18 - 08 - 2012, 06:13 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
كيف أتيت إلى هذه الدنيا؟»، سؤال بريء يطرحه كل طفل يحاول أن يكتشف الحياة حوله باحثاً عن لغز ولادته، ومسبباً في أكثر الأحيان حرجاً كبيراً لمعظم الأهل ومحرماً ممنوع المساس به لآخرين.
« لماذا تنامين مع بابا في غرفة واحدة؟»، «لا أستطيع أن أصف شعوري عندما سألتني ابنتي هذا السؤال الصاعق الذي طالما خشيته، تمنيت لو أن الأرض ابتلعتني ولم أقف أمامها هكذا عاجزة ومرتبكة»، تصف أم حالتها المتوترة، وتتابع: «طبعاً ما كان مني إلا أن وبختها بشدة كي لا تعيد الكرة». وتستنكر أم أخرى ردود الأفعال العصبية والمتوترة تجاه هذا الموضوع، وتفخر بأنها لم ترتبك أبداً بل أخذت الأمر بمنتهى البساطة كما لو أنه نكتة وسارعت الى تسخيف السؤال من دون إجابة ليضحك الجميع من الأب إلى الخالات والعمات
ومثلما تلجأ الفتيات عندما يردن الاستفسار عن الأمور الجنسية لأمهاتهن، كذلك جرت العادة أن يتوجه الصبيان إلى آبائهم... «لا أنفي أنني شعرت بالحرج» يعبر أحد الآباء تسائلاً: «ماذا أقول له وكيف أشرح الموضوع. ابني لا يزال في الثالثة عشر من العمر. أعتقد بأنه صغير جداً ليدرك كل تلك الأمور».
«تلك الأمور» «ذاك السؤال» «هذا الموضوع» عبارات يستخدمها معظم الأهل للإشارة إلى «الحياة الجنسية» بكثير من حذر وخجل راكمه موروث أخلاقي وتقاليد اجتماعية جعلت من أمور الجنس « تابو» أو محرماً على الجميع التحدث عنه. وإذا تشجع بعض الأهل وبادروا الى التعبير عن رأيهم في « الموضوع « جاءت ردود فعل الأطفال الصغار مختلفة بعض الشيء إذ لم ينطق بعضهم بحرف واحد وآثر التعبير عن دهشته بالصمت، بينما ضحك آخرون متلذذين بالاستماع إلى أحد «الأسرار» التي طال انتظارهم كشفها
في المدرسة، بدت الأمور مماثلة لما هي عليه داخل الأسرة. إذ رفض معظم المدرسين التحدث عن مثل «هذا الموضوع» وهم يسارعون لاتهام أي تلميذ يتجرأ ويطرح هذا النوع من الأسئلة بالوقاحة وقلة الأدب. بينما كان السبيل الأفضل عند معلمين آخرين لتجاوز المشكلة إهمالها وتجنب مناقشتها، مع أن نسبة تعرض الأساتذة للسؤال المحرج هي أقل بكثير من الأسرة. فأجواء المدرسة تثير مزيداً من الرهبة لدى الطلاب وتفرض انضباطاً والتزاماً بالقوانين والقواعد الأخلاقية السائدة
المعلم البديل
بدت الأمور بالنسبة الى الأطفال الأكبر سناً في المدارس الثانوية، غير المختلطة طبعاً، أوضح وأكثر جرأة وبدا الأطفال اليافعون أقدر على التعبير، بعدما شكلت القنوات الفضائية والانترنت والمجلات الاجتماعية معلماً ممتازاً بديلاً من الأسرة وحتى المدرسة. «طبعاً اعلم كل شيء» أجاب مراهق في الخامسة عشرة من العمر بثقة، وأضاف ضاحكاً: «أسخر من نفسي عندما أتذكر إلحاحي بالسؤال على أهلي. لقد كنت صغيراً وأبله». واستطرد زميله: «الحمد لله أنني عرفت «هذه الأمور من زملائي في الصف قبل أن أتورط واسأل أبي».
أما لمى الطالبة في مدرسة ثانوية للبنات، فتضيف: «استفسرت عن الأمر من أمي. لكنّني اكتشفت الآن أنها لم تقل لي سوى ربع الحقيقة». وتتابع زميلتها ساخرة: «هل كنت تتصورين أنها سوف تخبرك كل شيء؟»
تفلت «هذه الأمور» إذاً من يد الأسرة أولاً والمدرسة ثانياً لتصبح ملك خيال الأطفال وحدهم وما تعرضه وسائط تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين من صور وحكايات، لتتحول مع الأيام موضوعاً «سرياً» يتداوله الصغار في ما بينهم بهمس وتذاك، محررين أذهانهم من أي قيد ومتوهمين أنهم وصلوا الى حل هذا اللغز السحري، لكن بصور ربما يشوهونها أو يجملونها على هواهم وعلى قدر ثقافتهم الضئيلة.
«لا أفهم هذا الاهتمام» تعبر مايا عن استغرابها وهي التي ترعرعت مع والديها في إحدى الدول الغربية ثم عادت الى البلاد وهي الآن تكمل دراستها الثانوية. وتسأل : « لماذا حتى الآن، يشغل هذا الموضوع حيزاً كبيراً من تفكير زميلاتي وأحاديثهن؟».
|