|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا أعترف ؟ حاول كثيرون أن يهربوا من ممارسة الاعتراف لما يتطلبه من إتضاع قلب وفكر بالإضافة لما فيه من جرح للذات التي تريد أن تبدو صورتها جميلة في نظر الكل ... وليتهم اكتفوا بهروبهم هذا ... ولكننا نجدهم قد جمعوا له تبريراً ونادوا بأن الكاهن هو إنسان خاطيء مثلنا والأجدر بنا أن نعترف بخطايانا أمام الله فقط ... ولكن نحن بالفكر الأرثوذكسي المتضع نسأل : لماذا يجب أن نعترف ؟ أ) الاعتراف رغبة ألهية .. ونفس الأمر تكرر مع قايين عندما سأله الرب قائلا : " أين هابيل أخوك " ( تك 4: 9 ) . لقد أراد الله أن يعترف قايين " هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها " " تك 3: 11 " ومرة أخري لم يفهم آدم قصد الله فألقي باللوم علي حواء كأنها السبب ... لقد كان الله بلا شك يعلم مكان أدم وكان أيضاً يعلم أنه قد أكل من الشجرة ولكن الله أراد أن يستدرج أدم لكلمة اعتراف لينال بها رضي الله وغفرانه .. ولكن هذا لم يحدث . فينال المغفرة ولكنه للأسف قال قوله الدال علي جهله :" أحارس أنا لأخي " ظنا منه أن الله لا يعرف . في المثلين السابقين نري الاعتراف أنما هو رغبة إلهيه لما فيه من ندم وحزن علي الخطية ورغبة في التوبة ... كما أن الاعتراف أيضاً رغبة إلهية لما فيه من تلمذة علي يد آباء الكنيسة الذين أقامهم الله نفسه. فها هو صموئيل النبى العظيم والمتدرب على سماع صوت الله اكثر من عالى الكاهن نجد ان الله يوجهه ليختبر الاتضاع بالتدرب والتلمذة على يدى عالى الكاهن (1صم3) وأيضا نجد كرنيليوس الذى اعلن له الملاك عن قبول الله لصدقاته وصلواته لم يجعل الله الملاك يرشده مباشرة بل وجهه للكنيسة وجعله يقابل بطرس الرسول ليرشده عما ينبغى أن يفعل (اعمال10) ... ولعل أقوى الامثلة نراها فى شاول الطرسوسى الذى ظهر له السيد المسيح شخصيا وبعد الحوار الذى دار بينهما وانتهى بتوبة شاول نجد ان الرب يحيله للكنيسة فى شخص حنانيا وهناك يقال له ماذا ينبغى ان يفعل (اع9: 1-22) . فالله يفرح جداً إذ يرى فينا اتضاع قلب وفكر يقبلان التلمذة والخضوع بروح البنوة للآباء ... لذلك ما اروع قول القديس اغسطينوس : ( إن مياه دمشق كانت انقى وألطف من مياه نهر الاردن ، لكنها لم تكن كافية لشفاء نعمان السريانى مثل الماء الذى وصفه له أليشع النبي (2مل5) إن الله يمنح كلام الاب قوة لكونه قائما مقامه فعلاجه الذى يعطيه لك ولو كان سهلا مشاعا لكنه ينفعك اكثر من كل ما تعرفه ولو كنت عالما ) . فما اجمل قول الاباء : ( الذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الخريف ) . وكما يقول انبا انطونيوس : ( ضع فى قلبك أن تسمع لأب اعترافك فتحل بركة الله عليك ) . (ب) الاعتراف السليم دليل التوبة : - جاءت هذه القصة فى تاريخ الرهبنة حيث روى الاب سرابيون ما حدث له مع أب اعترافه القديس ثيوناس فقال : لقد تسلطت على عادة رديئة حيث كنت بعد الانتهاء من الاكل مع أبى اخبىء يوميا فى ردائى قطعة خبز جاف لأكلها فى وقت متأخر دون أن يعلم احد .. وهكذا كنت اسقط فى السرقة يوميا بإرادتى مع عجزى عن المقاومة .. وبعد أن اشبع رغبتى كنت الوم نفسى مما يفقدنى اللذة التى حصلت عليها من الاكل ... وذات يوم بينما كان الاب ثيوناس يرشد بعض الاخوة وكنت حاضرا معهم .. أخذ الاب يحدثهم عن شيطان الشراهة فى الاكل وسلطان الافكار الخبيثة وقوتها طالما هى مكتومة .. فأحسست وكأن الرب أعلن لأبى عن اسرار صدرى .. واخذ التأنيب يزداد فى داخلى حتى انفجرت فى البكاء وأخرجت قطعة الخبز من ردائى وألقيتها فى الوسط وسقطت على الارض معترفا بخطيتى هذه ومتوسلا اليهم أن يطلبوا عنى لكى يحررنى الرب من هذه العبودية المميتة .. وعند ذلك قال لى أبى : ( ليكن لك إيمان يا ابنى . فأنه بدون أى كلام أو ارشاد منى اليك ، انما بمجرد اعترافك قد تحررت من هذه العبودية لقد انتصرت اليوم على عدوك ، وباعترافك اسقطته اكثر مما غلبك هو سابقا بسكوتك . ولذلك فإن بعد افتضاحه لن يستطيع ذلك النجس أن يجد له فيك مكانا مظلما إذ باعترافك قد سحبته الى النور ) فالاعتراف إذاُ يفضح الشيطان وليس المعترف .. كمثل المجنى عليه الذى يكشف عن اثار دماء اصابته .. إن هذا لا يدينه إنما يدين الجانى عليه . اما الذى يراوغ فى أمر الاعتراف إنما يدل على عدم توبته توبة حقيقية كيف اعترف ؟ إنها ملاحظات صغيرة ولكنها هامة وممكنة .. لو التزمنا بها لجاء اعترافنا اعترافا مقبولا يعطينا فى القلب سلام الله الذى يفوق كل عقل (فى 4: 7) وبه نحصل على غفران خطايانا ونؤهل للتناول من جسد الرب ودمه بغير دينونه .. وهذه الملاحظات هى :1) اجلس أولا مع نفسك وحاسبها تذكر خطاياك لكى لا تنسى منها شيئا فى اعترافك ... فى جلستك هذه مع نفسك قارن بين محبة الله لك وإحساناته عليك وبين جحودك وسقوطك .. ولكن احذر من أن تبالغ فى تأنيب نفسك لئلا تبتلع فى اليأس .. اننا نقصد التأنيب الذى يقود للانسحاق ثم التوبة والاعتراف وليس الى اليأس .. مثلما فى جلسة الابن الضال والتى انتهت برجوعه ( لو15) . 2) اختم جلستك مع نفسك بجلسة مع الله .. تعترف فيها امامه بكل خطاياك ... نعم هو يعرفها بالطبع ولكن الاعتراف بها امامه يعطى النفس خشوعا ويظهرها فى ضعفها على حقيقتها .. قل له فى صلاتك : لقد حاولت أن احتفظ بتوبتى ولكنى سقطت .. إن عزيمتى وارادتى دائما تخوننى ، لذلك الان أقول لك يارب " توبنى فأتوب " (ارميا 31: 18) .. وبعد أن تذكر سقطاتك أمام الله اطلب منه قوة ونعمة تسندانك فى جهادك المقبل فى توبتك . 3) حينما تجلس أمام الكاهن لتعترف .. احذر أن تكون لك دالة معه فأنت الان فى لحظات رهيبة كمتهم وهذه هى أدلة ادانته يذكرها بنفسه .. وفى علم القضاء يقولون : الاعتراف سيد الادلة .. أما الذين يجلسون مع الكاهن فيضحكون ويتسامرون فهؤلاء ابعد ما يكون عن سر الاعتراف . 4) عندما تعترف ، أعترف بكل أنواع الخطايا ... خطايا الفعل والقول والفكر والنظر والسمع .. الخ واعلم أن أى خطية لا تعترف بها وتكتمها عن ابيك ستظل تقلقك وتفقدك سلامك مهما تركتها وجاهدت ووصلت الى اعلى الدرجات ... لذلك يخاطب ارميا النبى بكل نفس قائلا لها : " اسكبى كمياه قلبك قبالة وجه السيد " ( مراثى 2: 19 ) ما اروع هذا التشبيه اذا طبقناه على الاعتراف بالخطايا .. فعند سكب الماء لا يبقى له اثراً مثلما يحدث عند سكب الزيت أو العسل وكذلك يترك الخل والخمر رائحتهما .. وهنا يقدم لنا القديس نيلس السينائى كلمات أب مختبر فيقول ( أنك اذا رأيت سحابة داكنة ومظلمة فأنها تكون مملؤه ماء .. وبمقدار ما يهطل منها من الماء بمقدار ما تخف وتصير بيضاء مضيئة .. هكذا الانسان كلما كان مفعما بالمشقات والتجارب يعيش حزينا بهمومه ... وبمقدار ما يطرح منه بواسطة اخبار ذلك لرئيسه ( اب الاعتراف ) وكشف افكاره له تخف اثقال قلبه ويزول حزنه ويصير فرحا مسروراً ) لذلك يا أخى : اسكب كمياه قلبك قبالة وجه السيد . 5) كن امينا فى اعترافك ولا تجعل الخجل يدفعك لأن تلبس خطيتك ثوبا اخر .. مثل إنسان سئل عن ديانته فانكر أنه مسيحى .. وفى اعترافه قال أنه ارتكب خطية كذب .. وما ابعد الفرق بين خطية الكذب وإنكار الايمان .. أو مثل شاب يعترف بأنه يحب فتاة ويفكر فى الارتباط بها مستقبلاً .. وهو فى الواقع يتقابل معها كثيرا .. يقفان معا ويخرجان معا ولا تخلو مقابلاتهما من أخطاء .. هذا بالإضافة لتأثير ذلك على سمعة الفتاة أن لم يحدث ارتباط .. ومع جملة هذه الخطايا نراه يسميها حباً . أنها خدعة المسميات التى تسمى التهور شجاعة .. والشهوة حباً .. والسلبية وداعة .. والطمع طموح .. الخ . 6) الخجل مرتبط جداً بالكبرياء وهما معا يلعبان دورا هاما فى جعل اعترافنا مقبولا امام الله أم لا ، وهنا يقول القديس يوحنا كاسيان : ( لا يستطيع الشيطان أن يهلك أحد الا بعد أن يخدعه – سواء بالكبرياء او بالخجل – الا يعترف بأفكاره ، فكل فكر نخجل من إظهاره لأبينا يكون من الشيطان ) . 7) لا تحاول فى اعترافك أن تلتمس لنفسك الاعذار وتلقى باللوم على الآخرين كأنهم هم السبب فى سقطاتك ... إن كان ( فلان ) قد اثارك فغضبت فأين احتمالك. لا تقل إن ملابس البعض أو كلماتهم تعثرنى وتدفعنى لممارسة الخطية . وإن كان هذا موجودا فأين عفة قلبك وهروبك من مجال الخطية . ومن المواقف الطريفة التى لأبينا المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم : إن أحد الشبان وهو يعترف أمامه اخذ يلوم صاحبه بأنه سبب عثراته بكلماته وحركاته .. وهو الذى يدفعه للغضب ، ويجره لأحاديث الادانة ، الخ وبعد أن انتهى الشاب من كلامه فوجىء بأبونا يقول له : روح يا أبنى نادى صاحبك ده علشان أقرأ له التحليل .. لأنك فى الواقع أنت اعترفت بخطاياه هو مش خطاياك أنت . 8) اهتم بالجوانب الايجابية فى اعترافك .. فالاعتراف ليس فقط بذكر سلبيات كالكذب والحلفان والإدانة الخ وإنما تقصيرك فى الفضائل يعتبر أيضا خطايا يجب الاعتراف بها . 9) حياتك العملية مرتبطة ارتباطا وثيقا بحياتك الروحية .. فالعامل الغير أمين فى عمله من جهة وقت العمل وممتلكاته .. وكذلك الطالب الغير أمين فى مذاكرة دروسه يجب أن يعترفان بهذا التقصير . 10) اعترف بالخطايا التى ارتكبتها حتى لو كنت تعرف علاجه او تعرف ماذا سيقول لك اب اعترافك بسبب تكرار سماع نصائحه فى هذا الامر او بسبب معرفتك وسعة اطلاعك وما أروع قول العظيم الانبا انطونيوس : ( اعرف رهبانا قد سقطوا بعد اتعاب كثيرة لأنهم القوا رجائهم على اعمالهم واحتقروا وصية القائل : " اسأل أباك فيخبرك " ) ( تثنية 32: 7) . 11) ختاما أيها الحبيب : لو سقطت بعد الاعتراف لا تيأس .. لأن الشيطان فى مكره يحمل مرآة ذات وجهين أحدهما يكبر الصورة والأخر يصغرها .. فعندما يعرض علينا خطية يضع امامنا الوجه المصغر فتظهر الخطية كهفوة فنفعلها .. وبعد السقوط يدير المرآة على الوجه المكبر فنشعر ببشاعة ما ارتكبناه ليوقعنا فى اليأس تحت إحساس عميق بالذنب. |
02 - 06 - 2012, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
موضوع جميل اوي ربنا يبارك خدمتك الجميلة |
|||
11 - 09 - 2012, 02:55 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: ماهو الاعتراف وكيف اعترف ولماذا ؟؟ اياك والهروب من الاعتراف
موضوع رووووووووووووووووووووووووعة
بجد ميرسى يامارى ربنا يباركك |
||||
28 - 09 - 2012, 12:12 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: ماهو الاعتراف وكيف اعترف ولماذا ؟؟ اياك والهروب من الاعتراف
ميرسي كتييييييييير للمرور الجميل
|
||||
28 - 09 - 2012, 08:00 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ماهو الاعتراف وكيف اعترف ولماذا ؟؟ اياك والهروب من الاعتراف
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
01 - 10 - 2012, 11:49 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: ماهو الاعتراف وكيف اعترف ولماذا ؟؟ اياك والهروب من الاعتراف
ميرسي كتيييييييييير للمرور الجميل
|
||||
|