|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَوْ كَلِّمِ الأَرْضَ فَتُعَلِّمَكَ، وَيُحَدِّثَكَ سَمَكُ الْبَحْرِ [8]. كل الخلائق غير الناطقة تشهد أن الكبير يلتهم الصغير كالسمك، والقوي يفترس الصغير كالحيوانات المفترسة. لو لم تدخل الخطية لما حدث هذا كله، إنما "الذئب والخروف يسكنان معًا" (إش 11: 6). * من يقدر أن يعرف كيفية الولادة الأزلية؟ الآب الذي ولد ليس بطريقة يمكن لإنسان أن يفهمها بل يقدر وحده أن يفهمها. فإننا نعرف ألاّ نخبر عن الطريقة التي ولده بها، بل نصر أنها ليست بهذه الكيفية وليس فقط نحن نجهل مولد الابن من الآب، بل نجهل حتى كل طبيعة مخلوقة. "أو كلم الأرض فتعلمك" (أي 12: 8). وبالرغم من إنك تسأل كل الأشياء التي على الأرض، فإنها تعجز عن أن تخبرك. لأن الأرض لا تقدر أن تخبر عن جوهر الذي شكَّلها كخزاف وصنعها. وليس فقط الأرض بل الشمس أيضًا... والسماء أيضًا لا تعلن ذلك... ولا سماء السماوات. القديس كيرلس الأورشليمي الأب هيسيخيوس الأورشليمي فلا تحتقر الأسماك لأنها خرساء وغير ناطقة، وخف أن تكون أقلّ تعقُّلًا منها حينما تخالف أوامر خالقك. استمع إلى الأسماك، لا ينقصها غير النطق، وسلوكها يقول لك: إن حفظ الجنس يحملها على مباشرة هذا السفر الطويل. ليس عندها إدراك، بل شريعة طبيعيَّة راسخة كل الرسوخ في غريزتها تدفعها إلى ما يجب أن تعمل. فتقول: هلم بنا إلى البحر الأسود... إن ماءه أعذب من ماء سواه، والشمس فوقه أقل حرارة فلا تمتص ماءه الحلو كله، لهذا يصعد السمك في الأنهار ويبعد عن البحار، ويفضِّل البحر الأسود ليستقبل ويربِّي فيه صغاره، ومتى قضى هناك مأربه، عاد جميعًا أدراجه، لماذا؟ كأنه بمسلكه يقول لنا: "البحر الأسود قليل الأعماق، عرضة للعواصف العنيفة، قليل الملاجئ، وكثيرًا ما تقلبه الرياح الهوجاء رأسًا على عقب، وتعكِّره أكوام من الرمال. وهو فوق ذلك بارد شتاءً، لما يصب فيه من الأنهار العظيمة"، فيهجره السمك، بعد ما أفاد منه صيفًا، ويعجِّل العودة إلى دفء المياه العميقة، والمناطق التي بها دفء الشمس، فيستريح في بحر هادئ بعيدًا عن ريح الشمال العاتية. لقد رأيت هذا المشهد وأُعجبت بحكمة الله الشاملة. فإذا كانت البهائم فاقدة النطق تخضع لغرائز كامنة، وتعرف كيف تتدارك أمور معاشها، وإذا كان السمك يعرف ما يجب أن يختار وما يجب أن يجتنب، فماذا نقول نحن، وقد تشرَّفنا بطبيعة عاقلة، وتثقَّفنا بالشريعة، ودُعينا بالمواعيد الإلهيَّة وتشرَّبنا الحكمة بالروح القدس، فهل ندبِّر شؤوننا تدبيرًا دون الأسماك تعقلًا؟ أتعلم هي أن تتدارك بعض الأمور قبل وقوعها، ونحن بخلافها نكاد لا نكترث، ونفني عمرنا في الملذَّات البهيميَّة. تقطع السمكة البحار كلها بحثًا عن بعض منافعةا، وأنت ماذا تقول، إذا كنت تعيش في التواني والكسل؟ فلا يحتج أحد بالجهل فإن فينا ذهنًا طبيعيًا يبيِّن لنا لياقة الخير وينفّرنا من الأفعال المضرَّة . القديس باسيليوس الكبير كل كائن عاقل أو حتى غير عاقل، يمكنه أن يدرك أن الله خالقه، وأنه هو الذي يعوله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|