|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بعض الدارسين أن القديس مرقس يعرض معجزة إشباع الجموع بطريقة تقترب من العشاء الأخير أو سرّ الإفخارستيا، وكأن السيد المسيح خلال هذه الوليمة المسيحانية يسحب قلوب تلاميذه لا إلى شبع جسدي، ولكن إلى وليمته الفصحية، لينعموا بجسده ودمه الأقدسين كسرّ حياة أبدية وثبوت فيه، وبالتالي ينعموا بالوليمة السماوية الأبدية كتمتع بشركة المجد الأبدي. إشباع الجموع لم يكن مجرد معجزة بين آلاف المعجزات التي صنعها ربنا يسوع، ولم يكن غايتها مجرد الإعلان عن حبه وحنانه نحو الجماهير الجائعة، لكن كان له مدلول خاص بها، وهو أن الحاّل في وسطهم هو المسيا المنتظر الذي أعلن عنه الناموس والأنبياء كواهب الشبع. ففي القديم قيل عن العصر المسياني خلال الرمز والنبوة: "أمطر عليهم منًا، وبرّ السماء أعطاهم، أكل الإنسان خبز الملائكة، أرسل عليهم زادًا للشبع" (مز 78: 24-25). كما قال المرتل عن مسيح الرب: "طعامها أبارك بركة، مساكينها أشبع خبزًا" (مز 132: 15). وكانت مائدة خبز الوجوه الذهبية أساسية في خيمة الاجتماع رمز المسيا مشبع النفوس المقدسة. وفي سفر الملوك الثاني (2 مل 4: 42-44) إذ جاء رجل من بعل شليشة بخبز باكورة عشرين رغيفًا من شعير وسويقًا في جرابه لرجل الله أليشع النبي، أصدر الله أمره بتقديم هذا الزائد لمئة رجل ليأكلوا ويفيض عنهم. هذه الأمور جميعًا كانت أشبه بالإصبع الذي يشير نحو المسيا المشبع للنفس والجسد معًا. لكن ما يفعله المسيا هنا يفوق الرمز والظل ليؤكد أنه صاحب المائدة المسيانية الفريدة التي اشتهاها الآباء والأنبياء، والتي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها. وما يقدمه السيد هنا علانية أمام الجماهير إنما ليسحب خاصته للمائدة الإفخارستية، فينعموا بجسده ودمه المبذولين حياة أبدية لمن يتناول منه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|