![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() داود يستشير القادة وكل جماعة إسرائيل 1 وَشَاوَرَ دَاوُدُ قُوَّادَ الأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ وَكُلَّ رَئِيسٍ. 2 وَقَالَ دَاوُدُ لِكُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ: «إِنْ حَسُنَ عِنْدَكُمْ وَكَانَ ذلِكَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِنَا، فَلْنُرْسِلْ إِلَى كُلِّ جِهَةٍ، إِلَى إِخْوَتِنَا الْبَاقِينَ فِي كُلِّ أَرَاضِي إِسْرَائِيلَ وَمَعَهُمُ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ فِي مُدُنِ مَسَارِحِهِمْ لِيَجْتَمِعُوا إِلَيْنَا، 3 فَنُرْجعَ تَابُوتَ إِلهِنَا إِلَيْنَا لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْ بِهِ فِي أَيَّامِ شَاوُلَ». 4 فَقَالَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَفْعَلُوا ذلِكَ، لأَنَّ الأَمْرَ حَسُنَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ الشَّعْبِ. لماذا بدأ الحديث هنا في إنجازات داود بنقل تابوت العهد من يعاريم إلى أورشليم، مع أنه جاء في (2 صم 5-6) أنه قام بإنجازات كثيرة قبل نقل التابوت؟ يريد الكاتب أن يؤكد أن كل أعمال داود وإنجازاته غايتها التمتُّع بالحضرة الإلهية. فقد احتل تابوت العهد قلب داود حتى من قبل أن يصير ملكًا. وجاء نقله إلى أورشليم ليس بالأمر الجديد في فكر داود وتصرفاته. فما ما يشغل الكاتب ليس العرض التاريخي الزمني، بل الإعلان عمَّا في فكر داود وقلبه وتصرفاته. وَشَاوَرَ دَاوُدُ قُوَّادَ الأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ وَكُلَّ رَئِيسٍ [1] ما أن تثبَّت داود على عرشه، حتى فكَّر في نقل تابوت الله، وكان له هدفان: أ. تقديم الكرامة لله كقائدٍ حقيقيٍ لشعبه، بإظهار الاحترام لتابوته الذي يُمَثِّل حضوره. يا ليت الاهتمام الأول والأعظم لأولئك الذين تمتَّعوا بالسلطان والكرامة والغِنَى أن يكون تقديم الكرامة لله وخدمته وخدمة ملكوته بين البشر. ب. الحصول على الراحة الحقيقية والسعادة والفائدة من وجود التابوت في العاصمة. فإنه من الحكمة أن يأخذ حكام العالم تابوت الله معهم، بل وفي أعماقهم، ليتمتَّعوا بحكمته ومشورته ومن نواميسه، فالذين يبدأون بمخافة الرب يحظون بنعمته. اعتاد داود أن يستشير الرب في كل شيءٍ، ويطلب بركته وتدخُّله، لكن إذ حسب أن نقل التابوت لا يحتاج إلى مشورة، فهو عمل مبارك دون شكٍ يفرح قلب الله، لذا فشل، إذ اعتمد على القرار الجماعي وعلى فهمه، متجاهلاً الالتجاء إلى الله. نسيَ داود أن تابوت العهد، وهو يُمَثِّل عرش الله، لا يعتمد على الأذرع البشرية، ولا على غيرة إنسانٍ. تَعلَّم داود ذلك، لكن للأسف ليس قبل البدء في العمل، وإنما بعد أن تمت جنازة عُزَّا ودفنه في القبر! يُلاحَظ أن سفر صموئيل لم يذكر استشارة داود للقادة. بحكمة استشار داود قواد الألف والمئات وكل رئيس، حتى يشعر الكل أن هذا العمل يخص القادة مع الشعب، وليس خاصًا بالملك وحده، غير أنه أخطأ إذ لم يسأل الرب، ربما لأنه شعر بأن الأمر لا يحتاج إلى سؤال الرب، لأنه عملٌ فيه محبة لله. من جانب آخر لم يسأل الكهنة واللاويين عن شريعة حمل التابوت والسير به. حسن أن يقوم داود باستشارة قادة الشعب، فبالرغم من أنه كان عمًلا جليًلا، وبما أن داود هو الملك، وفي سلطانه أن يأمر بتنفيذ هذا العمل، إلاَّ أنه اختار أن يأخذ المشورة، وفضَّل أن يُشرِك الآخرين في القيادة. هذا دفع الجميع أن يثقوا في قراراته الحكيمة، ويستريحوا لسلوكه بروح التواضع، فنال التأييد بالإجماع. ليس من مُدَبِّر حكيم يشتهي أن يتخذ قراراته دون مشورة. فداود نفسه كان ذكيًا جدًا، ومع ذلك استشار قواده، "لأن الخلاص بكثرة المشيرين" (أم 24: 6). لو أن داود سأل الرب المشورة، وسأل أي لاوي عن كيفية نقل التابوت، لتم نقل التابوت بسلامٍ وفرحٍ. وَقَالَ دَاوُدُ لِكُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ: "إِنْ حَسُنَ عِنْدَكُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الرَّبِّ إِلَهِنَا، فَلْنُرْسِلْ إِلَى كُلِّ جِهَةٍ إِلَى إِخْوَتِنَا الْبَاقِينَ فِي كُلِّ أَرَاضِي إِسْرَائِيلَ، وَمَعَهُمُ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ فِي مُدُنِ مَرَاعِيهِمْ لِيَجْتَمِعُوا إِلَيْنَا. [2] قام باستدعاء كل الشعب ليحضروا هذه المناسبة، لتكريم التابوت، ولأجل إرضاء الشعب وتنويره. إنه يدعو عامة الشعب إخوتنا، وهذا يدل على تواضعه وكياسته ومدى المحبة التي كان يكنها لهم، هكذا لم يستحِ ربنا يسوع أن يدعونا إخوة (عب 2: 11) من أجل محبته العجيبة لنا. اشترط داود أن يكون هذا حسب إرادة الله، وكأنه يقول: "بالرغم من أن هذا يظهر حسن لي ولكم، إلاَّ أنه إن لم يكن من الرب، فلا نعمله". ليتنا نحن أيضًا في كل أمر نفعله يجب أن يكون سؤالنا: "هل هذا من الله؟ هل هذا حسب إرادته؟ هل يمكننا أن نعطي جوابًا حسنًا أمام الله عن هذا؟ هل نتوقع أن يكون هذا مرضيًا لله؟ هل سألنا الله قبل البدء فيه؟ فَنُرْجِعَ تَابُوتَ إِلَهِنَا إِلَيْنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْ بِهِ فِي أَيَّامِ شَاوُلَ." [3] دعا تابوت العهد "تابوت الله" أو "تابوت إلهنا". أراد أن يُحضِرَه إلى العاصمة، ليجعل منها مركزًا للعبادة للشعب كله. أراد تأكيد أن الله هو مركز حياة جميع المؤمنين. في أيام شاول حدث تجاهل لتابوت العهد. استولى الفلسطينيون عليه لمدة سبعة شهور، ورجع إلى قرية يعاريم، حيث حُفِظَ في بيت أبيناداب اللاوي (1 صم 4-7). ظلَّ تابوت العهد في القرية سنين عديدة، هذا يكشف عن المبالاة بالحضرة الإلهية، أو الالتصاق بالله، أو قبول الله كمركز للحياة، أما الرغبة في نقل تابوت العهد إلى العاصمة، فيحمل رغبة أن يكون الله هو الأول في حياة الجماعة، وهو مركز الصدارة. هكذا يليق بنا أن يكون الكتاب المقدس، بكونه كلمة الله، مركز الصدارة في حياتنا. كان ما يشغل قلب داود الملك أن يجمع إسرائيل بكل أسباطه وقادته مع الكهنة واللاويين لإرجاع تابوت العهد من قرية يعاريم. وأن يجمع كل الساجدين للربِّ لهذا الأمر، قائلاً في مرارة: "لأننا لم نسأل به في أيام شاول" [3]. أدرك داود أن سرَّ فشل إسرائيل في أيام شاول أن تابوت العهد كان في طي النسيان. فمنذ وقت إرجاعه بأيدي الفلسطينيين لم يهتم أحد به (1 صم 14: 18-19). نلاحظ أن داود لم يُبدِ أيّة ملاحظة سيئة عن شاول، فلم يقل "شاول لم يهتم أبدًا بالتابوت، على الأقل في أواخر مُلكْه"، ولكن بتواضعٍ قال: "لأننا لم نسأل به في أيام شاول". فاعتبر نفسه مُذنِبًا مع الآخرين عن هذا الإهمال. إنه من الأفضل أن نحكم على أنفسنا، وليس على الآخرين، فالمتواضعون والصالحون "يندبون نصيبهم في الذنب العام، وينسبون العار لأنفسهم" (دا 9: 5 الخ.). فَقَالَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، لأَنَّ الأَمْرَ حَسُنَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ الشَّعْبِ. [4] |
|