هل زكريا وأليصابات كانا يعيشان أصلاً في "بيت لحم"، أو في تخومها (حدودها)؟
الحقيقة أنّ زكريّا وأليصابات لم يكونا يعيشان في "بيت لحم" أصلاً، وبالتالي لم يكُن يوحنّا مُعَرَّضًا للقتل مثل أطفال "بيت لحم" وهناك دلائل قاطعة على ذلك، منها:
1- لم يذكُر الإنجيل أنّ السيِّدة العذراء ذهبت إليهم في بيت لحم، بل ذُكِر أنّ القديسة مريم ذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا (لو1: 39)، وهنا مدينة يهوذا ليست "بيت لحم" بل "أورشليم" والجبال التي حولها!
2- لو كان زكريّا وأليصابات يسكنان في "بيت لحم"، لكانت السيِّدة العذراء بالأوْلَى قد ذهبت إلى بيتهما، وولدَت ابنها الرب يسوع عندهما وما كانت قد ولدته في مذود للبهائم، كما حدث بالفِعل، لعدم وجود مكان بالمنازل، وعدم وجود أقارب أو معارف في "بيت لحم" ينزل يوسف النجّار والسيِّدة العذراء عندهم وهذا الدليل وحده هو دليل قاطع لا يقبل الجَدَل يؤكِّد أنّ زكريّا وأليصابات لم يكُن مسكنهما في "بيت لحم".
3- لو كان مَسكن زكريّا وألصابات في قرية قريبة من "بيت لحم" لكان من السهل أن تذهب إليهما العائلة المقدّسة، ولو بعد الولادة بأيّام قليلة ولكن هذا لم يحدث أيضًا بل عندما حضر المجوس بعد ولادة الرب يسوع بعدّة أسابيع كان القديس يوسف والسيّدة العذراء ومعهما الطفل يسوع لا يزالون في "بيت لحم"، وإن كانوا قد انتقلوا إلى بيت بدلاً من المذود (مت2: 11)!
4- بالرجوع للمصادر العِلميّة الجغرافيّة، والتاريخيّة، والآثار الحالية نجد أنّ زكريّا وأليصابات كانا يعيشان في قرية صغيرة مجاورة لأورشليم، وتُسَمّى حاليًا "عين كارم" وهي تقع على بُعد حوالي 7 كم غرب أورشليم (مع ملاحظة أنّ "بيت لحم" تبعد حوالي 10 كم من أورشليم ولكن من جهة الجنوب) والمسافة الحالية بين مدينة "بيت لحم" وقرية "عين كارم" حوالي 11 كيلومتر وقرية "عين كارم" هذه تقع في منطقة جبليّة [كما وصفها الإنجيل (لو1: 39)] وترتفع نحو 650 مترًا فوق سطح البحر، وكان تعداد سكّانها قبل عام 1948م حوالي 3000 ثلاثة آلاف نسمة فقط وتقع حاليًا داخل حدود دولة إسرائيل
يوجَد بقرية "عين كارم" الآن مزاران مسيحيّان مشهوران؛ الأول هو كنيسة "الزيارة" أو أحيانًا تُسمَّى كنيسة "تعظِّم نفسي الرب"، وهي مبنيّة في مكان لقاء السيِّدة العذراء مع القدِّيسة أليصابات والمزار الثاني هو كنيسة على اسم "القدِّيس يوحنّا المعمدان" وعمومًا القرية بها سبعة من الأديرة والكنائس وكان بها في القرن الخامس مزار للقديسة أليصابات، وكان يتقاطَر عليه الكثيرون.
أخيرًا، لماذا يتمّ الزّجّ باسم القديس يوحنا المعمدان ضمن حادثة مقتل أطفال "بيت لحم"؟! هل مجرّد ميلاده في توقيت مُقارِب لميلاد السيِّد المسيح يجعله ضمن الذين تعرّضوا لخطر القتل؟! أم أنّ البعض يحاولون رسم سيناريو بشع ومؤثِّر لحادثة قتل الأطفال، لتحقيق مزيد من الإثارة والمطاردات البوليسيّة الدراميّة، على حساب الحقيقة؟!!