|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يرد الله عدم سماعهم له بعدم سماعه لهم، إذ يقول: "فجاء غضب عظيم من عند رب الجنود، فكما كان ينادي هو فلم يسمعوا كذلك ينادون هم فلا أسمع قال رب الجنود وأعصفهم إلى كل الأمم الذين لم يعرفوهم فخربت الأرض وراءهم لا ذاهب ولا آئب فجعلوا الأرض البهجة خرابًا" [12-14]. الله في محبته يهدد بالغضب حتى إذ نصرخ إليه: "لا تسخط كل السخط يا رب" (إش 64: 8)، "هل إلى الدهر تسخط علينا؟! هل تطيل غضبك إلى دور فدور؟! (مز 85: 6)، نجد نعمة في عينيه. فالرب في غضبه كما يقول: القديس ديديموس الضرير لا ينتقم لنفسه وإنما يعاقب لكي يجعلنا فضلاء، واضعًا نهاية للخطية كمرض أصابنا أو جراحات فينا، فإنه "يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (2 تي 2: 4). فبغضه يكشف عن اهتمامه بخلاصنا، لذا قيل: "عندما يأتي غضبي أشفيه من جديد" (إش 7: 4)، كما يقول من شُفي من جراحاته: "أحمدك يا رب لأنه إذ غضبت عليَّ ارتد غضبك فتعزيني" (إش 12: 1). يقول القديس ديديموس الضرير: [إن غضب ربنا إذ يأتي معه حصاد الخير ليس بشر بل هو لازم. إنه عمل طبيب الأرواح الذي "يشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب" (مت 4: 23)... كطبيب فهيم صانع الخيرات يستخدم علاجًا مؤلمًا وبغيضًا، كما يشهد النبي... "هو أيضًا حكيم ويأتي بالشر ولا يرجع بكلامه" (إش 31: 2)]. إنه يؤدبهم معلنًا "وأعصفهم إلى كل الأمم الذين لم يعرفوهم" [14]، مع أنه لم يُشتتهم في ذلك الحين في كل العالم وإنما سمح بأسرهم بواسطة أشور وبابل وهما أمتان معروفتان لهم في ذلك حين، مما يدل على أن التهديد قد حمل نبوة واضحة لما يحدث لهم برفضه السيد المسيح وعصيانهم له فيتشتتوا في العالم كله، بين أمم لم يكونوا بعد قد عرفوها. ما هذه الأمم التي يسقط تحت أسرها الإنسان برفضه الإيمان بالله إلاَّ الشرور المتنوعة كقول الكتاب: "أسلمهم الله أيضًا في شهوات قلبهم النجاسة" (رو 1: 24)، "أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض لأنهم لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم" (رو 1: 28). فبرفض البشر معرفة الله تتخلى عنهم نعمة الله فيسقطون تحت أسر الخطايا ويقال عنهم: "مملوئين من كل إثم" (رو 1: 29)، هذه هي الأمم الغريبة عن طبيعة الإنسان التي خلقها الله على مثاله! بسبب العناد تُخرب الأرض وتتحول بهجتها إلى خراب، ولا يكون بها ذاهب ولا آئب، هكذا بالخطية يفسد الجسد (الأرض) وتتحول حياة الإنسان إلى حياة غمّ وعقم، فاقدًا السلام الداخلي والبهجة القلبية والثمر الروحي. |
|