ألبرتوس الأورشليميّ بطريركٌ قدّيس وضع قانونًا للرهبنة الكرمليّة
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القدّيس ألبرتوس الأورشليميّ في 17 سبتمبر/أيلول من كلّ عام؛ هو صاحب البصيرة الذي تميَّز بالقدرة على استيعاب الأمور.
أبصرَ ألبرتوس النور عام 1150 في إيطاليا. حصَّن ذاته بمحبّة المسيح وكرّس ذاته له بكلّيّتها فتدرَّج في الوظائف الكنسيّة. في العام 1205، بدأ العرب السيطرة على الأراضي المقدّسة، فعُيّنَ ألبرتوس أسقفًا في إيطاليا، ثمّ انتُخِب بطريركًا على أورشليم (1206-1214). لكنّه أجبِرَ على الإقامة في عكا، لأنّ السلطان الأيوبي كان قد احتلّ القدس. نظرًا إلى فضائل هذا القدّيس وقدرته على استيعاب الأمور، أوكِلت إليه مهمّات صعبة مثل مصالحة الأمراء والأساقفة والحكم في قضاياهم. وأسنِدَت إليه أيضًا كتابة دساتير رهبانيّات عدّة أو مراجعة قوانينها. وقد أعدَّ قانونًا للرهبان الكرمليّين، وكان يجتمع معهم لتنظيم حياتهم الروحيّة.
بعدما درس القدّيس ألبرتوس طريقة حياة النسّاك، أعطاهم في العام 1208 على جبل الكرمل قانونَ حياةٍ رهبانيًّا غنيًّا بسموّه الروحيّ. وسلّط في هذا القانون الضوء على جانبَين أساسيَّين من روحانية النبيّ إيليّا؛ يتمحور الأوّل حول روح التأمّل في حضور الله بصمت: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ» (1 مل 17: 1)، فيما يُجسِّد الثاني الحماسة لمجد الربّ والرغبة في اكتشاف الله الحيّ: «أحتَرِقُ غَيْرَةً لإلهِ الجُنود» (1 مل 19: 10).
أضافَ القدّيس ألبرتوس إلى نهج حياة النسّاك عنصرَ الحياة الجماعيّة، إذ إنّهم كانوا حتّى ذلك الحين يُمارسون حياة العزلة، كلٌّ في كهفه. ويُذكر أنّ قانون الرهبنة الكرمليّة الذي كتَبَ نصَّه القدّيس ألبرتوس هو أقصر دستور موجود في التقليد الروحيّ الكاثوليكيّ، وهو مبنيّ بالكامل على تعاليم الكتاب المقدّس، ولا يزال حتّى اليوم الملهم الأوّل للروحانيّة الكرمليّة في فروعها الرهبانيّة كافّة. وفي 14 سبتمبر/أيلول 1214، اغتيل البطريرك القدّيس في خلال أعياد تمجيد الصليب المقدّس، على يد أحد رؤساء مستشفى الروح القدس في عكا، وكان البطريرك قد أقاله من منصبه لسوء سيرته.
يا ربّ، علِّمنا على مثال هذا القدّيس كيف نتحصّن بالقدرة على استيعاب كلّ ما نتعرّض له في الحياة من مشكلات.