![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأخيرات المحبة ![]() «فَلَمَّا سَمِعَ أَنهُ مَرِيضٌ مكَثَ حِينئِذٍ فِي المَوضِعِ الذي كانَ فيهِ يَومَينِ» ( يوحنا 11: 6 ) المحبة تسمح بالألم! أتى في يوم ما رسول يلهث بأخبار عن مرض لعازر ”الذي كانَ يسوعُ يُحِبُّهُ“ ( يو 11: 3 ، 5، 26). ولم تشك الأُختان في أن الرب سيسـرع ليكون بجانبه بالرغم من كل الأخطار، وأنه سيُنجيه من الموت. ولو كان قد فعل كما توقعتا لوفر عليهما قلق الانتظار الطويل، وتأرجُح الأمل، وغمّ مشهد الموت والقبر والبيت المُقفر. ولكن الرب «لَمَّا سَمِعَ أَنهُ مريضٌ مكثَ حينئذٍ فِي المَوضِعِ الذي كان فيهِ يومَينِ». يا لها من كلمات عجيبة! فقد امتنع عن الذهاب، ليس لأنه لم يُحبهم، بل لأنه أحبهم فعلاً. كان المتوقع أن المحبة تُلزمه أن يُسـرع على الفور لنجدة القلوب المحبوبة المنزعجة؛ ليصد عنها الحزن، ويُمتعها بفيض المحبة في مسح الدموع. ولكن العجيب أن الحب الإلهي هو الذي جعله يحجز رقة قلبه الشديدة، حتى يكون الألم قد عمل عمله. ومَن مِنا يُمكنه أن يُقرِّر كم نحن مَدينون للتجارب والآلام؟ فهي التي تُكوِّن الفضائل في الحياة المسيحية، ولا يمكن أن يكون هناك إيمان بدون امتحان. ولا يوجد صبر بدون تجربة لتُظهره. ولا اختبار بدون ضيقة لتنميته. والثمار الشهية لا تنضج إلَّا بواسطة تحمّل ريح الشمال وريح الجنوب. إن الآلام تُخلِّصنا من كبرياء الاعتماد على الذات، وتُلقي بنا، في كَربنا، عند قدمي ربنا. والآلام تعزل النفس عن كل مساعدة بشرية لكي تلجأ للرب وحده. إن النبات العطري يجب أن يُرض قبل أن يبعث بأريجه، وخام الذهب يجب أن يُوضَع في البوتقة قبل أن يخرج الذهب نقيًا، وقطعة الماس يجب أن تُصقَل على العجلة الخاصة بالأحجار الثمينة قبل أن تظهر ألوانها الساطعة. إن ذلك النبات وذلك الحجر الثمين هما قلبك: إنه يجب أن يَعتصـر بالحزن، وأن يُنظَّف بالألم قبل أن يُصدر رائحة حلوة، وقبل أن يكون جوهرة ملائمة لأن توضَع عند قدمي المُخلِّص! سرعان ما يقودنا الألم للمُخلِّص. عندما كان لعازر يتمتع بصحة جيدة، لم يُسـرع رسول ما لإحضار المُخلِّص لبيت عنيا. ولكن عندما حوَّم الموت عليهم، استحضـروه على عجَل. وهذا يُشبه موجة المحيط الكبيرة التي ترفعنا إلى فوق، وتطرحنا إلى أسفل عند قدمي المُخلِّص. فالمياه المُزبدة هي التي قادَت الحمامة إلى الفلك، والشتاء الموحش يُرسل السنونة جنوبًا، والأصوات المُزعجة يجعل الفراخ الضعيفة تستكن بالقرب من أُمها. إن الألم يجعل الله ضرورة في حياتنا، ويجعلنا نستبدل كلمة ”هو“ بكلمة ”أنت“ ( مز 23: 4 ). |
|