|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة و روحانية مار فرنسيس بمناسبة مرور 752 سنة على وفاته أيها القارئ العزيز، في ذكرى مرور750 سنة على وفاة القديس فرنسيس الأسيزي، أقدم لك، باسم الحراسة الفرنسيسية للأرض المقدسة، حياة هذا الرجل العظيم، وقدوته المسيحية العالية. فأقبل على قراءة هذا الكتاب، وعلى تأمل سيرة فرنسيس، وغذّ نفسك بمآثر هذه السيرة وقدوة صاحبها. لقد قدّس فرنسيس هذه الأرض يوم قدم إليها، سنة 1219، فأحبَّ بيت لحم، وكان من وراء تحلي كنائس العالم بمذود بيت لحم. وأحبَّ الناصرة، وخصَّ يسوع ومريم ويوسف بخالص الودّ طيلة أيام حياته. وأحبَّ مدينة القدس وصليبها، حتى وسم جسمه بسمات المصلوب. وإنَّ ما نتعلمه من فرنسيس هو أن نحب الله على كل شيئ، وأن نحبَّ جميع خلائق الله عامة، والانسان قريبنا خاصة، مضحين في سبيله بذواتنا، وفق قول يسوع المسيح ربنا:"أحبب الله ربك بكل قلبك، وأحبب قريبك حبك لنفسك". فإذا ما عملت منتخبات هذا الكتاب، وصوره الناطقة، على أن تسير بك، ايها القارئ العزيز، في طريق الخير والفضيلة، فأن هذا لممّا يثلج صدري لابراز هذا الكتاب الى الوجود. وفي الختام، اشكر لحراسة الأرض المقدسة تكلفها نفقات الطبع، وللأب جورج سابا نقله النص من الايطالية إلى العربية. بارك القديس فرنسيس العالم بأسره. الأب دومنيك بكي في الذكرى الـ750 لوفاة القديس فرنسيس. |
27 - 09 - 2014, 03:48 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
تمهيد أردنا مع شبيبة وزهيرات مار فرنسيس في حلب إعادة طبع هذا الكتاب لما فيه من نفع روحي عميم. بواسطته نتعرف بصورة واضحة، وإن موجزة، على حياة هذا القديس الذي قيل فيه بأنه الأكثر شبهاً بالمسيح، والذي أضرم ومازال عقول وعواطف هذا العدد الذي لا يحصى من التابعين والمحبين. وأردناه ذخيرة في بيت وقلب المؤمنين خاصة المنضوين تحت لواء العائلة الفرنسيسكانية، لتلتهب قلوبهم بحب الخالق ومحبة الخلائق والحفاظ عليها. فيحيوا بفرح وسلام وخير. حلب29/11/2007 عيد جميع قديّسي العائلة الفرنسيسكانية الأب جورج أبو خازن |
||||
27 - 09 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
الفجر المشع
ولد القديس فرنسيس في أسيزي بإيطاليا، نحو أواخر سنة1181، وكان الده، بطرس برنردونة، تاجر أنسجة غنياً، ووالدته بيكا، امراءة تقيّة. فعمّد في كنيسة مريم الكبرى، ودعي يوحنا، على أن والده لدى رجوعه من فرنسا بدّل هذا الاسم فرنسيس. وترعرع فرنسيس، فلقّنه كهنة القديس جرجس ما كان بحاجة إليه من العلم، وربّوه تربية مسيحية. وكان قد استمدّ سجاياه المحمودة من أمّه، المعروفة بالوداعة والقوة والإيمان، وبوقف حياتها علة خدمة أسرتها. فنشأ طافحاً بالحياة، لطيفاً رفيقاً، ساذج القلب. وكانت ظرافة عشرته تحجب ما اتّصف به من قوة وعزيمة ماضية، ومن خلق، إن لم يتغلب عليه، أدّى به إلى وخيم العاقبة.وقد مرّنه والده على أعمال التجارة، فمهر في البيع والربح، لكنه أثر على ذلك حياة اللهو والمسرة، ومجاملة الأصدقاء، وبسط الموائد الأنيقة لهم، والطرب معهم بالمزاح والغناء. ومع هذا، لم يكن فرنسيس يتجاوز حدّ الاعتدال في كلامه، وكان متنزهاً عن المنكرات، لا يتخطى مراسم الضمير، ويصحب جميع أفعاله بالوداعة. وإذا ما شكا الأب افراط ابنه في التبذير، أجابت الأم قائلة:"إنك سترى أن فرنسيس لن يهلك: فهو يحب الرب، وهو طيب النفس". فقد كان الطّيب والحب من طبع فرنسيس، وقاعدة شخصيته، وهذا ماجذب إليه اعتبار الناس، حتى أن منهم من كان كلّما صادفه في طريقه، فرش رداءه على الأرض، وأوعز إليه بالمشي على الرداء، فيجيبه قائلاً: "سلاماً وخيراً". |
||||
27 - 09 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
الفارس العالي الهمة
قارب فرنسيس العشرين من العمر، وهو عامر بالأحلام والآمال، ولا يجد السرور والحماس إلا بالتهالك على ما يتعب ويرهق، فبات يضطرم شوقاً إلى أن يحيا ويحارب في سبيل الوطن. وإذا بالحرب تنشب بين أسيزي وبروجيا، فكان ذلك مناسبة جديرة بميول فرنسيس، دفعته إلى أن يكون في عداد الفرسان المتسلحين، وهو يطفح اعتزازاً وجرأة وشباباً. اشتدّت محاصرة المتحاربين، وتأججت المعركة، وأثخنت الخيول وراكبوها جراحاً، فوقع فرنسيس أسيراً بعد أن كان في طليعة القوم، وأكره على أن يمر تحت قوس أغسطس اذلالاّ. لكنه ظل قرير العين بشوشاً في أسره، بالرغم من ضيقه، يحاول أن يشدد عزيمة رفاقه. وإن اكفهر الجو، ازداد هو بأساً، وعكف على الغناء منشداً: "ينتظرني مستقبل باهر: فالعالم سوف يكرّمني عظيم التكريم". أما رفاقه فكانوا يجيبون: "حقاً ! إنك لمجنون!" كلا ! إنه لم يكن مجنوناً، وإنما كان الاطمئنان يسوده ويثير خياله. ولما إن عاد من السجن، ابتلاه المرض، فكان ذلك أول آثار النعمة، التي جعلت تجرد قلبه مما ألفه من أفراح الدنيا. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
صوت من السماء
ما كاد فرنسيس يتعافى، حتى عاد إلى ما كان عليه قبلاً من رغد العيش، وانطلق يحلم بأن يصبح فارساً متفوقاً. وقد حثّته هذه الحمّية على أن يقصد إلى بوليه البعيدة. فأخذ في الطريق مع فرسان أشراف، جعلوا يستخفون به ويقولون: " من هذا؟ إنه ليس من الأشراف، إنما هو ابن تاجر، يحطّ من منزلتنا!". أما فارسنا، فما برح أن أطلعهم على ما يعانيه من الألم، فاضطرّ إلى الاعراض عن مواصلة السير، وبات ليلة يتلوّى من الحمى. وحينذاك سمع صوت الرب يقول له: "لِمَ هذا التهالك على خدمة أناس، والرفق بقوم قلّما يجزيك؟ أليس الأجدر بك أن تخدم وتكّرم إلهاً وربّاً يجزيك جزاء لا حد له؟". فسأل فرنسيس: "وماذا ينبغي لي أن أصنع؟" فأجابه الرب: "ارجع إلى أسيزي، وهناك يقال لك ماذا ينبغي لك أن تصنع". طلع الفجر، فقام فرنسيس، وقفل راجعاً إلى أسيزي، حيث عاد وسمع صوتاً يقول له في وسط صمت الليل: "يا فرنسيس، تعال اتبعني!". فتلقّى فرنسيس هذه الدعوة الملّحة برضى لا رجوع عنه، وعزم على أن يتبع الرب، وأن يقف كل شيئ عليه، من غير شرط أو قيد. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
فرنسيس يقّبل الأبرص
تغلب فرنسيس على الشغف بشؤون الدنيا، وراح يرّحب ترحيباً سخياً كاملاً بدعوة الله، فانتعشت حياته بروح جديدة، وجعل يعكف على الصلاة والتأمل، ويتردد إلى العزلة. ولكن، هل كان هذا نوع الحياة الذي وجب عليه أن يتخذه؟ ركب فرنسيس ذات يوم جوداً، وأخذ يتجّول في الحقول خارج أسيزي. فرأى أبرص مسكيناً شنيع المنظر مقبلاً عليه. فسوّلت له نفسه أن يهرب من معركة الخوف هذه، التي كانت من أعظم معارك حياته. لكنه تمهّل، ونطر إلى الشخص الموحي بالاشمئزاز، ونزل عن الجواد، ولم يأنف من معانقة الأبرص وتقبيله. أجل، لقد تمّ النصر لفرنسيس، فشعر بأنه أمسى شخاً جديداً، وبأنّ نوراً جديداً سطع في باطنه، وعاطفة جديدة شرعت تطفح من قلبه. ثم أدرك أنَّ المسيح المتألم هو الذي تراءى له بصورة الأبرص المشوّهة. فعمد من ساعته إلى خدمة البرص، وصار يتردد إلى المستشفيات، ويزور السجناء، ويدافع عن المضطهدين، ويعزّي الحزانى، وهو يرى ويخدم فيهم المسيح المصلوب. وقد ترك فرنسيس في وصيته ما يلي: "عندما كنت أتخّبط في الخطايا، كان يشقّ عليّ أن أشاهد البرص، لكنّ الرب اقتادني إليهم، قانقلب الأمر عذباً على قلبي وجسمي حتى هجرت العالم". إن نعمة الله تجعل المستحيل ممكناً. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
المصلوب يخاطب فرنسيس
انقطع فرنسيس إلى خلوة كنيسة القديس داميانس القديمة، فسمع هناك صوت يسوع، يبعثه على صعود جبل الكمال، وسلوك سبيل الزهد في الذات: "إن رغبت، يا فرنسيس، في أن تعمل بمشيئتي، فينبغي لك أن تزهد في ذاتك زهداً كاملاً، وأنتمقت ما أحببت حتى الآن. فعندئذ تشغف باذلال البشر لك، وباحتقارك لذاتك، وبالفقر، ولن تعود تطيق ما استعذبته حتى الآن. وما كنت تعدّه جبناً وغروراً، سيوليك قوة وفرحاً لا يفي وصف بهما". كان لهذه الكلمات وقع شديد في نفس فرنسيس، حتى إنها إذاقته فرحة الخضوع للمشيئة الربانية، وجعلته يتغلب على ما كان الروح الخبيث يحاول أن يغريه به، بمختلف الوسائل، من التمثيل بالشباب الطائشين، والأغنياء والأشراف. أجل، ها هو فرنسيس يعزم على أن يذعن إلى نداء يسوع، ويعمد، رابط الجأش، إلى صعود سلم الكمال درجة درجة. وإذا بصوت المصلوب يقول له ثانياً: |
||||
27 - 09 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
"قم، يا فرنسيس، رمّم بيتي المتداعي".
لم يظن فرنسيس أن هناك معنى آخر لقول المصلوب، فراح يرمّم بيديه الكنائس والمعابد المتصدّعة.إلا أن العناية الربانية ما لبثت أن أقامت من فرنسيس صياداً للنفوس، بل باعثاً لرسل يجودون بذواتهم، بغية أن يحملوا إلى كل مكان من الأرض رسالة المسيح الرب. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:50 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
الاقتران بالسيدة الفقر
" قم، يا فرنسيس، ورمم بيتي المتداعي". هذا ما سمعه فرنسيس، وإذا بفرنسيس يدرك، في تواضعه، أن الله لا يدعوه إلى بناء كنائس من حجارة فحسب، بل إلى بناء كنيسة النفوس أيضاً، وقد توصّل إلى ذلك بفضل نعمة الله، التي كثيراً ما تستخدم لسان الحوادث. وكان أول تلك الحوادث هجر فرنسيس لوالده. فقد اشمأزّ هذا من رؤية ابنه يعرض عن النيا، ويبيع المنسوجات، فخفّ إلى كنيسة القديس داميانس، وانهال على رئيسها بالتوبيخ الشديد، لقبوله عنده الشاب "مجنون الله". ثم أمر ابنه أمراً قاطعاً بالعودة إلى البيت الوالدي والعناية به. لكن تصميم فرنسيس كان غير ذلك، وقد فهم ما يقصده الرب من القول، بوجوب ترك كل شيئ، حتى الأُسرة، والالتحاق به. والآن، فها هو والده يرجعه إلى البيت، ويسجنه في حجرة، وبالرغم من هذا، بادرت أمه وأطلقت له الحرية، فعاد يرمّم الكنائس. وإذ رأى الوالد أن لا فائدة من التهديد والانذار، رفع الأمر إلى القاضي المدني، لكن فرنسيس احتجّ بأن أمره منوط بالمحكمة الكنسية. وعندئذ جرى هذا المشهد بمرأى من المدينة كلها: فقد مثل فرنسيس بين يدي أسقف أسيزي، ولساعته خلع ثيابه بطيبة نفس، وردّها إلى والده قائلاً: "إلى الآن دعوتك أبي على الأرض، أما فيما بعد فأقول في صواب: "أبانا الذي في السموات!". هذا الفعل الغزير المعنى، لأشبه ما يكون بطقس ديني: إنه يدّل على اقتران الأخ فرنسيس بالسيدة الفقر. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:50 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
فعل يوجه حياة بكمالها
لبعض أفعال الناس آثار باقية خالدة، فهذا كان شأن تعري فرنسيس من كل شيئ، في حضرة مواطنيه، وإعلانه أن ليس له من أب سوى الذي في السموات. فقد خيّل إليه أن كلمة المعلّم تدوّي في أعماق نفسه: "اذهب، فبع كلّ شيئ تملكه، وتعال فاتبعني". فتقديس النفس، والتجرد من كل شيئ، نزولاً عند وصية يسوع للشاب الغني، الذي ورد ذكره في الانجيل، هما سبيل الإنسان الواحد إلى أن يصبح تلميذاً، لذلك الذي كانت عيشته على الأرض عيشة أفقر الناس. أجل، لقد أدرك فرنسيس، أن غرض حياته هو أن يكون فقيراً مع من كان أكبر الفقراء. فلن يكفّ، طول أيام حياته، عن الرفض المطلق لامتلاك أقل شؤون الدنيا، التي من طبعها أن تمتلكنا. كان الأمر صعباً، لكنه لم يكن من غنى عنه، وسط مجتمع كنسي هدّدته هموم العالم بالدمار. وها هو فرنسيس ينادي بالخلاص القائم على أشد الأقوال الانجيلية: "اطلبوا الملكوت وبرّه قبل كل شيئ، تزادوا هذا كله". فالفقر، والزهد في الذات، والتخلي عن كل شيئ، اصبحوا، في عرف فرنسيس، سبل كل قداسة، وجوعاً إلى الملكوت الله ونعمته. فيا لها من مدرسة سامية، افتتحها فرنسيس لجميع الناس، المعرّضين لعبودية الجوع إلى الذهب. إنها مدرسة ثقة بالعناية الربانية،التي تعمل على أن "نزاد كل شيئ". إنها مدرسة اطمئنان وسلام للبشرية، المجرّبة بالطمع والبخل!. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يارب إنقلنا إلي سيرة روحانية واعطنا روحانية |
حياة القديس فرنسيس الأسيزي |
حياة القديس فرنسيس الأسيزى |
القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة |
مريم العذراء في روحانية القديس فرنسيس |