في شمال كندا البعيد، حيث تلتقي قسو*ة الجليد بسكون الطبيعة، تقع مدينة صغيرة اسمها تشرشل، لكن شهرتها عالمية: فهي تُعرف بلقب "عاصمة الدببة القطبية".
هنا، لا يُعتبر ترك السيارة غير مقفلة إهمالًا أو سذاجة، بل هو قانون حياة.
فالمدينة تستقبل في كل خريف عشرات الدببة القطبية الجائعة التي تتجول على أطرافها وفي شوارعها أحيانًا، بحثًا عن الطعام. وحين يلتقي إنسانٌ وجهًا لوجه مع دب يزن نصف طن، لا وقت للتفكير؛ الحل الوحيد هو أن يندفع مسرعًا إلى أقرب سيارة مفتوحة… لذلك، ترك الأبواب بلا أقفال هو شكل من أشكال النجاة.
لكن مواجهة الدببة تحوّلت أيضًا إلى تجربة فريدة يقصدها آلاف السائحين سنويًا. ولأن المشي على الأرض وسط هذه الكائنات الضخمة انت*حار مؤكد، ابتكر أهل تشرشل وسيلة أخرى: مركبات التندرا العملاقة، أو ما يُعرف باسم Polar Rovers وTundra Buggies.
هذه المركبات ليست شاحنات عادية، بل آلات عملاقة صُممت خصيصًا لمغامرات من هذا النوع. إطاراتها بحجم رجلٍ واقف، وهي مرتفعة بما يكفي لتبقى الدببة أسفلها عاجزة عن الوصول إلى الركاب. من داخلها، يمكن للزوار مراقبة الدببة عن قرب من خلف نوافذ عريضة، أو من خلال منصات شبكية آمنة تسمح برؤية مباشرة حتى لو اقترب دب فضولي من أسفل المركبة.
هكذا، تعيش تشرشل مفارقة نادرة: مدينة صغيرة يسير الناس فيها بحذر، يتركون أبواب سياراتهم مفتوحة خوفًا من دب عابر، بينما في الوقت نفسه يقود السائحون فوق التندرا في مركبات ضخمة، يتأملون من أعلاها نفس الدببة التي تثير الرعب في الشوارع. إنها مدينة لا تعرف الأمان في الأقفال، بل في سرعة الهروب… ولا تعرف الخطر في الوحوش فقط، بل في جمالها المهيب الذي يجذب البشر من كل مكان ليشهدوا لقاءً استثنائيًا مع ملوك الجليد.