|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المكابيين الثاني 9 - تفسير سفر المكابيين الثاني نهاية أنطيوخس أبيفانيوسلم تكن وفاة أنطيوخس الرابع قبل تطهير الهيكل وإنما بعده (1مكا 6: 1-17) حيث مات بعد تطهير الهيكل وتدشينه (10: 9) ولكن تفاصيل هلاكه والتي تحتل هذا الأصحاح بالكامل، تأتى في هذا المكان ضمن سلسلة أعمال يهوذا المكابى ونجاحاته البطولية. أنطيوخس ينفق في نهب هيكل برسابوليس 1 وأتفق في ذلك الزمان أن أنطيوخس عاد من بلاد فارس في حالة يرثى لها. 2 وكان قد زحف على مدينة أسمها برسابوليس، وشرع ينهب هيكلها ويضيق الخناق على المدينة. فثارت الجموع ولجأت إلى السلاح وهزمته، فكان من أنطيوخس أنه تراجع مخجلًا. 3 ولما كان عند أحمتا بلغه ما جرى لنكانور ورجال طيموتاوس. 4 فغضب غضبًا شديدًا وأزمع أن يحيل على اليهود ما ألحقه به الذين هزموه من الشر، فأمر سائق مركبته بأن يجد في السير بغير توقف حتى نهاية السفر. ولكن قضاء السماء كان توقف حتى نهاية السفر. ولكن قضاء السماء كان يرافقه، فإنه قال في كبرياء: "لأجعلن من أورشليم مدفنًا لليهود، عند وصولى إليها" قلنا فيما سبق أن الديون الباهظة التي تركها أنطيوخس الثالث الكبير لابنيه سلوقس الرابع ومن بعده أنطيوخس الرابع، كانت تثقّل كاهل المملكة والتي لم يكن الفائض من موارد البلاد بكافٍ لمواجهة هذا العبء، ومن ثم اتجه الحكام السلوقيين بفكرهم إلى وسائل متعددة للحصول على المال، مثل نهب كنوز مصر في حملة أنطيوخس الرابع الثانية على مصر، ونهب هيكل أورشليم بالتواطأ مع منلاوس رئيس الكهنة، وذلك بعد فشل محاولة هليودورس (أصحاح 3) ثم محاولة بيع اليهود كعبيد، الخطة التي فشلت بهزيمة نكانور (الأصحاح الثامن) إضافة إلى محاولة أنطيوخس الكبير ذاته نهب هيكل النناية "أرطاميس" (1: 11-17). وهنا يحاول أنطيوخس أبيفانيوس من جديد نهب هيكل أرطاميس في بلاد فارس، وذلك خلال حملته على الشرق لقمع بعض حركات التمرد في بعض من نواحي فارس حيث أبى الرعايا هناك إرسال الجزية المقررة عليهم للعرش في أنطاكية، حيث كانت تلك المناطق الواقعة شرقًا تابعة حينئذ للملكة السلوقية. وكان مصطلح بلاد فارس في ذلك الوقت له أكثر من معنى، فالمعنى الضيّق هو المناطق التابعة للفرس في جنوب غرب إيران، وهو إقليم فارس الحديث، والمعنى المتوسط يشمل مناطق ألمايس (عيلام) وميديا المجاورة بكثافتهما السكانية الإيرانية، والمعنى العام كان كامل إقليم إمبراطورية فارس القديمة أو "المملكة البرثية". وأماَ برسابوليس: فهي كلمة تعني حرفيًا: مدينة فارس (بِرِس بوليس = مدينة فارس)، وهي المذكورة تحت اسم ألمايس Elymais أو "عيلام" أو "مدينة العيلاميين" أو "المائيداى" راجع (1مكا 6: 1-16). أحمتا Agbatana: وفي الفارسية القديمة: Agmatana وفي البابلية: Agmadana وفي العيلامية: Hamadan، وهو اسمها الحالي وتكتب أحيانا Ekbatana. وتقع على مسافة 700 كم شمال شرق برسابوليس المذكورة توًا، وتسمى الآن "همدان" (1)وهى المنطقة التي توقّف عندها أنطيوخس في طريق عودته خائبًا من ذلك المعبد بعد أن نجا بالكاد من القتل هناك (1). هناك تقابل مع الرسل الآتين من مملكته يخبرونه بالهزيمة النكراء التي حاقت بنكانور وجيوشه وطيموتاوس كذلك وجيوشه، الأمر الذي زاده ثورة وهياجًا، ليقرر صب جام غضبه على اليهود. والمقصود بجعل أورشليم مدفنًا لهم، هو جعلها مدينة أموات، إذ يعود في (الآية 15) ليذكر كيف أنهم لن يدفنوا بل يصيرون مأكلًا للطيور والوحوش هم وبنوهم، وإن كان التعبير ذاته شائع الاستخدام للدلالة على الهلاك يجدر هنا أيضًا ملاحظة أن كل من هزيمة نكانور، ثم حملة طيموتاوس العموني والتي تمت بعد تطهير جبل الهيكل ثم تطهير الهيكل نفسه وتدشينه كل ذلك سمع به أنطيوخس وهو في الطريق عائدًا إلى أنطاكية عاصمة ملكة. ولذلك فالكتاب هنا يوردها معًا دون التقيد بزمان وقوعها، وذلك في سياق عرض إنجازات يهوذا المكابى. تأديب الرب لأنطيوخس 5 لكن الرب البصير بكل شئ، إله إسرائيل، ضربه ضربة معضلة غير منظورة. فإنه ما إن انتهى من كلامه ذاك حتى أخذه ألم في أحشائه لا دواء له وعذابات أليمة في جوفه، 6 وكان ذلك عين العدل في حقه، لأن عذب أحشاء كثيرين بالآلام المتنوعة الغريبة. 7لكنه لم يكف عن عجرفته، وإنما بقى ممتلئًا من الكبرياء، ينفث نار الغضب على اليهود، ويأمر بالجد في السير، فأتفق أنه سقط من المركبة الجارية بصخب، فأنجرت بتلك السقطة الهائلة جميع أعضاء جسمه وترضضت. 8فأصبح، بعد ما خيل له، بزهوه الذي لم يبلغ إليه إنسان، أنه يحكم على أمواج البحر ويجعل قمم الجبال في كفة الميزان، أصبح مصروعًا على الأرض، محمولًا في محفة، ليكون شهادة للجميع بقدرة الله الجلية، 9 حتى كانت الديدان تنبع من جسد ذلك الكافر، ولحمه يتساقط، وهو حي، بالآلام والأوجاع، وصار الجيش كله يَتَكَرَّهُ نَتنَ رائحته. 10 فبعد ما كان، قبيل ذلك، يخيل له أنه يمس كواكب السماء، لم يكن أحد يستطيع حمله لشدة رائحته التي لا تطاق. يُقصد بالضربة غير المنظورة هنا، تلك الأمراض التي لم تكن معروفة، سواء من حيث التشخيص أو العلاج وما أكثرها سواء في أيامهم، فما تزال هناك أمراض لا دواء لها رغم التقدم العلمى الهائل، حتى ليقال أنه سيظل دائمًا من الأمراض في كل عصر ما لا يمكن شفاؤه، وما أقسى الموت عندما يأتي بطيئًا !! وقد نظر الأقدمون إلى مثل تلك الأمراض باعتبارها قصاصًا من الله رأسًا، يأتي نتيجة أخطاء شنيعة ارتكبها المريض، والتاريخ مليء بأمثال تلك القصص المحزنة، ومن جهة أخرى فقد مات جميع الذين اضطهدوا أولاد الله ميتات غير تقليدية، وفي القرن الرابع كتب أحد المؤرخين كتابًا أسماه نهاية المضطدين، يتناول فيه ظروف موت كل من أولئك الأشخاص الذين تفننوا في إيلام الشهداء. غير أن تلك الآلام المفاجئة لم تردع أنطيوخس ربما لاعتباره أنها مجرد آلام عابرة (مجرد مغص قوى فحسب) ولكن الله لكي يؤكد له أن الأمر صادر منه وأنه لن ينجو من العقاب، فقد أسفرت الاهتزازات الشديدة للمركبة التي يستقلها والتي أمر قائدها بالإسراع بكل قوته وكأنه متعطَش وجائع لهلاك اليهود ودماءهم إلى سقوطه من المركبة، فتهشّمت أضلاعه نتيجة ارتطامه بالقوة في الأرض. ويورد بوليبيوس المؤرخ تقارير البعض والتي تفيد بأن أنطيوخس قد توفى فاقد الصواب "تملكته الشياطين" وقد استشهد القديس جيروم بتقارير بوليبيوس هذه وذلك في تفسيره (دانيال 11: 36) فيقول أن أنطيوخس فقد صوابه بعد هلوسة مخيفة ثم توفى بمرض ما.. وأما أبيون Appion فيقول عن نهاية أنطيوخس أنه سلب المعبد ثم مات متأثرًا بداء السلّ.. (1) ويمكننا من خلال ما ورد في (1مكا 6: 8-16) وما ورد هنا ثم ما ورد في مدخل هذا السفر، استنتاج أن أنطيوخس قد مات بما يعرف الآن بالمرض النفس جسمى "سيكو سوماتيك" وكان تطور معاناته الجسدية والنفسية مؤلمًا للغاية، ولعل اليهود قد رأوا في موته على ذلك النحو تحقيقًا للنبوات في (إشعياء 14 ويوئيل 2: 20 وزكريا 14: 12 ودانيال 11: 44، 45). ونقرأ في سفر أخبار الأيام الثاني كيف لاقى يهورام ملك يهوذا وهو الذي أضل أورشليم. مصيرًا مماثلًا حيث مرض بمرض ليس له شفاء (أخبار الأيام الثاني 21: 18). وفي وصف يوسيفوس لموت هيرودس الكبير ما يشبه الكيفية التي قضى بها أنطيوخس، فقد عانى آلامًا مبرحة في أحشائه ونوبات من التشنج المؤلم والغنغرينا والرائحة الكريهة التي لم يفلح معها علاج، حيث رأى اليهود في ذلك عقابًا على ما فعله هيرودس بالغير. كان أنطيوخس قد تشامخ في قلبه، فلقد اعتبر نفسه إلهًا كما أشرنا سلفًا إذ ظن أنه إحدى ظهورات أو تجسد الإله زيوس على الأرض ولذلك فقد أطلق على نفسه ألقاب أنطيوخس أبيفانيوس زيوس أي "أنطيوخس الإله الظاهر" والصفات المذكورة هنا والتي ينسبها لذاته هي صفات تخصّ الله وحده عظم شأنه وبالتالي فقد صارت هذه الصفات ذاتها ديّانة له فالكرامة تهين من هو غير أهل لها، لقد نسب مجد الله إلى نفسه فغار الله على مجده. ففي سفر أشعياء يرد عن الله: "من كال بكفة الماء وقاس السموات بالشبر وكال بالكيل تراب الأرض ووزن الجبال بالقبّان والآكام بالميزان" (40: 12) ويقول داود النبي: "المهديء عجيج البحار عجيج أمواجها و ضجيج الأمم و تخاف سكان الأقاصى من آياتك تجعل مطالع الصباح و المساء تبتهج" (مزمور 65: 7، 8) راجع أيضًا (أيوب 38: 8-11 و إشعياء 51: 15). وكثيرًا ما يقع الحكام والملوك والرؤساء في مثل السقطة الخطيرة، حين يستبقون مجد الله لأنفسهم، فكل عطية وكل موهبة هي من عند الله ويجب ألاَ يفتخر أحد بأنها ليست من الله "لماذا تفتختر كأنك لم تأخذ؟" (كورنثوس الأولى 4: 7). لقد تشامخ هيردرس في قلبه حين تملقّه الشعب فضربه الرب: " ففي يوم معيّن لبس هيردرس الحلة الملوكية وجلس على كرسي المُلك وجعل يخاطبهم، فصرخ الشعب: هذا صوت إله لا صوت إنسان، ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعطِ المجد لله فصار يأكله الدود ومات" (أعمال 12: 22، 23) من هنا يجب على الإنسان عندما يمتدحه الآخرون أو يثنون عليه أن يعطى المجد لله على الفور، فالشكر والمديح مرسل في الواقع إلى الله مرورًا بهذا الشخص.! وكثيرًا ما يتحوّل الخدام إلى آلهة صغيرة أو أنصاف آلهة.. يسرقون مجد الله، ويحبون تمجيد الناس لهم ويدافعون عن كرامتهم بكل ما ُاوتوا من قوة.. إن كل مجد وكرامة تليق بالثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس. هكذا عاقب الله أنطيوخس وأثقلَ عليه الضربة حتى يفيق من غفلته ويرجع عن كبريائه وخيلائه "ُاهبط إلى الهاوية فخرك رنّة أعوادك. تحتك تُفرش الرمّة وغطاؤك الدود. كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم" (إشعياء 14: 11، 12) ويقول الله في سفر يهوديت "الويل للأمم التي تقوم على نسلى فالرب القدير ينتقم منهم في يوم الدينونة يجعل النار والدود في لحومهم فيبكون ألمًا للأبد" (يهوديت 17:16). وهكذا تمت في أنطيوخس نبوءة الفتى الشهيد المكابى الخامس".. أصبر قليلًا فترى قدرته العظيمة كيف يعذبك أنت ونسلك" (2 مكا 7: 17). وعن العقاب بالدود فهناك الكثير من المواضع في الكتاب المقدس والتي أشير فيها إلى ذلك، فالأشرار الذين يناصبون الله العداء، بل وفي التاريخ اليوناني أيضًا ذكر لكثير من الملوك المتغطرسين والذين خرج الدود منهم وهم بعد أحياء إلى جوار التعفن والروائح الكريهة. ويمكن اعتبار نبوءة دانيال (8: 25) وتنبؤات الشهداء المكابيين (7: 17، 19، 31، 35، 36) قد تحققت هنا بعقاب الملك الذي أسرف في تعذيبهم. انطيوخس يندم ويتعهد برد الأعتبار لليهود 11 وعندئذ، بعدما تحطم جسمه، أخذ ينزل عن غلواء كبريائه، ويدرك الحقيقة، إذ كانت الأوجاع تتنازعه في كل حين تحت وطأ الجلد الإلهي، 12 حتى إنه أمسى هو نفسه لا يطيق نتنه، فقال: "حق على الإنسان أن يخضع لله وأن لا يحسب نفسه، وهو فان، معادلًا لله". 13 وكان ذلك القذر يتضرع إلى السيد، لكن الرب لم يكن ليرحمه من بعد: 14وعد بأن يجعل المدينة المقدسة، التي كان يسرع في الذهاب إليها ليمحو آثارها ويجعلها مدفنًا، مدينة حرة، 15وأن يجعل اليهود الذين كان قد قضى عليهم بأن لا يدفنوا، بل يلقوا مع أطفالهم مأكلًا للطيور والوحوش، مساوين جميعًا للأثينيين، 16 وأن يزين بأفخر التحف ذلك الهيكل المقدس الذي كان قد نهبه، وأن يرد جميع الآنية المقدسة أضعافًا، ويؤدى النفقات المفروضة للذبائح من دخله الخاص، 17 ووعد فوق ذلك أن يصبح هو نفسه يهوديًا ويطوف كل معمور في الأرض ينادى بقدرة الله. عند هذا الحد من الآلام المبرّحة ثاب أنطيوخس إلى رشده واتضعت نفسه فأقرّ بضعفه قدام الله كعبد مخلوق وفان، فكيف يجعل نفسه مساويًا لله في حين أنه لا يستطيع شفاء نفسه، إلاّ أن اعترافه بالله وسيادته مقابل ضعف الإنسان ومسكنته قد جاء متأخرًا جدا، إنه يذكرنا بعيسو الذي طلب التوبة بدموع ولم يجدها "حق على الإنسان أن يخضع لله وأن لا يحسب نفسه وهو فان معادلًا لله" (آية 12). ولقد كان ذلك بمثابة قصاص عادل من الله نتيجة تطاول أنطيوخس على الله وعلى أورشليم والهيكل واليهود، والذين قد وضع في قلبه ما يصل إلى حد إبادة جنس اليهود كله. وربما لو رجع صحيحًا لعاد إلى سابق وعيده وعجرفته، ولذلك فإن توبة البعض قد لا تقبل وهم على فراش الموت، إذ قد لا تكون من قلب صادق نقى بل بسبب العجز العارض فقط، فبعض الذين تجاوزوا محنتهم عادوا إلى قديم سلوكهم بعد أن كانوا قد أفرطوا في الوعود، مثلما يعرض أنطيوخس في هذه الآيات، من حيث جعل اليهود متساوون مع الرعايا الأثينيين في الحقوق والحريات، وأن يكرم الهيكل ويعظمه ويحذو حذو أنطيوخس الكبير أبيه، وبطليموس الملك المصري من حيث القيام بنفقات الذبائح فيه (2مكا 1: 2، 3) وأن ينعم عليه بالتحف والهدايا، ذلك بالطبع مقابل وعيده السابق بتحطيمه. وفى وعده بجعل أورشليم حرة (آية 14) يقصد اعفاءها من الجزية، ومنحها حرية الإدارة الذاتية، وأما عن مساواة اليهود بالأثينيين، فإن أثينا كانت تقع خارج الإمبراطورية السلوقية، ولكن يبدو أن مواطنيها كانوا يتمتعون بمزايا كثيرة حال مجيئهم إلى أنطيوخس، وذلك عرفانا منه بالجميل حيث مكث هناك بضعة أشهر عقب الإفراج عنه كرهينة في روما وقبل اعتلائه العرش، وقد أكرمه أهلها وربما شرّفوه بمنحه حق المواطنة، هكذا كانت معاملة أي شخص كأثينى تعتبرميزة في ذلك الوقت. وأما عن دفن المعاقبين من اليهود، فقد كان الدفن في بلد المنشأ حقًا شرعيًا، يستثنى منه عتاة المجرمين والمحرومين من الحقوق الشرعية، ويأتي هذا الامتياز عقب التهديد بجعل كل أورشليم مدفنًا لليهود (آية 4، 15) أي "مقبرة جماعية". بل أنه يتعهد بأن يتهوّد هو شخصيًا ويتحول إلى مبشّر باليهودية. ولا شك أن كل ذلك يأتي كردّ فعل لشعوره بأن ذلك الذي ألمَ به، لم يأت إلاّ كنتيجة لمعاداته اليهود واضطهاده لهم، لاسيما في إطار الضغط العقيدي. خطابه إلى اليهود 18 لكن آلامه لم تسكن، لأن قضاء الله البار كان قد حلّ عليه، فيئس وكتب إلى اليهود رسالة بلهجة التوسل، وهذه صورتها: 19 "من أنطيوخس الملك القائد، إلى الرعايا اليهود الأكارم، السلام والعافية والسعادة في كل شئ. 20 إذا كنتم في سلامة وكان أولادكم وكل شيء لكم على ما تحبون، فإني أشكر الله شكرًا جزيلًا. 21 أما أنا فإني طريح الفراش عديم القوة، وأحفظ ذكرًا طيبًا لإكرامكم وولائكم. في عودتى من بلاد فارس، أصابنى داء وخيم، فرأيت من الواجب أن أصرف العناية إلى سلامة الجميع، 22 لا لأني يئست من حالتي، فإن لي رجاء وثيقًا أن أتخلص من عتى، 23 بل أذكر أن أبى، حين قام بحملة على الأقاليم العليا، عين ولى عهده، 24 مخافة أن يقع أمر غير منتظر أو يذيع خبر مشؤوم، فيضطرب أهل البلاد لجهلهم لمن تركت إدارة الأمور. 25 وقد تبين لي أن من حولنا من ذوى السلطان ومجاورى المملكة يترضدون الفرص ويتوقعون حادثًا يحدث، فلذلك أقمت للمُلك أبنى أبنى أنطيوخس الذي سلمته غير مرة إلى إلى كثيرين منكم وأوصيتهم به، عندما كنت أصعد على عجل إلى الأقاليم العليا. وقد كتبت إليه الرسالة الواردة أدناه. 26 فأناشدكم وأرغب إليكم أن تذكروا ما أوليتكم من النعم العامة والخاصة، وأن يبقى كل منكم على ما كان عليه من الولاء لي ولأبنى. 27 وإنى لواثق بأنه سيواصل سياستى برفق وإنسانية ويكون على اتفاق معكم". يعلن أنطيوخس هنا المنهج الذي سيتخذه بشأن علاقته باليهود، وهو بالطبع مُغاير لسلوكه تجاههم منذ توليه الحكم ولا سيّما في السنوات القليلة الأخيرة، وهو يتذكر أمانة اليهود للإسكندر وخلفاؤه، والخدمات التي قدموها للملكة من حيث تحالفهم مع السلوقيين واشتراكهم معهم في الحروب ضد أعدائهم، ثم استمرارهم في حمل الجزية سنويًا إلى خزينة المملكة، ولذلك فإن أنطيوخس يحفظ لهم ذكرًا طيبًا لإكرامهم وولائهم (آية 21) ويعد بتصحيح الأمور ووضعها في نصابها، متى تجاوز هذه الأزمة الصحية التي ألمّت به. وكان واثقًا من حدوث ذلك .!! وقد حذا حذو أبيه أنطيوخس الكبير حين أوصى بالعرش لابنه سلوقس الرابع (شقيق أنطيوخس هذا) تحسّبًا لما قد يحدث في حالة وفاته بشكل مفاجئ، أو حتى مجرد إشاعة ذلك في البلاد، وقد مات بالفعل بشكل مفاجئ سنة 178 ق.م. نظام تعيين الوريث: استخدمت كلمة ملك Basilius لتعنى ملكًا كامل الاختصاصات، وكلمة Coregent وتعني وريث، وتتحدد اختصاصات الأخير بحسب منطوق الملك في حفل التعيين، سواء من جهة الأقاليم التي يحكمها أو الشارات الملكية التي يرتديها أو عمله كوريث للعرش بصفة مؤقتة، وكان ذلك يتم في احتفال كبير، حيث يظهر الشخص على منضدة عالية أمام الجميع، وفي حالة أنطيوخس هنا وحيث لم يكن ابنه معه أو قريبًا منه فقد أعلن تعيينه أمام جيوشه التي معه، ويما أنه لم تحدد الاختصاصات فقد كان ذلك يعنى تعيينه ملكًا Basilins بكامل الصلاحيات. ويذكرهم أنطيوخس (في الآية 26) بالنعم والخيرات التي منحهم إياها لكي يكونوا أوفياء له من خلال مساندة ابنه الصغير. ذلك أنه بعد إبرام معاهدة السلام بينه وبين الرومان سنة 188 ق.م. قام بحملة على الأقاليم التي ادّعى تبعيتها له في إيران، حيث ُقتل هناك في يوم 3 يوليو سنة 187 ق.م. عند محاولته سلب الهيكل هناك، وكان قد عين ابنه سلوقس خلفًا ووريثًا له. ونقرأ أنه بعد وفاة الإسكندر الأكبر نشبت حروب كثيرة بين اتباعه بسبب الصراع على السلطة، وقد عانى الرعايا الكثير بسبب ذلك، ومن ثم فقد خشى أنطيوخس أبيفانيوس من نشوب حروب داخلية بسبب الخلافة على العرش، وكان أنطيوخس ذاته قد اغتصب العرش ُمستبعدًا أنطيوخس الصغير ابن شقيقه، في حين كان الأخ الأكبر لأنطيوخس الصغير هذا وهو ديمتريوس الأول ما يزال رهينة في روما. ومن هنا خشى أن تتحرك عائلتهم للحصول على العرش لديمتريوس. كما خشى من أن يتحرك البطالمة في مصر لاسترداد أملاكهم التي خسروها في سوريا وفلسطين، منتقمين من أنطيوخس بسبب عدوانه على مصر وتدخله في شئونها. وكان أنطيوخس أبيفانيوس قد عهد بابنه أنطيوخس الخامس أوباطور إلى ليسياس صديقه (1مكا 3: 32) للاهتمام به وإعداده للمُلك، وذلك في الأوقات التي كان يقوم فيها بحملات طويلة سواء في مصر أو بلاد الشرق. ولكن عند احتضاره هنا عين "فيلبس" نائبًا للملك ووصيًا في ذات الوقت على ابنه، بينما وجه رسالة إلى ابنه، على الأرجح أنها قرار توريثه العرش (آية25). من المتوقع أن يكون فيلبس هو الذي حمل الرسالة غربًا، ولكنه ما أن اقترب من أنطاكية حتى كان ليسياس قد أعلن الصبى وريثًا للعرش فاستولى على كافة الأمور (1مكا 6: 17 و 2مكا 10: 11) وإذ لم يتمكن من دخول أنطاكية فرّ فيلبس إلى مصر (آية 29). ثم يشير أنطيوخس إلى ما كان هو عليه في السابق من الخير والمودة لرعيته، ويسألهم مواصلة الولاء له من خلال تعاونهم مع ابنه والذي يطمأنهم بأنه سوف يمضى في نفس سياسته.!! وقد اتبع أنطيوخس هنا صيغة متواضعة ليست مألوفة لدى الحكام السلوقيون، إلاّ في حالات الانتخابات والتي كان يستعطف فيها المرشح عامة الشعب، ويعد أنطيوخس اليهود هنا بالعديد من المزايا ناسيًا آلامه متغلبا على يأسه، فهل ُتحسب مثل هذه دعاية انتخابية يقوم بها أنطيوخس أبيفانيوس لصالح ابنه؟! سواء أكان خطابه موجها إلى يهود أورشليم أو اليهود الأنطاكيين (اليهود المتأغرقين والذين صار لهم بموجب ذلك حقوق المواطنة الأنطاكية) ؟ (1). هذا ومن المحتمل أن تكون رسالة أنطيوخس هذه ليست موجهة إلى اليهود فحسب، وإنما لجميع المدن الخاضعة للملكة، ففي بعض الوثائق الأخرى استبدلت كلمة "اليهود" ب "السوريين أو الفينيقيين" وبينما كان يأمل أن يكون ابنه على وفاق مع اليهود مداويًا الجرح الذي أحدثه هو باساءاته إليهم، خاب ظنه وفشل أنطيوخس الخامس في ذلك، كما سيجيئ. أنطيوخس يقضى نحبه 28 وهكذا فإن هذا السفاح المجدف الذي عانى آلامًا مبرحة شبيهة بالتى أنزلها بالآخرين قضى نَحبَه ومات أشقى ميتة على الجبال في أرض الغربة. 29فنقل جثته فيلبس، رفيق طفولته، ولكنه خاف من ابن أنطيوخس، فانتقل إلى مصر إلى بطليمس فيلوميتور. في ربيع 163 ق.م. عندما خرج أبيفانيوس قاصدا أرض مادي، سلك الطريق الجنوبي بمحاذاة شوشان- أصفهان، وهناك بالقرب من أصفهان، كانت قلعة جبّي (1مكا 6:9) ومن ثم سلك طريق عيلام الجبلية. وعيلام هي برسابوليس ولكن برسابوليس هي صفة يونانية لمدينة فارس الشهيرة وهي تبعد 400 كيلومتر جنوب أصفهان، وكانت نهاية أبيفانيوس في هذه الرحلة، إذ أنه بسبب شهوته الجامحة أن يسرق هيكل عيلام الشهير(النناية - هيكل أرطاميس) وبسبب مرضه المفاجىء حاول الرجوع عن طريق أحمتا، ويقول المؤرخون أنه مات في قلعة "جبّي". ومما يؤكد هذا أن أبيفانيوس أراد أن يرجع عن طريق بابل (1مكا 4:6) جنوب سوريا، وهذا الطريق ليس في أحمتا، لذا كان يجب عليه أن يذهب في طريق دائري حول الجبال والمياه في فصل الشتاء. ويطابق هذا ما ورد في (1مكا1:6-16 و 2مكا 1: 12-16). مات أنطيوخس عند قرية تاب (طاباى) أو الزابى (جاباى) بالقرب من أكبتانا (أحمتا) وتقع بين أحمتا و برسابوليس، ولم تشفع فيه هذه الرسالة وهذه الوعود والتي جاءت بلا شك متأخرة جدًا، وبدافع الضغط الشديد للمرض على كل من جسده ونفسه، والذي جاء كعقوبة له لقاء ما فعله بيهود أورشليم عامة وبالشهداء المكابيين على وجه الخصوص(1). وأما جثته فقد نقلها "فيلبس" زميل دراسته وصديقه الحميم وأحد خواصه والذي تربّى معه(2)، حيث يذكر في (1مكا 6: 14) أن أنطيوخس هذا أرسل فاستدعى فيلبس ثم سلّمه التاج والشارات الملكية والخاتم الملكى ليصبح نائبًا للمك ووصيًا على أنطيوخس الصغير وأن يعدّه للمُلك، فقام فيلبس باصطحاب الجيش إلى أنطاكية، ومن المرجّح أنه اتجه لفوره إلى مصر بصحبة جثمان أنطيوخس ليدفن هناك، ربما بناءا على طلب كليوباترا بسبب صلة القرابة، فكما أشرنا سابقًا فإن أنطيوخس الثالث كان قد وهب ابنته كليوباترا زوجة لبطليموس أملًا في أن يصبح ولي العرش ابنها مواليًا للسلوقيين، وبالتالي فإن كليوباترا الثانية ابنة الأولى المشار إليها تعتبر ابنة اخت أنطيوخس أبيفانيوس. هناك أيضًا في مصر جرت المشاورات ما بين فيلبس وبطليموس بخصوص ترتيب شئون المملكة بعد موت الملك(1). ولكن ليسياس والذي كان قد ُولّى في وقت سابق أمر الملك الصغير، سمع بما حدث في أنطاكية حين كان يحاصر اليهود بعد أن هزمهم في معركة بيت زكريا (1مكا 6: 55-63) ومن ثم رفع الحصار واتجه لفوره إلى أنطاكية حيث استرد العرش من فيلبس، والذي ُقتل لاحقًا بعد القبض عليه بأمر الملك الصغير. وكان موت أنطيوخس أبيفانيوس في سبتمبر / أكتوبر (أيلول / تشرين أول) لعام 164 ق.م. هذا وقد عمت الصراعات - إن لم يكن الحروب - بين أتباع فيلبس وأتباع ليسياس، خلال الفترة ما بين وفاة أنطيوخس أبيفانيوس في أواخر عام 164 ق.م. ووصول فيلبس إلى مصر في مارس 163 ق.م. ولعل ذلك يفسر لنا بسهولة كيف استطاع يهوذا المكابى ورجاله تحقيق المزيد من الانتصارات في تلك الحقبة، بينما كانت أنطاكية مشغولة في تلك الصراعات (1مكا 5 و 2مكا 10: 14-38 و 12: 2 - 37). وعلى مرضه وعذابه وموته يعلق الأب أفراهات السرياني قائلًا: لأن دانيال قال "كنت متأملًا في القرون (التي على رأس الوحش) والقرون العشرة من هذه المملكة هي عشرة ملوك (دانيال 7: 8، 24) الذين قاموا في ذلك الوقت حتى أنطيوخس. وقد قال دانيال "وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقُلعت ثلاث من القرون الأولى من قدامه" (دانيال 7: 8) لأنه عندما قام أنطيوخس في المملكة (أي تملّك) أذلّ ثلاثة ملوك، ورفع نفسه ضد قديس العلي وضد أورشليم، ودنّس المقدس، متسببًا بذلك في توقف الذبيحة والتقدمات لمدة أسبوع ونصف الأسبوع أي لمدة عشر سنوات ونصف، وجلب الزاني في بيت الرب، وتسبب في أن يتعطل العمل بالشريعة، وذبح رجالًا مستقيمين صديقين واسلمهم لطيور السماء ولوحوش الأرض لأن في أيامه كمل قول داود النبي "اللهم إن الأمم قد دخلوا ميراثك نجسوا هيكل قدسك جعلوا أورشليم أكوامًا. دفعوا جثث عبيدك طعامًا لطيور السماء. لحم أتقيائك لوحوش الأرض. سفكوا دمهم كالماء حول أورشليم وليس من يدفن" (مزمور 79: 1-3) لأن هذا قد تم في ذلك الوقت عندما ذُبح الشيخ الوقور ألعازار، وأبناء سامونا المباركة (أم المكابيين الشهداء) وعددهم سبعة. وعندما كان يهوذا المكابى واخوته يكافحون نيابة عن شعبهم. عندما كانوا يسكنون المخابئ. في ذلك الوقت "القرن حارب القديسين" (دانيال 7: 25) وقوتهم سادت وأنطيوخس الشرير" يتكلم بكلام ضد العلى ُويبلى قديس العلى ويظن أنه يغيّر الأوقات والسنة" (دانيال 7: 25) وأبطل عهد إبراهيم وألغى سبت الراحة، إنه أمر اليهود بألاّ يختتنوا، لذا قال النبي بخصوصه ويظن أنه يغير الأوقات والسنة ويُسلمون ليده إلى زمان وأزمنة ونصف زمان (7: 25) الآن الزمان ونصف الزمان هو أسبوع ونصف، أي عشرة سنوات ونصف، وقال أيضًا: " فيجلس الدين و ينزعون عنه سلطانه ليفنوا و يبيدوا إلى المنتهى" (دانيال 7: 26) لأن القضاء وقع على أنطيوخس قضاء من السماء وأصبح مريضًا بمرض شديد وشرير، وبسبب رائحته لأن تعفّن، لم يمكن لإنسان أن يقترب منه، لأن الديدان كانت تزحف وتسقط منه وتأكل لحمه لأنه اضطهد دودة يعقوب (إشعياء 41:41) وتعفّن لحمه في حياته، لأنه جعل أجسام بنى أورشليم الميتة تعفّن دون دفن، وأصبح دنسًا في عيني نفسه، لأنه دنس مقدس الله. وصلى ولم يُستجب له، لأنه لم يُصغ إلى تأوهات المستقيمين الذين ذبحهم، وكتب رسالة وأرسلها لليهود ودعاهم "أصدقائى" لكن الله لم يرحمه، بل مات في عذابه. (1) (1) يوجد من يعتقد مثل: (Kugler, p. 389) أن الكلمة كانت أصفهان Aspadana بدلا من أحمتا Agbatana ، لاحظ التشابه الشديد. (1) ويقول المؤرخ بوليبيوس Polybiaus أن أنطيوخس قد أخفق في مشروعه لأن البربر الذين قطنوا المنطقة المحيطة بالموضع المقدس رفضوا الاستسلام. (1) وفي تاريخ يوسابيوس، في نسخة أرمنية (صفحة 119 طبعة كارست 1911 - من حاشية موتزو Motzo) يرد: " ولما كان أنطيوخس أبيفانس حيٌ، ملك ابنه أوباطور الذي كان عمره حوالي 12 سنة، وكان يُكنى باسم أوباطور، وكان قد ملك لمدة سنة وستة شهور عندما كان أبوه مازال على قيد الحياة). (1) فيما يتعلق برسالة أبيفانيوس المريض، والتي ينقصها التاريخ في مقدمتها يقول: (Bevan,House of Selucus , II 177,299): أن هذه الرسالة كانت لليهود المتأغرقين الذين ُيعتبرون في نظره مواطنين ورعايا، وقد وجه هذا الكلام إليهم لأنهم الوحيدين الذين يعتقد أنهم رعايا دولته الرسميين، وهو يحاول هنا أن يخبرهم بمرضه أثناء سفره لفارس ويتمنى أن يطيب، لذا يطلب منهم مساعدته في توريث ابنه العرش، وهو يسلك هنا تماما كأبيه، إذ لما قصد أبيه الأماكن العليا في مملكته أعلن عمن سيخلفه على العرش. كما يحاول أبيفانيوس هنا استمالة بقية اليهود بوعده ونذره الذي اتخذه كوسيلة للتقرب إليهم. (1) أشقى ميتة (آية 28): تترجم أيضا: "ميتة شقاء" أو بموت رهيب، وجاءت في اليونانية (Morw = مصير سيء). (2) الذي تربى معه: جاءت في اليونانية (o suntrofoV autou) وهي صفة تطلق على حبيب الملك وصديقه المقرب من صغره، وقد أورد (Corradi 269 sqq) بحثا في هذا اللقب. وهو يطابق (1مكا 12: 8). (1) لم يكن هرب فيلبس خوفا من وجه ابن أنطيوخس نفسه، بل من أمام ليسياس (والذي يمثل آنئذ فترة حكم الملك الصغير) حيث أخذ في تدبير المملكة والشعب ورأى أنه لم ينل حظوة أمامه، ونرى من (1مكا 6) أن فيلبس عاد مع جيش الملك أنطيوخس من فارس واحتل أنطاكية، لكن ليسياس هزمه بعد ذلك وملّك أوباطور ابن أنطيوخس، وحينئذ هرب فيلبس لمصر، كما ذكر الخبر بالاختصار في يوسيفوس في (الآثار اليهودية كتاب 12: 7:9) إذ يقول: (أنه قُبِضَ عليه ومات) ربما قبض عليه بعد هروبه لمصر أو وهو في الطريق. (1) NPNF, S2, Vol. X111, P. 359. الشروحات / الشرح الخامس عن الحروب التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 01 - 04 - 2014 الساعة 02:57 PM |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|