مّما يعبِّر عن كمال الشخصية التنوع في أسلوب ونوع ومادة الكلام، بل ونبرته في المواقف المختلفة، كلٍّ بما يناسبه تمامًا. فأقوال البشر عامة، تبدو متناقضة وغير متوافقة مع الحقيقة أو منسجمة معها، مثلما نرى في أقوال عالي الكاهن لحنة وهي تصلي عند قائمة هيكل الرب (1صم1: 14).
أما الرب فقد تكلّم في كل موقف بما يناسبه تمامًا، لا من جهة الحالة الخارجية الظاهرية فقط، بل طبقًا للحالة الباطنية الداخلية في أحيان كثيرة (مر2: 8-11). كما أننا نراه يتكلم هادئًا في مجمع الناصرة (لو4)، وتارة صارخًا عند قبر لعازر (يو11)، وفي جثسيماني نراه يتكلم باكيًا (لو22؛ عب5). بل لقد تكلم في كل ما يتعلق بالإنسان. تكلم في شتى المجالات وفي كل الظروف، تكلم محاورًا مقنعًا له، وتارة موبِّخًا، وأخرى حانيًا. تكلم واعظًا معلِّمًا، تكلم مجاوبًا عن أسئلة واستفسارات بل واتهامات، فلم يتهرب من الإجابة يومًا ولو في أحرج المواقف ومهما ترتب عليها من نتائج.