![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() قَائِلًا لله: لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي، لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! [2] مع ما يبدو في أيوب من تذمرٍ، لكنه يعلن جهله عن سرّ الخصومة ويستذنب نفسه، وإن كان لا يعرف ما هو ذنبه، لهذا في تواضع يطلب: "لا تسذنبني"، أي لا تفصلني عنك. إذ سمحت لي بحمل الآلام، فلا تسمح للخطية علة تعبي أن تستقر في داخلي. إذ سمحت لي بعصا التأديب، لا تسمح بهلاكي. أدبني لكن لا تحكم عليَّ إني مستحق للدينونة. وكما يقول الرسول: "إذ قد حُكم علينا نؤدب من الرب لكي لا نُدان مع العالم" (1 كو 11: 32). ما اشتهاه أيوب تحقق بالمسيح يسوع: "إذ لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رو 8: 1). يسمح الله بالتجارب لكي يصرخ المؤمن طالبًا المعرفة، واكتشاف أسرار الله: "فهمني، لا تخاصمني". خلال الضيق أدرك أيوب البار أنه خاطي، لكن هذا لا يكفيه، بل يريد من الله أن يهبه فهمًا ليدرك ما هي خطيته، فيعترف بها لله، ويهرب منها خلال النعمة الإلهية. * عظيم هو الإيمان، وعظيمة هي قوة الضمير، أن يستدعي الإنسان الله كشاهدٍ على تحقيق هدفه. لم يرفض أيوب ما يحل به خلال حاله البشري، إنما يرفض ما يأتي من عدم القداسة، معترفًا أنه يحل به عن ضعفٍ. أن يخطئ الإنسان هذا من خلال واقعه البشري، لأنه ليس أحد مُستثنى من السقوط. أما أن يعمل بطريقٍ غير مقدس، فهذا ليس من حاله البشري، إنما هو سم عدم الإيمان خلال القلب الشرير. لا يليق بالإنسان البار أن يفعل هذا. تعتمد المغفرة للإنسان على مراحم الله، لا على قوة الإنسان. القديس أمبروسيوس يدين الله الإنسان في هذه الحياة بطريقين: بإدراك أنه بالمتاعب الحاضرة قد بدأ فعلًا أن يجلب عليه العذابات العتيدة، وإلا أن يرفع العذابات العتيدة خلال الضربات الحالية... يُخَّلص التأديب من الويل أولئك للذين يتغيرون وحدهم. أما الذين لا ينصلحون بالمتاعب الحاضرة، فيدخلون إلى متاعبٍ أخرى كنتيجة لذلك. لو أن بعض العقوبات الحاضرة لا تحفظ من الويل الأبدي، ما كان بولس يقول: "ولكن إذ قد حُكم علينا نؤدب من الرب، لكي لا ندان مع العالم" (1 كو 11: 32). كما قيل ليوحنا بصوت الملاك: "إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه" (رؤ 3: 19)، كما كتب: "لأن الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله" (عب 12: 6)... بعدلٍ قيل هنا: "فهمني، لماذا تحاكمني؟" [2]. وكأنه يقول بوضوح: لقد مارست حكمك عليّ بضرباتك علي، لكي بهذه الضربات تجعلني في أمانٍ من الدينونة. يمكن أيضًا أن تفهم هذه العبارة بمعنى آخر. كثيرًا ما يتقبل البار ضربات التجربة، وإذ يمتحن حياته بالعين الحاذقة التي تستجوبه لا يقدر أن يحدد أية خطية على وجه التدقيق لأجلها قد ضُرب، حتى وإن شعر في نفسه أنه خاطي. إنه يرتعب بالأكثر تحت العصا بالنسبة لجهله السبب الحقيقي للضربات. إنه يصلي للديان ليُظهر له غاية ضربه إياه، حتى يتأدب بالبكاء على خطيته. فهو متأكد تمامًا أن المنتقم البار لن يُحزن أحدًا بظلمٍ. وأنه قد وُضع تحت الجلدات كإنذارٍ خطيرٍ، ومع ذلك لم يقدر أن يكتشف من نفسه ما يجب أن يحزن عليه. |
|