|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرسالة الثانية عشر أنتم تعلمون يا أولادي الأعزاء، أنه منذ أن زال التعدي، لا تستطيع النفس أن تقترب من الله إلا إذا ابتعدت عن الناس وعن كل تشتيت،إذ عندئذ سوف ترى النفس العدو الذي يخاربها، ومتى رأت العدو وهزمته في كل مرة يُدخلها في حرب معه، حينئذ يسكن الله في هذه النفس، عندئذ يطغيها حزن وضجر وأنواع أخرى كثيرة من الهم والثقل، لكن لا تخف، لأنهم لن يقووا عليها إذا سارت في هدوء وسكينة. لذلك توجد الآباء القديسون أيضاً في البرية وحدهم، مثل إيليا التشبيتى ويوحنا المعمدان، فلا تفترض انه بسبب وجود الأبرار وسط الناس أنهم اقتنوا هذا البر وسط الناس، بل بعد أن اقتنوا أولاً الكثير من السكون، نالوا بعد ذلك قوة سكنى الله فيهم، ثم أرسلهم الله وسط الناس، بعد أن اقتنوا مل فضيلة ليعملوا وهم مملؤون من الله ويشفوا الناس من ضعفاتهم، لأنهم كانوا أطباء للنفس وقادرين على شفاء ضعفات الناس، ولهذا الاحتياج اُخرجوا من سكونهم وهدوئهم وأُرسلوا إلى الناس، لكنهم لا يُرسَلوا إلا بعد أن تُشفى أمراضهم هم جميعاً، لأن النفس لا يمكن أن تُرسل وسط الناس لتهذيبهم إن كان بها هي نفسها عيب أو علة، ومن يذهب قبل أن يبلغ الكمال، يذهب متبعاً إرادته الخاصة وليس بحسب إرادة الله، والله يقول مبكتاً هؤلاء: "لَمْ أُرْسِلِ الأَنْبِيَاءَ بَلْ هُمْ جَرَوْا" (أر23: 21) ولذا لا يستطيعون أن يحرسوا أنفسهم ولا أن يهذبوا نفساً أخرى. أما هؤلاء المُرسلون من قبل الله، فلا يريدون أن يخرجوا من سكونهم، إذ يعملون أنه بسكونهم نالوا القوة الإلهية، ولكن لكي لا يخالفوا الخالق، يذهبون من أجل التهذيب الروحي للناس، متمثلين به (أي بخالقهم)، فكما أن الآب أرسل ابنه من السماء ليشفى كل ضعفات وأمراض الناس (كما هو مكتوب: "أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا" (أش 53: 4)،كذلك يتبعون مثال خالق الكل، وهذا حتى يُوجدوا مستحقين للتبني كأبناء لله، زكما الآب والابن، كذلك يجب أن يكون هؤلاء (أى في طاعة الإرسالية) إلى دهر الدهور آمين. أيها الأحباء، لقد عرفتكم بقوة السكون، وكيف تشفى في جميع الأحوال، وكيف أنها مرغوبة من الله، لذلك اكتب إليكم حتى تثقلوا في ما تصنعونه وتعلمون أنه في السكون تقدم ونما جميع القديسين، ولهذا طرحوا بعيداً عتاقة oldness (الإنسان العتيق) هذا العالم، والذي يكتب إليكم هذا قد نال بهذه الوسيلة (السكون) تلك القامة (أي درجة الرؤية الروحية والإعلانات). إن الكثير من الرهبان في الزمان الحاضر لم يستطيعوا أن يثبتوا في السكون لأنهم لم يستطيعوا أن يهزموا إرادتهم ومشيئتهم، لهذا يعيشون وسط الناس على الدوام، لأنهم عاجزون عن أن يخوضوا في معارك، وهكذا يتركون السكون ويظلون في رفقة أقاربهم، ويجدون في ذلك راحتهم كل أيام حياتهم، لذلك لم يُوجدوا مستحقين للحلاوة والتعزية الإلهية، ولم ينالوا سكنى القوى فيهم، إذ عندما تنظر إليهم هذه القوة، تجدهم يستريحون في العالم الحاضر وفي الشهوات التي للنفس والجسد، والنتيجة هي أنها لا تستطيع أن تظللهم بعد، لأن محبة المال أو المجد البشرى الباطل، وكل أمراض النفس والتشتيت تمنع تلك القوة الإلهية من تظليلهم. كونوا أقوياء في ما تعملون. هؤلاء الذين يخرجون من السكون لا يستطيعون أن يهزموا شهواتهم أو أن يحاربوا ضد عدوهم، لأنهم خاضعون لأهوائهم، أمل أنتم فتهزمون شهواتكم وقوة الله كائنة معكم. وداعاً في الروح القدس. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرسالة الرابعة عشر من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الثامنة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة السابعة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الخامسة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الثانية من رسائل القديس أموناس |