|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس بولس الصورة الرابعة: + والصورة الرابعة تعطينا دفعة روحية عجيبة، نرى فيها الأسير المقيد الذي قاسى السجن لمدة سنتين يسيطر على أصحاب السلطان الذين في إمكانهم أن يقضوا على حياته! فقد حضر الملك أغريباس ومعه برنيكي ليقدما تهانيهما إلى فستوس، حضرا إلى القصر الذي كانت أختهما دروسيللا سيدته منذ شهور قليلة، وخلال أحاديثهم ذكر الوالي موضوع بولس وأنه ينادي بيسوع الذي مات وهو يؤكد أنه حي. + وكان أغريباس يهوديًا، وهو آخر ملوك أسرة هيرودس. كان جده الأكبر الذي قتل أطفال بيت لحم؛ وعمه هيرودس الذي سجن يوحنا المعمدان ثم قطع رأسه؛ وهو أيضًا الذي أرسل يسوع المسيح إلى بيلاطس بعد أن ألبسه ثوبًا أرجوانيًا؛ بينما كان أبوه هو الذي قتل يعقوب الرسول، وكان في نيته أن يقتل بطرس الرسول أيضًا لولا إنقاذ الملاك له. إذن فقد كان أغريباس على علم بيسوع الناصري الذي ينادي به بولس لذلك أعلن عن رغبته في أن يسمعه. + ففي اليوم التالي جاء أغريباس وبرنيكي بأبهة عظيمة تصحبهما حاشيتهما مع رؤساء الجند ووجوه المدينة. وبأمر من فستوس جيء ببولس. ووقف هنا الأسير والسلاسل في يديه وقلبه متهلل. كان يعلم أن هذه المحاكمة لا قيمة لها إطلاقًا ما دام أنه رفع دعواه إلى قيصر. ولكن، أليست فرصة مواتية ليتحدث فيها عن فاديه العجيب؟ + وتحدث باشتعاله المعهود، ثم أعلن كيف أن المسيا في مجده ظهر له من السماء؛ وكيف أرسله ليحمل الكرازة العظمى لكي يفتح أعين الناس، وينقلهم من الظلمة إلى النور، ومن ربقة الشيطان إلى الحرية التي حررنا بها المسيح. ثم أضاف: "وأنا هنا أقف، وسأقف مدى حياتي شاهدًا للصغير والكبير بما تنبأ به موسى وجميع الأنبياء أن السيد المسيح يجب أن يتألم، وأنه بقيامته من الأموات يعلن النور للجميع: لليهود وللأمميين". + ووسط اشتعاله الملتهب قاطعه فستوس: "أنت تهذي يا بولس، الكتب الكثيرة تحوّلك إلى الهذيان". أجابه: "لست أهذي أيها العزيز فستوس بل أنطق بكلمات الصدق والصحو. لأنه من جهة هذه الأمور عالم الملك الذي أكلمه جهارًا إذ أنا لست أًصدّق أن يخفي عليه شيء من ذلك. لأن هذا لم يُفعل في زاوية. أتؤمن أيها الملك أغريباس بالأنبياء؟ أنا أعلم أنك تؤمن". فقال أغريباس لبولس: "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا". وهنا نتعجب من رد بولس الفوري الصادر عن أعماقه: "كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى اللهِ أَنَّهُ بِقَلِيل وَبِكَثِيرٍ، لَيْسَ أَنْتَ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَنِي الْيَوْمَ، يَصِيرُونَ هكَذَا كَمَا أَنَا، مَا خَلاَ هذِهِ الْقُيُودَ" (أعمال 25: 13-27؛ 26). + وإلى هنا لم يحتمل السامعون أن تزاد لهم كلمة. لقد تراجعوا هم أيضًا كما تراجع فِيلكس ودروسيللا من قبل. ويا لبؤس هؤلاء المتراجعين! فالسيد المسيح واقف يقرع على باب كل قلب. وكأنه يستعطف خليقته أن تفتح له! ومع ذلك فكم هم الذين يلبّون النداء ويسارعون إلى فتح قلوبهم له؟ وهذا الجفاء القلبي هو الذي جعل العلامة المصري الكبير أوريجانوس ينصحنا بقوله: "صلوا لكي يفتح الله نوافذ قلوبكم لتدخل منها النعمة الإلهية". + ومع كونهم لم يؤمنوا إلا أن بولس هزّهم هّزة عنيفة. فقد كان يعرف الفرح والسلام والرجاء في أعماق قلبه، هذه التي يحتاج إليها العالم هنا وفي الدهر الآتي. كان يعرف أن للحياة معنى أعمق وأنبل لم يخطر قط على قلوب هؤلاء السادة فلا غرابة إذن أنهم اهتزّوا على الرغم منهم. ولا غرابة أيضًا بأنهم حين خرجوا كانت ضمائرهم تهمس: "هذا المتعصّب هو على الأقل رجل حقيقي" كذلك لا غرابة في أن أغريباس قال لفستوس: "كان يمكن إطلاق سراحه اليوم لولا أنه رفع دعواه إلى قيصر". + وعاد بولس إلى سجنه ليستعد للسفر بينما ذهب فِيلكس إلى مكتبه وكتب تقريره عن هذا الأسير العجيب وليس من شك في أن روح التقرير كان تعاطفًا معه مما أدّى إلى تبرئة بولس في محاكمته الأولى أمام نيرون. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بولس الرسول والتسبحة الرابعة |
القديس بولس | الصورة الثالثة لمحاكمته |
القديس بولس | الصورة الثانية لمحاكمته |
القديس بولس | الصورة الأولى لمحاكمته |
رحلة بولس الرسول التبشيرية الرابعة بين (63-67)مسيحية |