|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مرّت أيام في البيت برفقة أناس عديدين. كل واحد أراد أن يراني ويتحدّث إلي. كنتُ غالبًا أحصي هناك قرابة الخمسة والعشرين شخصًا يصغون بانتباه متزايد أخبار القديسين. وبدا لي أن بيتنا أصبح حقًا بيت الله، فلا نتحدّث كل مساء إلا عن الله. لمّا كنتُ أتعب من تلك الأحاديث وتتوقف نفسي إلى الهدوء والسكينة كنتُ اخرج خلسة إلى الجنينة في المساء لأتحدّث إلى الله وحدي ولم أوفّق دائمًا في ذلك، فسرعان ما يأتي اخوتي واخواتي لإعادتي على البيت حيث، مرة أخرى، كان عليّ أن أتحدّث مع تلك الأعين المحدقة بي. لكن كنت أكتشف وسيلة للحصول على بعض الراحة. كنتُ أسأل اخوتي أن يغنّون لي لاسيّما أن اصواتهم هي في غاية الجمال، بالإضافة إلى أن أحدهم كان يعزف على الكمنجة والآخر على المندولينة. استطعت طيلة ذلك الوقت أن أتكرّس للصلاة الداخلية دون أن أتحاشى رفقتهم. كان علي أيضًا أن أقبّل الأولاد، هذا ما يكلّفني غاليًا. كانت النساء اللواتي عرفتهنّ يأتين بأولادهنّ ويطلبن إليّ أن أحملهم إلى ذراعيّ، ولو لوقت قصير، وأن أقبّلهم. كنّ يعتبرنَ ذلك نعمة كبرى، أما بالنسبة لي فكانت فرصة لممارسة الفضي حيث ان العديد من الأولاد كانوا وسخين جدًّا. ولكن كنت أقبّل الطفل الوسخ مرتين بغية السيطرة على شعوري وعدم إظهار الاشمئزاز. جاءت إحدى الصديقات مع طفل وعيناه مصابتان بمرض ومملوءتان قيحًا وقالت لي: “أرجوك يا أختي، أن تحمليه على ذراعيك، لبرهة وجيزة” فاشمأزّيت أولًا ولكن دون أن أنتبه على أي شيء آخر، أخذت الطفل وقبّلته مرتين حيث الإصابة، سائلة الله أن يشفيه. كان لدي مناسبات عديدة لممارسة الفضيلة. كنتُ أستمع للناس يروون مصائبهم ولم أرَ قلبًا واحدًا سعيدًا لأنني لم أجد أحد يحب الله حقًا، ولم أتعجّب من ذلك أبدًا. حزنتُ جدًا لعدم رؤيتي اثنتين من أخواتي. شعرتُ في داخلي أن نفسيهما هما في خطر، وامتلك الحزن قلبي عندما فكرت بهما. لمّا شعرتُ مرة أنني قريبة جدًّا من الله، سألت الرب بحرارة أن يعطيهما النعمة فستجابني الربّ: «سأهبهما ليس فقط النعم اللازمة بل أيضًا نعمًا خاصة». فهمت ان الله يدعوهما إلى اتحاد وثيق به وهلّلت فرحًا لمشاهدة هذا الحبّ السائد في عائلتنا. |
|