمع عنها الآن وكأنها قصة ..!كيف عملت النعمة في نفوس القديسين بكل تلك القوة وبكل ذلك العمق؟!وكيف كانت أرواحهم في كل يوم كأنها علي سلم يعقوب صاعدة إلي السماء ونازلة منها..وفي كل درجة تصعدها علي ذلك السلم الروحاني يصرخ السمائيون في عجب وإعجاب من هذه الطالعة من البرية؟!.. إنه منظر عجيب حقا حينما نري ملائكة نازلة من السماء إلي الأرض ولكن الأعجب منه أن نري بشرا لهم صورة الملائكة صاعدين من الأرض إلي السماء..! وليس فقط فرادي قلائل وإنما جماعات عديدة لها نفس الصورة نفس القداسة والبر والشفافية نفس الزهد والعفة فيصرخ الجميع لمرآها من هذه الطالعة من البرية؟!. ووجه العجب الكبير أن هؤلاء الصاعدين كالملائكة لهم أجساد مادية وقد سكنوا في هذا العالم في وسط شهواته هم بشر تحت الآلام مثلنا يع5:17ولكنهم عاشوا صورة لله ومثاله. دخلوا النار كالثلاثة فتية ولم يحترقوا وإنما صعدوا من النار كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان. هذه هي الكنيسة طالعة من البرية الأشرار يهبطون إلي أسفل أما الأبرار فيطلعون إلي فوق,دائما الكنيسة طالعة إلي فوق. من هذه الطالعة من البرية. كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان,وكل أذرة التاجرنش3:6. |
|