أمضى القديس سمعان على هذا العامود اثنين و أربعين عاماً .نعرف ذلك من السقف تيودورة الذي ذكر في \” التاريخ الكنائسي \” الذي كتبه في العام 444 م وأورد فيه سيرة نساك المنطقة ، انه يرى القديس سمعان عل عاموده للمرة الثامنة والعشرين . وبما أن القديس توفي في العام 459 م فهذا يعني أنه بقي على عاموده مدة 42 عاماً .
كان القديس سمعان صاحب رسالة وخطيباً ، يعظ مرتين في اليوم ويوزع نصائحه على قاصديه ومن حوله . يحل خلافات المتخاصمين ويرشد الوثنيين منهم إلى الدين المسيحي . كانت حياته مثالاً نموذجياً لحياة الناسك السوري الذي كان يعرف كيف يوفق بين الانعزال والنظام القاسي لنكران الذات والمشاركة المباشرة مع مظاهر الحياة المدنية والدينية بالاحتكاك اليومي مع الجماهير . ويذكر الأسقف تيودوره مجيء زوار حتى من رافينا في ايطاليا . وكان يحج إلى العامود وسكانه وفود الرهبان والرسميون وكبار رجال الكنيسة والدولة القادمون لزيارة أنطاكية وحضور الاجتماعات الدينية فيها ، كمجيء الراهب دانيال الذي أصبح في ما بعد ومن المتحمسين للقديس سمعان . لقد زاره بعد حضور اجتماع ديني في انطاكية مع مجموعة من الآباء برتبة ارشمندريت .
وقد ساهمت العلاقات التجارية بين انطاكية والعالم الروماني في اذاعة شهرة القديس سمعان العامودي وكانت صورته معروضة في محترفات الفنانين في روما ، كما يذكر أنه كان يرسل تحياته إلى القديسة جنفياف شفيعة باريس ( قرية ليتسيا lutetia آنئذٍ ) مع التجار الغاليين الذين كانوا يزورونه ويعلمونه عن قداستها وأخبارها. ومن عجائب القديس سمعان التي يذكرها الأسقف تيودوره ، شفاء أحد الأمراء القادمين إليه من الرقة وكان مصابا ً بالفالج.
كما استجاب دعاء أحدى أمهات الاسماعيليين فأصبحي أماً بعد أن كانت عاقراً . وكان أهل فارس يدعونه \” الرجل الآلي \” وكانت قوة احتماله للوقوف والسجود فوق عاموده في أثناء صلاته عجائبية . فقد عدَّ أحد مرافقي الأسقف تيودوره 1244 ألف ومائتي وأربع وأربعين سجدة ثم ضجر وتوقف عن العد. وكان في سجوده ينحني فتصل جبهته حتى إصبع رجليه . ذلك أن معدته التي لايصل إليها الطعام سوى مرة واحدة في الأسبوع وبكمية ضئيلة كانت تسهل انحناء ظهره . وكان يبقى بعد غياب الشمس وحتى شروقها في الأفق واقفاً الليل كله رافعاً يديه نحو السماء دون أن يميل إلى النعاس أو يغلبه التعب.