|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يهبنا النصرة كَمَا يُذْرَى الدُّخَانُ تُذْرِيهِمْ. كَمَا يَذُوبُ الشَّمْعُ قُدَّامَ النَّار يَبِيدُ الأَشْرَارُ قُدَّامَ اللهِ [2]. يستخدم المرتل رمزين للأعداء المقاومين للحق، الدخان في مواجهة الريح، والشمع في مواجهة النار. فإن كان الأشرار يظنون أنهم قادرون على الدخول في معركة ضد السماء والأرض، فإنهم إذ يحاربون السمائيين يكونون كالدخان الذي يذريه الريح، وإذ يقاومون الكنيسة على الأرض يكونون كالشمع قدام النار. يظن الأشرار أن نار حسدهم وغيظهم وبغضتهم لله ولأتقيائه قادرة أن تُحطِّم اسمه القدوس، وأن تُهلك خائفيه. ولم يدركوا أن هذه النيران لا تصيب الله ولا قديسيه، إنما تهلكهم هم أنفسهم وتجعلهم دخانًا أو رمادًا فتذريهم. لا يدرك الأشرار أنهم في حقيقتهم كالشمع الذي يذوب قدام نار شرورهم فيُبادون! *الأعداء والمبغضون هم الشياطين. إنهم أعداء لأنهم يعادون الله وخلائقه، ومبغضون لأنهم يبغضون الخير... الشياطين مثل دخان، لأنهم مثل تِبْنٍ تحرقه النار، ولسرعة زوالهم شبههم النبي بالدخان والشمع... شبَّه الأشرار بالشمع المُذاب، وأيضًا بالدخان لأنه جاء في أمثال الحكماء: كما أن الحصرم مُضِرٌّ للإنسان والدخان للأعين، كذلك الشر يضر ويعطل أسنان النفس؛ أعني قواها التي بها تصنع المعاني وتذوقها وتطحنها، كما يضر أعينها أيضًا أي بصيرتها وعقلها. الأب أنثيموس الأورشليمي يهِّبُ الله علينا كريحٍ عاصفٍ يبدد الأشرار كالدخان، بينما يُفَرِّح قلوب الصديقين ويهبهم تهليلًا، ويمتعهم بنعيم السرور وبعربون ملكوت النعيم. يُشَبَّه الأشرار بالدخان لأنهم يفسدون البصيرة الروحية بسبب هرطقاتهم أو فساد معتقداتهم، أو بث روح الفساد والشر. إنهم يعملون على نزع الاستنارة من القلب بالأفكار الخاطئة أو بالإغراءات المفسدة. عمل الروح القدس الذي حل في يوم الخمسين على التلاميذ وهم مجتمعين في العُلية حيث صار ريحًا عاصفًا هو نزع هذا الدخان، ورد للقلب بصيرته الداخلية، ليرى ملكوت الفرح في داخله. هكذا يخشى الأشرار الالتقاء بالله كريح عاصف بينما يفرح المؤمنون ويتهللون به، إذ يرون يوم الخمسين أو عطية الروح التي نالوها في سرّى العماد والمسحة المقدسة (الميرون) عاملة فيهم لإدانتهم. * ليفرحوا أنهم يتعبون ويبتهجون أمام الله، فإنهم لا يبتهجون هكذا كمن هم أمام الناس بافتخار فارغ، بل أمام ذاك الذي لا يخطئ النظر فيما يهبهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). "ويطفرون فرحًا"، فلا يعودوا يبتهجون في رعبٍ، كما يحدث في هذا العالم، مادامت الحياة البشرية هي تجربة على الأرض (راجع أي 7: 1 LXX). القديس أغسطينوس * يتبدد الدخان في الهواء فلا يترك أثرًا لوجوده، ولا يمكن للشمع أن يوجد بعد انصهاره. الأخير يُغَذِّي اللهب بمادته، فينصهر ويتبدد في الهواء. كما يصير الدخان كلا شيء تمامًا، هكذا إذ يأتي ملكوت الله تتبدد كل الأشياء التي تسلطت علينا، فتنقشع الظلمة أمام النور، ويمضي المرض حينما تحل الصحة، وتتوقف الشهوات عن الإزعاج حينما يظهر اللاهوى apathia (غياب الأهواء الخليعة)، ويزول الموت ولا يوجد بعد الفساد، إذ تسود الحياة وعدم الفساد فينا بلا مناهض. القديس غريغوريوس النيسي يرتجف الأشرار من الحضرة الإلهية، لأنهم كالشمع لا يحتملون الله، النار الآكلة، فيذوبون ويهلكون. أما نحن فنرى في النار الآكلة سٌر تهليلنا، إذ حل على الكنيسة بروحه القدوس على شكل ألسنة نارية، وتحّول المؤمنون إلى "خدام الله لهيب نار لا ينطفئ"! يحملون القلب الناري الذي لا تستطيع مياه العالم كله أن تطفئه! حضرة الله وعمل روحه القدوس يسكب فرحًا على الصديقين، ويملؤهم تهليلًا، ويدخل بهم إلى التنعم بالسرور. بمعنى آخر يختبرون الفرح والتهليل (التسبيح) والنعيم. موكب النصرة الإلهي هو موكب الكنيسة المملوءة فرحًا، المُسبِّحة لله، والمختبرة لعربون ملكوت النعيم الأبدي! بالفرح والتسبيح وتذوُّق نعيم السماويات ننعم بالغلبة على قوات الظلمة أو بنصرة المسيح رأسنا! لقاء الله يحول حياة الأشرار إلى فزع ونوح وعويل مستمر، وحياة الصديقين إلى بهجة روحية وتسبيح دائم وشركة مع السمائيين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 119 | الرب يهبنا عذوبة الروح |
مزمور 119 | يهبنا الحياة المقامة الجديدة |
مزمور 68 | يهبنا الوصية الإلهية |
مزمور 68 | يهبنا سكناه فينا |
مزمور 68 | يهبنا فرحه السماوي |