|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“َإِلى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَاي”
الخميس الحادي عشر من زمن العنصرة وَبَعْدَ تَمَامِ سَنَتَيْن، صَارَ بُرْكيُوسُ فَسْتُسُ خَلَفًا لِفِيلِكْس. وأَرَادَ فِيلِكْسُ أَنْ يَكْسَبَ رِضَى اليَهُود، فَتَرَكَ بُولُسَ مُقَيَّدًا. وبَعْدَ ثَلاثَة أَيَّامٍ مِنْ وُصُولِهِ إِلى الوِلايَة، صَعِدَ فَسْتُسُ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلى أُورَشَليم. فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَحْبَارُ اليَهُودِ وأَعْيَانُهُم شَكْوَاهُم عَلى بُولُس، وكَانُوا يَلْتَمِسُونَ مِنْهُ طَالِبينَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِم بِاسْتِحْضَارِ بُولُسَ إِلى أُورَشَليم. وكَانُوا قَدْ كَمَنُوا لَهُ في الطَّريقِ لِيَقْتُلُوه. فأَجابَ فَسْتُسُ أَنَّ بُولُسَ مُحْتَجَزٌ في سِجْنِ قَيْصَرِيَّة، وأَنَّهُ هُوَ نَفْسَهُ عَائِدٌ إِلَيْهَا دُونَ إِبْطَاء. وقَال: “إِذًا فَلْيَنْزِلْ مَعِي إِلى قَيْصَرِيَّةَ أَصْحَابُ السُّلْطَةِ بَيْنَكُم، وَلْيَشْكُوا هـذَا الرَّجُل، إِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَيُّ شَكْوَى”. وقَضَى فَسْتُسُ في أُورَشَليمَ أَيَّامًا لا تَزِيدُ عَلى الثَّمانِيَةِ أَوِ العَشَرَة، ثُمَّ نَزَلَ إِلى قَيْصَرِيَّة. وفي الغَدِ جَلَسَ عَلى كُرْسِيِّ القَضَاء، وأَمَرَ بإِحْضَارِ بُولُس. فلَمَّا حَضَرَ، أَحَاطَ بِهِ اليَهُودُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورَشَليم، وقَدَّمُوا عَلى بُولُسَ دَعَاوى كَثيرَةً وثَقيلة، لـكِنَّهُم عَجَزُوا عَنْ إِثْبَاتِهَا. ودَافَعَ بُولُسُ عَنْ نَفْسِهِ فقَال: “أَنَا مَا أَخْطَأْتُ بِشَيءٍ إِلى شَرِيعَةِ اليَهُود، ولا إِلى الـهَيْكَل، ولا إِلى قَيْصَر”. أَمَّا فَسْتُسُ فأَرَادَ أَنْ يَكْسَبَ رِضَى اليَهُود، فقَالَ لِبُولُس: “أَتُرِيدُ أَنْ تَصْعَدَ إِلى أُورَشَليمَ فَتُحَاكَمَ فيهَا أَمَامِي بِهـذِهِ الأُمُور؟”. فقَالَ بُولُس: “أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَ مِنْبَرِ قَيـْصَر، وهُنَاكَ يَنْبَغي أَنْ أُحَاكَم. إِنِّي مَا أَسَأْتُ إِلى اليَهُودِ في شَيء، كَمَا تَعْلَمُ أَنْتَ أَيْضًا جَيِّدًا. فإِنْ كُنْتُ ارْتَكَبْتُ جَرِيْمَة، أَو فَعَلْتُ مَا يَسْتَوجِبُ الـمَوْت، فَلَنْ أَتَهَرَّبَ مِنَ الـمَوت. وَلـكِنْ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيءٌ مِمَّا يَشْكُوني بِهِ هـؤُلاءِ، فَلَنْ يَسْتَطيعَ أَحَدٌ أَنْ يُسْلِمَنِي إِلَيْهِم. إِلى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَاي!”. حِينَئِذٍ تَدَاوَلَ فَسْتُسُ الأَمْرَ مَعَ مُسْتَشَارِيه، ثُمَّ قَالَ لِبُولُس: “إِلى قَيْصَرَ رَفَعْتَ دَعْوَاك، فَإِلى قَيْصَرَ تَذْهَب!”. قراءات النّهار: أعمال ٢٤: ٢٧، ٢٥: ١-١٢ / لوقا ١٢: ٣٥-٤٠ التأمّل: “إِلى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَاي”! لقد ميّز مار بولس بحكمةٍ بين ما يختصّ بالله وما يختصّ بقيصر… فقد حاولت السلطات الدينيّة آنذاك وضع إشكالها مع مار بولس في إطار نزاعٍ دينيّ كي يكون لها الكلمة الفصل ولكنّ مار بولس تمتّع بالحكمة الكافية كي يبقي النّزاع في إطاره الأساسيّ وهو رفضهم له بشتّى الوسائل ولذا فضّل عدالة القيصر على عدالة المجمع المشكوك بنقائها وبمصداقيّتها بالنّظر إلى الخلفيّة السائدة فيها وهي الحسد والخوف على النّفوذ. من الضروريّ أن نسأل الله دوماً ان تكون لنا حكمة مار بولس وبعد نظره كي نحيّد إيماننا عن الشوائب والمزايدات… |
|