28 - 02 - 2015, 10:55 AM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
العظة علي الجبل .. كونوا أنتم أيضا كاملين مت" مت 5 : 48 "
بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر قداسة البابا شنودة الثالث ٢٨ فبراير ٢٠١٥
هناك ثلاث درجات يطلبها منا الله في حياتنا الروحية,وهي أولا حياة التوبة التي تبدأ بترك الخطية وتصل في كمالها إلي كراهية الخطية.ثم حياة البر والفضيلة وتنمو حياة البر إلي أن تصل إلي الكمال. الكمال:
والكمال المطلوب من البشر,ليس هو الكمال المطلق الخاص بالله وحده,وإنما الكمال النسبي.
نسبة لطبيعة الإنسان ما عنده من طاقات وإمكانيات وآخر ما يمكن أن يصل إليه مجهوده البشري..ونسبة إلي الظروف المحيطة به,وإلي الحروب الروحية التي يتعرض لها..وأيضا نسبة إلي المعونة الإلهية المعطاة له,ومقدار النعمة العاملة معه..
والكمال البشري النسبيذكر في العهد القديم أيضا.
قال الرب الإله لأبينا إبراهيمسر أمامي وكن كاملاتك17:1وقيل عن أبينا يعقوبوكان يعقوب إنسانا كاملا يسكن الخيامتك25:27وقال الرب مرتين عن أيوب الصديق إنهرجل كامل ومستقيم,يتقي الله ويحيد عن الشرأي1:8أي2:3.
والعهد الجديد ازدادت فيه درجة الكمال نظرا للطبيعة الجديدة وشركة الروح القدس,وعمل النعمة بوفرة.
وقد قال القديس بولس الرسول لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكنها حكمة ليست من هذا الدهر1كو2:6وقال عن عمله وعمل زملائه..لنحضر كل إنسان كاملاكو1:28.
وقال معلمنا يعقوب الرسولوأما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيءيع1:4وقال أيضاإن كان أحد لايعثر في الكلام فذاك رجل كامل قادر أن يلجم كل الجسد أيضايع3:2.
وهنا أظهر لنا إلي جوار الكمال بصفة عامة يوجد كمال في فضيلة معينة الكمال في الصبر وفي الكلام.
والسيد الرب وجه الشاب الغني إلي الكمال في التجرد,فقال لهإن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع كل مالك وأعطه للفقراء..وتعالي اتبعنيمت19:21.
أما الكمال الشامل ففيه يسعي الإنسان إلي استرجاع الصورة الإلهية التي خلق بها منذ البدءتك1:27.
الكمال في إحدي الفضائل:
0مثاله الكمال في المحبة,كما شرحها القديس بولس في1كو13فقال عنها إنهاتتأني وترفق ولاتحسد ولاتتفاخر,ولاتنتفخ ولاتقبح ولاتطلب ما لنفسها,ولاتحتد ولاتظن السوء ولاتفرح بالإثموإنها تحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وتصبر علي كل شيء.
إن نفذ الإنسان كل هذه الصفات يكون كاملا في المحبة.
0هناك أيضا الكمال في العطاء,بأن يبدأ الإنسان بأن يدفع العشور والبكور والنذور.
ثم يتدرج فينفذ وصية الربمن سألك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا تردهمت5:42ثم يتدرج فيعطي من أعوازه كالأرملة التي دفعت الفلسين.
وإن وصل إلي أن يعطي كل أمواله للفقراءمت19:21وأن يعطي بفرح,يكون قد وصل إلي الكمال في العطاء.
حينئذ يصل إلي القمة بأن يعطييبذلحتي نفسه,كما قال السيد الرب ليس لأحد حب أعظم من هذا,أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائهيو15:13.هنا يندمج كمال الحب مع كمال العطاء.
0مثال آخر هو الكمال في الصلاة.
الصلاة الكاملة في نوعها هي التي تعبر عن صلة حقيقية بالله.
وتتميز بالحرارة والفهم والحب والخشوع والإيمان والعشور بالوجود في حضرة الله.ومن جهة طولها:تتطور من الصلاة العادية إلي ممارسة الصلوات السبع بالأجبية,إلي الهذيذ أو اللهج الدائم بالصلاة,إلي الصلاة كل حين بلا ملللو18:1كما أمر الرب أو إلي قول الرسول صلوا بلا انقطاع 1تس5:17.
علي أن تكون كل تلك صلاة طاهرة بغير شرود ذهن هذه التي سئل القديس يوحنا الأسيوطي عنها فقالالصلاة الطاهرة هي الموت عن العالم أي أن يكون المصلي اثناءها منقطعا تماما عن العالم بكل أخباره وأفكاره.
ومثل الكمال في المحبة والعطاء والصلاة :الكمال في باقي الفضائل.
ولكي يصل الإنسان إلي الكمال عليه بالنمو وعدم الاكتفاء.
عنصر النمو:
من الخطورة روحيا أن يصل الإنسان إلي درجة ما,ويكتفي بها فلا يطمح إلي مزيد.
فقد يدفع الإنسان العشور ويكتفي بهذا ويظن أن الله قد أخذ كل حقه في أمواله فلا يدفع أكثر أو قد يتعود أن يصلي الصلاة الربانية وصلاة الشكر ومزمورين يقف عند هذا الحد لايتعداه.
إن الاكتفاء في الروحيات يولد الفتور بينما في النمو حرارة.
مثل بطارية السيارة:كلما سارت العربة تشحن بطاريتها وكلما شحنت تسير والعكس صحيح فإن ركنت العربة فترة طويلة يساعد ذلك علي تلف بطاريتها.
عندنا مثل في عدم الاكتفاء هو القديس بولس الرسول:
هذا الذي عملت النعمة معه فتعب في الخدمة أكثر من جميع الرسل1كو15:10.
والذي اختطف فصعد إلي السماء الثالثة,وسمع كلمات لاينطق بها2كو12:2-4.
والذي كان يتكلم بألسنة أكثر من الجميع1كو14:18والذي خسر كل الأشياء وهو يحسبها نفاية لك يربح المسيحفي3:8ومع ذلك نسمعه يقول:
ليس أني قد نلت أو صرت كاملا.ولكني أسعي لعلي أدرك..أنسي ما هو وراء وامتد إلي قدامفي3:13,12
أي أنه ينسي كل البر االذي فعله لكي يمتد إلي قدام إلي بر أكثر وإلي صلة بالله أعمق.
فإن كان القديس بولس الرسول لم يصل إلي الكمال بعد بل هو محتاج أن يسعي لكي يدرك.. فماذا نقول نحن عن أنفسنا؟!
|