🕯️ قانون الصلاة اليومي

[walaa farouk]

🕯️ قانون الصلاة اليومي


ليس لفـحـوى قـانون صـلاتك الـيـومـي أية أهمية . كل قانون صلاة هو حسن بما أنه يتكون من صلوات تُقـدَّم إلى الـرب الفائق الصلاح وقديسيه . الأمر الأكثر أهمية ، أياً كـان القـانـون الـذي تقـوم بـه ، هـو أن تُبـقـي ذهـنـك وقلبـك ملتصقين بالله وتقف أمامه بنفس زاخرة بالتّقوى .
لا تنفـذ قانونـك بعجلـة أبـداً . قـل الـصلوات بهـدوء ، وانتباهـك متركز في الكلمات والمعاني . قبـل وقـت قـصير مـن بـدء صـلاتك قـم بتحـضير نفـسـك بـشكل مناسب ، مقصياً عنك كل اهتمام دنيوي وكل فكر أرضي محاولاً أن توحِّد كل قـوى نفسك في الأعالي ، في العمل السماوي للشركة العقليـة مـع خالقـك ومخلّصك . فلتكن خطوتـك الرئيسية الأولى هـي التوبة ، التوبة العميقة الخالصة على خطايـاك . " الـروح المنسحق ، القلـب المتخشع والمتواضـع لا يرذله الله " ( مز ٥٠: ١٩ ) . ينبغي أن تصلي في كل مرة تعمل قانونك من أجل مغفرة خطاياك . إن كان القديسون عملوا هذا ، فينفعنا نحن بالأكثر أن نقـوم بـه ، نحـن الغارقين في الآثام . يقول القديس يوحنا السينائي تحـديـداً مـا يلـي : " ولئن كنتَ قد صعدتَ سُلَّم الفضائل بأكمله ، فأيضاً صلِّ من أجل مغفرة خطاياك ، سامعاً بولس وهـو يهتـف قائلاً : " أنا أول الخطأة " .
مـا الـذي علينـا الجهـاد مـن أجـلـه فـي الـصلاة ؟ إنّـه بشكل أساسـي مـا يلـي : أن يلتهـب قلبنـا مـن محبة الله ولا نبتعد عنه أبداً . صلاة يسوع ، " يا ربي يسوع المسيح ( ابن الله ) ارحمني ( أنـا الخـاطئ ) " ، هـي أكثر الصلوات ملائمـة مـن أجل تحقيق هدفنا . قلْ هذه الصلاة الصغيرة باستمرار ، بلا توقف إن كـان هـذا ممكناً ، بحيـث يعتادهـا لـسانك في نهاية الأمر ويرددها بدون إكراه .
واسمـح لـي بـأن أشـدد لـك علـى أن التقدم في الصلاة يعتمد أيضاً على اكتساب الفضائل ، وقبل كل شيء على التواضع ونكران المشيئة الأنانية .
ينبغي أيضاً أن تمتلك إيماناً وطيداً بأن الله يرى سائر أعمالـك ، يـسمع كـل أقوالـك ويعـرف جميـع أفكـارك ، ولهذا ينبغي أن تنتبه لنفسك وتبتعـد عـن كـل شـيء تتنسم فيه رائحة الخطيئة . أتولـد داخلك أحاسيس ومعانٍ شريرة بسرعة البرق ؟ أقصها على الفور بعيداً بسرعة البرق ، تائباً وملتمساً المغفرة من الرب الكثير التحنن .
* * *
لا تظنن بأنّك إذ تعمل قانونـك اليـومـي بدقة خارجية بموجب النظام ، فأنت تعمل شيئاً هاماً . إن أهميـة القـانون كلهـا وكـل صـلاة تكمن في الخشوع الـداخلي والإخـلاء القلبي أمام الله . يقول الآباء القديسون أنه إذا لم يشعر المرء بذاته كشخص مدان حين يصلي ، فهو يشبه الفريسي في المثل الإنجيلي وعبثاً يتجه إلى الله في صلاته .
بالتـالـي قـف في الـصلاة كـمـا لـو أنـك مـاثـل أمـام المحكمـة الآتيـة المخيفـة ، منتظـراً بـأن يـصـدر قـرار الله النّهـائـي بـشـأنك : " هـلـمّ ! .." أو " اذهـب عـنـي بعيـداً ...." ( مت ٢٥: ٣٤ ، ٤١ ) . تجنـب بكافة الوسائل إقامـة قانونـك بطريقة آلية . فلتكن أنت ، دعني أقـل هـذا ، سيد قانونك لا عبـداً لـه . كـن عبـداً للـه وحـده مـقـدمـاً لـه كـل لحـظـة مـن لحظـات حيـاتـك ، ومحـاولاً أن ترضـيـه بـكـل عـمـل مـن أعمالك .
* * *
حـيـن يـكـون لـديك الـكـثيـر مـن الأشـغال ، بحيـث يستحيل عليك إتمام قانونك كله ، تستطيع بالتنسيق مع أبيـك الـروحـي أن تجعـل قانونـك أكثـر اختصاراً ، ولكـن أبـداً لا تعمـل قانونـك باستعجال . إذن لا ينبغـي علينـا أن نتوجـه إلى الله خالقنـا والمحـسـن إلينـا بـلا مـبـالاة وعـدم اهتمام ، بل بتقوى عظيمة . إنّه ليس بحاجة لا إلى ركعاتنا ولا إلى صلواتنا الكثيرة الأقـوال . نحيـب وحـزن وتوبـة مـن أعمـاق قلبنـا ، هـذا مـا يطـلبـه منـال وهـذا الأمـر يـستطيع الشخص أن يمتلكه في داخله حيثما كـان وعلـى الـدوام ، وحتى في الطريق باستطاعة الإنسان أن يصلي بلا انقطاع . بالتالي تصرف هكذا ، اعمل بيديك وسِر بقدميك في حين يرتقـي ذهنـك إلى السماء . كـم تحـمّـل الـرسـل القديسون المشاق ؟ طافوا الأرض كلها . ومع ذلك كانوا يصلون بـلا انقطاع ، وتركـوا لـنـا وصـية مكتوبـة قـائلين : " صـلُـوا بـلا انقطاع " ( ١تسا ٥: ١٧ ) . فلنبتُن الـدفء في قلوبنـا بالإيمـان ، بالرجاء والإخلاص لمشيئة الله .
تعلَّم صلواتك اليومية غيباً وقلها بإحساس ومعرفة ، وتستطيع أن تضيف إليها صلواتك الشخصية . كلما كان اعتمادك على الكتب أقل كلمـا كـان هـذا أفضل . تعلم كذلك بعض المزامير وقلها حين تقـوم ببعض أعمالـك الـتي لا تحتاج إلى التفكير ، إن تلاوة المزامير بشكل صـلاة هـي تواصل مع الله .
حين تكون متعباً جسدياً لا تكون قادراً على القيام بقانونـك بـشكل جيـد . وخاصة في المساء بعـد تـعـب نهـار كامـل كـيـف تستطيع أن تصلي ؟ قبـل أن تشرع بالصلاة أخرج إلى الخارج قليلاً وتمشى واسترخ قليلاً وخذ أنفاساً عميقـة . إن كنـت تـشعـر بالـدوار أو تحـس بثقـل في رأسـك اسـتلقِ وانـعـم بـبعض الهـدوء ، مخرجـاً مـن ذهـنـك كـل مشاكل النّهار وانطباعاته . وبعد ذلك فلتبدأ بصلاتك .
لا تسمح لنفسك أبداً بأن تقيم قانونك كيفما اتفق . تذكّر دومـاً أن الـرب النـاظـر كـل الأشـيـاء يـرى نيتـك الحسنة وجهـادك لأجـل عمـلـه وحـفـظ وصاياه ، إنّـه يـراك ويباركك .
* * *
حين تعمـل قـانـونـك فـعنـدهـا تتساقط الأفكـار علـى عقلك ، فلتطردها حالاً . تضربك ثانية ، أقصها عنـك بعيـداً مرة أخرى بدون أدنى تأجيل . تصرّف دوماً على هـذا المنوال . لا ترتخيَّن مع نفسك ، لا تـدَعْ نفسك تتحاور مع الأفكار . كنْ دوماً على أهْبة الاستعداد ساهراً حارساً بانتباه كلاً مـن ذهـنـك وقلبـك ، بحيـث لا يدخل إلى داخلـك أي فكـر باطل في وقت الصلاة ، هذا هو بالضبط ما يسمى اليقظة . حاول أن تحتفظ دومـاً في قلبـك مـشاعر محبـة للـه خشوعية . فهي " مَكسر أمواج " الأفكار .
* * *
في الصباح باكراً انهضي من الفراش وأقيمـي قـانـون صـلاتك بانتباه ، بتقـوى وخـوف اللـه والتـوق إليـه . وبالتـالـي مهمـا فعلـت فيـمـا بعـد خـلال النهـار سـتكونين ممتلئـة مـن النّفحـات المقدسـة لـصـلاتك الحسنة ، وتكـونين تحـت نظـر الله المحـب الـذي سيحتضن قلبـك بحـضوره . ستقولين أنت أيضاً مع القـول النبـوي : " جعلت الـرب أمامي في كل حين " ( مـز ١٥: ٨) . وعنـدهـا سـوف تهمـس شـفتاك عفويـاً باسمـه الفائق القداسة ، حينئذ بالضبط سـوف تصلين بلا انقطاع ولكن بدون تعب .
لا تتـوقفي عـن الـتـضـرع إلى اللـه بحيـث تـولـد داخـل قلبك مشاعر الانسحاق والإخلاص له .
أنت زوجة ، أم وربة منزل . ولكي تخلصي ليس عليـك سوى أن تقومي بوعي بالواجبات التي تتأتَّى مـن مواصفاتك الثلاث المذكورة .
قـراءة الإنجيـل والمـزامير عمـل حـسن . لا يبتعـدن الكتاب المقـدس مـن يـديـك مـا لم تأخـذي مثالاً مـا لأجـل حياتك .
إرشادات_إلى_الحياة_الروحية للقديس ثيوفانس الحبيس