تفاصيل يوميات «إخوان سجن طرة».. شهادة إخوانى تائب تكشف
تجربة السجن واحدة من التجارب الحياتية التي دائمًا يصحبها تغيير في شخصية من يخوضها.. «المجرم» في بعض الأوقات يدرك حجم جريمته، يفكر في اتخاذ خطوات جادة للسير في طريق التوبة.. ومن الممكن أن يفكر في طرق تتيح له الاستمرار في جرائمه وفى الوقت ذاته تبعده –بقدر الإمكان- عن غرف العنابر المظلمة الكئيبة.
عناصر جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، كانت طوال الأشهر القليلة الماضية على موعد مع السجون، عناصر أعلنت الحرب على الدولة، رفضت منطق «الثورة»، على حكمها ومطالبة النظام بالإصلاح، عناصر حملت السلاح لـ«الحفاظ على الحكم»، وعندما فشلت في الأمر، قررت توجيه السلاح لكل من يخالفها الرأى والأحلام والأطماع أيضًا.
السجن كان مصير عدد كبير من العناصر التي تبنت العنف منهجا لـ«تبرير إخفاقات مرسي»، وتجاوزات مكتب إرشاد جماعتهم، غير أن أشهر السجن، واقتراب عدد من شباب الجماعة من شيوخها، وقياداتها، كان سببًا رئيسيًا فيما يمكن أن يوصف بـ«نزع الأقنعة»، فالكبار الذين أقنعوا صغار الجماعة بـأنهم «ما ينطقون عن الهوى» سرعان ما انكشفت كذبتهم واتضح أنه «في الأمور أمور»، ليس هذا فحسب، ولكن خرجت شهادات حية من جانب عدد من شباب الجماعة تشير إلى أنهم كانوا ضحية لـ«عملية توريط» على أعلى مستوى.
هو أحد الأشخاص الذين خدعتهم الجماعة، فانساق وراءهم وشارك في تظاهراتهم وفعالياتهم قبل وبعد ثورة 30 يونيو، إلى أن تم القبض عليه، مع أنه لم يكن يومًا محسوبًا على التنظيم بشكل أساسي، لكن كان يتم التعامل معه تحت خانة «متعاطف» كما يقول.
«هانى عامر»، خريج جامعة بنى سويف، عمره 35 عامًا، يعمل مدرسًا بمحافظة الإسماعيلية، لديه طفلان، ومحبوس الآن على ذمة قضايا مختلفة بسجن استقبال مزرعة طرة.
«هانى» الذي تواصلت معه «فيتو» أكد في بداية حديثه، أن إحدى التهم الموجهة إليه مشاركته مع الإخوان في أعمال شغب وإتلاف ممتلكات عامة، ومجموعة من الاتهامات الأخرى، لافتًا النظر في الوقت ذاته إلى أنه ألقى القبض عليه داخل منزله.
هانى تحدث في أمور عدة، بدأها بقوله: «أرجو من الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية أن تنظر لنا نظرة الآباء للأبناء، أنا أحد هؤلاء الذين تم استقطابهم للجماعة الإرهابية بالشعارات الدينية واكتشفت كم كنت مخدوعًا فيهم، واعتقد أن أذكى ضربة وجهها النظام للإخوان هي أنه حبس معهم كل من أحبهم أو تعاطف معهم ليدرك عن قرب بشاعة حقيقتهم.
وتابع: نادم أشد الندم على كل لحظة تعاطفت فيها مع الإخوان، فلم أجد منهم سوى التقوقع والانغلاق والإرهاب الفكرى وعدم تقبل أو استيعاب الآخر، ورفض التعايش مع الآخر بالرغم من أنهم سبب وجودنا خلف الأسوار».
وعن يوميات «الإخوان» داخل «سجن الاستقبال»، قال: التنظيم يعمل في الداخل كما يعمل في الخارج ولهم معسكرهم الخاص بهم داخل السجن، فهناك أمير لكل عنبر من عنابر السجن، ولابد أن يكون من الإخوان، وللسجن مرشد عام داخلى خاص بهم، وأؤكد أن الإرهابية تتخلى عن كل فرد لا ينتمى بشكل حقيقى للإخوان وأحد أبنائهم الذين تربوا على أيديهم، بخلاف المتعاطفين معهم الذين تم استقطابهم هذه حقيقة، فالإخوان يتجاهلون من يتجاهلهم أو يتخلى عن مساندتهم ويحاربون من ينتقدهم.
وعن تجربته مع الجماعة قال: أدركت أن للإخوان بروتوكولات أشد خطورة من بروتوكولات صهيون ومنها أنه لا بأس بالكذب الذي يرسخ لمبدأ السمع والطاعة العمياء للأمراء وتقبيل أيديهم، وإنزالهم منزلة الآباء والأنبياء، والإنصات لهم وتدوين وتقديس أحاديثهم وإنزالها منزلة القرآن والسنة، ومن ثم الولاء والبراء وهو عند الإخوان يعنى الانتماء لأفراد الجماعة يعنى أنا وأخويا على الغريب ولقد عانيت بسبب شعار «الفرد في الجماعة بألف فرد من غير الجماعة» فالجميع دماؤهم فداء أفراد الجماعة، فهى الوحيدة أقصد الجماعة حسب اعتقادهم القادرة على الوصول إلى الامتثال والانصياع الكامل لأمير الجماعة حتى فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية.
وأكمل «هانى» بقوله: لا يوجد مجال للحوار والجدال، وأكثر ما يقلقهم المحاور الجيد الذي يتفوق عليهم في سلعتهم وتجارتهم هي الدين، يعتقدون أنهم يعيشون مرحلة الابتلاء والمرحلة المقبلة هي مرحلة نصر وتمكين وسوف يمدهم الله بالملائكة المسومين على أساس أنهم يحاربون الكفار.
وكشف أيضًا أن قيادات وعناصر الجماعة يهتفون ضد الداخلية بالليل ثم يقدمون لهم الطعام والمشروبات والهدايا بالنهار، يدعون عليهم في الصلاة ثم يقابلونهم بالأحضان، حالة غريبة حتى شباب الجماعة.
«هانى» أشار أيضًا إلى أنه بدأ يتأكد خلال الأيام الماضية أنه يدفع ثمن غباء قادة الجماعة وعقم منهجهم وخطأ التربية والاعتقاد لديهم، حتى أن أحدهم قال إن أفراد الجماعة يروجون لروايات مغلوطة ومكذوبة عن أسباب وطرق اعتقالهم، فلكل منهم روايته التي يتضح بعد ذلك كذبها ومحض افترائها، ومن أغرب السلوكيات المريضة للإخوان داخل السجن بخلاف الكذب واستراق السمع هو تعاونهم مع الداخلية ضد المعتقلين من غير الإخوان والذين يخالفونهم في الرأي».
وأضاف: «الإخوان يحتقرون كل الجماعات والتيارات الدينية ولا يرون إلا منهجهم واجتهادهم هو الصحيح وغيرهم منهجه خطأ واجتهاده باطل».
وعن أبرز الأسماء التي سجنت معه، يقول عامر: «من أبرز الشخصيات الإخوانية في سجن الاستقبال، الدكتور محمد بشير، ويعتبر هو مسئول التربية والتواصل مع المجموعات الإخوانية، هناك أيضًا المهندس عمرو نشأت، وهو قيادى إخوانى كبير.
المثير في الأمر أيضًا أن عددًا من عناصر الدعوة السلفية الذين تضعهم الجماعة في خانة «الخونة» كان لهم نصيب من البقاء في «سجن الاستقبال»، وعن أسلوب تعامل «إخوان طرة» مع سلفيى السجن قال «هانى»: يوجد في السجن أيضًا عدد من أعضاء حزب النور أمثال محمد عادل في قضية انتماء، وأحمد عبد الوهاب في قضية محافظة القاهرة، ولقد أذاقهم الإخوان الذل كؤوسًا والمر ألوانًا نتيجة تماشى حزب النور والدعوة السلفية مع النظام الحاكم وعدم الوقوف في صف الجماعة في حربها على الدولة المصرية».
كما كشف أيضًا وجود أشخاص معه داخل السجن يعتنقون فكر داعش، وبايعوا أبو بكر البغدادي، فيقول: هناك اعتناق للفكر الداعشى عند البعض، وتأييد فكرة الدولة الإسلامية القائمة على الخلافة، وأعتقد أن هذا التوجه جاء بسبب صدمة الكثير من المعتقلين في كيفية تعامل الدولة مع المسجونين، وكذلك نفورهم من الإخوان لما رأوه منهم من سوء المعاملة، ورسالتى إلى الدولة والرئيس عبدالفتاح السيسي، أن هناك من غير الإخوان وهم كثيرون جدًا جاهزون للتوقيع على توبة وتأييد للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كرجل المرحلة ومخلص مصر من خطر الإخوان».
وأخيرًا طالب أجهزة الدولة المعنية، بضرورة تنفيذ ما وصفه بـ«استيعاب الدولة ضحايا جماعة الإخوان»، مؤكدًا وجود أعداد كبيرة داخل السجون الآن اكتشفت خداع وكذب الإخوان، وتريد العودة للاندماج في المجتمع مرة أخرى، لتبدأ حياتها من جديد، مناشدًا الرئيس عبد الفتاح السيسي الإفراج عنه وزملائه «ضحايا الإخوان».
"نقلا عن العدد الورقي.."
نقلا عن فيتو