الأعياد والاحتفالات الدينية القبطية في القرن الحادي عشر - عيد الميلاد
دوَّن المقريزى: "ولم يزل بديار مصر من المواسم المشهورة، فكان يفرق فيه أيام الدولة الفاطمية على أرباب الرسوم من الأستاذين المحنكين والأمراء المتطرفين، وسائر الموالى من الكتاب وغيرهم: الحاجات من الحلاوة القاهرية والمثار التي فيها السميذ، وقربان الجلاب، وطمافير الزلابية، والسمك المعروف بالبوري".
إلا أنه عاب على الأقباط إدخال بعض الذين أساءوا إلى الذوق العام بالرقص واللعب بالنار وشرب الخمور.
"وأدركنا الميلاد بالقاهرة ومصر وسائر أقاليم مصر، موسمًا جليلًا، تُباع فيه الشموع المزهرة بالأصباغ الجميلة والتماثيل البديعة بألوان لا تنحصر، فلا يبقى أحد من الناس أعلاهم وأدناهم حتى يشترى من ذلك لأولاده وأهله، وكانوا يسمونها الفوانيس، ويعلقونها في الأسواق والحوانيت..
شيئا يخرج من الحد في الكثرة والملاحة.. ويتنافس الناس في أثمانها، حتى لقد أدركت شمعة candle عُمِلَت فبلغ مصروفها ألف درهم وخمسمائة درهم فضة، عليها ما يزيد عن سبعين مثقالًا من الذهب".
وهكذا يروى الشيخ تقي الدين أحمد بن على المقريزي أنه شاهد مما كان يرى ويرصد، فيقول أيضًا:
"وأعرف السؤال في الطرقات أيام هذه المواسم، وهم يسألون الله أن يتصدق عليهم بفانوس، فيشترى لهم من صغار الفوانيس ما يبلغ ثمنه الدرهم وما حوله.. ثم لما اختلَّت أمور مصر، كان من جملة ما ظل من عوايد الترف عمل الفوانيس في الميلاد إلا قليلًا.