وعاد يوحنا من جديد !!
في قرية صغيرة في أقصى أطرافها عاش صياد السمك يوحنا ؛ كان سكيرا ؛ يبدد
كل أمواله على الخمور ؛ بينما كانت زوجته و أطفاله يعيشون في حالة ضنك و
بأس شديد ؛ كانت زوجته تبذل قصارى جهدها لتعمل في بعض المنازل لكي
تنفق على الأسرة وبالكاد تجد القوت اليومي الضروري جدا .
عبثا حاولت الزوجة وبعض الأحباء أن يثنوا يوحنا عن السكر ؛ فقد ملكت عليه
هذه العادة ؛ غير مبال بصحته ولا باحتياجات أسرته .
تعرف عليه مؤمن صار يحدثه عن حب الله الفائق له ؛ وعن الثمن الذي دفعه
السيد المسيح لأجل خلاصه ومجده .
استطاع المؤمن بهدوء أن يسحب قلب يوحنا إلى السماويات ؛ ليجد فيها شبعه
وفرحه وسلامه الداخلي ... لم يعد يعاني من الفراغ الداخلي ؛ ولا الشعور بالعزلة
وغيّر ذلك من المشاعر التي كانت تدفعه إلى السكر كهروب مما يعاني منه في
داخله .
ترك يوحنا شرب الخمر وبدأ يعمل بجديه في صيد السمك مقدما ما يقتنيه
لأسرته واخوته المحتاجين .
لم تعد أسرته تحتاج إلى شئ ؛ بل كان يبقى منهم الكثير ؛ ففتح الكل قلوبهم
قبل أبواب بيوتهم للمحتاجين كما للنفوس المحطمة .
جاءته زوجته يوما تسأله عن إمكانية تغيير مكان السكن ؛ إذ كانت تشعر بأن بيتها
غير مناسب لتربية أطفالها ؛ بمحبة قال لها " لدينا الكثير ببركة الرب ؛ فلنبحث
عن مكان لائق بأطفالنا "
التقى يوحنا بمالك منزل وطلب منه أن يؤجر منزله ؛ فدار بينهما
الحوار التالي:
-في صراحة كاملة ؛ لا أستطيع أن أوجر لك منزلي !
-لماذا ؟
-لا أضمن أنك تحافظ على منزلي ؛ وأن تدفع الإيجار الشهري .
-لماذا حكمت عليّ هكذا ؟ هل تعرفني ؟
-أعرفك جيدا !
-هل سبق أن تعاملت معي
-لم أتعامل معك لكنني أعرفك ؛ فأنت تصرف كل أموالك على الخمور .
عندئذ مد يوحنا يده إلى جيبه ؛ وأخرج حفنة عملات ذهبية وهو يقول :
" لست سكيرا ! بركة الرب تملأ كل حياتي وبيتي ؛ ولست أنفق شيئا على الخمر
ولن أسمح لها بنعمة إلهي أن تدخل فمي "
دهش مالك المنزل وهو يتطلع إلى العملات الذهبية ؛ أما يوحنا فقال له :
"إن يوحنا هذا الذي تتحدث عنه قد مات ! لقد قام يوحنا الجديد مع المسيح
الحي واهب القيامة .
لقد تعجبت لأنك رأيت العملات الذهبية لكنك لو دخلت إلى أعماقي تجد
عجبا !
في داخلي ملكوت إلهي الذي لا يقدّر بثمن .
أنا خليقة جديدة في المسيح يسوع مخلصي .
وهبني روحه القدوس يعمل في أعماقي .
وجعل من حضن أبيه موضع استقرار لنفسي .
هوذا كل شئ صار جديدا في حياتي ."
فرح به مالك المنزل وقدم له مفاتيح بيته بلا شروط ؛ وهو يقول له:"إني أحسب
نفسي سعيدا أن تسكن في بيتي يا يوحنا الجديد "
لتشرق بنورك في أعماقي
فتلتهب بحب السماويات
لا يعود العالم يسكرني بملذاته و لا بضيقاته .
انتزعني من سكري بالعالم
فأدرك أسرار حبك .
بروحك الناري جدد أعماقي
هب لي قلبا جديدا ؛ وفكرا جديدا
هب لي اسما جديدا ومسكنا جديدا.
لتميت كل أعمال إنساني القديم
وليحيا فيّ الإنسان الجديد .