والمظهر الأخير في الصداقة بين إبراهيم والله، هو الرسالة التي حملها إبراهيم على كتفيه من قبل الله تجاه هذا العالم. ولعل كلمات مرقس دودز هي خير ما يقال هنا على الإطلاق عندما قال: "لقد افتتح الله بإبراهيم فصلاً جديداً في تاريخ الجنس البشري، فصلاً على أعظم جانب من الأهمية، فالنتائج التي تركتها رحلة إبراهيم وإيمانه لا حدود لها وأبدية، لقد آثر هذا الرجل في كل الأجيال المتعاقبة بعده، مع ما في حياته من البساطة الملحوظة، وخلوها مما يؤثر في معاصريه، وبين كل الملايين المنسية من أبناء عصره، يقف هو وحده شخصية خالدة بارزة، وإن كانت لا تحيط به جحافل القوى المسلحة، أو تحف باسمه الأملاك الواسعة التخم، أو التشريعات الجديدة، أو حتى أي عمل من أعمال الأدب والفن، لم تكن الأهمية في حياته عسكرية أو تشريعية أو أدبية بل دينية.. فمن المؤكد أن عقيدة الوحدانية قد أذيعت عن طريقه، فمن يومه إلى الآن الذي يظهر وجوده وطبيعته بالتجاوب مع هذا الإيمان، هذا الإيمان الذي جعله إبراهيم الأساس الرئيسي لرحلاته وأفكاره هو بعينه الذي منحه التأثير الأبدي العظيم!!.." لقد كان إبراهيم خليلاً وصديقاً عميقاً لله في رسالته وخدمته الكبرى التي أنيط بها بين الناس على هذه الأرض!!..