يعقوب‏ ‏أبو‏ ‏الآباء‏...(8) بقلم قداسة البابا شنودة الثالث

[tito227]

شخصيات‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس (8)



يعقوب‏ ‏أبو‏ ‏الآباء‏...
رحلة العودة الي بيت أبيه وصراعة مع خاله لابان

بقلم قداسة البابا شنودة الثالث



متي وكيف ؟
‏قبل أ ن يبدأ الرحلة إلى بيت خاله لابان،وعده الله قائلا ها
‏أ نا معك،أحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض تك 28 ‏: 15
‏فماذا كان معني ذلك الوعد أحفظك ؟
‏ليس المعنى:أحفظك من التجارب،وإنما أحفظك فى التجارب. فقد تعرض أبونا يعقوب لبعض التجارب ولكن الله كان معه
‏فى التجارب وأنقذه:لقد تعرض لصراع بين زوجتيه ولكنه خرج من هذا الصراع سليما ولم يخسر محبة أية واحدة منهما، بل انضمت الاثنتان إليه ضد أبيهما حينها انفصل عنه تك 31 ‏: 4 ‏ا ، 5 ‏ا ،وكان الله معه، فتح رحم راحيل فولدت له ‏ابنا تك 22:30 ‏ وصار هذا الابن أحب أبنأئه إليه،كما منحه أيضا
‏أبناء من باقى نسائه.
‏وتعرض يعقوب أ يضا لصرا ع مع خاله لابان ،كما تعرض لخوف شديد من ملاقاة أخيه عيسو وكان الله معه فى كلا الأمرين،كما سنرى فيما بعد .
‏الأمر الثانى:وعده الله بأن يعيده إلى أرضه ولكن متى حدث
‏هذا
‏لقد قضى عشرين سنة بعيدا عن بيت أبيه.. منها سنوات
‏اشتغل أثناءها كأجرة للحصول على زوجتيه.. والباقى منها فترة إنجاب البنين.. وكانت العشرون سنة كلها فترة تعب قال عنها: كنت فى النهار يأكلنى الحر،وفى الليل الجليد وطار نومى من عينى تك 31 ‏: ا 4 ‏
‏وفى كل هذا التعب كان الله معه وخلال الست سنوات التى
‏اشتغل فيها للحصول على غنم، تدخل الله وساعده كثيرأ فصار غنيا جدأ اتسع كثيرا جدأ وكان له غنم كثير وجوار وعبيد وجمال وحمير تك 43:30 ‏ لدرجة أن هذا الغنى أثار عليه خاله لابان ونظر يعقوب وجه لابان وإذا هو ليس معه كأمس وأول من أمس تك ا 2:3 ‏ وأيضا كان الله معه.
‏موضوع الغنم المخططة وغير المخططة يبدو أ نه أسلوب بشرى لجأ إليه يعقوب ولكن الله وافق عليه ليرد إليه ما سلبه منه لابان تك . 3 ‏: 32 ‏- . 4 ‏ تك ا 16:3 ‏، ‏إنه الله الذى يحكم للمظلومين كما سنراه فيما بعد يحكم لبنى يعقوب من فرعون وشعبه، هذا الذى سخرهم فى العمل بدون أجر خر 2 ‏ا : 36،35 ‏ ‏وأمام هذا الغنى،انطبقت على يعقوب ولابان تلك العبارة
‏المؤثرة التى قيلت عن إبرام ولوط من قبل إنه لم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا تك 13 ‏: 6 فكان لابد أن يعتزل أحدهما عن
‏الاخر..
‏وقال الرب ليعقوب: ارجع إلى أ رض أبائك وإلى عشيرتك
‏فأكون معك .
‏أخيرا بعد عشرين سنة حقق الله وعده الذى قال له فيه،وأردك
‏إلى هذه الأرض تك 5:28 ‏ا حقا ليس لكم أن تعرفوا الأزمنه والأوقات التى جعلها الأب فى سلطانه وحده أع ا : 8 ‏ وكانت لله حكمة معينة فى تحديد وقت رجوع يعقوب إلى بيت أبيه فماذا كانت؟
0 اولا لكي لايرجع الي بيت أبيه فارغا وانما يكون معه اولاده ونساؤه وجواريه وكل غناه

وثانيا: يكون اللة قد هيا قلب عيسو من نحوه،فلا يؤذيه وبدا يعقوب يخطط لرحلة العودة ونلاحظ
‏فى ذلك:
‏ا- اتفاقه مع زوجتيه،والحصول على رضاهما:
‏جمعهما وكلمهما فى صراحة،وشرح لهما الامر :كيف انه بكل
‏قوته قد خدم اباهما الذى غير أجرته عشر مرات وغدر به، وتغير وجه من نحوه ولكن الله كان معه وقال له ملاك الله فى حلم قد
‏رايت كل مايصنع بك لابان تك 4:31 ‏- 2 ‏ا ‏ووافقت ليئة وراحيل وقالتا له 0 ‏ليس لنا نصيب وميراث فى
‏بيت ابينا . . الآن كل ما قاله لك الله افعل تك ا 3 ‏- 14 ‏، 16 ‏
‏ب- وحسب طبيعة يعقوب وخوفه راى ان يكون رحيله سرأ. اخذت مغادرته بيت خاله لابان شكل الهروب ، وخدع يعقوب
‏قلب لابان الارامى إذ لم يخبره انه هارب ،تك 31 ‏: 20 ‏
‏صراع مع لابان
‏لم يكن لابان فى علاقته مع يعقوب
‏على الرغم من انه قبله فرحا فى بادىء الامر باعتباره ابن اخته إذ: ركض للقائه وعانقه وقبله وأتى به إلى بيته وقال له إنما انت عظمي ولحمى تك 13:29 ‏، 4 ‏ا وعلى الرغم من انه لما اشتغل يعقوب فى رعى غنم لابان قال له لابان لانك اخى تحدمنى محانأ !أخبرنى ما هى اجرتك تك 5:29 ‏ا إلا ان لابان لم يكن
مخلصنا ليعقوب كما قلنا والادلة كثيرة منها:
‏ا- خدعه فى زواجه من واحيل
‏فبعد ان خدعة بها سبع سنوات، أحل إليه ليئة بدلأ منها ولما
‏احتج على ذلك يعقوب وقال له لمادا خدعتنى ؟! اجابه لايفعل هكذا فى مكاننا ان تعطى الصغيرة قبل البكر والزمه أن يخدمه سبع سنوات أخر،فى مقابل الابنة الثانية تك 30،27:29 ‏ أى أن
‏لابان قام بالخداع ،وقام يعقوب بدفع الثمن.
2 - ‏ولم يكن مخلصا ليعقوب من جهة الاجرة وطبيعة العمل،
‏فمن حهة الاجرة قال عنه يعقوب غدر بى وغير أجرتى عشر مرات تك ا 3 ‏:ا،ا 4 ‏ ومن جهة العمل كان يحسب على يعقوب وحده كل خسارة مشتركة فعلى الرغم من ان غنم الاثنين كانت ترعى معأ إلا انه كان يحسب على يعقوب كل الاغنام المسروقة
‏اوالتى افترستها الوحوش. وهكذا قال له يعقوب فى عتابه معه،نعاجك وعنازك لم تسقط فريسة لم احضر إليك، انا كنت اخسرها من يدى كنت تطلبها مسروقة النهار،ومسروقة الليل..لولا أن إله أبى، إله إبراهيم وهيبة إسحق كان معى لكنت الان قد صرفتنى فارغا تك 38:31 ‏- 42 ‏ .
3- ‏كان لابان انانيا فى معاملته ليعقوب
‏يكفى انه قال له،وهو مزمع على العودة الى بيت ابيه البنات
‏بناتى،والبنون بنى وكل ما انت ترى فهو لى، تك ا 43:3 ‏ .
‏عجيب أن يصدر هذا من خال نحو ابن اخته،من شخص قال له
‏قبلا إنما أنت عظمي ولحمي تك 4:29 ‏ا ولكن يبدو أنهحينما تتدخل الذات ومحبة المال والقنية تسقط القيم والمبادىء وحتى
‏رابطة القرابة أيضا..
4 - ‏ولم يكن لابان مخلصا في مطاردته ليعقوب
أخز إخوته أى أقرباء معه وسعى وراءه مسيرة ايام
‏فادركه فى جبل جلعاد تك ا 23:3 ‏ لحق به وقد ضرب يعقوب خيامه فى الجبل فضرب لابان خيامه فى جبل جلعاد وواجهه واتهمة اتهمة بالخداع وبالغبا وة وبانه ساق بناته كسبا يا
‏السيف، وبانه حرمه من توديعه بنيه وبناته وتقبيهلم وتشييعه هو أيضا بالفرح والاغانى،وبالدف والعود!! تك 26:31 ‏- 28 ‏ولم يكن صادقا فى كل ذلك .
‏على أن الرب الاله تدحل لانقاذ يعقوب من لابان:نعم الله الذى
‏ينقذ الضعيف ممن هو أقوى منه،اتى الله إلى لابان الارامي فى حلم الليل.وقال له:احترز من أن تكلم يعقوب بحير او شر تك 24:31 ‏ واحدث هذا الانذار تاثيره إذ ان لابان فى مواجهته ليعقوب قال له فى قدرة يدى أن أصنع بكم شرأ ولكن إله ابيكم

كلمنى ألبارحة قائلا:أحترز من أن تكلم يعقوب بخير او شر ‏تك 31 : 29 تلاحظ هنا إنه يقول إله أبيكم كلمنى ولم ‏يقل أن ا‏لله أو
‏ إلهنا ،!!
‏هل عجيب أن الله يكلم لابان على الرغم من شره وعبادته
‏للأصنام ؟
‏كلا فإن الله قد يكلم الخطاة والأشرار يعاقبهم أو ينذرهم أو

‏ينصحهم لكى يتركوا ما هم فيه، لقد كلم آدم وحواء فى خطيئتهما كما كلم الحيه أيضا وفى كلامه عاقبهم جميعا تك 9:3 ‏- 9 ‏ا وكلم الرب قايين مرتين: قبل قتله لأخيه لكى ينذره وبعد قتله لكى يعاقبه تك 6:24 ‏- 2 ‏ا بل أن الله قد تكلم مع الشيطان نفسة فى قصة تجربة أيوب الصديق أى ا، 2 ‏
‏ليس العجب إذن فى أن يكلم الله مخلوقا شريرا إنما المهم هو نوعية الكلام وهدفه. . فما أكثر الذين كلمم الله وهلكوا أو
‏كلمهم ثم سقطوا .
‏العجيب أن لابان..بعد أن كلمة الله قال ليعقوب لماذا سرقت

‏آلهتى !! تك 31 ‏: 20 ‏ إذا كانت له آلهة أخرى كانت له أصنام سبق أن سرقتها راحيل 0 تك ا 9:3 ‏ا كيف أمكن لهذا الرجل أن يعبد آلهة
‏يمكن أن تسرق؟!ولكن أن لابان كان يؤمن بتعدد الآلهة.
‏واضح هذا من قوله آلهتى ومن قوله فى اتفاقيته مع
‏يعقوب إله إبراهيم وآلهة ناحور،وآلهة أبيهما ،يقضون بيننا تك 53:31 ‏ .
‏وقد ثار يعقوب على خاله لاتهامه بسرقة أصنامه
‏لأن اتهامه بالسرقة عمومأ أمرمشين لكرامته واتهامه بسرقة الأصنام أمر ضد كرامة الله،وضد علاقته الشخصية بالله التى كان يحرص عليها.. لذلك قال له الذى تجد آلهتك معه،لايعيش قدام إخوتنا 0 أى أقاربنا انظرماذا معى وخذه لنفسك ولم يكن يعقوب يعلم أن راحيل سرقتها تك 31 ‏: 32 ‏
‏ففتش لابان كل الأمتعة ولم يجد شيئا وخدعته راحيل بأن
‏وضعت الأصنام فى حداجة الجمل وجلست عليها . .
‏على أن حكم يعقوب أبى الآباء -كنبى لله يضع عبثا لقد قال للابان الذى تجد آلهتك معه لايعيش ومع أن لابان لم يجدها مع أحد لكنها كانت موجودة مع راحيل.. ومع أن يعقوب لم يحكم على راحيل بالذات، إذ أنه لم يكن يعلم أنها سرقت أصنام أبيها.. إلا أن حكمه وصل إلى سمع الله فاستجاب.. وهكذا ماتت راحيل فى طريق أفراتة التى هى بيت لحم تك 19:35 ولم تكمل معهم
‏الرحلة.
‏ما كان ممكنا أن تدخل بالأصنام إلى أرض الموعد وبخاصة

‏عند بيت لحم التى كان سيولد فيها المسيح. . هذه الأصنام تدل على أن راحيل قد تأثرت بالوثنية التى كانت فى بيت أبيها وكان لابد أن يخلص الله يعقوب منها قبل عودته إلى بيت أبيه..
‏على أن يعقوب عاتب خاله لابان وقال له
‏ إنك قد جسست جميع أثاثى.. ماذا وجدت من جميع أثاث بيتك!ضعه هنا بين إخوتى وإخوتك لينصفوا تك ا 3 ‏:37 ‏ولم يكن ليعقوب إخوة فى تلك المناسبة.. ولم تكن له إخوة أيضا فى وقت إقامة شاهد بينهما من الحجارة حينما قال يعقوب لإخوته التقطوا حجارة تك ا 3 ‏:ه 4 .ولكن
‏عبارة إخوته كانت تعنى الآقرباء ذوى القرابة الشديدة.
‏وأبرم يعقوب ولابان اتفاقية بينهما وعهدا :
‏جمعوا حجارة وأقاموها رجمة وعمودأ وقال لابان ليعقوب

‏شاهدة هذه الرجمة وشاهد العمود: إنى لا أتجا وز هذه الرجمة إليك.. إنك لا تتجاوز هذه الرجمة وهذا العود إلى الشر تك ا 52:3 ‏ وحلف يعقوب على ذلك بهيبه أبيه إسحق.
‏وتم هذا الفصل الذى هو صراع يعقوب مع خاله لابان.. وبقى أن ندخل فى فصل آخرمن صراعه فى اللقا ء مع أخيه عيسو،وما سبق ذلك من صراعه مع الله.فإلى اللقاء فى عدد مقبل،إن شاءت محبة الرب وعشنا

[بنت معلم الاجيال]

ربنا ينيح نفسة الطاهرة في فردوس النعيم
شكرا علي المشاركة الجميلة
ربنا يعوض تعب محبتك