|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يهب الله نفوسنا أيضًا من مياه الروح القدس، إذ قيل "إذا أعطى قولًا تكون كثرة مياهٍ في السموات" [13] كأنه إذ يقيم ملكوته في داخلنا يجعلنا سمواته التي تفيض بثمر الروح حتى على الآخرين. ك. يصعدنا الله كسحاب من أقاصي المسكونة، أي يجتذبنا من أواخر الصفوف كما من أقاصي المسكونة، لا ليضعنا في مقدمة الصفوف، بل ُيصعدنا كسحابٍ مرتفعٍ، ننضم إلى سحابة الشهود القديسين (عب 12: 1). يقول العلامة أوريجينوس: [إننا نتساءل: كيف ُيصعد الله السحاب من أقاصي الأرض؟ [13] قلنا قبل ذلك أن القديسين كانوا سحبًا. لأن العبارة: "لقد بلغت حقوقك إلى السحاب" لا يمكنها أن تنطبق على السحب التي بلا نفس، ولكن حقوق الله تبلغ إلى السحب التي تنصت إلى أوامر الرب وتعرف أين تُسقط مطرها وأين تمنع المطر. توجد سحب يأمرها الله أن تمطر أو لا تمطر، وهي التي ُكتب عنها في إشعياء "سوف آمر السحاب ألا يسقط عليها مطرًا". أما بالنسبة للسحب المادية في هذا العالم، فإذا لم يكن هناك مطر فإن هذا لا يعني أن الله يأمر السحاب ألا يمطر على تلك البلاد، إنما سبب عدم نزول المطر هو عدم ظهور أية سحابة، كما هو مكتوب في سفر الملوك: ففي وقت الجفاف لم تظهر أية سحابة، ولكن حينما كان يجب أن ينزل المطر بحسب كلام إيليا ظهر السحاب في السماء وأعطى مطر. يوجد سحاب آخر يصدر إليه الأمر بألا يمطر حينما تكون النفس غير مستحقة للمطر، وهو ما تقول عنه الآية: "سوف آمر السحاب ألا يسقط عليها مطرًا". إذًا كل قديس يمثل سحابة. كان موسى النبي سحابة، وكسحابة كان يقول: "أنصتي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض أقوال فمي. يهطل كالمطر تعليمي ويقطر كالندى كلامي" (تث 32: 1-2). لو لم يكن موسى سحابة لما استطاع أن يقول ذلك. كسحابة يقول أيضًا: "كالطِّل على الكلأ، وكالوابل (الثلج) على العشب. إني باسم الرب أنادى". وبنفس الطريقة يقول إشعياء كسحابةٍ: "إسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم" (إش 1: 2). ولأن إشعياء كان سحابة وكان يدعو جميع الذين يتنبأون معه "سحابًا"، قال في نبوته: "سوف آمر السحاب ألا يُسقط عليها مطرًا". إن كنا قد فهمنا من هم السحاب، فلننتقل لنرى كيف أن الله "يصعد السحاب من أقاصي الأرض؟" كيف "من أقاصي الأرض؟" يقول المخلص: "إذا أراد أحد أن يكون أولًا فيكون آخر الكل وخادمًا للكل" (مر 9: 35). فهم بولس الرسول هذه الوصية وأصبح الأخير في هذا العالم، فيقول: "إني أرى أن الله أبرزنا نحن الرسل آخرين كأننا محكوم علينا بالموت، لأننا صرنا منظرًا للعالم للملائكة والناس" (1 كو 4: 9). فإن قام أحد بتنفيذ وصية المخلص السابقة ووضع نفسه الأخير في هذا العالم يصبح سحابة. لا يُصعد الله السحاب من وسط عظماء هذه الأرض، ولا من وسط الحكام والرؤساء، ولا من وسط الأغنياء، لأنه: "طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السموات". أرأيت الآن كيف أن الله يُصعد السحاب من أقاصي الأرض؟ وبالتالي إن أردنا أن نصير سحابًا تبلغ إليه حقوق الرب، فلنصر آخر الكل، ولنقل بأفعالنا واستعدادنا: "فإني أرى أن الله أبرزنا نحن الرسل آخرين". وحتى إن لم أكن رسولًا، فإنه يمكنني أن أجلس في الصف الأخير حتى أن الله الذي يُصعد السحاب من أقاصي الأرض يُصعدني أنا أيضًا ]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|