![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() عندئذٍ دعا طوبيت ابنه وقال له: "يا بنّي احسب أجر الرجل الذي مضى معك، ويجب أن تزيد عليه [1]. أجابه: "يا أبي لا يسيئني أن أعطيه نصف ما قد حصلت عليه [2]. فإنه أحضرني إليك سالمًا، وشفى زوجتي، وأحضر لي الفضة، وأيضًا شفاك" [3]. أجاب الشيخ: "إنه يستحق هذا" [4]. فدعا الملاك وقال له: "خذ نصف من كل ما أحضرته" [5]. عندئذ دعا الاثنين سًّرا، وقال لهما: باركا الله، قدما له التشكُّرات. قدما له التبجيل واحمداه أمام كل الأحياء من أجل أعماله معكما. صالح أن تباركا الله وتُمَجِّدا اسمه، وتعلنا أخبار أعمال الله العظيمة وأن لا تترددا في تقديم التشكُّرات له [6]. من الخير أن تكتما سرّ الملك، أما أعمال الله فمن المجد أن تُعلَن. اعملا الخير، فلا يحلّ بكما شر [7]. ما هو سرّ الملك وما هي أعمال الله [7]؟ سرّ الملك هو العلاقة الشخصية السرية بين المؤمن ومسيحه (ملكه) والتي لا يليق بنا كشفها أمام الآخرين. غالبًا ما يتطلَّع الإنسان إلى نفسه في وقت الضيق فيظن كأنه في قفرٍ بلا ساكنٍ، عقيم بلا ثمرٍ، أما الرب العريس السماوي فيرى في عروسه عكس هذا، إذ يقول: "أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَة،ٌ عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ، يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ" (نش 4: 12).كأنه يقول لها: اذكري الإمكانيات الكاملة في داخلك، أنتِ جنة وعين وينبوع، إمكانيات الروح القدس الساكن فيكِ، هذه التي لا تعلن فيكِ إلاَّ إذا قبلتي الآلام وانحنى ظهركِ للصليب. يقول القديس غريغوريوس النيصي [جنتنا مغلقة من كل جانب بسور الوصايا حتى لا يتسلَّل إلى مدخلها لص أو وحش مفترس. إنها مغلقة بسياج الوصايا، فلا يستطيع خنزير بري أن يقترب إليها.] يوصينا الوحي الإلهي ألا نُبَدِّد مياه ينابيعنا في الخارج، في الشوارع، مع الغرباء. وكما يقول القديس غريغوريوس إنه حينما تنحرف أفكارنا الداخلية نحو الخطية (الغريبة) نكون قد أضعنا مياه ينابيعنا وقدَّمناها للغرباء. [إنها النقاوة هي التي تختم هذا الينبوع ليكون لسيده.] قد نظن في أنفسنا أننا فارغون، لكن الله يرى في داخلنا فردوسًا وعينًا وينبوعًا لا يحق أن تفتح إلاَّ له وحده، فهو عريس النفس الوحيد، الذي من حقه أن يدخل جنة القلب ويشرب ينابيع حبه! بمعنى آخر تلتزم النفس كعروسٍ أن تبقى في عذروايتها مشتاقة إلى العريس السماوي وحده، تفتح له قلبها وأحاسيسها وعواطفها وكل طاقتها، بكونها العذراء العفيفة المُنتظِرة عريسها (مت 25)، كعضوٍ في كنيسة الأبكار. وللقديس أمبروسيوس تعليق جميل، إذ يقول: [ينطق السيد بهذا القول للكنيسة التي يُريدها بتولاً بلا دنسٍ ولا عيبٍ. الجنة المخصبة هي البتولية التي يمكن أن تحمل ثمارًا كثيرة لها رائحة صالحة... إنها جنة مغلقة، لأنها محاطة بسور الطهارة من كل جهة. وهي ينبوع مختوم، لأن البتولية هي ينبوع العفة وأصلها، تحفظ ختم النقاوة مصونًا بغير اضمحلال، فيه تنعكس صورة الله، حيث تتفق نقاوة البساطة مع طهارة الجسد أيضًا.] يُقَدِّم لنا العلامة أوريجينوس تفسيرًا للعبارة: "من الخير أن تكتما سرّ الملك"، قائلاً بأن سرّ الملك المكتوم يشير إلى أفكار البشر ونياتهم تبقى في الكتمان حتى تُعلَن في يوم الدينونة، حيث يُدَان البشر علانية. إذ يقول الرسول: "الذين يُظهرون عمل الناموس مكتوبًا في قلوبهم، شاهدًا أيضًا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح" (رو 2: 15-16). كما يقول: "إذًا لا تحكموا في شيءٍ قبل الوقت، متى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام، ويُظهِر آراء القلوب، وحينئذ يكون المدح لكل واحدٍ من الله" (1 كو 4: 5) . وللعلامة أوريجينوس تفسير آخر لنفس الآية، إذ يرى الملك هنا يشير إلى الله الذي تبقى أسراره الإلهية فوق قدرة الإنسان، يكشفها لكل واحدٍ قدر قامته الروحية. فالرسول بولس إذ كان أمينًا، كشف له ربّه ومَلِكه عظمة ثروته، وأرسله ليجند جيشًا روحيًا للملك ويختبرهم، ويكشف لهم عن أسرار الملك جزئيًا، ليس بتقارير مفصلة بل خلال الرموز والإشارات حتى تبقى أسرار القصر الملكي في الكتمان، لهذا ما قاله الرسول عن نفسه: "لأننا نَعْلَم بعض العِلْم، ونتنبأ بعض التنبؤ... الآن نعرف بعض المعرفة، ولكن حينئذ سأعرف كما عُرِفت" (1 كو 13: 9، 12)، وذلك من أجلنا. فإننا عاجزون عن أن ندرك حتى ما أدركه هو جزئيًا. هكذا فإن سرّ الملك في الكتمان يتعرَّف عليه قلة من البشر، ومع هذا يُعتبَر في الكتمان . * يلزمنا ألاَّ نستعرض الأسرار المقدسة قبل اختبار الإيمان. ليت الوثنيون في جهلهم لا يسخرون بها، والموعوظون ليتهم لا يقاوموا إذ يبالغون في حُبّ الاستطلاع . القديس أثناسيوس الاسكندري عندما صلى هذا الإنسان في حوالي الساعة التاسعة ظهر ملاك يحمل شهادة لأعماله، يقول: "يا كرنيليوس صلواتك وصدقاتك صعدت أمام الله". هذه الصلوات صعدت سريعًا إلى الله حيث أعمالنا تعتمد على الله . القديس كبريانوس |
|