|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أولًا: تاريخ دخول الطوائف (الكاثوليك والبروتستانت) في مصر وهدفها نستطيع أن نقول أن بداية ظهور الطوائف في مصر كانت في العصر الحديث، حيث أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية طوال تاريخها، هي الكنيسة الرئيسية في مصر. فبالرغم من أنه في القرن الخامس الميلادي وبعد عقد مجمع خلقيدونية وانقسام الكنيسة، قامت الإمبراطورية الرومانية بندب بطريرك يُسَمَّى "البطريرك المالكي". كان هذا البطريرك يمثل الإيمان الخلقيدوني، فكان للإسكندرية بطريرك للأقباط الأرثوذكس، وبطريرك آخر مُنتدب من الملك لفرض الإيمان الخلقيدوني بالقوة على الكنيسة القبطية. ولكن هذه الفترة انتهت بتلاشيهم من مصر؛ لأنهم في الحقيقة لم يجدوا رواجًا فيها. ولكن بدأت الطوائف في الظهور مرة أخرى في العصر الحديث كالتالي: دخول الكاثوليك مصر: دخل الكاثوليك مصر رسميًا بمرسوم (أمر رسمي) من محمد علي باشا الكبير(1). حيث قام محمد علي باشا الكبير بندب الكثيرين ومنهم أقباط للسفر إلى فرنسا. وقد انبهر الأقباط الذين سافروا لفرنسا بالحضارة الفرنسية، وبالكاتدرائيات الكاثوليكية، وتم تجنيد أحدهم -وهو رئيس عائلة كبيرة جدًا- فعاد إلى مصر وأخذ إذن بدخول الكاثوليك إلى مصر. وبذلك ظهر الكاثوليك مرة أخرى في مصر في العصر الحديث في عهد محمد على باشا. دخول البروتستانت مصر: كان البروتستانت الموجودين في مصر عبارة عن الأقليات التي جاءت تابعة للسفارات والقنصليات الموجودة في مصر. وفي عام 1850 استطاعت هذه الأقليات استصدار قرار همايوني Hamayouni (فرمان)(2) بأنهم أقلية مسيحية موجودة في مصر ومن حقهم أن يعقدوا اجتماعات في كنائس خاصة بهم (بالطبع غير الكنائس القبطية الأرثوذكسية). وقد زاد عدد البروتستانت جدًا بعد الاحتلال البريطاني لمصر في عام 1882. ففي ظل الوجود الإنجليزي البريطاني في مصر، بدأ ظهور القوافل الكرازية وكان ذلك مع نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20، حيث بدأ البروتستانت يبشرون داخل الكنائس القبطية. إذًا بدأ الوجود الكاثوليكي واقعيًا منذ أيام محمد على ثم تلاه دخول البروتستانت عام 1850 وزاد عام 1882. هدف التواجد الكاثوليكي والبروتستانتي في مصر كان هدف الكاثوليك والبروتستانت هو نشر المسيحية لغير المسيحيين في مصر. ولكن عندما وصلوا مصر اكتشفوا أن القانون المصري يُحرِّم التبشير بالمسيحية لأي إنسان غير مسيحي،فدخول أي إنسان غير مسيحي للمسيحية قد يؤدي إلى حدوث مذابح! فلم يجدوا أمامهم إلا التبشير للأقباط المسيحيين الموجودين في مصر، وكان لدى الكاثوليك مُعْتَقَد لا يُعْلِنون عنه حاليًا؛ وهو أنه لا يوجد خلاص إلا من خلال بابا روما، لأنه لا يوجد راعي واحد على الأرض يمثل المسيح غير بابا روما. لذلك هم يريدون أن يكرزوا بمعتقداتهم حتى يصبح الكل تابعين للمسيح من خلال بابا روما. فبدأ يصبح لكل من الكاثوليك والبروتستانت أسلوب (نشاط وشكل) معين لنشر معتقداتهم مختلف عن الآخر، ولكن الهدف واحد وهو جذب الناس لطائفتهم. الأسلوب الذي اتبعه الكاثوليك لنشر تعاليمهم: الحقيقة أن الكاثوليك جماعة راقية جدًا بكونهم من خلفية الحضارة الأوروبية، وبالطبع المجتمع المصري حتى عام 1800 كان مجتمع متأخر جدًا ومفتقر لوجود الكهرباء أو أي نوع من أنواع التكنولوجيا.. فكان لدى الكاثوليك مبدأ هو أن أي بلد يدخلوها يقوموا بإنشاء ثلاثة أشياء أساسية: 1) مدرسة: ففي مصر على سبيل المثال أنشأوا مدرسة راهبات كاثوليك في المنيا، ومدرسة راهبات كاثوليك في أسيوط، وكثير من مدارس الراهبات المعروفة كالفرير، والجزويت، وسانت كلير، وسان جوزيف وغيرها. كان أول شيء يهتمون بإنشاءه هو "المدرسة" ويرون أن هذا شيئًا ضروريًا جدًا. 2) مستوصف: ويتطور هذا المستوصف بعد ذلك إلى مستشفى مثل المستشفى الإيطالي، والمستشفى اليوناني، والكثير من المستشفيات التي أنشأها الكاثوليك في مصر. بدأت باسم مستوصف ليساعد السيدات الفقراء في عملية الولادة ثم تطورت إلى مستشفى. 3) ملجأ: وقد أنشأ الكاثوليك الكثير من الملاجئ. إذًا الكاثوليك بدأوا الدخول مصر عن طريق: 1) التعليم، 2) العلاج، 3) رعاية الأطفال الصغار. لأنهم يعلمون أن رعاية هؤلاء الأطفال الفقراء ستجعلهم تابعين لهم وخاضعين لهم فيما بعد عندما يكبرون في السن لأنهم سيشعرون أنهم مدينين لمن رعاهم في المأكل والملبس والتعليم وخلافه. وبدأ الكاثوليك تقديم أعمال محبة.. فكانت الممرضات في المستشفيات التي أنشأها الكاثوليك كالمستشفى الإيطالي واليوناني من الراهبات الكاثوليك يعاملن المرضى بحنان بالغ، وكان الصليب يعلو السرير في المستشفى، كذلك في المدارس تجد الصليب يعلو السبورة. وقد تربى كثيرين في مصر في مدارس كاثوليكية. أيضًا يتميز الكاثوليك بعنايتهم الشديدة بالنظافة؛ فهم متأثرين وناقلين للحضارة الأوربية، بينما نستطيع أن نقول أن الشعب المصري كان لا يعطي العناية الكافية للنظافة. فحدث نوع من الانبهار بهؤلاء الكاثوليك الذين يهتمون بتقديم التعليم والرعاية والمعونة للناس والذين يعملون أعمال رحمة. وأصبح الناس يفتخرون بأنهم تربية رهبان أو تربية راهبات.. إذن، الكاثوليك دخلوا بمفهوم الرحمة وأعمال المحبة. الأسلوب الذي اتبعه البروتستانت في نشر تعاليمهم: يتشابه البروتستانت مع الكاثوليك في أنهم أوربيين، يرتدون البدلة، والببيونة، والبُرنيطة.. مِنهم مَنْ جاء من إنجلترا، ومنهم مَنْ جاء من أمريكا.. يتميزون بعنايتهم الشدية بالنظافة والأناقة.. يحملون الإنجيل باستمرار.. وكانوا مجتهدين جدًا حيث تعلموا اللغة العربية باللهجة المصرية في وقت قياسي، لأن هدفهم هو الكرازة. اقتحموا كنائسنا، وبدأوا بمنهج عجيب جدًا، وهو أن واحد أفندي من عندهم يدخل الكنيسة ويقف بجوار أبونا الذي يقول العظة -هذا كان يحدث في القُرى والنجوع وليس في القاهرة- ويقول له: "ممكن حضرتك بعد ما تصلي القداس وتقرا الإنجيل نقول كلمتين"؟ وبدأوا يقولون العظة.. وكانت عِظاتهم مؤثرة جدًا مقارنة بالعظات التي كان يسمعها الشعب القبطي من الكهنة الأقباط. لأن معظم الكهنة في ذلك الوقت كانوا يهتمون بِحِفْظ القداس بالقبطي فقط. لم تكن فكرة التعليم والرعاية واضحة في الكنيسة القبطية كما ينبغي. وكانت معظم المدائح -عدا مدائح التوزيع ومدائح كيهك- كلها كانت بالقبطية، فكان الشعب يستمع إلى ألحان لا يفهمها. بينما البروتستانت كان لديهم ترانيم جميلة باللغة العربية يفهمها الناس ويتأثرون بها. ولم يعتمد البروتستانت في انتشارهم على الملجأ والمدرسة كالكاثوليك -وإن كان لديهم بعض الأنشطة القليلة في هذا المجال- ولكن اعتمدوا على: 1) القدرة على الوعظ والتأثير؛ 2) إبهار الناس بحفظهم آيات كثيرة من الكتاب المقدس؛ 3) الترنيمة المؤثرة التي تُحَرِّك المشاعر. وهكذا بدأت كل من الطائفتين البروتستانت والكاثوليك في الانتشار.. فبدأت مرحلة أخرى سنتكلم عنها الآن. فبعد أن تكلمنا عن تاريخ الطوائف وأهدافها، سنتكلم من الناحية الثانية عن التصادم بين الطوائف والكنيسة القبطية وذلك قبل أن نتكلم عن اللاطائفية. _____ الحواشي والمراجع : (1) محمد علي باشا الكبير (1805-1848) الذي قام ببناء القلعة. (2) كان "الفرمان" يسمى "همايون". |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|