السر موجود في كلمة أخرى تكررت في الرسالة أيضًا هي كلمة ”فكر“ أو ”ذهن“ حيث استخدمها الرسول 12 مرة. وهكذا نستطيع أن نقول إن سر الفرح المسيحي يكمن في طريقة تفكير المؤمن: في توجهَّاته الفكرية، وقناعاته الشخصية الثابتة. نعم، إن حياة الإنسان من صنع أفكاره «لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هَكَذَا هُوَ» (أم23: 7). والفكر الذي تتبناه ويمتلئ به ذهنك هو الذي يُحدِّد وجود الفرح في حياتك، ومقداره. ونحن هنا نتحدَّث عن الفرح الناتج عن عمل الروح القدس، عندما يستحضر الله بكل أمجاده، والمسيح بكل كمالاته، والكتاب المقدس بكل روائعه، فيفيض القلب بالفرح، واللسان بالتسبيح.
وقد شرح الرسول بولس - في أصحاحات رسالة فيلبي الأربعة - أربعة مواقف فكرية للذهن يُمكن أن تُنتج فرحًا بالرغم من كل عوامل الحزن والإحباط التي قد تُحيط بالمؤمن: بالرغم من الظروف (ص1)، وبالرغم من نقص الأُمناء (ص2)، وبالرغم من وجود الأعداء (ص3)، وبالرغم من نقص الإمكانيات (ص4).