|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَعَادَ أَيُّوبُ يَنْطِقُ بِمَثَلِهِ فَقَالَ: [1] يَا لَيْتَنِي كَمَا فِي الشُّهُورِ السَّالِفَةِ، وَكَالأَيَّامِ الَّتِي حَفِظَنِي اللهُ فِيهَا [2]. هنا نرى الإنسان المريض الحزين والحائر يتذكر أيام نجاحه وراحته، ويخبرنا كيف أن الله حفظه، وكان جميع الناس يحترمونه، ويقفون له عند خروجه، وجعلوه رئيسًا عليهم. أما الآن فإن الناس حتى أدناهم - في نظر المجتمع - يحتقرونه ويستهزئون به. يؤكد أنه لم يكن مذنبًا بارتكاب خطايا شهوانية، كما لم يظلم المسكين والأرملة، ولم يمسك الطعام عن اليتامى، ولم يفعل أية خطايا سرية. كان يرفض الكذب والغش والظلم والبخل والطمع وعبادة الأصنام والشماتة والشح والرياء والاستغلال إلخ. بهذا يعلن عن براءته. لكن هذا ليس عن فضلٍ منه، وإنما بسبب رعاية الله له. فإن سرّ استقامة حياته هو حفظ الله له. تطلع أيوب إلى ماضيه وقارنه بما هو عليه، فاشتهى لو عاد الزمن، وبقي حاله كما كان عليه. وهو في هذا لا ينسب سعادته وغناه ونجاحه لمجهوداته الخاصة، ولا لقدراته ومواهبه، بل لمراحم الله، قائلًا: "حفظني الله". لم يكن يرى في ثروته حصنًا له (أم 15:10)، ولا اتكل على كثرة غناه (مز 7:52)، بل كان له "اسم الرب برجًا حصينًا" (أم 10:18). يعترف أيوب أن الله هو سور نار محيط به وسياج يحفظه، الله هو سرٌ أمانه. * "عندئذ استأنف أيوب مقاله الافتتاحي: آه لو كنت على حالي السابق لمدة شهر". ماذا يقول؟ أود لو أنني أحيا لمدة شهر في الحياة الصالحة التي كانت لي في الأزمنة السابقة لكي أسد أفواهكم، وأظهر لكم ما كنت عليه. يطلب شهرًا واحدًا مثل الشهور والأيام السابقة. لم يطلب شيئًا غير عادي، بل أن يحيا لمدة ثلاثين يومًا في سعادة الأزمنة الأخرى، ويتمتع بالخيرات التي لم يقدمها له أحد... لاحظوا تقوى الرجل، فإنه ينسب كل شيء لله. لا يستطيع إنسان محروم من العون العلوي أن يبقى في حياة مستقيمة. يقول: "حفظني الله فيها"، فإن بحثه عن حياته الصالحة السابقة، إنما للشهادة عن عناية الله. * يريد (الرسول بولس) أن يقول إن الله هو ينبوع كل الخيرات ومصدرها، ليس في حاجة إلى شريك أو مشير. هو بدء كل الخيرات وأساسها وموجدها؛ هو الخالق. دعا غير الموجود موجودًا. يدير كل شيء ويرتبه ويحفظه حسب إرادته! القديس يوحنا الذهبي الفم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|