منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=299722)

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:40 PM

كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
مقدمة

باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.
الحمد لله الشافي جروح القلوب. مصدر العزاء والسلوان في أزمة الكروب. وبعد فهذا كتاب يتضمن عدة مواضيع مخففة لآلام المتألمين والمتضايقين، معزية للمصابين والمحزونين، يمكن تلاوته في أيام المآتم بدل صرف الوقت في ما لا يعزي ولا يفيد.
اسأل الروح القدس المعزي أن يعزي به الحزانى والمتوجعين ويهب به الصبر والسلوان للمكروبين والمجربين. آمين.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:42 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
كلمة عزاء

إن الله تعالى كثيراً ما يستخدم عصا تأديبية في الشدائد والبلايا والأحزان لنفعنا وخيرنا الروحي، وتكميلنا في النمو وفي النعمة وفي معرفته، كأغصان الأشجار التي كلما قطعت وقلمت ازدادت نمواً، وكالكرمة فإنها كلما شذبت حملت عناقيد أكثر، قال السيد كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر (يو15: 2) وما أداة هذه التنقية إلا التجارب التي ترجع النفس وتلصقها بالله. وكما أن رياح الحريف الفادحة ضرورية لإنضاج النبات كحرارة الصيف، كذلك لابد من التمرين والتدريب في مدرسة المصاعب للبلوغ إلى أرقى درجة في الروحيات حتى تصرخ النفس وتقول "قبل أن أذلل أنا ضللت، أما الآن فحفظت قولك، خير لي أني تذللت لكي أتعلم فرائضك".

إننا على الأرض عرضة لبلايا كثيرة، ومحن لا تعد ولا تحصى ولابد من حمل صليب ما، شئنا أو أبينا. وعبثاً التخلص من المصائب والأتعاب التي لابد منها لتعلم الطاعة والصبر والتدريب على الكمال. والمسيح رئيس خلاصنا ومكمله لم يعد لنا السعادة والمجد إلا بعد مروره في طريق الآلام، فقبل المجد الألم، وقبل الراحة التعب، وقبل النصرة الحرب، وقبل الإكليل الجهاد.
قال الرسول عن المخلص مع كونه ابناً تعلم الطاعة مما تألم به. عب (5: 8) لأنه فيما هو قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين. عب (2: 18) وما أعظم مثال طاعته فقد كانت كل حياته لجة آلام وأحزان من المهد إلى اللحد وقد قال في أهوال الأوقات لآبيه لتكن لا إرادتي بل إرادتك لو (22: 42) فهل يليق بنا أن نتذمر متى شاء الرب اقتيادنا بالتجارب لتهذيب نفوسنا ورجوعها إليه! وهل في يدنا أن نختار نصيبنا، وهل في قدرتنا رفع ما يضعه الرب على أعناقنا. ومن نحن حتى نرفع صوتنا ضد من بيده أمرنا. فعلينا بالخضوع والطاعة وتسليم المشيئة حين دخولنا في إحدى التجارب، سواء بموت أحد أعزائنا، أو خيبة مساعينا أو ضياع أتعابنا عبثاً، أو انقطاع حبل آمالنا، أو إذا سلطت الأمراض على أجسامنا، أو كنا عرضة للتعب والبلاء ليلاً ونهارا. فكل هذه دروس ثمينة لتدريب نفوسنا على الطاعة والاتكال على الله، وماذا نعمل لو تذمرنا وماذا يجدينا الضجر والبكاء سوى زيادة الألم أما الطاعة فتملأ القلب تعزية وفي قدرتها رفع الألم عن نفوسنا. لأن الفاخوري (الفخاري) لا يضع آنيته في النار حتى تحترق، والبستاني إذا نزع بعض أغصان أشجاره فإنه يحافظ على جذوعها وأصلها. طوبى للنفس التي تقول "خيراً صنعت مع عبدك يا رب حسب كلامك" (مز119: 65).
من أحسن ما يخفف قوة البلية ويربى روح الطاعة والشكر معرفتنا أن يد الله متداخلة في كل أمورنا. ألم يقل السيد: أليس عصفوران يباعان بفلس واحد وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة مت (10: 29، 30) فلا يحدث لنا أمر إلا وقد سمحت به عناية الله. إننا لا نعرف مقاصده السرية والفائقة وطالما نؤمن بحكمته وصلاحه فما بالنا لا نتركه يتصرف فينا كيف شاءت مسرته،أما إذا تركنا الإيمان وابتعدنا عن كتاب الله وأسندنا مصائبنا إلى علل ثانوية، تعبنا جداً وخسرنا فوائد التجارب وعزاء الإيمان. إن هذه كلها تعللات باطلة لا أساس لها سوى الظن الباطل وحكمة الإنسان الواهية وليس وراءها سوى زيادة الندم والإفراط في الحزن والألم. طوبى لمن يسلم أمره لله ويقول في كل حال "كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله".
إن إيماننا بأن أعمال الله غامضة وسرية، وأن عنايته صالحة. ومشيئته عادلة، يملأ قلوبنا اطمئنانا، وغموض أعمال الله عنا في غاية المناسبة لطبيعتنا. إذ لا يمكننا أن نفهم مقاصد الله لأنه كما علت السموات عن الأرض هكذا علت أفكاره عن أفكارنا، وطريقه عن طرقنا. وقد تعين لنا أن نسلك بالإيمان لا بالعيان فكلما أحاطت بنا غيوم الحيرة والارتباك في أمورنا ازددنا تعلما بدرس الثقة بالله والاتكال عليه، والخضوع لرسوم عنايته، واختبار الفرح بتسلطه علينا، وليس لنا الحق أن نعرف إيضاح كل تصرفات الله معنا كما لا يستطيع الولد الصغير أن يعرف تأديبات وتصرفات أبيه، غير أن لنا في مواعيده الأمينة أنه لا يتركنا عند الضيق والتجربة ولا يهملنا في أوان الحزن والشدة، بل في أشد الأهوال وأصعب الأحوال يلقي في قلوبنا ملء الإيمان ويهبنا العزاء الوافر، ويصدق علينا قوله لبطرس: ليس تعلم أنت الآن ما أنا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد. هكذا نحن لا نفهم عمله معنا في وقت الافتقاد والبلوى ولكن إذا صبرنا والتصقت قلوبنا بالرب حينئذ تتجلى لنا محبته.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:43 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
ملاحظات هامة

من يتأمل في عوائدنا في الجنازات والمآتم ير أننا نئن من بعض العوائد المستهجنة التي يجب على كل عاقل أن يحاربها جهد استطاعته وأذكر منها:
أولاً: النفقات الباهظة التي يتكبدها أهل الفقيد لاسيما في تشبع الجثة إلى القبر. ولقد أفاضت الجرائد في استهجان هذه العادة لاسيما إذا كان الفقيد من الفقراء أو المتوسطين. وأشارت على المشيعين بأن يخففوا شيئاً من أثقال المصابين بأن يشترك كل جماعة منهم في ركوب سيارة على حسابهم فحبذا لو راعينا هذه النصيحة الثمينة حتى يألف الناس هذه العادة الحسنة.
ثانياً: جلوس المعزين في حالة لا تناسب المقام. واحد يقرأ في جريدة وغيره يتكلم مع رفيقه. وآل الفقيد يتلظون في نيران أحزانهم. وما معنى العزاء إذاً؟ فيجب تخصيص أغلب الوقت في تلاوة كلام الله حتى تكون هناك تعزية كبرى للمحزونين وعظة بالغة للحاضرين.
ثالثاً: ما تأتيه النساء من شدة البكاء والصراخ والعويل واللطم والندب والإفراط في الحزن فضلاً عن استخدام النادبات والمعددات لإثارة أشجانهن. الأمر المخالف للعقل والدين والآداب، ولا يجلب سوى الأوجاع والأمراض. وكم من سيدات فقدن صحتهن وعشن حليفات المرضى من جزاء خضوعهن لتلك العادات الذميمة. فلو أمكن لإحدى السيدات أو الفتيات تلاوة بعض فصول من الكتاب المقدس ومن هذا الكتاب، لنشأ عن ذلك فائدة في تعليمهن ما يخفف ألمهن ويلطف حزنهن.
وحبذا لو أفاضت مجلاتنا وجرائدنا في تنبيه الناس لإصلاح العادات المستهجنة التي نئن منها، وعاونها في ذلك رعاتنا الفضلاء ووعاظنا الأدباء.
حبيب جرجس

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:43 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الباب الأول: تأملات للمجربين وتعزيات للمتضايقين


  • التجارب نصيب كل البشر والغرض منها
  • نعمة التجارب وفائدتها
  • عشرة دروس من مدرسة التجارب

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:45 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
التجارب نصيب كل البشر والغرض منها

حياتنا جهاد على الأرض. والتجارب والبلايا والأرزاء تلازم الإنسان في جميع أدواره من المهد إلى اللحد. ولا يخلو إنسان من تجربة أو بليَّة تُعكِّر صفاءه. من الملك الجالس على عرشه إلى الفقير الساكن في كوخه، وإذا أردت أنْ تحصى مقدار التجارب لزمك أنْ تحصى عدد البشر. ذلك لأنَّ لكل إنسان تجربة خاصة وشوكة يصرخ متوجعاً منها.
اختلفت التجارب وتعدَّدت الآلام وتنوَّعت الرَّزايا، ولكنَّها كلها تجارب وآلام مهما تنوَّعت أسبابها واختلفت أشكالها. إنَّ التجارب نصيب كل البشر ولا يستطيع أحد أنْ ينجو منها. لأنَّ طريق الحياة كله آلام، والإنسان مولود للمشقة وشبعان تعباً وأكثر أيامه تعب وبليَّة. مز (10:90) متى عرفنا ذلك هانت علينا المصائب واستعدَّت قلوبنا لاحتمال الآلام التي نصادفها أثناء سياحتنا في دار غربتنا.

لماذا حفلت الحياة بالأتعاب والتجارب؟ ولماذا اكتنف الإنسان بهذه البلايا؟ ذلك لكي لا تلتصق النفس بالعالم وتتعلَّق به وتجعله غايتها، وحتى تعرف أنَّ لها ملجأً عظيماً تلتجئ إليه عند الملمَّات والضيقات، وهو الله الذي يعتني بنا في أزمنة الكروب. وبذلك نعرف أنَّنا غرباء في العالم وأنَّ هذه الدنيا ليست وطننا، بل ننتظر وطناً آخر باقياً وأبدياً ونتوقع بصبر حياة خالية من الأكدار، لا يدخلها هم ولا حزن ولا يكون فيها دموع. كان بنو إسرائيل شعباً خاصاً لله اختاره من بين الأمم ومع ذلك سمح بأنْ يُذلّوا ويضيق عليهم ويُستعبدوا في أرض مصر واكتنفتهم البلايا من كل جانب. ولولا ذلك لالتصقت نفوسهم بحب البقاء في مصر ولم يرضوا الخروج منها لأنَّهم كانوا مُستعبدين ومُذلِّين فتنبَّهت نفوسهم وكانوا ينتظرون ساعة خروجهم من الذلّ والضيق،ولمَّا دعاهم موسى أذعنوا وأطاعوا للحال دعوته. هكذا نحن نصادف الآلام والمشقات في أرض غربتنا في هذا الوادي حتى ننظر بشوق إلى الوطن السماوي، ولا نأسف على حياة ملآنة بالتعب، بينما نعرف أنَّ حياة سعيدة أبدية تنتظرنا في السماء.
جميع الآلام التي نُصادفها في طريق حياتنا هي كرسائل محبة من الله لتنبيه الغافلين للتقويم والتأديب فهي إذاً تستحق كل إكرام واعتبار. وإنْ لم نُبالِ بها كان ذلك استهانة بمُرسلها.
لا شيء يُريح الفكر في زمن الضيق أكثر من النظر إلى ما فوق وإلى ما وراء. فأمَّا النظر إلى ما فوق فلكيّ نتأمل بأنَّ يد الله الرؤوفة هي التي سمحت بوقوع تلك التجربة ستؤول إلى خيرنا ونفعنا وتُعيد نفوسنا إلى الرب. وما أسعد أنْ يُلقى الإنسان بنفسه بين يدىّ الله وتحت عنايته وحمايته ويرضخ لأحكامه. عندما نتأمل في أنَّ هذه التجارب علامة محبة الله وملاحظته لنا تأمن النفس وتستريح في هذا الحِمَى، حتى في وسط أشد الأخطار وأكبر المصائب.
إنَّ يد الله قدوسة وطاهرة. فتلك النفس التي تقترب منها في أزمنة الضيق تتطهر بالتوبة والندامة وحينئذٍ تسكن آمنة في ملجأ الرب. فيا أيَّتُها النفس الواقعة تحت التجربة طهِّري ذاتك واقتربي من الله بثقة واحذري عدم الإيمان. وأنت يا مَنْ تُريد أنْ تحفظك اليد العلى في الضيق وتعيش بسلام وأمن. احذر الخطأ لئلاَّ ترتاع وينزعج ضميرك فيهرب منك السلام. إنْ وجَّهت قلبك إلى الله وسلَّمت ذاتك لمشيئته شعرت حالاً بتعزيّاته التي يفيضها في نفسك. ألقِ بنفسك عند قدميّ الرب وقل له: يا رب أنت راحة النفوس التعبانة وقد وعدت بالراحة للذين يُقبلون إليك. نفسي خالية من كل استحقاق ولكنِّى أتكل على استحقاقك. لا برّ لي ولكنْ برَّك يكفيني ويكفى العالم كله، وفي قبولك لي تظهر رحمتك وغنَى نعمتك.
إنْ فعلت ذلك ارتاحت نفسك من التجربة ووجدت السلام التام في قلبك.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:47 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
نعمة التجارب وفائدتها

إنَّ الله تعالى يستعمل التجارب بمنزلة علاجٍ شافٍ، بها يجعلنا آنية طاهرة نقية. فلا يجب أنْ ننظر إليها كنقمة بل كنعمة من الله. بها يُصلِح نفوسنا. ويُرقِّى أخلاقنا ويُهذِّبها، ويُزكِّى أرواحنا، ويزيل كبرياءنا وفسادنا، يجعل ذاته سندنا الوحيد، ويرفع أرواحنا من الأرض إلى السماء. فإنَّنا لا نجد وقتاً ترتفع فيه أنفسنا عن العالم وتلتصق بالله أكثر من زمن التجارب. في تلك الأوقات تنحلّ القيود والسلاسل التي تُقيّدنا بالدنيا وتصعد عقولنا إلى فوق إلى السماء، وفي ذلك راحة كبرى للنفس، وتعزية تامة تَحِفّ وطأة المصائب.
طوبى لمَنْ ينظر إلى التجارب هذه النظرة حيث يرى أنَّ يد الله الحنون هي التي أصابته فيقبل التجربة حباً به تعالى وإكراماً له، وتنتبه نفسه وترجع لاجئة بمصدر راحتها. لنعلم أنَّ كل تجربة أو ألم أو حزن أو كل ما يُصيبنا في العالم إنَّما هو موجة من أمواج بحر هذا العالم المتلاطم المضطرب الهائج بالعواصف والأنواء الكثيرة، ترفع بنا من البحر إلى شاطئ السلام وتُقرِّبنا إلى السماء. وترفعنا عن دنيا العالم وتُعلن لنا خداعه وغروره ولكن عدم مبالاتنا بهذه التجارب مما يُزيد آلامنا ويُضاعف ضيقاتنا. كما أنَّ المريض لا يستفيد من دواء الطبيب إذا لم يُراعِ إرشاده، كذلك أولئك الذين يستهينون بالتجارب فإنَّهم لا ينتفعون ممَّا يُصيبهم. وربما لا يجدون وقتاً ولا فرصة أخرى لتقويم نفوسهم.
إنَّ التأمل في الآلام أمر محزن ولكن أشد حزناً منه التأمل في حالة أولئك الذين لم ينتفعوا بتلك الآلام، لأنَّهم استخفُّوا بتأديب القدير واستهانوا بيد العلى.

من أحسن علاجات النفس لاحتمال التجارب قول الرسول "لأنَّ خِفَّة ضِيقَتنا تُنشئ لنا فَأكثَر مَجْدٍ أبديّاً" 2كو (17:4) فهذا وحده يكفينا لنتعلَّم احتمال الآلام بصبرٍ جميل. لأنَّه إنْ كان المجد يكثُر للنفس باحتمالها التجارب، وإنْ كانت الضيقات واسطة لزيادة المجد، فما بالك أيَّتها النفس تتذمَّرين ممَّا يُزيد من مجدك ويُضاعف من راحتك الأبدية.
تعزية كبرى أنْ تتأمل النفس بأنَّ الراحة الأبدية والسعادة الكاملة تُكال لنا بكؤوس أكبر وأوسع من كؤوس الأحزان التي نشربها في العالم. وأنَّ آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أنْ يُستعلن فينا. فلماذا يغيظك أيَّتها النفس وقوعك تحت رَحَىَ تجارب العالم مادامت هي تطحنك وتُصيرك دقيقاً نقياً. وبدخولك في نيران الألم تصيرين صالحة لأنْ تكونِ خبزاً طاهراً أمام الله وأنَّ دخولك الآتون لا يُقصد منه إلاَّ خروجك منه أيضاً صافية كالذهب الخالص. وإذا كانت يد الرب هي التي شاءت تأديبنا فمَنْ يرفض تأديبه! إنَّ تأديب الرب لنا بالأوجاع والضربات خير من أنْ يبتسم لنا العالم ويعزُّنا ويُسلِّمنا أخيراً إلى الهلاك. طوبى لرجل يُؤدِّبه الرب فلا ترفض تأديب القدير،"لأنَّ الذي يُحِبُّه الرَّب يُؤدِّبُه ويَجلِد كل ابنٍ يَقبَلُه. إنْ كُنتُم تَحتَمِلُون التَّأدِيب يُعامِلكُم الله كالبَنِين. فأيّ ابنٍ لا يُؤدِّبُه أَبُوه... ولَكِنَّ كل تَأدِيب في الحَاضِر لا يُرَى أنَّهُ للفَرحِ بَل للحَزَن. وأمَّا أَخِيراً فيُعطِى الذين يَتَدرَّبُون بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَم" عب (11، 7، 6:12) "كُلَّ الأَشْيَاء تَعْمَل معاً لِلخَيرِ للذين يُحِبُّونَ الله" رو (28:8).
أيُّها المحزون والمُجَرَّب والمُتوَجِّع: لا تحزن ولا تبكِ بل اعلم أنَّ عين الله تُراقبك، وأنَّ عنده العزاء الكثير إذا اتَّكلت عليه من كل قلبك وسلَّمت إليه أمرك.
إنَّ الفاخوري لا يترك آنيته في النار حتى تحترق. والصائغ لا يدع فضته وذهبه في البوتقة أكثر ممَّا ينبغي. فإنَّ الله لا يترك أصفياءه في آتون التجارب للأحزان، بل للتمحيص والتزكية. قال الرسول "لَمْ تُصِبكُم تَجْرِبَةٌ إلاَّ بَشَرِيَّةٌ ولكنَّ الله أَمينٌ الذي لا يَدَعكُم تُجَرَّبُون فَوقَ ما تَستَطِيعُون بَل سَيَجعَل مع التَّجرِبَة أَيضاً المَنفَذ لِتَستَطِيعُوا أنْ تَحتَمِلُوا" 1كو (13:10).
إنَّنا نجد كثيرين من أقدس الناس وأكثرهم تقوى واقعين في تجارب يَندُر أنْ يُصاب بها غيرهم. ألا ترى كثيرين من الأتقياء لا تفارقهم الدموع فلا تتركهم البلايا بل هم حليفو الأوجاع. لا يخرجون من تجربة حتى تلقاهم أخرى، ولكن الله لا يترك الأحزان تفترسنا بل هو قال "لا أُهمِلُك ولا أَتْرُكُك" "كَثِيرَةٌ هي بَلايَا الصِّدِّيق ومِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيه الرَّب" مز (19:34) "إذَا اجْتَزْتَ في المِيَاه فَأَنَا مَعَكَ وفي الأَنْهَار فَلا تَغمُرُك. إذَا مَشَيْتَ في النَّار فَلا تُلْذَع والَّلهِيبُ لا يُحرِقُك" أش (2:43) "أمَّا خَلاصُ الصِّدِّيقين فَمِنْ قِبَل الرَّبِّ حِصنهُم في زَمَان الضِّيق. ويُعِينُهُم الرَّبُّ ويُنَجِّيهِم.. " مز (40، 39:37).
مَنْ كان يظن أنَّ ذلك الغلام يوسف الذي أبغضه أخوته وطرحوه في الجب ثم بِيعَ عبداً ثم أُلقىَ في السجن في أرض مصر، كأنَّ العناية تركته. فإنَّه لمَّا جاء زمن افتقاده وانتهت مدة تجربته، خرج من السجن ليكون مُتسلِّطاً على كل أرض مصر. ومَنْ كان يتصور أنَّ ذلك الطفل موسى الذي ألقته أمه بجانب النهر يغلب فرعون وكل جنوده ويقود إسرائيل؟ هل خطر في بال أحد أنَّ إنساناً مثل يونان يُطرح في البحر ويدخل في جوف الحوت ثم يخرج سالماً؟ مَنْ كان ينتظر أنَّ دانيال الذي أُلقى في جب الأسود يخرج منه إلاَّ عظاماً؟ مَنْ كان يتصور أنَّ الفتية الثلاثة الذين أُلقوا في أتون النار يخرجون أحياء ولم تكن للنار قوة على أجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تأتِ عليهم. هذه عناية الله وحفظه للذين يتوكلون عليه في أزمنة الضيق، فإنَّه يُخرجهم من ضيقهم ظافرين منتصرين كاملين.
إنَّ البحر الهادئ لا يُصَيِّر الملاَّح حاذقاً. والجندي الذي لا يشهد المعارك لا يكون جندياً مُدرباً. والجسم الذي لا يحتمل المشاق لا يكون قوياً. ولا تظهر النجوم وينجلي بهاؤها إلاَّ في الليالي الحوالِك. والحبوب العطرية لا تفوح رائحتها إلاَّ إذا سُحِقَت وفُرِكَت والذهب الحقيقي لابد أنْ يُمحَص في البوتقة. والماس لابد أنْ يُقطع والحنطة لابد أنْ تُدق قبل أنْ تدخل إلى الإهراء. والقمح لابد أنْ يُطحن ويدخل النار قبل أنْ يصير صالحاً للطعام. والأوتار لا تُعطى صوتاً عذباً ما لم تُشد جيداً وتُضرب بالأصابع. ولا تتمكن الأشجار الصغيرة في الأرض إلاَّ إذا هزَّتها الرياح وكذلك الكرمة لا تنمو وتحمل العناقيد الكثيرة ما لم تُشذَّب وتُقلَّم بالمناجل.
على هذا المثال يعظم انتصار شعب الله كلما ازدادت تجاربهم. يكثر مجدهم بازدياد آلامهم. ويعلون قدراً عند الله كلَّما أُخفضوا في أعين الناس وأعين أنفسهم. هؤلاء إذا حاربوا انتصروا، وإذا أُصيبوا بالشدائد غلبوا وخرجوا منها ظافرين. ويظهر أنَّ بلاياهم أوفق لحياتهم الروحية، وأنَّ أحزانهم الشديدة نافعة لعواطفهم السماوية حتى تظهر النعمة المستترة في قلوبهم عند المصائب، كما يخرج ماء الورد من الزهر عند وضعه في النار.
قال أشعياء النبي عن المسيح أنَّه رجل أوجاع ومُختبر الحزن مع أنَّه لم يوجد في فمه غش فأخذ أسقامنا وحمل أمراضنا. قال عنه الرسول بولس "كَانَ يَنْبَغِى أنْ يُشْبِه إخوَتَه في كُلِّ شَيء، لِكَىْ يَكُونَ رَحِيماً، ورَئِيسَ كَهَنَةٍ أمِيناً في ما لله حتَّى يُكَفِّر خَطَايَا الشَّعْب. لأنَّه في ما هو قَد تَأَلَّم مُجَرَّباً يَقدِرُ أنْ يُعِين المُجَرَّبِين" عب (18، 17:2) "لأنْ لَيسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيرُ قَادِرٍ أنْ يَرْثَىِ لِضَعَفَاتِنَا، بَل مُجَرَّبٌ في كُلِّ شَيء مِثلُنَا، بِلا خَطيَّةٍ" عب (15:4) و"مَعَ كَونِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَة مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ" عب (8:5) وقال "لأنَّهُ لاقَ بِذَاكَ الذي مِنْ أَجلِهِ الكُلَّ وبِهِ الكُلَّ، وهو آتٍ بِأَبنَاءٍ كَثِيرِينَ إلَى المَجدِ أنْ يُكَمِّلَ رَئيسَ خَلاصِهِمْ بِالآلامِ" عب (10:2) ومن هنا يظهر أنَّ لابد من الآلام للحصول على الكمال. لأنَّ الكمال لا ينحصر فقط في الصفات والأعمال الفاضلة كالرحمة والقداسة والمحبة ولكنَّه يستلزم الاتضاع والطاعة والصبر والاحتمال. وهذه الفضائل لا تتعلمها إلاَّ من طريق التجارب، ولا نبلغ إلى سرّ الكمال إلاَّ من هذا الباب. وإذا كان الله تعالى استحسن أنْ يجعل الأحزان والأوجاع مُكمِّلة للمؤمنين فلماذا نرفض نحن البشر هذه الآلام وفيها كمالنا!!
إنَّ مخلصنا تألم وهو رأس الجسد فلابد أنَّ كل عضو في جسده يتألم مثله ويشرب الكأس التي شرب منها سيده ومُعلِّمه. لذلك نرى أنَّ كل رجال الله القديسين تألموا وأصيبوا بضيقات شديدة وتمرَّسوا بنوائب عديدة ولم يتكلموا إلاَّ بعد دخولهم نيران التجارب, ولا يوجد شيء أخطر على النفس من نجاحها وعدم مُصادفتها شيئاً من التجارب, فإنَّ ذلك يُعرِّضها للسقوط في الكبرياء ونسيان الله.
قال بعضهم: دخلت معملاً للزجاج فرأيت كميات عظيمة من الزجاج الذائب الملتهب على هيئات مختلفة. ورأيت الصانع ينشل قطعة الزجاج من آتون ثم يضعها في آتون آخر وهكذا. فقلت له لماذا تضعها في هذه النيران الشديدة؟ فأجاب: أنَّ النار الأولى لم تكن حامية كفاية وكذلك الثانية أيضاً فإذا وضعناها في الثالثة جعلتها زجاجاً مكرراً. فأخذت أفكر في نفسي وأقول إنَّ هذا الإنسان يضع الزجاج في آتون بعد آخر حتى يتكرر ويكمل، فيا إلهي ضعني في آتون بعد آخر وفي بوتقة بعد أخرى حتى تُصفَّى نفسي وأتطهَّر لأرى الله كما هو.
فلا نعجب إذاً حين نرى آلام الناس الأتقياء، فقد عرفنا سرّ آلامهم. ولنقف بخوف وورع أمام هذه التأملات عالمين أنَّنا نشاهد ظل أحزان المسيح. وأنَّ أمثال هؤلاء إنَّما مدعوون إلى غاية فائقة ومفتقدون من الله بمحبة خاصة. وقد أُعِدَت لهم كنوز أفراح لا يُنطق بها، وتنتظرهم أكاليل مجد لا تزول ولا توصف.
ينتج ممَّا تقدم أنَّ التجارب والآلام ليست هي القداسة ولكنَّها هي الواسطة إليها، وأنَّها قد تكون للخير أو للشر. فإنْ نظرنا إليها نظرة سماوية وخضعنا لها وقبلناها بالشكر والصبر والطاعة والمحبة واستفدنا منها كانت لنا أخيراً سبب فرح ورائحة حياة، وإلاَّ فهي رائحة موت.
فلا ترفض أيها الحبيب تأديب القدير "لأنَّهُ هُو يَجرَحُ ويَعْصِبُ. يَسْحَقُ ويَدَاهُ تَشْفِيانِ" أي (18:5) "لا تَحْتَقِرْ تَأديبَ الرَّبِّ ولا تَكْرَه تَوْبيخَهُ. لأنَّ الذي يُحِبُّه الرَّبُّ يُؤَدِّبُه وكَأَبٍ بِابنٍ يُسَرُّ بِهِ" أم (12، 11:3) "إنْ كُنتُم تَحتَمِلُونَ التَأدِيبَ يُعامِلُكُم الله كَالبَنينَ. فَأىُّ ابْنٍ لا يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟" عب (7:12) فمَنْ يقبل التأديب بطاعة ووداعة ويذرف دموعه بالشكر والحمد فهو ابن مطيع. وأمَّا الذي يكره الامتحان ولا يتحمل التأديب فهو عاصٍ مُتمرد. إنَّ الذين يتذمرون في الشدائد والضيقات يذوبون في أحزانهم إذ ليس أمامهم صخر الدهور الأبدي يستندون عليه، وهم لا يريدون أنْ يلتجئوا إلى ملجأهم الأمين. أمَّا أنت فاعرف أنَّ لك أباً في السماء كثير الرحمة، عظيم التحنن، وافر الشفقة، يزن المقادير المناسبة لأحزانك، وينظر إلى دموعك وتنهداتك، ويلتفت إلى شكوى آنيتك. اطرح ذاتك عند قدميه بالصبر والوداعة. خاضعاً لإرادته المقدسة. باركه في شدائدك. فتستحيل أحزانك أخيراً إلى سيول تعزيّات لا تخطر لك على بال، لأنَّ الله سيمسح كل دمعة من عينيك ويُلبسك أخيراً أكليل المجد والبهاء.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:49 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
عشرة دروس من مدرسة التجارب

"ولكن كل تأديب في الحاضر لا يري أنه للفرح بل للحزن وأما أخيراً فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر السلام" عب (12: 11).
التجارب نصيب كل البر ولا يخلو أحد منها. وإذا فتشت جميع مراتب النوع الإنساني تجد الجميع يئنون تحت أثقال بلايا متعددة وتجارب متنوعة.
والتجارب وأن كانت مرة إلا أن من يقبلها ويتحملها بصبر ويتدرب بها يجد فيها أخيراً دروساً سامية نافعة في الطاعة والصبر والتهذيب، تكون له ثمر بر للسلام. وأما الذين يدعون التجارب تمر دون أن ينتفعوا منها فتظل نفوسهم متوجعة تحت عجلاتها القاسية. فطوبي لمن يؤدبه الرب ويقبل تأديبه.
واليك عشرة فوائد تنتج من التجارب:
أولا - أنها نافعة أحياناً لمجد الله نظير المولود أعمي الذي لما سأل التلاميذ السيد عنه قائلين هل أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمي؟ أجاب السيد لا هذه ولا أبواه لكن لكي يظهر مجد الله يو (9: 1-2) ونظير موت لعازر الذي قال عنه السيد أن هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله ليتمجد أبن الله به يو (11: 4) وكما قال السيد لبطرس الرسول مشيراً إلي آية ميتة كان مزمعاً أن يمجد الله بها يو (21: 19). فهذه التجارب وأن كانت في حد ذاتها مرة إلا أن الله تعالي قصد أن يتمجد بها. وما أمجد تلك الوسائط التي يتخذها الله لمجده. ومن ذا الذي يكون مستحقاً لنيل شرف وسيم كهذا حتى يتمجد الله به.
ثانياً - تظهر لنا أمانة الله وبطلان التعزيات الأرضية وتنبهنا وتوقظنا من الغفلة:
كثيراً ما تعترينا الغفلة والسبات من الراحة الزائدة والأفراح المتكاثرة والانهماك في أمور الحياة والانشغال بالمتاجر أو العلوم أو الصناعة. فنتشاغل بالدنيا ونتغافل بها عن خير نفوسنا، فيسمح الله بوقوعنا في التجارب كطبيب ماهر، يعطينا الدواء. للانتباه من غفلتنا حتى نهب من سباتنا ضارعين إليه، شاكرين مراحمه، طالبين عفوه. وحينئذ نعرف ونثق أن خلاصنا في يد الرب، فتنتبه نفوسنا وتلتصق به ويظهر لها عبث الدنيا وبطلان كل تعزية بشرية. ومن ثم تردد ألسنتنا قول الجامعة (باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح) وتعرف أن تلك القصبة التي كنا نتوكأ هي قصبة مرضوضة، وأن تلك اليقطينة التي كنا نستظل تحتها أصبحت يابسة. كل ذلك لكي نجد ملء الراحة وتمام التعزية في الرب. ونثق بأنه هو صخر الدهور الأبدي الذي كل من يتكل عليه لا يخيب.

أن العصفور الواقف علي غصن شجرة إذا شعر بخطر ينتقل حالاً إلي غصن آخر وإذا رأي الخطر لم يزل قريباً منه يفرش جناحيه ويطير في الفضاء ليجد له مكاناً آميناً. أفلا يجدر بالمسيحيين حينما يقعون في تجارب متنوعة ويرون المخاطر محدقة بهم أن يطيروا من مساكنهم ليختبئوا تحت جناحي الرحمة الإلهية ويستظلوا بحمي الله الأمين. ومتى رأوا أن العالم كله فخاخ وتجارب ويئسوا من هذه الحياة فأنهم يوجهون أنظارهم من هذا العالم إلي عالم آخر لا تستطيع الأحزان ولا التجارب أن تدخله. لذلك تري المسيحيين الأولين قبلوا سلب أموالهم بفرح عالمين في أنفسهم أن لهم مالا أفضل في السموات وباقياً، وكانوا يبتغون وطناً أفضل أي سماوياً منتظرين المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الرب. عب (10: 34، 11: 16). قال المرتل كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب. يحفظ جميع عظامه. واحد منها لا ينكسر مز (34: 19، 20) وقال الرسول "لنا هذا الكنز في آوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا. مكتئبين في كل شي لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير يائسين مضطهدين لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين، حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت" 2 كو (4: 7 - 11).
ثالثا - نافعة لإذلالنا وإقناعنا بخطايانا:
قال أليهو أحد أصدقاء أيوب "أن أوثقوا بالقيود، أن أخذوا في حبالة الذل فيظهر لهم أفعالهم ومعاصيهم لأنهم تجبروا ويفتح آذانهم للإنذار ويأمر بأن يرجعوا عن الإثم. أن سمعوا. أطاعوا قضوا أيامهم بالخير وسنيهم بالنعم وأن لم يسمعوا فبحربة الموت يزولون ويموتون بعدم المعرفة.... ينجي البائس في ذله ويفتح أذانهم في الضيق" أي (36: 8- 15) قال المرتل: خير لي أني تذللت لكي أتعلم فرائضك، قبل أن أذلل أنا ضللت. أما الآن فحفظت قولك مز (19: 67، 17) والابن الشاطر بعد أن تذلل وشعر بحالته رجع نفسه وقال كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً ثم رجع إلي أبيه لو (15: 17)، وجاء في سفر العدد أن الرب أرسل علي الشعب الحيات المحرقة فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون من إسرائيل فأتي الشعب إلي موسي وقالوا قد أخطأنا إذا تكلمنا علي الرب وعليك فصل إلي الرب ليرفع عنا الحيات عد (21: 6، 7). قال المرتل لهذا يصلي لك كل نقي في وقت يجدك فيه. عند غمارة المياه الكثيرة إياه لا تصيب مز (32: 6)، وقال أيضاً إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في أقوالك وتزكو في قضائك مز (51: 4) قال الرب أن أغلقت السماء ولم يكن مطر وأن أمرت الجراد أن يأكل الأرض وأن أرسلت وباء علي شعبي، فإذا تواضع شعبي الذين دعوا أسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فأني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم 2 أي (7: 13، 14) وقال ارمياء: ذكر مذلتي وتيهاني افسنتين وعلقم، ذكرا تذكر نفسي وتنحني في مرا (3: 19، 20) وقال بولس الرسول "ولئلا أرتفع فوق الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع، من جهة هذا تضرعت إلي الرب ثلاث مرات أن يفارقني فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل" 2 كو (12: 7 - 9).
رابعاً - تمتحن إيماننا وطاعتنا:
فكم من خائن مستتر كشفت التجارب عن خيانته،وكم من مرائي مزقت ثوب رياءه فبان رياؤه وعرف مكره. وكم من صادق أظهرت للغير صدقه وأمانته. وكم من تقي كامل نشرت أعلام تقواه وكماله. فجزي الله التجارب كل خير فقد عرفت الإنسان حاله وبينت له أصدقاءه من أعدائه فهي كالنار تمتحن الفضة والذهب وتعلن ما فيهما. وكأنها لسان البشر ونبا الأخبار. بها يعرف المستقيم والمعوج. الصالح والفاسد " بالإيمان قدم إبراهيمإسحق وهو مجرب. قدم الذي قبل المواعيد وحيده، الذي قيل له أنه بإسحق يدعي لك نسل. إذا حسب أن الله قادر علي الإقامة من الأموات أيضاً الذين منهم أخذه أيضاً في مثال" (عب 11: 17 - 19) " وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب هذه الأربعين سنة في القفر لكي يذلك ويجربك ويعرف ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم لا. فأذلك وأجاعك وأطعمك المن الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك... فأعلم في قلبك أنه كما يؤدب الإنسان ابنه قد أدبك الرب إلهك.... لكي يذلك ويجربك لكي يحسن إليك في آخرتك " تث (8: 2- 5، 16) وقال بطرس الرسول "الذي به تبتهجون مع أنكم الآن أن كان يجب تحزنون يسيراً بتجارب متنوعة لكي تكون تزكية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة عند استعلان يسوع المسيح" (1 بط 1: 6، 7). وقال الرب لملاك كنيسة سميرنا "لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به هوذا إبليس مزمع أن يلقي بعضاً منكم في السجن لكي تجربوا ويون لكم ضيق عشرة أيام. كن أميناً إلي الموت فسأعطيك إكليل الحياة " رؤ (2: 10).
خامساً - نمتحن براءتنا وتصير نافعة لطهارتنا وتأديبنا:
قال الحكيم: البوطة للفضة والكور للذهب وممتحن القلوب أم (17: 3) وقال أيوب لأنه يعرف طريقي إذا جربني أخرج كالذهب أي (23: 10) وقال المرنم لأنك جربتنا يا الله. محصتنا كمحص الفضة أدخلتنا إلي الشبكة. جعلت ضغطاً علي متوننا. ركبت أناساً علي رؤوسنا. دخلنا في النار والماء ثم أخرجتنا إلي الخصب مز (66: 10 - 12) وقال الحكيم الحزن خير من الضحك لأنه بكآبة الوجه يصلح القلب جا (7: 3) وقال إشعياء: وأرد يدي عليك وأنقي زغلك كأنه بالبورق وأنزع كل قصديرك وأعيد قضاتك كما في الأول ومشيريك في البداءة. بعد ذلك تدعين مدينة العدل القرية الأمينة اش (1: 25، 26) هأنذا قد نقيتك وليس بفضة. اخترتك في كور المشقة اش (48: 10). وقال ارميا لذلك هكذا قال رب الجنود هأنذا أنقيهم وأمتحنهم ار (9: 7) وقال زكريا ويكون في كل الأرض يقول الرب أن ثلثين منهما يقطعان ويموتان والثلث يبقي في النار وأمحصهم كمحص الفضة وأمتحنهم امتحان الذهب. هو يدعو باسمي وأنا أجيبه. أقول هو شعبي وهو يقول الرب الهي زك (13: 8، 9) وقال ملاخي لأنه نار الممحص ومثل آشنان القصار فيجلس ممحصاً ومنقياً للفضة فينقي بني لاوي ويصفيهم كالذهب والفضة ليكونوا مقربين للرب تقدمة بالبر فتكون تقدمة يهوذا وأورشليم مرضية للرب كما في أيام القدم في السنين القديمة. ملا (3: 2 -4).
أن بطرس الرسول قد استفاد من تجربته عندما أنكر السيد، وصار أكثر حذراً من قبل واقل اعتدادًا بنفسه إذ لما سأله السيد أتحبني يا بطرس أكثر من هؤلاء (أي من التلاميذ) قال للسيد أنت تعلم كل شيء وتعلم أني أحبك، ولم يقل أني أحبك أكثر من غيري لأن تجربته الأولي علمته عدم الاتكال علي نفسه وعدم الثقة بقوته، قال يعقوب الرسول "أحسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة. عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً وأما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء " يع (1: 2 - 4)، قال موسى النبي فاعلم في قلبك أنه كما يؤدب الإنسان أبنه قد أدبك الرب إلهك تث (8: 5) وقال بولس الرسول "يا أبني لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل أبن يقبله " عب (12: 5، 6) فالرب يؤدبنا بالتجارب أحياناً بحسب احتياجنا تارة بالقصاص وأخرى بالتهديد أو باللطف أو بالتعليم " أدبني يا رب ولكن بالحق لا بغضبك لئلا تفنيني " ار (10: 24).
سادساً - تعلمنا إرادة الله وترجعنا إليه وترشدنا إلي طلبه:
من دأب الإنسان أن يطلب ملجأ في أزمنة الضيق ومساعداً في الحاجة ومعزياً في الحزن وطبيباً في المرض. فالتجارب تسحق القلب وتبين للإنسان عجزه وضعفه وبعد ذلك تريه عظمة الله ليلتجئ إليه ويعرف انه تعال سنده ومرشده وملجأه وطبيبه وعزاؤه ومنقذه ومساعده، وحينئذ تسلم النفس ذاتها لمشيئة الرب وتخضع لإرادته فتتحول أتعابها إلي راحة وأحزانها إلي أفراح. فيجد الحزين تعزيته والمتضايق ملجأه والمريض دواءه والمضطرب الخائف سلامه واطمئنانه. قال المرنم: خير لي أني تذللت لكي أتعلم فرائضك مز (119: 17) وقال إشعياء حينما تكون أحكامك في الأرض يتعلم سكان المسكونة العدل أش (26: 9) وقال ميخا النبي صوت الرب ينادي للمدينة والحكمة تري أسمك. أسمعوا للقضيب ومن رسمه مي (6: 9) وقال موسى النبي عندما ضيق عليك وأصابتك كل هذه الأمور في آخلا الأيام ترجع إلي الرب إلهك وتسمع لقوله تث (4: 30) وقال نحميا لقد أفسدنا أمامك ولم نحفظ الوصايا والفرائض والأحكام التي أمرت بها موسي عبدك. أذكر الكلام الذي أمرت به موسي عبدك قائلاً أن خنتم فإني أفرقكم في الشعوب وأن رجعتم إليً وحفظتم وصاياي وعملتموها أن كان المنفيون منكم في أقصاء السموات فمن هناك أجمعهم وآتي بهم إلي المكان الذي اخترت لإسكان أسمي فيه نح (1: 7 - 9) وقال المرنم إذ قتلهم طلبوه ورجعوا وبكروا إلي الله وذكروا أن الله صخرتهم والله العلي وليهم مز (78: 34، 35) وقال هوشع النبي "«لأَنَّ أُمَّهُمْ قَدْ زَنَتِ. الَّتِي حَبِلَتْ بِهِمْ صَنَعَتْ خِزْيًا. لأَنَّهَا قَالَتْ: أَذْهَبُ وَرَاءَ مُحِبِّيَّ الَّذِينَ يُعْطُونَ خُبْزِي وَمَائِي، صُوفِي وَكَتَّانِي، زَيْتِي وَأَشْرِبَتِي. لِذلِكَ هأَنَذَا أُسَيِّجُ طَرِيقَكِ بِالشَّوْكِ، وَأَبْنِي حَائِطَهَا حَتَّى لاَ تَجِدَ مَسَالِكَهَا. فَتَتْبَعُ مُحِبِّيهَا وَلاَ تُدْرِكُهُمْ، وَتُفَتِّشُ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَجِدُهُمْ. فَتَقُولُ: أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى رَجُلِي الأَوَّلِ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ خَيْرٌ لِي مِنَ الآنَ." (سفر هوشع 2: 5-7).
سابعاً - تحفظنا من الابتعاد عن الله وتدعونا لطلبه بالصلاة:
قال حزقيال: ويحملون أثمهم، كإثم السائل يكون إثم النبي، لكي لا يعود يضل علي بيت إسرائيل ولكي لا يعودا يتنجسون بكل معاصيهم بل ليكونوا لي شعباً وأنا أكون لهم ألها يقول السيد الرب حز (14: 10) فصرخ بنو إسرائيل إلي الرب قض (4: 3) ولما ضيق الرب علي بني إسرائيل في أرض مصر صرخوا إلي فأرسل إليهم المنقذ. قال ارميا "أمنعي صوتك عن البكاء وعينيك عن الدموع لأنه يوجد جزاء لعملك يقول الرب فيرجعون من أرض العدو ويوجد رجاء لآخرتك يقول الرب.... سمعا سمعت أفرايم ينتحب، أدبتني فتأدبت كعجل غير مروض، توبني فأتوب لأنك أنت الرب إلهي، لأني بعد رجوعي وبعد تعلمي صفقت علي فخذي، خزيت وخجلت لأني قد حملت عار صباي" أر (31: 16 - 19).
قال هوشع أذهب ارجع إلى مكاني حتى يجازوا وجهي، في ضيقهم يبكرون إليً هو (5: 15) وقد صلي يونان في جوف الحوت وقال دعوت من ضيقي الرب فاستجابني، صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار، فأحاط بي نهر.... ثم أصعدت من الوهدة حياتي أيها الرب إلهي" يونان (2: 1- 6).
ثامناً - تمريننا علي الصبر والشجاعة في ميدان الحياة:
أن آلام هذه الحياة واحتمال مشقاتها تلجئ الإنسان إلي الصبر وتعلمه الاختبار وتزيده حنكة. والاختبار من أهم فوائد التجارب فأنها تحمل المجرب علي أخذ العلاجات النافعة، كما أن الملسوع يحمل سم الأفعى لأخذ العلاجات الشافية وحينئذ يعرف المجرب أن "من الآكل خرج أكل ومن الجافي خرجت حلاوة".
تعطي التجارب حكمة لمجرب حتى تربي فوق تربية الأب.
والتدريب في الصبر يعلم الشجاعة في ميدان الكفاح فإن الإنسان في العالم في ساحة حرب يعاركه فيها ألوف من المقاتلين الأشداء فالعالم والشيطان والخطية والجسد كلها أعداء تحارب الإنسان في جميع أدوار حياته وفي كل يوم يصادف مصارعات ومنازعات كثيرة فإن لم يتدرب في المقاومة والاحتمال والصبر ومكافحة الأعداء ويتعلم ضروب الكفاح لا يقدر أن يغلب، لأن الجندي يتمرن أولا علي الحرب، وبالمزاولة يزيد شجاعة وإقداماً، ومن ثم فلا تزعجه الحروب ولا تخيفه الاضطرابات، هكذا المؤمن كلما زادت تجاره أزداد دراية واختبار وتقوي وامتلأ شجاعة وقوة ونشاطاً لمقاومة هذه التجارب.
قال المرتل انتظاراً انتظرت الرب فمال إلي وسمع صراخي وأصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام علي صخرة رجلي. ثبت خطواتي مز (40: 1، 2) وقال الرسول بولس "نفتخر أيضاً في الضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء لا يخزي" رو (5: 4، 5) وقال يعقوب الرسول "أحسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً وأما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء" يع (1: 2-4). وقال بطرس الرسول "لأن هذا فضل أن كان أحد من آجل ضمير نحو الله يحتمل أحزاناً متألما بالظلم لأنه أي مجد هو أن كنتم تلطمون مخطئين فتصبرون، بل إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون فهذا فضل عند الله لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضاً تألم لجلنا تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته، الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر الذي إذا شتم لم يكن يشتم عوضاً وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن قضي بعدل" 1بط (2: 19 - 23).
تاسعاً - تجعلنا مثمرين في الأعمال الصالحة:
إنها ترقي المجرب وتؤهله أكثر من قبل، فإن الإنسان لا يرتقي إلي سلم النجاح والتقدم إلا بعد الاختبار والامتحان ومعاناة الأتعاب الشاقة، ولا يختار لعمل ما لم يدرسه ويتقنه أولا ويحصل علي ما يؤهله له. فالتاجر لا يرضي باستخدام أحد عنده غير مختبر ومجرب ولا يركن إليه ما لم يختبره جيداً. ولا يبلغ رجل السياسة المراتب السامية إلا بعد امتحان الأمور والتغلب علي الصعوبات. كذلك الملاح لا يسهر في الملاحة إلا بعد مصادفة الأنواء والزوابع الكثيرة ومعرفة كيفية أتقانها. ولو لم يؤهل موسى النبي أربعين سنة في البرية ومثلها في مدرسة مصر لما كان أهلا لقيادة بني إسرائيل، ولذلك قيل عن مخلصنا أنه قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية... لأنه في ما هو قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين" عب (4: 15، 2: 18) قال السيد "كل غصن فيً لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر" يوحنا (15: 2) والكرمة لا تحمل العناقيد وتمتلئ بالثمار ألا بعد أن تشذب. قال الرسول بولس "لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله. أن كنتم تحملون التأديب يعاملكم الله كالبنين. فأي أبن لا يؤدبه أبوه ولكن أن كنتم بلا تأديب فأنتم نغول لا بنون. ثم قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم. أفلا تخضع بالأولي جدا لأبي الأرواح فنحيا. لأن أولئك أدبونا أياماً قليلة حسب استحسانهم. وأما هذا فلأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته. ولكن كل تأديب في الحاضر لا يري أنه للفرح بل للحزن. وأما أخيراً فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام" عب (12: 6 - 11).
عاشراً - تؤهل الإنسان لمجد أعظم وتهيئ له أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً:
أن آلام الزمن الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا. فأي خادم يتحمل المشقات والأتعاب لأجل سيده ولا يكافئه سيده؟ وأي ملك من ملوك الأرض خدمه جنوده ببسالة وظفروا بأعدائه ولم يكافئهم ويمنحهم ألقاب الشرف والرتب السامية؟ فبالأولي جنود السيد المسيح الذي زخر لمحبيه المحتملين التجارب كل مجد في السماء.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:49 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الباب الثاني: ما بين غربة العالم والموت والقيامة


  • غربتنا على الأرض
  • الموت نهاية كل حي
  • الموت خاتمة الأتعاب وبدء الراحة الأبدية
  • انتظار القيامة
  • حقيقة جسد القيامة
  • هل نعرف بعضنا بعضا في السماء
  • الحياة الأبدية في ملكوت السموات

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:51 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
غربتنا على الأرض

قال الرسول بولس "ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة" عب (13: 14) فهذه الأرض ليست وطننا، وما نحن فيها سوى غرباء ونزلاء، وحياتنا هنا سفر الأبدية، وطريق غربة لابد من عبورها للوصول إلى الوطن الباقي. نحن سائحون في هذه الديار وسيأتي يوم فيه تنتهي غربتنا، ومهما طالت سياحتنا في هذه البرية فلابد من الذهاب إلى البيت الأبدي، جا (12: 5).
أين الدهور الماضية والأقوام الذين سبقونا؟ ألم ينته زمان غربتهم فذهبوا إلى أبديتهم وتركونا؟! ردد في ذهنك واعلم أننا غرباء وَنُزَلاء مثل آبائنا. أيامنا كالظل على الأرض أي (29: 15). قال بطرس الرسول "فسيروا زمان غربتكم بخوف" 1بط (1: 17) وينبغي أن يقول كل منا لذاته ما قاله داود لاتاي: ارجع وأقم مع الملك لأنك غريب ومنفي أيضاً من وطنك (2صم 15: 19). إن هذا العالم ليس هو وطنك بل هو فندق بعد قليل تفارقه متوجهاً نحو دار أبديتك، فأنت هنا غريب وضيف وسائح وعابر طريق وهل يرتاح الغريب في غير وطنه. ألا يئن ويحِن انعطافاً وشوقاً إلى مقر وطنه الحقيقي. فنحن ما دمنا في الدنيا فإننا لا نبرح غرباء في أرض مصر ومتضايقين في دار العبودية ولا نزال موثقين بالأغلال والقيود التي تجبرنا على الإقامة منفيين وجالسين على أنهار بابل نبكي كلما تذكرنا صهيون. مز (137: 1) ولا تزال أنات الأشواق وزفرات الحب لوطننا تخترق حبات القلوب. فان المنفي لا يكف عن الأنين في دار منفاه المكتنف بغواشي الظلام والشقاء، بل يئن شوقاً للرجوع إلى وطنه. كما أن العضو المكسور لا يسكن ولا يرتاح إلا بوضعه في مكانه, والحجر المرشوق إلى الفضاء لا يزال مضطرباً إلى أن يعود إلى مركزه.

فلنفكر في ذلك حتى لا نضع قلوبنا في أمور باطلة ولا ندعها تتعلق بمحبة ما هو فان مع الزمان "غير ناظرين إلى ألأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية" 2كو (4: 18) "لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناء من الله غير مصنوع بيد أبدي. فإننا في هذه نئن مشتاقين إلى أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء. وإن كنا لابسين لا نوجد عراه فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مشتاقين إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها لكي يبتلع المائت من الحياة... فإذا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب... فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب" 2كو (5: 1-8).
إن الجسد لا يزال أسيراً للتجارب، وبِذار الخطية لا تبرح تجاربنا في ميدان الكفاح. ولا نفتأ معرضين للمصائب، وحتى الآن لم ننل الحرية حرية مجد أولاد الله ولم نفز بإكليل النصرة. ونفوسنا لا تزال تتردد على شقاوات وتعاسات لا حد لها. حتى الآن لا نزال تحت سطوة الموت نجاهد ونصارع ضد الأهواء. فإذا نحن نتوقع راحة وننتظر ساعة فيها يكف الشغب ويبطل التعب والنصب. نرجو حياة ليس فيها بكاء ولا عناء. لنخلع الفساد والهوان والضعف ونلبس الخلود وعدم الفساد وننال المجد المزمع أن يتجلى فينا أننا ورثة ولنا ميراث في السماء لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل فقلوبنا ملتهبة فينا شوقاً لأخذ الميراث الأبدي والتحرر من كل عبودية. إننا سماويون غرباء على هذه الأرض فكيف نرتاح ما لم نصعد إلى وطننا ونلتقي بالآب السماوي، لننال فيض التعزيات الكاملة؟ نحن هنا أشقياء بؤساء مع أننا أبناء الملك السماوي، وكيف يرضى الأمراء بحال الذل والهوان. إنهم يشتاقون لأن يجلسوا على عروشهم وينالوا مجدهم ويتمتعوا بما خول الله لهم من حق السلطان والعظمة والمجد. إننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معاً إلى الآن وليس هكذا فقط بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا" رو (8: 21- 23) فنشتاق إلى ظهور ذلك اليوم السعيد الذي فيه تعتق نفوسنا ويزول كل أنين وتعب وتبتلع أحزاننا في تلك التعزيات التي لا تخطر على بال حين لا نعود نذكر الشدائد التي قاسيناها في هذه الحياة،وما أشبهنا بالحمامة التي أطلقها نوح التي كانت تروح وتغدوا ولم تجد راحتها إلا بالرجوع إلى الفلك. ومثل بني إسرائيل قد كلت أقدامنا من تعب الطريق وباطلاً نجد راحتنا في البرية حيث أننا لا نجدها إلا عند الدخول إلى أرض كنعان. وكيعقوب وهو ناظر إلى العجلات وكان كلما طال أمد انتظاره اشتدت أشواقه لرؤية وجه ابنه يوسف. ليست هذه الحياة سوى أوقات قليلة وكلها تعب وعناء. وقد قال عنها أيوب: أليس جهاد للإنسان على الأرض وكأيام الأجير أيامه أي (7: 1) الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعباً يخرج كالزهر ثم ينحسم ويبرح كالظل ولا يقف... إن كانت أيامه محدودة وعدد أشهره عندك وقد عينت أجله فلا يتجاوزه... أما الرجل فيموت ويبلى. الإنسان يسلم فأين هو أي (14: 1- 10) وقال داود عرفني يا رب نهايتي ومقدار أيامي كم هي فاعلم كيف أنا زائل. هوذا جعلت أيامي أشباراً وعمري كلا شيء قدامك. إنما نفخة كل إنسان قد جُعل. إنما كخيال يتمشى الإنسان إنما باطلاً يضجون. يذخر ذخائر ولا يدري من يضمها مز (39: 4) "كل جسد كعشب وكل مجد إنسان كزهر عشب. العشب يبس وزهره سقط" 1بط (1: 24) ترجع الإنسان إلى الغبار وتقول ارجعوا يا بني آدم.. بالغداة كشعب يزول. بالغداة يزهر فيزول. عند المساء يجز فييبس... أيام سنينا هي سبعون سنة وإن كانت مع القوة فثمانون وأفخرها تعب وبلية لأنها تفرض سريعاً فنطير مز (90: 3- 10) إن الإنسان أشبه بنفخة, أيامه مثل ظل عابر مز (144: 4) تحجب وجهك فترتاح. تنزع أرواحها فتموت وإلى ترابها تعود مز (104: 29) "لأنه ما هي حياتكم. إنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل" يع (4: 14).
فما هذا العالم إلا مغاير وكهوف في براري قَفْراء موحشة بالنسبة لبهاء ذلك الوطن السعيد أورشليم السماوية. وهناك الحياة الحقيقية المملوءة بالسعادة الأبدية. هناك التعزيات الدائمة غير المتناهية "يسلك المفديون فيها ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح أبدي على رؤوسهم. ابتهاج وفرح يدركانهم ويهرب الحزن والتنهد" اش (35: 9، 10) وليس أمامنا حاجز يمنعنا عن الوصول إلى دار أبديتنا سوى هذا الجسد، فإننا ما دمنا في الجسد فنحن متغربون عن الرب، ولكن متى نُقض هذا الحائط زال الحاجز وارتفع الحجاب حينئذ نبلغ مقر الراحة الأبدية قائلين "أين شوكتك يا موت، أين غلبتك يا هاوية" 1كو (15: 55) "استمع صلاتي يا رب وأصغ إلى صراخي. لا تسكت عن دموعي لأني أنا غريب عندك, نزيل مثل جميع آبائي مز (39: 12) غريب أنا في الأرض لا تخف عني وصاياك مز (119: 19).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:52 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الموت نهاية كل حي

يولد الطفل ولا يمكن لأحد أن يعرف مستقبله. أيكون عظيماً أم حقيراً: غنياً أم فقيراً. صالحاً أم شريرا صحيحاً أم سقيماً! طويل العمر أم قصيرة! لأن ذلك كله مجهول لدى الإنسان. ولكن لا يجهل أحد أنه لابد لهذا الطفل من أن يموت، لأن الموت طريق الأرض كلها 1مل (2: 2) وهو ناموس عام يشمل جميع الكائنات، الإنسان والحيوان والنبات حتى الممالك والدول يصيبها الفناء. وهو قضية محكوم بها على الجميع. الملوك والأمراء, الأغنياء والفقراء" الحكماء والجهلاء، الكل على حد سواء. ومهما طالت حياة الإنسان فلابد له من شرب كأس حِمامه حين يترك كل شيء ولا ينال من الدنيا سوى قطعة أرض تجمع عظامه اليابسة. أنه الموت لا يخشى سطوة الملوك ولا بأس الجبابرة، يهجم على القوى كما يأتي إلى الضعيف. ولا يقوى البطش أن يمنعه ولا المال أو الجاه أن يؤخر ساعته أن أشعلت النار يمكن إطفاؤها وإذا ثارت الحرب يمكن الغلبة عليها يمكن المقاومة ضد النيران الملتهبة وضد الأمواج المزيدة وضد الأسلحة المرهفة وضد الملوك المقتدرين. ولكن حين يأتي الموت من يستطيع أن يقاومه من يقدر أن يدفعه؟ فهو جبار قوي ظافر، غلب كل البشر، لا تمنعه أسوار ولا جدران، ولا تصده معاقل ولا تدفعه حصون. لا يجبن أمام السطوة والعظمة ولا يكرم البرفير والأرجوان. لا يشق على الشباب ولا يرق للأجسام النضرة. لا ينظر إلى دموع الأمهات، ولا يراعى شعور الأولاد، ولا ينعطف إلى وداد الأصدقاء والخلان.

قصد الحكماء القدماء أن يصوروا الموت بصورة شنيعة فصوروه رجلاً شجاعاً على عمود عال متشحاً بملابس حالكة السواد مهيجة للبكاء والاكتئاب. وحجبوا عينيه بستر غليظ من قماش ثخين ووضعوا على رأسه إكليلاً مضفوراً من حشيش الأفسنتين. وفي يده الواحدة قوساً وفي الأخرى منجلاً، وسدوا أذنيه بالرصاص وتحت قدميه أجنحة كأجنحة الطير، وصورة البطن دقيقة للغاية بلا قلب ولا أحشاء. هذه الصورة تؤكد فظاعة الموت وشناعة أعماله المخيفة، فقد صوروه رجلاً في عنفوان القوة إظهاراً لبأسه وقوته وأنه لا يكل ولا يمل بل هو متسلط على الجميع بلا عجز ولا توان. وملابسه السوداء إشارة إلى ما يأتي به من الأحزان لكل بيت يدخله. وعيناه المغمضتان المحتجبتان بستار غليظ دلالة على أنه لا ينظر إلى إكليل الملوك ولا تيجان القياصرة، ولا يلتفت إلى غنى ولا إلى فقير، ولا يميز بين كبير وصغير. وأذناه المسدودتان بالرصاص إشارة إلى أنه لا يسمع بكاء الباكين ولا يرق لدموع الحزانى ولا يقبل شفاعة. والإكليل الموضوع على رأسه من حشيش الإفسنتين علامة على أنه مر المذاق. والقوس والمنجل اللذان في يديه يدلان على أنه يصيب الجميع بلا استثناء فالذين لا يزالون في عنفوان الشباب يرشقهم بسهام من بعيد وأما الذين قضوا حياة طويلة فيحصدهم بالمنجل. والأجنحة التي تحت قدميه تعلن بأنه يهاجم في وقت لا نؤمله ولا نعرفه، وأنه يثب من مشارق الأرض إلى مغاربها في لحظة واحدة. وأما كون تلك الصورة دقيقة البطن بلا قلب ولا أحشاء فذلك دليل على أنه قاس لا رحمة عنده ولا شفقة. ولا تحرك جوانحه زهرة الصبا، ولا يراعي عنفوان الشباب، لا يرحم شيخاً ولا يرق لفتى.
هذا هو الموت الذي يحصد السنبل الضعيف اليابس كما يقطع زهر الربيع الأخضر. لم يرحم إبراهيم لقداسته وبره. ولا موسى لوداعته. ولا يوسف لعفته. ولا لسليمان لحكمته ولا شمشون لقوته. ولا داود لطهارة قلبه. ولا راحيل لجمالها. ولا أستير لغيرتها.
فحياة مهددة بالموت لا يمكن أن تكون حياة حقيقية. ما أشد بطلانها وزوالها، قبل أن تذيق القلب طعم الفرح تداهمه بالمصائب والأرزاء وعندما نظن أننا متمتعون بالنعم يعاجلنا البلاء. ساعة فرح وأيام شقاء. أحزاننا مستمرة وآلامنا متواصلة. لا نداوي جرحا حتى تسيل جروح يضحك فمنا منفطر غماً. نظهر الابتسام. والفؤاد شبعان من الكآبة والأشجان. إن أنالنا الدهر ساعة من الجزل، يلقي في قلوبنا بدلاً عنها ألوفاً من العناء، ويجرعنا كؤوس المرائر والشقاء وهكذا نحن في حياة نتأوه ونئن متضجرين من أحزانها ومتاعبها وآلامها التي لا نعرف لها حداً ولا عدداً ولا نحصي لها صنوفاً. حياة هذه صفتها ما أصعبها. حياة مشحونة بالآلام والشقاء والخداع يجب أن تسمى موتاً لا حياة. نموت فيها في كل دقيقة بميتات مختلفة. حياة تفسدها الرطوبة وتجففها الحمى وتسمنها الأغذية ويذيبها المرض ويفنيها الحزن ويقصرها الهم الأمراض تفسدها والشيخوخة تثقلها، وبعد ذلك يفاجئها الموت كلص وتنتهي كأنها لم تكن. حياة لا تزال تخدع وتغر وتعد مواعيد كاذبة وأماني فارغة وأخيراً ينتهي كل شيء كأن لم يكن شيء.
إن حياة قصيرة متغيرة زائلة يختمها الموت في ساعة لا نعلمها،فالبعض يموتون أطفالاً وآخرون شباناً وغيرهم شيوخاً. أناس يصبحون ولا يمسون وغيرهم ينامون ولا يستيقظون. وآخرون يخرجون من بيوتهم ولا يعودون بعضهم يموتون على أسرتهم. وغيرهم غرباء عن بلادهم، وآخرون في ساحات القتال. تعددت الأنواع والموت واحداً. لا يمكن لأحد أن ينجو منه. لم يكن أبشالوم يتصور أن جمال شعره وطوله قد يكون سبباً لموته. ولم يفتكر هامان أنه سيصلب على الخشبة التي أعدها لمردخاي عدوه. ولا خطر على بال جليات أن يموت بحجر من مقلاع داود الفتى الصغير، وتقطع رأسه بذات سيفه. ولم يفتكر بلشاصر أن يموت وهو بين اللذات على مائدته. والرجل الغني الذي كان يعد الخيرات لسنين عديدة ويقول لنفسه يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. استريحي وكلي واشربي وافرحي. لم يدر في خلده أن يسمع الصوت القائل: يا غبي في هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي أعددتها لمن تكون؟ (لوقا 12: 20).
كل جمال سيذبل، وكل بناء سيتقوض، وكل قوة ستزول، والجسد سيضحى مأكلا للدود والحشرات. والذين يحبوننا هم الذين سيقدموننا سريعاً هدية للقبر. وأصحابنا وأعزاؤنا سيفرون ويشمئزون من النظر إلينا وهكذا تكون نهاية كل إنسان أعد الرب ليونان النبي يقطينة ارتفعت فوق رأسه لتكون ظلاً له ففرح بها يونان فرحاً عظيماً. فأعد الرب دودة عند الفجر ضربت اليقطينة فيبست وضربت الشمس رأس يونان. فهذه اليقطينة كانت بنت ليلة إذ في ليلة تكونت وفي ليلة أيضاً هلكت وبادت. هكذا الحياة ما أقصرها، ومهما طالت فلابد من نهايتها. وكل ماله نهاية فهو قصير. وتحت شجرة الحياة يوجد دور التعاسة والمرض والموت الذي يقرض الحياة بسرعة.
يولد الطفل في دار الهموم باكياً ناعياً يوم دخوله إلى العالم ويعيش طفلاً، فصبياً، ففتى، فشاباً، فكهلاً، فشيخاً، إلى أن توهن الحياة قواه وتكسر المصائب ظهره وأخير تختطف نفسه بذات المنية وتنقض على روحه نسور الموت فتسلبه الحياة فيهبط هبوط البنيان ويروح في قبر النسيان، لأن تلك العناصر لابد أن تسترد جزئياتها وتلك الكليات لابد أن تسترجع مفرداتها.
إن طريق الموت هو الطريق الذي سلكه آباؤنا وأجدادنا من قبلنا. وسنسلكه نحن ويسلكه أيضاً الذين يأتون من بعدنا. أين الملوك ومن أسسوا الممالك؟ أين الفلاسفة والعلماء؟ أين الأبطال والجبابرة الذين دوخوا العباد والبلاد؟ أين الممالك العظيمة الأدهار الماضية؟ لقد غرقت كلها في سيول الموت. فلننصب أمامنا تمثال الموت ولا ننسه ولنذكر أنه آخرتنا. وحكمة عظيمة التأمل فيه. ولنعرف يقيناً أن حياتنا بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل وطوبى لمن يسمع ويعمل بقول السيد "اسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم" مت (24: 42).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:53 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الموت خاتمة الأتعاب وبدء الراحة الأبدية

قال الرسول بولس "لِىَ الحَيَاة هي المَسِيحُ والمَوتُ هو رِبحٌ.. لِىَ اشْتِهَاءٌ أنْ أَنطَلِقَ وأَكُونَ مع المَسيحِ ذَاكَ أَفضَلُ جدِّاً" في (23، 21:1) وقال "نَثِقُ ونُسَرُّ بِالأَولَى أنْ نَتَغَرَّبَ عَن الجَسَدِ ونَسْتَوطِنَ عِندَ الرَّبِّ" 2كو (8:5) وقال المرتل: "عَزِيزٌ في عَينَىِ الرَّبِّ مَوتُ أَتقِيائِهِ" مز (15:116) وقال سمعان الشيخ "الآنَ تُطلِقُ عَبدَكَ يا سَيِّدُ حَسَبَ قَولِكَ بِسَلامٍ لأنَّ عَينَىَّ قد أَبصَرَتا خَلاصَكَ" لو (30، 29:2) وقال يوحنا الرسول في رؤياه "وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ»" رؤ (13:14).
الموت هو انفصال النفس عن الجسد حتى يزول عنه مبدأ الحياة وينحلّ إلى عناصره الأصلية. فالتراب يعود إلى التراب الذي أُخذ منه. وترجع الروح إلى خالقها الذي أعطاها. فالموت إذاً ليس هو مُلاشاة الإنسان وفناؤه. بل هو انفصال فقط فإنَّ الروح العاقلة خالدة لا تموت وفي جوهرها لا تقبل الانقسام والتجزؤ. ولا توجد قوة في الكون تقدر أنْ تُلاشيها فإنَّ الجسد الذي هو مسكن لتلك الروح ينهدم وينقض بعد خروج النفس وانطلاقها إلى عالم الخلود.
ويُعبَّر عن الموت في العهد القديم بالذهاب في طريق الأرض كلها. يش (14:23) وبالسلوك في طريق لا عود منها أي (22:16) بالانضمام إلى قومنا تك (33:49) وبالانحدار إلى أرض السكوت مز (17:115) وبالعود إلى التراب تك (19:3) ومز (29:104) وبالانحسام أي (2:14) وبالبروح كالظل أي (2:14).

وفى العهد الجديد يُعبَّر عن الموت بالنوم يو (11:11) وينقض بيت خيمتنا الأرضي 2كو (1:5) ويخلع مسكننا 2بط (14:1) ويطلب الله النفس لو (20:12) وبإسلام الروح أع (10:5) وبالانطلاق في (23:1) وبالانحلال 2تى (6:4) وبرقاد في المسيح 1كو (18:15) و1تس (14:4) وبالاستيطان عند الرب 2كو (8:5).
كان الموت في الأصل عقاباً على الخطية ولكن مُخلِصنَا كسر شوكته وأباد سلطته وحوَّله إلى واسطة للانتقال إلى حياة جديدة سعيدة. فالموت ليس سوى رقاد هادئ، ونوم تعقبه اليقظة في دار الخلود. ولذلك قال السيد عن موت لعازر. أنه قد نام وأنا ذاهب لأوقظه يو (11:11) وقال الرسول بولس "ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ" 1تس (14، 13:4).
فالذين ينتقلون وهم مؤمنون بالمسيح لا يُدعَون موتى بل أنَّهم رقدوا واستراحوا في الرب على رجاء القيامة. فهُم رقود لا أموات. وقد وصلوا الميناء الأمين حيث نالوا عربون السعادة إلى أنْ يحصلوا على كمال الأمجاد في السماء في القيامة المجيدة،بعد النوم الصحو وبعد الرقود اليقظة. فما الموت إلاَّ راحة من عناء أتعاب وغموم هذه الدنيا. وكما أنَّ النائم بعد نهار صُرِفَ في التعب والعمل يشعر بالراحة في نومه إلى أنْ يستيقظ مُجدَّد القوى في النهار التالي، هكذا الموت فإنَّه راحة ونوم هنئ للمؤمنين. لا تتخلله أحلام مزعجة إلى أنْ يقوم في الحياة الجديدة في صباح القيامة المجيد بحياة مجيدة.
إنَّ المسيح له المجد هو الذي أنار لنا الحياة والخلود وبقيامته صار باكورة للراقدين فمَنْ مات في المسيح لاقى الموت بهدوء ورجاء، واجتاز الظلمات بلا خوف قائلاً مع داود النبي "إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي" مز (4:23). قال الرسول بولس "لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ.. فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: «ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ». «أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟». أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ. وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" 1كو (15: 53ـ57).
فما الموت إذاً إلاَّ رقاد لذيذ تعقبه راحة أبدية لا نهاية لها. وخاتمة أتعاب انتهت. وبدء حياة جديدة بمجد أبدى. وميلاد جديد سرمدي. هو وإنْ كان مخيفاً ومُفزعاً لأنَّه يفصل بين النفس والجسد المتحدين إلاَّ أنَّه حامل في يده مفتاحاً ذهبياً للصديقين، يفتح لهم أبواب السماء للدخول إلى الراحة الأبدية. وما أسعد الراحة بعد التعب وما أشهى المكافأة بعد العمل والتعب وما أفضل نَيل الأكاليل بعد الجهاد والكفاح. لذلك قال الرسول عندما شعر بقرب انحلاله "فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا" 2تى (4: 6ـ8).
السفينة مادامت في البحر فهي عرضة للخطر. والمسافر لا يزال جزعاً حتى يصل إلى الميناء. هكذا نحن مادمنا في العالم فنحن عُرضة لسهام التجارب. وما أكثر التجارب التي تُلاطمنا والأنواء التي تُهاجمنا. لأنَّنا نجاهد ضد الأهواء. فإنْ قهرنا الجسد نهض الطمع. وإنْ ذللنا الطمع ناصبنا الغضب. وإنْ انتصرنا على الغضب قاومنا الحسد. وهكذا لا تزال سلسلة أعداء تلو بعضها تناصبنا وتبارزنا ولا تكف عن الأذى مادمنا في الجسد. قال الرسول "لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ" غل (17:5) وهذا العراك دائم مادمنا في الجسد. ولكن الموت يفصل بين هذا النزاع فيَكُفُّ الحرب ويهدأ الخصام وكما قال الرسول "لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ" (رو 7:6) فبالموت يتم الانتصار ويبطل الخوف ويكون السلام التام.
انظر إلى الحياة ترها جهاداً في جهاد وتعباً وألماً وحزناً وبؤساً، وأصوات البكاء تتردد فيها، وأَنَّات الآلام وزفرات الأتعاب تتصاعد من كل قلب مُعلنة صنوف الشقاء. وهذه كلها لا تنتهي حتى ينتهي الجسد. ومتى تأملنا في كل ما حولنا صرخنا مع النبي قائلين "قُومُوا وَاذْهَبُوا، لأَنَّهُ لَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الرَّاحَةَ" مى (10:2) وأعطينا الغبطة للذين رقدوا، ولسان حالهم يقول مع المرتل "ارْجِعِي يَا نَفْسِي إِلَى رَاحَتِكِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكِ" مز (7:116) فهذه الدنيا ليست دار راحة لنا فإنَّنا سنبقَى فيها مُغرَّبين إلى أنْ نستريح بالله.
لما خرج بنو إسرائيل من أرض الضيق والعبودية انطلقت ألسنتهم بالترنم والتهليل راقصين، وفي أيديهم الصنوج والدفوف، وجازوا البحر الأحمر وسلكوا في البرية ودخلوا أرض كنعان، هكذا نحن لا نجد مقراً لراحتنا إلاَّ بانتهاء جهادنا ودخولنا ديار السلام والأمن. مَنْ لا يُسرّ حين يرى ذاته وقد دخل الميناء بسلام ونجا من مخاطر كثيرة وكيف نبكى على مَنْ فاز بالراحة وخلص من أنواء الدنيا ودار الهلاك وسيول الرزايا وظلام هذه الحياة واستنار بنهار الأبدية. إنَّ الذي يسكن بيتاً منهدماً مائلاً إلى السقوط لا يرتاح إلاَّ بالخروج منه فرحاً بنجاته. فكيف بنا ونحن سكان بيوت من طين مُعرَّضين للأخطار والمتاعب في كل حين.
لو وَعَدَ أحد الملوك شخصاً بائساً بأنَّه بعد زمن قصير يُسكِنَه في قصره الباذخ الممتلئ بكل أنواع الأبهة والجلال ويجلس على مائدته ويكون في حضرته على الدوام. ألا يقضى ذلك المسكين أيامه بأنين من الشوق منتظراً قرب الأجل لإتمام وَعْدْ الملك له ليترك كوخه الحقير ويقطن ذلك القصر البهيج. على هذا المثال قد أعدَّ الله لنا مكاناً في السماء ووعدنا بأنْ نكون معه. قال ربنا له المجد "فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" يو (3، 2:14) وقال الرسول "وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ" 1تس (17:4) وقد وعدنا بالميراث الأبدي والمجد معه في السماء. وكل مجد العالم لا يساوى ذرَّة بالنسبة لبهاء الملكوت. وكل أدهار الحياة الدنيا لا تقاس بدقيقة من دقائق السعادة الأبدية. فلماذا لا تلتهب قلوبنا شوقاً انتظاراً لرؤية وجه الرب والانعتاق من ديار الألم والتعب للوصول إلى دار مجد يفوق العقول. ومتى أقبلت ساعة خروجنا من العالم ألا يجب أنْ نفرح حين نُفارق عالماً حقيراً زمنياً لندخل عالماً سعيداً أبدياً. ما أحب تلك الساعة لدى الصديقين فإنَّهم يلاقونها بتهليل إذ بعد قليل يتمتعون برؤية مُخلِصَهُم. إنَّ نظرة واحدة في وجه مُخلِصَهُم المبارك لَهِىَ أثمن بما لا يقاس من ألوف مثل هذا العالم. ومَنْ ذا الذي يحزن ويجزع وهو يعلم أنَّه منطلق إلى بيت أبيه لينال ميراثه الأبدي حيث لا دموع ولا وجع ولا بكاء ولا حزن بل شبع سرور ومجد لا يُنعت. ميراث لا يفنى ولا يضمحل وأبدية لا تنتهي. ومَنْ لا يقول حينئذ مع داود النبي "كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ. عَطِشَتْ نَفْسِي إِلَى اللهِ، إِلَى الإِلهِ الْحَيِّ. مَتَى أَجِيءُ وَأَتَرَاءَى قُدَّامَ اللهِ؟". مز (2، 1:42) ويقول مع بولس الرسول "لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا". في (23:1).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:55 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
انتظار القيامة

قيامة الأجساد حقيقة من الحقائق الكبرى التي تنتظرها نفوسنا إذ هي قاعدة إيماننا ورجائنا بل هي إيمان جميع الأمم والشعوب وهى الأساس العظيم الذي بُنِيَت عليه الأديان حتى الوثنية، وعلى هذا الإيمان نشأنا وبهذا الرجاء نحيا ونموت ونُبعث أحياء في دار الخلود. وإذا راجعت أقوال رجال الله وتعليم الوحي التي أوردناها عن القيامة اتضحت لك هذه الحقيقة وقد دُعيت القيامة قيامة الأجساد حذراً من توهم فناء النفس وموتها مع الجسد ثم يقوم كلاهما معاً في يوم القيامة. لأنَّ الوحى يُعلِّمنا أنَّ الإنسان مُؤلَّف من جزئين أحدهما النفس الناطقة الخالدة والآخر الجسد الكثيف المأخوذ من تراب الأرض. فبالموت ينحلّ كيان الجسد ويعود إلى عناصره الأصلية. أمَّا النفس فإنَّها تبقى إلى الأبد لا تفنى ولا تتلاشى. لذلك قال سليمان الحكيم "فَيَرْجعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجعُ الرُّوحُ إِلَى اللهِ الَّذِي أَعْطَاهَا" جا (7:12) ونتعلَّم من الكتاب أنَّ نفوس الأبرار تنتقل بعد الموت إلى الفردوس وتكون مع المسيح لتأخذ عربون السعادة والمجد (مت46، 34:25، لو22:16، لو43:23، يو26:11، يو3:14، 2كو5: 1ـ8، فى23:1، 1تس10:5) وتبقى نفوس الأشرار في سجن الظلام محفوظة إلى حكم اليوم العظيم (مت46، 41:25، لو24، 23:16، يه7، 6:1، 1بط19:3، 2بط9:2) وأمَّا نصيب النفس من السعادة الكاملة أو العقاب الكامل فلا يكون إلاَّ بعد أنْ تلبس النفوس أجسادها وتقوم في يوم القيامة.
وقد ورد في العهدين القديم والجديد ذكر قيامة البعض من الموت كإقامة إيليا ابن الأرملة 1مل (17: 22ـ24) وإقامة أليشع ابن المرأة الشونمية 2مل (4: 32ـ37) وإقامة المسيح لعازر بعد أربعة أيام يو (44، 43:11) وإقامة ابنة رئيس المجمع مت (9: 23ـ25) وابن الأرملة لو (15، 14:7) وإقامة بطرس الرسولطابيثا بعد موتها أع (40:9) وإقامة بولس الرسول الشاب أفتيخوس أع (20: 9ـ12) وذلك لكي تتأكد حقيقة القيامة.

وبما أنَّ النفوس غير مائتة وميَّالة من طبعها إلى البقاء في الأجساد البشرية لأنَّها جزء من الإنسان فيُعتبر افتراقها عن الأجساد مُخالفاً لطبيعتها فلا يُمكن أنْ يكون مؤبَّداً بل لابد من رجوعها واتحادها بأجسادها يوماً ما. وقد أقام مخلصنا الحجة على الصدوقيين وأثبت لهم القيامة بخلود الأرواح بقوله له المجد "وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ" مت (32، 31:22) وقد كتب بولس الرسول إلى أهل تسالونيكى يقول "حَتَّى إِنَّنَا نَحْنُ أَنْفُسَنَا نَفْتَخِرُ بِكُمْ فِي كَنَائِسِ اللهِ، مِنْ أَجْلِ صَبْرِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فِي جَمِيعِ اضْطِهَادَاتِكُمْ وَالضِّيقَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا، بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ اللهِ الْعَادِلِ، أَنَّكُمْ تُؤَهَّلُونَ لِمَلَكُوتِ اللهِ الَّذِي لأَجْلِهِ تَتَأَلَّمُونَ أَيْضًا. إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا، وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا، عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ" 2تس (1: 4ـ7) فالبشر لا يحظون بالسعادة كاملة حاوية جميع الخيرات طالما استمرت النفس مفترقة عن الجسد لأنَّه كما أنَّ كل جزء انفصل عن الكل هو ناقص لا محالة، هكذا النفس المفترقة عن الجسد، فينتج من ثَمَّ أنَّ لابد من قيامة الأجساد حتى يستوفى الإنسان كله حظه من السعادة الكاملة. لهذا قضى عدل الله أنْ يُعَيِّن يوماً فيه يدين المسكونة بالعدل حيث يُلاقى كُلٍ مكافأته بحسب ما صنع. فستعود تلك الأجساد البالية التي عفت آثارها واندثرت تحت التراب طويلاً ويُسلِّم البحر الأموات الذين فيه. ويُسلِّم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما ويُدان كل واحدٍ بحسب أعماله رؤ (13:20).
انظر إلى هذه الحياة تَرَ كثيرين من الأشرار متمتعين برغد الحياة ورفاهية العيش، غارقين في شهوات ولذَّات مختلفة. بينما تَرَ أكثر الأتقياء مضنوكين متوجعين يُلاقون البلايا المتعددة والآلام المختلفة. انظر أيضاً تَرَ منظراً أرهب وهو أنَّ الفضيلة منزوية مختفية والرذيلة قائمة منتصرة. فكيف يكون الله عادلاً لو لم يُعَيِّن يوماً فيه تُكلَّل الفضيلة بتاج الفخر والمجد. وتُعاقب الرذيلة ويظهر خزيها وينفضح عارها. ستكون إذاً قيامة "فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ" يو (29:5) ستكون قيامة كي تنتصر الفضيلة وتُعاقب الرذيلة ويظهر البرّ ويخزى الإثم. ستكون قيامة كى تكون التزكية ونيل إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه يع (12:1). ستكون قيامة كي نُعاين مجد الرب بوجهٍ مكشوف حين يُرفع الحجاب ونتغير إلى تلك الصورة من مجد إلى مجد كما من الرب الروح 2كو (18:3) ستكون قيامة كي يُضئ الفاهمون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين إلى البرّ كالكواكب إلى أبد الدهور دا (3:12).
هذا هو الرجاء الذي به نحيا ونسير على نوره في سلوك طريق الفضيلة لأنَّ الزارع على رجاء أنْ يحصد والمجاهد يجاهد على رجاء أنْ ينال إكليل الظفر والنصر. قال الرسول "وَلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟ إِنِّي بِافْتِخَارِكُمُ الَّذِي لِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا، أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ. إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ، «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!»" 1كو (32، 30:15) وقال "وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ" 1كو (15: 12ـ20) وقال "هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ" 1كو (52، 51:15).
التفتوا إلى مشهد هذه الحياة فماذا ترون فيها من السعادة؟ أليست هي كمسرح تُمثل فيه كل يوم بل كل ساعة فصول محزنة مؤلمة. وأدوار مؤثرة مبكية من ظلم وسحق واغتصاب. كم من الدموع التي تُذرف. وكم من الأنَّات التي تتصاعد من القلوب. وكم من الأوجاع التي يتألم بها بنو البشر. لا نزال نسمع بزلازل وزوابع وعواصف وبراكين تُخرب ممالك برمتها وحروب يفنى فيها أعزّ الرجال. يوجد بلاء في البحر وشقاء في البر، وموت جشع لا يشبع يُرسل رسله إلى القصور المنيعة الباذخة كما يُرسلهم إلى الأكواخ الحقيرة. لا يزال العالم يرسل لنا حسكاً وشوكاً من الأتعاب والبلايا. هوذا البكاء والنحيب والأنين وزفرات الألم التي تتصاعد من القلوب كل يوم تشهد أنَّ لا سعادة في هذه الحياة. فلو حُكِمَ علينا أنْ ندوم إلى الأبد على هذه الأرض بدون رجاء بحياة أخرى يسكن فيها البرّ ونجد فيها السعادة والراحة الأبدية لحُسبت هذه الدنيا كسجن مؤبَّد للعقاب أو كمنفى عذاب للمجرمين. ولكن لنا إيمان يتوقع وينتظر حياة غير هذه الحياة. حياة أبدية لا بكاء ولا أنين فيها في نهارٍ طويل لا يعقبه ليل، ونور دائم لا يعتريه ظلام. نهار سعيد مفرح يُضئ على الدوام بأشعة الحق الأعظم في مقر المدينة السماوية ودار الأبدية السعيدة.
يعدنا الرسول قائلاً "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ.. فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ. وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا لأَنَّنَا بِالرَّجَاءِ خَلَصْنَا. وَلكِنَّ الرَّجَاءَ الْمَنْظُورَ لَيْسَ رَجَاءً، لأَنَّ مَا يَنْظُرُهُ أَحَدٌ كَيْفَ يَرْجُوهُ أَيْضًا؟ وَلكِنْ إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَسْنَا نَنْظُرُهُ فَإِنَّنَا نَتَوَقَّعُهُ بِالصَّبْرِ" رو (8: 18ـ25).
لقد نلنا من الله هبات كثيرة ونِعَم غزيرة وبركات وافرة. لنا إيمان ثمين ورجاء حي ومحبة مقدسة لنا التبني وميراث المواعيد السماوية. لنا مجداً لا يُنعت ولا يضمحل مكتوب لنا في السموات. ولكن كل ذلك يُدعى عربوناً وباكورة إلى أنْ ننال الكمال في يوم القيامة ومَنْ يحصل على العربون لا يقف عنده بل لا يزال يتشوَّق وينتظر الحصول على الكمال. إنَّ الأسير يئن شوقاً إلى الرجوع لرؤية أولاده وأهله. والأولاد في المدرسة وهم صغار يَعِدُّون أيامهم وساعاتهم انتظاراً لميعاد خروجهم كي ينطلقوا بسرور للرجوع إلى بيوتهم والتمتع برؤية والديهم. فنحن الذين لا نزال مقيدين في الدنيا لا نجد راحة ولا نزال نئن مُنتظرين ذلك اليوم الذي نرى فيه وجه مُخَلِّصَنا. كل شيء يأبَى النقص ويريد الكمال، ومادمنا في الدنيا فنحن في حالة النقص والعَوز. إذ "هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ".
إنَّ الذين انتقلوا وحازوا عربون المجد والسعادة لا يزالون حتى الآن منتظرين كمال الراحة ونيل ملء المجد حين تقوم أجسادهم بصورة عدم الفساد وعدم الموت. قال يوحنا اللاهوتي في رؤياه: أنه رأى تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم. أنهم أعطوا كل واحد منهم ثياباً بيضاء وقيل لهم أن يستريحوا زماناً يسيراً أيضاً حتى يكمل العبيد رفقاؤهم وأخوتهم أيضاً العتيدون أن يقتلوا مثلهم رؤ (11، 9:6).
كان من عادة الرومانيين أنَّ القائد الظافر لدى حضوره إلى مدينته يأتي إلى بيته خِفيَة وهناك ينام مُستريحاً ويتمتع بأصحابه وأهل بيته مدة أسبوع أو أسبوعين إلى أنْ يأتي الوقت المُعيَّن الذي فيه يخرج من بيته ويدخل المدينة رسمياً علانيةً، وحينئذ يُعترف به وتُفتح له الأبواب ليدخل بالعز والمجد ويسير بموكب حافل في وسط المدينة إلى الكابيتول (دار الحكومة) بين هتاف الفرح وضجات السرور. هكذا أيضاً أولئك القديسون الذين جاهدوا وظفروا وانتقلوا ليحصلوا على عربون الراحة والسعادة إلى أنْ يأتي مُخلِّصنا من السماء ويكمل العبيد الرفقاء ونقوم معهم. حينئذ يقومون إلى المجد ويُعلن مجدهم في مواكب الأبرار وينالوا ملء السعادة ويُكلَّلون بإكليل النصر فوق عروش المجد الأبدى.
إنَّ إيماننا يُعلِّمنا أنَّ الجسد مهما قاسى من الآلام والتجارب ومهما تقطع وتمزق في هذه الحياة فسوف يعود ثانية ويقوم كاملاً بعد الفناء. وصحيحاً بعد المرض. ونيِّراً بعد الظلام. وغير مائت بعد الموت. وفي مجد بعد الفساد "يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا.. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ... إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ" 1كو (15: 42ـ44، 49، 50).
نعلم أنَّ النفس لا تقدر أنْ تعمل عملاً إلاَّ بواسطة الجسد الذي هو بمنزلة بيت ومسكن لها، وحواس الجسد بمنزلة آلات لها في كل شيء، وارتباط النفس بالجسد شيء لا يدرك، والعلاقة بينهما شديدة وليس مَنْ ينكر خلود النفس وأنَّها لدى خروجها من الجسد تلبث في حياة غير هذه الحياة. وتُسأل وتُجازى عن جميع أفعالها وهل من العدل أنْ تجازى النفس وحدها دون الجسد وهو الذي تعب وحمل مشاق الفضيلة وجاهد في الأتعاب والأوصاب والأسهار والأصوام. أو هو الذي انغمس في الرَّذيلة وتلذَّذ بالشهوات وشبع من الَّلذات لعمري لو كانت النفس وحدها هي التي تقوم في القيامة لتأخذ المجد وحدها لِمَا رضىَ الجسد هذه القسمة الظالمة، ولِمَا تحمَّل المشاق والأتعاب والجراح ومقاومة الأهواء، وقلَّ مَنْ يُناضل عن الإيمان حتى الموت أمام المُغتَصِبِين والمُضَطَهِدِين. وبَطُلَ مَنْ يُقدِّم جسده حريقاً للنار أو مأكلاً للوحوش أو ضحية للعذاب لأجل الإيمان والفضيلة. ولو كان الأمر كذلك لكانت دماء الشهداء ضاعت هدراً وسُفكت جُزافاً ولَحُسِبَ قبولهم العذاب بفرح تهوراً وشهامتهم ضعفاً وشجاعتهم جبناً. ولِمَا كان لواحدٍ منهم فضل أو مكافأة على ما فعل وحينئذ يحق للجسد أنْ يتمتع بما يشاء من اللذات بحسب أهوائه بما أنَّه لا يُشارك النفس في نعيمها ومسرَّتها ولكن الأمر ليس كذلك بل أنَّ عدل الله قضى أنْ يشترك الجسد في الجزاء مع النفس ويدخل معها في إرث الملكوت لأنَّه كان شريكاً ورفيقاً في شدائدها وأتعابها وجهادها في كل شيء. إذاً الجسد سوف يقوم ويلبس صورة سماوية لأنَّ هذا الفاسد لابد أنْ يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت.
إنَّنا ننتظر ونتوقع برجاء سماء جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البرّ لأنَّ هذه الحياة يفلح فيها الشرير. وينجح فيها المنافق. وفيها يمتد الفجور وينتشر، ويظهر أهل الشر بأبهى المظاهر. بينما أهل التُّقَى مُحتقرين مُذلِّين ألم يقل الرسول عن كثيرين من رجال الله أنَّهم "تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ" عب (11: 36ـ38). فهؤلاء وغيرهم لم يحتملوا كل هذه الآلام إلاَّ على رجاء القيامة. ولذلك يقول الرسول: "وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ" عب (35:11) لذلك نؤمن ونرجو هذه الحياة الجديدة التي يشرق فيها البرّ ويتلألأ مجد الفضيلة "وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعًا، لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ. الصَّغِيرُ كَمَا الْكَبِيرُ هُنَاكَ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ سَيِّدِهِ" أي (3: 17ـ19) هناك تستحيل أتعابنا إلى راحة. ويتبدل نوحنا بالفرح. ونخلع ثوب الحزن. ونكتسي لباس البهجة والبهاء هناك "سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ " رو (21:8).
فتشجعوا ولتتأيد قلوبكم يا مَنْ تجاهدون ضد الخطية. وتشددوا بهذا الوعد بالرجاء الموضوع لكم في السموات، وسوف تنتهي أحزان العالم وشدائده وأنَّه لقريب انتهاء تلك المخاوف والانزعاجات التي نصادفها في طريقنا، كل ذلك له نهاية، وكل ما له نهاية فهو قريب. أنَّه لقريب شمس شروق ذلك النهار السعيد بعد انقضاء ليل هذه الحياة المظلمة، قال السيد "إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ. اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ " يو (16: 20ـ22) " لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ " 2كو (4: 16ـ18).
وإنْ ثقلت علينا الآلام فلنرفع عيوننا إلى السماء لنرى تباشير الفرح ونتأمل مجد القديسين. ولنعلم أنَّ هذا الفاسد لابد أنْ يلبس عدم فساد. وهذا المائت يلبس عدم موت. فإنَّ هذا الوعد يُقوِى عزائم القديسين والشهداء في جهادهم ودخولهم مواقع العذاب بفرح ولقاء المنون بجزل. لهذا الوعد وعلى هذا الرجاء قدَّموا أجسادهم لحريق النار ولحومهم للتجريد والتمزيق وعظامهم لِتُنشَر، وعيونهم لِتُقَوَّر. وأعناقهم لِتُجَزّ بحد السيف ولم يرهبوا الجلد والنشر والتقطيع والتمزيق والحريق. ولم يخشوا بأس الوحوش الضارية التي هشَّمتهم. ولا العجلات المرهفة التي قطَّعتهم. ولا الحراب المسنونة التي طعنتهم ولا الصفائح المحمية التي شُووا عليها. بل قابلوا ذلك بفرح عظيم لأنَّهم تيقنوا أنَّ هذا الفاسد يلبس عدم فساد. وهذا المائت يلبس عدم موت. فرحوا لأنَّهم آمنوا أنَّ جراحاتهم لابد أنْ تُضَمَّد وتتلألأ بالمجد في القيامة ويعود جسدهم بعد التهشيم صحيحاً قوياً، وغير مائت وبدون فساد. فلِيُقطَّع الجسد ويتمزق إرباً إرباً ويُشوَّه بالجراح ولِيَمُت ويتبدد ويعود تراباً ويُذرَى في الهواء. فلابد أنْ يعود ثانية حياً بلا فساد. لأنَّ حبة الحنطة إنْ لم تدفن في التراب وتموت لا تحيا وما لم تُصادفها المياه والحرارة والبرد وكل نوائب الحقل لا تستطيع أنْ تُزهر وتُثمر ولكن إنْ ماتت تأتى بثمرٍ كثيرٍ (يو 24:12).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:57 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
حقيقة جسد القيامة

اعترض البعض في أيام بولس الرسول قائلين: كيف يقام الأموات؟ وبأي جسد يأتون؟ 1 كو (15: 35) ولا يزال كثيرون حتى الآن يقولون أن الموت نهاية الحياة: وان الذي مات انحل إلى عناصره فأختلط بعضها بالهواء: وبعضها بالماء وبعضها بالتراب. وصار بعض أجزائها نباتا وبعضها حيوانا، فكيف يرجع الجسد بعد ذلك ويقوم؟ هذا ما يقوله الملحد، أما ما يقوله المؤمن فهو: أن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله -كل شيء ممكن عنده- لا شيء عسير عليه وإذا كان الإنسان يصنع من الخرق البالية أوراقًا لامعة وشفافة. ومن الرمل زجاجًا وبلورًا. ونرى كل يوم النور يذهب عن البصر كأنه يموت ثم يعود كأنه يبعث حيا. والأشجار تتعرى من خضرتها ثم تعود إليها كأنها تقوم من الأموات والفصول الأربع يعود كل فصل منها بعد ذهابه. والزرع يموت في الأرض ويفسد ثم يقوم نباتا يانعا. فهل لا يقدر الله أن يعيد الأجساد كما كانت في حالة مجد وهو الذي أوجدها من العدم قال الرب "الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتى بثمر كثير" يو (12: 24) ومن هنا نعرف أن الموت ليس هو ملاشاة بل انتقال من حال إلى حال. والذي يصدق على الزرع الموضوع في الأرض يصدق على الجسد الموضوع في القبر. أي أن تنبت له حياة جديدة عوض حياته القديمة فيبقى واحد مع تغير هيئته. ان شجرة البلوط الكاملة تختلف في هيئتها وبعض صفاتها عن البذرة التي نتجت عنها، لكن حياتها هي حياة البذرة عينها. كذلك الجسد بعد القيامة يختلف في هيئته وبعض صفاته عن الجسد الموضوع في القبر مع أنه هو.
قال القديس أغسطينوس: إذا كان ممكنا لله أن يزيد في الحبة جرما لم يكن فيها قبلا أفلا يستطيع في القيامة أن يعيد ما كان في جسد الإنسان؟. قال الرسول في رده على منكري القيامة "يا غبي. الذي تزرعه لا يحيا أن لم يمت والذي تزرعه لست تزرع الجسم الذي سوف يصير بل حبة مجردة ربما من حنطة أو أحد البواقي. ولكن اله يعطيها جسما كما أراد. ولكل واحد من البذور جسمه. ليس كل جسد جسدًا واحدًا. بل للناس جسد واحد. وللبهائم جسد آخر وللسمك آخر. وللطير آخر وأجسام سماوية وأجسام أرضية لكن مجد السمويات شيء. ومجد الأرضيات آخر. مجد الشمس شيء. ومجد القمر آخر. لأن نجما يمتاز عن نجم في المجد. هكذا أيضا قيامة الأموات. يزرع في فساد ويقام في قوة. يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا. يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني. هكذا مكتوب أيضًا: صار آدم الإنسان الأول نفسا حية وآدم الأخير روحا محييا. لكن ليس الروحاني أولا بل الحيواني وبعد ذلك الروحاني. الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء. كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضًا. كما هو السماوي هكذا السماويون أيضا. كما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضا صورة السماوي. فأقول هذا أيها الأخوة أن لحما ودما لا يقدران أن يرثا ملكوت الله. ولا يرث الفاسد عدم فساد.
هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. فانه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير. لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت، ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد وهذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت إلى غلبة" 1كو (15: 36-54).
لم يبين الرسول كيف تكون أجسادنا المستقبلة كأجسادنا الحاضرة لكنه أوضح بأنها لا تزال هي هي، وكما أنه يصعب جدا أن نوضح كيف أن جسد الإنسان شيخًا هو جسده طفلًا مع كثرة التغيرات التي طرأت عليه في تلك المدة ومع ذلك لا يستطيع أحد بمجرد عجزه عن بيان كيفية ذلك مع كل يطرا عليه من التغيرات منذ الموت إلى القيامة.
ونتعلم من الكتاب أن جسد القيامة يكون:
أولا - جسما روحانيًا موافقا لسكنى السماء، خاليًا من الشهوات الدنيوية، غنيا عن المقومات التي تحتاجها الأجساد الحيوانية، لا يأكل ولا يشرب، ولا يجوع ولا يعطش رؤ (7: 16) ويسمى بيتا غير مصنوع بيد أبدى ومسكنا من عند الله 2 كو (5: 1، 2) ولا بد من بقائه على صورة الجسد البشرية لأن المسيح ظهر لتلاميذه بعد القيامة بهيئته البشرية ولم تزل فيه آثار الطعنة والمسامير.
ثانيا - يكون مجيدًا وبهيًا في حالة الجمال والكمال فان الله يزيل عنه آثار الخطية ليكون أهلا لسكنى عالم المجد والنور ومعاشرة الملائكة، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.قال السيد له المجد: حينئذ يضئ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم مت (13: 43).
ثالثا - يكون في عدم فساد غير قابل والهوان والمرض والشيخوخة منزها عن الألم والدنس والخطية ولا يتسلط عليه الموت. راجع اش (25: 8، هو 13: 14، 1كو 15: 26، رؤ 21: 4).
خامسا - يكون كالملائكة في كونه لا يقبل الزواج، قال السيد له المجد في رده على الصدوقين أنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء مت (22: 30).
سادسا - انه يتغير حتى لا يكون بعد لحما ودما 1 كو (15: 50) في حالة الخفة واللطافة كالنور.
سابعا - يكون مثل جسد المسيح. قال يوحنا الرسول "أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون، ولكن نعلم أنه إذا ظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" 1 يو (3: 2) وقال بولس الرسول "الذي سيتغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" في (3: 21) وقيل عن المسيح في وقت تجليه أن هيئته تغيرت وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور مت (17: 2) لو (9: 29).
ومما يجب أن نعلمه أيضاً:
1 - أن الجسد الخاص بكل واحد ولو بلى واستحال إلى تراب هو هو بعينه الذي يقوم من الموت. لأن الرسول يقول: لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت، وهذا معنى القيامة إنما هي الرجوع إلى الحالة التي كان عليها الإنسان قبل موته في حالة مجد.
2 - أن الجسد لا يقوم فقط بل يعود إليه كل ما يخصه من الجمال ولا يبقى فيه شيء من العيوب، فمن كان قد أصيب بعاهة من العاهات: مرض أو هرم أو نحول أو ضخامة لا تبقى فيه. لأن المسيح لا يصلح فقط أجسادنا بل يزيل عنها كل ما طرأ عليها من أسوأ هذه الحياة، ومن كان أعمى منذ مولده أو فقد البصر بمرض أو من كان أعرج أو أعسم أو ضعيفا بأي عضو من أعضائه سيقوم من الموت بجسد صحيح كامل، وأجساد الشهداء التي تمزقت وتجرحت ستقوم مجيدة وفيها آثار تلك الجراح، تلمع أفضل من الذهب والدرر الثمينة كسماة جراح المسيح.
وينتج مما تقدم أن أجسادنا في القيامة ستحصل على قوى جديدة وتتغير تغيرًا عظيمًا حتى أننا نستطيع بسهولة ما لا نستطيعه في هذه الحياة. فإننا نعلم ضعفنا هنا ونقص أفعالنا، وضعف حواسنا ومحدودية عقولنا. وعدم إدراكنا كل شيء، ولكننا هناك سنرى كل شيء على حقيقته، وسيكون لنا القدرة على إدراك الأمور، وسنعتاض هناك بدلًا عن الانتقال البطيء المتعب الذي نحن مقيدون به بالقدرة على الانتقال بسرعة النور أو الفكر من أول الكون إلى آخره، ونظرنا المحدود سيعوض بنظر أحد وأكبر من أقوى المناظير، بل أن كل التخيلات والتصورات التي يمكن أن تجول في أذهاننا والصور المجيدة التي نتصورها عن تلك الأمجاد ونحن في هذه الحياة سنرى إنها لا تساوى شيئا بالنسبة لنا نراه ونكون عليه لأن "ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" 1كو (2: 9).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:58 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
هل نعرف بعضنا بعضا في السماء

كثيرون يتساءلون هذا السؤال: هل نعرف بعضنا بعضا بعد القيامة هل يعرف الأب ابنه والأم أولادها والأخ والديه وإخوته وأقاربه وأصدقاءه. إن هذا السؤال مهم، ويتوقف على هذه المعرفة شيء كبير من سعادتنا، إذ فيها كمال لسرورنا في السماء، ولا نعرف أخوتنا وأقاربنا فقط. بل هناك نعرف تماما الأنبياء والرسل والقديسين وكل المشاهير في التاريخ الذين سمعنا أنباءهم أو قرأنا أخبارهم ونحن في هذه الحياة الدنيا.
ومما يؤيد هذه الحقيقة الدلائل الآتية:
1 - إن نفوسنا هي هي، وجواهر أجسامنا تبقى كما كانت، وأن الجسد الذي نقوم به في القيامة هو الجسد الحاضر عينه، حافظا وحدة الهيئة وصفات الذات الظاهرة. فما الذي يمنع إذا معرفتنا بعضنا بعضا؟

2 - إن تلاميذ المسيح عرفوا موسى وإيليا لما ظهرا وقت التجلي على الجبل. لعازر عرف إبراهيم وإبراهيم عرف لعازر والغنى. وما كان من أمر كل منهما في حياته، وعرف ما حدث على الأرض بعد انتقاله وذلك ينتج من قوله للغنى "عندهم موسى والأنبياء" لو (16: 23-30) مع أنه انتقل قبل ذلك بزمن طويل. وقيل عن الملائكة أنهم يفرحون بخاطئ واحد يتوب لو (15: 10) ففرحهم دليل معرفتهم. ونفوسنا في السماء لا تكون أقل معرفة من معرفة الملائكة. فان نفوسنا الآن محصورة ضمن الجسد الكثيف الذي يمنعنا من رؤية ومعرفة الأشياء كما هي، ولكن حين نكون في أجساد روحانية لا يوجد ما يحجز عن نفوسنا رؤية ومعرفة كل شيء على حقيقته بل أننا سنعرف أكثر مما نعرف في هذه الحياة، فان معرفتنا هنا قاصرة وإدراكنا ضعيف، ولكننا في السماء سنوهب قوى جديدة كاملة، بها نستطيع أن نعرف كل شيء وندرك ما لا نستطيع إدراكه ونحن على الأرض. قال الرسول "لأننا نعلم بعض العلم ونتنبأ بعض التنبؤ، ولكن متى جاء الكامل فحينئذ يبطل ما هو بعض، لما كنت طفلًا كطفل كنت أتكلم، وكطفل كنت أفطن وطفل كنت أفتكر ولكن لما صرت رجلا أبطلت ما للطفل، فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجها لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت " 1كو (13: 9-12) وكل ما نعرفه هنا بالنسبة لما يعلن لنا في السماء، ليس إلا كالمصباح نحتاج إليه ليلًا ولا نكترث به عند شروق الشمس عندما نصل "إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح" اف (4: 13) "نعلم أنه إذا ظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" ايو (3: 2).
3 - قال الرب بأننا سنجلس مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السموات. وهذا يقتضى معرفتهم وإلا فما فائدة جلوسنا معهم. وإذا كنا نعرفهم فلا شك أننا سنعرف غيرهم أيضا ممن يكونون معنا.
4 - لنا وعد بأننا ننال كمال السرور وملء السعادة، وفرحنا لا يتم إذا انقطعت كل صحبة في السماء بيننا وبين الذين نحبهم في هذه الدنيا. فان الإنسان خلق محبا ألوفا. ونفوسنا تميل كل الميل إلى الألفة، والمحبة أعظم عاطفة وأسمى إحساس فينا. وبما إننا سنبقى في السماء كما نحن هنا فلا ريب أن محبتنا ستدوم. بل تكون هناك كاملة بلا نقص ولا ألم ولا فراق. ولا ما يغيرها ويؤثر عليها. وان لم تشبع نفوسنا هناك بالألفة وتتمتع بالمحبة فلماذا وضع الله فينا هذه العاطفة الشريفة إن لم يكن قاصدًا أن يعطيها ما يشبعها ويكفيها فيما بعد، بل أن المحبة هي وحدها التي نحتاجها هناك قال الرسول "المحبة لا تسقط أبدا. وأما النبوات فستبطل والألسنة ستنتهي والعالم فسيبطل" 1كو (13: 8) هناك تبطل النبوات إذ لا حاجة إليها. هناك لا نحتاج إلى الإيمان لأننا سنعاين كل شيء وجها لوجه. هناك ينتهي الرجاء لأننا نحصل على كل ما رجوناه وانتظرناه، وأما المحبة وحدها فتكون كمال سعادتنا، هناك يفوض القلب في بحر حب لا تدركه الألباب ولا يخطر على بال، هناك تتجلى المحبة وتلألأ وكل القلوب الحزينة شعرت وتشعر بأنها ستلتقي بمن فارقت، ولما ندب داود قال: "هل أقدر أن أرده بعد، أنا ذاهب إليه أما هو فلا يرجع إليَّ" (2 صم 12: 23).
5 - إننا في السماء نبقى حاصلين على كمال القوى، والذاكرة من أعظم وأهم هذه القوى، قوة التمييز من ضروريات حالنا الأدبية ونستلزم بقاء الذاكرة وإلا كنا ناقصين لا يبقى للماضي اثر عندنا وندخل السماء جديدة، ولا نذكر شيئا من اختبارنا الماضي، لكن الأمر ليس كذلك، بل أن الذاكرة ستكون هناك قوية، حتى أنها لا تنسى شيئًا مما مضى بل تذكر كل شيء،هناك نتذكر ما صادفناه من الآلام وما نلناه من المعونة الإلهية. حتى يزداد الشكر لله. نذكر فداءنا وتصرفات الله معنا. وإذا كان الأمر كذلك وبقيت لنا معرفتنا في السماء. فما الذي يمنع من تذكر ومعرفة علاقاتنا الحبيبة وربط الألفة التي كانت تربطنا بالأولاد والجماعات والأصدقاء.
6 - هذه الحقيقة وهى أننا نعرف بعضنا بعضا في السماء ونلتقي بجميع الذين فارقونا كانت موضوع إيمان جميع البشر، وهو أمر مسلم به في الكتاب في العهدين القديم والجديد. فان جميع الآباء صرحوا عند موتهم بأنهم ذاهبون إلى آبائهم.
والخلاصة أننا نحيا بعد الموت حياة حقيقية بقوى الإدراك والتميز. وأن نفوسنا وأجسادنا هي هي. سنعرف هناك كل من كنا نعرفه في هذه الحياة. ونلتقي بجميع أحبائنا الذين سبقونا. فيا معشر الحزانى: إن الذين تبكونهم هم الآن في خضرة الرب متمتعين بملء المجد في موطن الأمن ومقاصير السعادة: إن الله لم ينقلهم إلى أماكن لا تعلمونها: فهم هناك مع الملائكة ونفوس الأبرار يتمتعون. وسترونهم وتجتمعون معهم يوما ما وتعرفونهم ويعرفونكم في حياة لا فراق ولا دموع ولا حزن فيها حيث الاجتماع الدائم والمجد الأبدي أمام عرش الله المجيد.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 02:59 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الحياة الأبدية في ملكوت السموات


إن الله تعالي وعدنا بالحياة الأبدية في ملكوت السموات. قال الرسول يوحنا: "وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (1يو2: 25) "وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ" (1يو5: 11، 12) وقال بطرس الرسول: "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ" (1بط1: 3، 4) "وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ" (2بط3: 13) وقال بولس الرسول "مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ" (أف1: 18).
"لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ!.... لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رو5: 10، 17). وهوذا وعد الرب لنا: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ" (يو6: 47). «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، 26وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ" (يو11: 25، 26). وقال في صلاته "أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ" (يو17: 24). فما أثمن هذه المواعيد، وما أسعد الحياة الأبدية، وما أشهي انتظارها... الحياة السعيدة الأبدية التي يضئ فيها الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم ويضيئون فيها كالكواكب إلي الأبد. الحياة التي فيها يتخلصون من كل كرب وتعب ويسكنون مع الله. "وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. ، وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ" (رؤ3:21، 5) وهناك "الْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا" (رؤ21:23) "وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ" (رؤ22:5). من يستطيع أن يصف تلك الحياة وسعادة ذلك الملكوت الذي أعده الله لمختاريه؟ إذا كان بولس الرسول المطلع علي أسرار الله اختطف إلي السماء لم يقدر أن يعبر إلا بقوله "أَنَّهُ اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا" (2كو12: 4). وقال "مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (1كو2: 9). فمن يتجاسر إذا ويتصور أنه يستطيع أن يصف مجد ذلك الملكوت؟ هل يصف مالا يوصف؟ لا يمكن للغة البشر العاجزة، لغة المائتين، أن تعبر عن أفراح وأمجاد سامية لم ترد قط علي ذهن ولم تخطر علي بال إنسان،يكفي أن نعرف أن ذلك المكان هو المكان المحبوب والأمجد والأبهى والأشهى، وأنه غاية آمالنا ومحط رجائنا، ومهما وصفت واستظهرت كل كلمات اللغة المجيد الدالة علي السرور والبهجة فلا يمكنك قط أن تصف ذرة من بهاء ذلك المجد الذي لا ينعت. إذ لا تري حواليك شيئًا علي الأرض حتى تستعيره لتعبير ما في السماء. فليس هناك مصيبة أو بلية. ليس هناك مرض ولا تعب ولا ملل ولا ضجر. ليس هناك ألم ولا انفعال ولا هرم ولا شيخوخة ولا فناء ولا موت. إن التمتع بتلك الأمجاد لحظة واحدة لهو أثمن وأسعد من جميع أمجاد العالم كله يكفينا أن نعرف أن لا شيء هناك نكرهه ولا مما يؤلم النفس بل كل ما نحبه ونشتهيه ونتوق إليه.

يا لأمجاد عالية ويا لأفراح لا تدرك ولا توصف سوف ننالها في الوطن السماوي السعيد حين ندخل راحتنا الأبدية. هناك لا فقر ولا شدائد ولا ضيقات ولا جهاد ولا ليل. هناك نهار أبدي ونعيم خالد. هناك لا حسد ولا شر بل حب نقي مستمر لا تغير فيه. هناك ترنيمات شجية تزري بكل أغاني العالم. هناك لا توجد آلام ولا استقام ولا خوف ولا انزعاج ولا شقاء ولا عناء ولا نصب. ليس هناك مقاومات ولا معارضات ولا خصومات ولا شكوى ولا اكتئاب. ليس شيء من أمور هذه الدنيا التي تعذب البشر كل يوم، بل هناك نصرة أبدية وسعادة تامة. هناك الراحة والمجد، هناك خيرات لا نخاف من فقدانها. هناك المكافأة والجزاء بالمجد، وحلل البر، والارتواء من العطش والشبع بالسرور. هناك السلوان والعزاء والبهاء والسلام الدائم هناك التمتع برؤية وجه المخلص والإتحاد الدائم بالله إلي الأبد. هناك تكلل الفضيلة وتتلألأ ويشرق البر الكامل. هناك يفرج عن الأسري ويستغني الفقير "هُنَاكَ يَكُفُّ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الشَّغْبِ، وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعًا، لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ. الصَّغِيرُ كَمَا الْكَبِيرُ هُنَاكَ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ سَيِّدِهِ". (أي3: 17، 19) هناك تستحيل ضيقاتنا إلي راحة ويتبدل نوحنا بفرح لا ينطق به ومجيد. هناك سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. (رو8: 21) هناك نظهر مع المخلص في المجد (2كو3: 4) ونراه كما هو (1يو3: 2) وننظر وجه الرب بوجه مكشوف ونتغير إلي تلك الصورة عينها من مجد إلي مجد (2كو3: 18) هناك ننال شبع سرور (مز16: 11) هناك نكون كل حين مع الرب (1تس 4: 17) حينئذ تتوطد قواعد السلام والأمان ويزول كل أثر للغم والاكتئاب، ويدوم الفرح والمجد والصحبة اللذيذة المفتنة العقول والألباب. طوباهم الذين جاهدوا الجهاد الحسن وأكملوا السعي وحفظوا الإيمان. الآن يلبسون لباس البر وإكليل المجد. طوباهم فإنهم الآن يتعزون ويفرحون يا لسوم غبطتهم لأنهم يستريحون ويطمئنون الآن يعززون ويدللون ويتنعمون ويبتهجون. طوبي لأولئك الذين نجوا ووصلوا إلي الميناء بسلام، طوبي لمن استحقوا الوصول إلي شاطئ الأبدية بأمان وخلصوا من أخطار بحر هذا العالم. طوبي لمن رجعوا من منفاهم إلي وطنهم الأبدي. طوبي بمن خرجوا من السجن وجلسوا في دار الملك يتمتعون معه بالمجد. ما أمجد الأكاليل المتوجة بها رؤوسهم. وأما نحن فإننا لا نزال في بحر هذا العالم المضطرب بالأمواج والزوابع. ونسير بين الأشواك والأخطار. وكأننا جالسون في الأسر علي "أنهار بابل نبكي كلما تذكرنا صهيون".
أيتها النفوس المتألمة ضعي ملكوت الله ومجد القديسين إزاء عينيك، وحين تثقل علينا يد التجارب فلنرفع أعيننا إلي فوق، ونتطلع إلي الرجاء الموضوع لنا "وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. 17لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا" (2كو4: 16، 17) "يوم الرب قريب، هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ... يَقُولُ الشَّاهِدُ بِهذَا:«نَعَمْ! أَنَا آتِي سَرِيعًا». آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ" (رؤ22:12، 20).
«أَنَا أَنَا هُوَ مُعَزِّيكُمْ» (أش51: 12).
«الرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ، وَعَلَى بَائِسِيهِ يَتَرَحَّمُ» (أش49: 13).
«رَأَيْتُ طُرُقَهُ وَسَأَشْفِيهِ وَأَقُودُهُ، وَأَرُدُّ تَعْزِيَاتٍ لَهُ وَلِنَائِحِيهِ» (أش57: 18).
«كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هكَذَا أُعَزِّيكُمْ أَنَا» (أش66: 13).
«لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ» (يو14: 18).
«مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، 4الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ» (2كو1:3، 4).
«عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ» (1تس4:18).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:00 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الباب الثالث: موت الأهل والأقارب


  • عناية الله في نقل الأولاد
  • أمثلة معزية
  • أولاد لم يموتوا بل هم في حياة في السماء
  • موت الشباب
  • موت الزوجة
  • موت الزوج
  • موت الوالدين

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:06 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
عناية الله في نقل الأولاد

"اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ... لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَار" (مت18: 10، 14).
"دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت19: 14).

الأولاد الصغار ملائكة أطهار يمشون علي الأرض فبطهارتهم وبساطة قلوبهم ومحبتهم العجيبة وخلوهم من الشر والدنس يمثلون الحياة الطاهرة. فهم كأزهار يبهجنا منظرها. ولكن الغاية من الزهرة الثمرة، والأطفال إن بقوا في العالم وكبروا وصاروا شبانًا فرجالًا. فآمل أن يكونوا بركة أو لعنة. أما أن يكونوا صالحين أو أشرار. وعلي كل حال فلابد حينئذ أن يجوزوا أتعاب وجهاد هذه الحياة. ويقفوا أخيرا للدينونة أمام الديان لينال كل واحد منهم بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا. ولا يعلم أحد ماذا يكون مستقبل الولد؟ أيكون فرحا لوالديه أو حزنا؟ وهل ينفع العالم أن يضره؟ يكرم أو يهان؟ يسعد أو يشقي؟ وماذا يكون نصيبه في العالم؟ وماذا يصادف من الأتعاب التي تنتظره. والتي لابد من مقاساتها. هذه كلها أمور خفيت وتخفي علي جميع البشر. وإنما الذي نعرفه أن ذلك الولد ومهما كبر، ومهما كانت منزلته ودرجته في العالم ومهما عمل فلا بد أن يموت أخيرا كغيره من بني البشر. لأن قضية الموت محكوم بها علي الجميع. ولا يستثني منها أحد وكل إنسان رهين الموت. ولكن البعض يسألون بجسارة قائلين: ما الحكمة في إيجاد أطفال زمنا قصيرا ثم يموتون؟ لا هم انتفعوا من العالم، ولا العالم انتفع منهم. فإن كنا لا نستطيع أن ندرك مقاصد الله العليا. ولا ما هي أحكامه العالية فوقنا إلا أننا نجيب علي ذلك بأن الله خلقهم لتكميل مقاصده خالق البشر. فلو لم يولدوا لبطل مقصد الله. وعدمهم يجعل عدد المخلوقات المعين ناقصًا. والوجود نعمة كبري خلاف العدم الذي هو لا شيء فقد وجدوا واعتبروا كائنات حية وذرات عاقلة أمام الله. وبقائهم علي الأرض زمنًا قليلًا وفق مقاصد الله العليا. لأنه لم يشأ عدمهم ولا هلاكهم بل خلاصهم. وهو القائل له المجد: "ليست مشيئة أما أبيكم أن يهلك أحد هؤلاء الصغار" و"دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" فإن شاء الله أن ينتقل الأطفال والأولاد إليه وهم صغار. فكفي بهذا القول تعزية. وكما أنه يحق لصاحب الكرم أن يقطف ثمر كرمه في أي وقت شاء قبل أوان نضجه ليأكل حصرما، أو يصنعه شرابا أو بعد نضجه ليصنعه خمرا. وكما أنه في يد البستاني أن يجني زهور بستانه ليزين بها بيته أو يتركها لتصير ثمرا. هكذا الله تعالي له السيادة والسلطان علي خليقته ليتصرف بها كيف شاء وحسبما أراد ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل؟ فهو يتصرف تصرف البستاني وصاحب الكرم. فينقل بعض أولاده أطفالا وأولادا وشبانا كما يشاء والأولاد وديعة من الله عند الآباء، له أن يستردها متى شاء. لا ملكا خاصا لهم حتى يعارضوا في تسليمها ويتذمروا متى أراد استردادها، لا سيما متى عرفنا أن الله نقل هؤلاء الصغار لا إلي الموت والهلاك. بل لكي يقفوا مع الجمع الكثير الذي لم يستطيع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة الواقفين أمام العرش وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض وفي أيديهم سعف النخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: "الْخَلاَصُ لإِلهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ" (رؤ7: 9، 10) فلو لم يولدا لما استحقوا أن يحوزوا هذا النصيب، ومتى تأملنا ذلك مجدنا الله وقلنا مع أيوب: "الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا (أي 1: 21) ونبارك تلك اليد الحنونة التي اختطفتهم باكرا قبل أن يتلطخوا بأوزار وأقذار العالم وشروره، وقبل أن يتحملوا بالأتعاب والآلام. وقبل أن يعرفوا الخطية وفساد الطبيعة البشرية.
وندرك كيف أن الله أنقذهم من الأخطار التي كانت تنتظرهم، وأورثهم كمال الفرح في ملكوته. فهم أغراس نقلهم من عالم الفساد وغرسهم في فردوسه السماوي.
إذا طلب ملك أحد الأولاد لينظمه في سلك عائلته الكريمة ليربيه ويؤهله للميراث الملكي. فمن يستطيع أن يمنع ولده هذه المنحة؟ ومن لا يرضي له هذا النصيب السامي؟ أما كنا نحسب ذلك رفعة كبري لنا ولأولادنا؟ فلماذا نتذمر اذاً علي عناية الله التي شاءت أن تأخذ ذلك الولد ليحصل علي نعمة ونصيب أفضل من أي نصيب ملكي علي الأرض. أما هي نعمة كبري أن الله اختار هذا الولد وأحبه ونقله إليه ليقف مع الملائكة أمامه تعالي، ولماذا نأسف علي هذا النصيب الصالح الذي حازه ولدنا؟ لاشك أن حزننا ما هو إلا نوع من محبتنا لذواتنا، فإننا بذلك نفضل خيرنا وسرورنا بمرآه وتمتعنا به أمام أعيننا علي حصوله علي ذلك النصيب السعيد المجيد،ليتنا نصمت ونضع أيدينا علي أفواهنا أمام كل ما يعمله الله متذكرين قول السيد لبطرس: "لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ" (يو13: 7) ونبارك الله ونقول:"صَمَتُّ. لاَ أَفْتَحُ فَمِي، لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ" (مز39: 19) "هُوَ الرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ" (1صم3: 18) "لتكن مشيئتك" (مت6: 10) "لتكن لا إرادتي بل إرادتك" (لو22: 42).
أذكر أنك مرارًا أدبت أولادك لا حقداً ولا غضبا ًبل قصد نفعهم وخيرهم. وما حملك علي ذلك إلا محبتك لهم، قال الرسول بولس "كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ" (عب12: 9، 10) فإذا أدبنا الآب السماوي بأن أخذ ولدنا وأبعده عنا فهو تعالي قد أحبه وأحبنا، وهو أعطي فلاسمه الشكر، وأخذ فيحق له الشكر أيضاً. فإن كنت باركته وشكرته عندما أرسل الولد إلي عالم الأحزان. أفلا يستحق الشكر والتمجيد علي نقله إياه منه إلي عالم المجد. فإن محبة الله في أخذه أعظم بكثير من محبته في أعطائه. فله الشكر علي كل حال وفي كل حال ومن أجل كل حال.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:09 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
أمثلة معزية

من قصص اليهود الواردة في كتبهم أنه كان للحاخام ما ير ولدان بارعان في الجمال والعلوم والشريعة فماتا في يوم واحد أثناء غيابه فحملتهما أمهما إلى حجرتها ووضعتهما على السرير. فلما عاد زوجها سألها عن ولديه فقدمت له كأسا فشكر الله وشرب ثم سأل أين ولدى قالت إنهما ليسا بعيدين. ثم وضعت أمامه طعاما فصلى وشكر ثم تناول منه حاجته: وحينئذ قالت له أتسمح لي يا سيدي العزيز أن أسألك سؤالا واحدا. قال قولي ما بدا لك أيتها العزيزة. فقالت منذ بضعة أيام أودع عندي إنسان شيئا من الجواهر ثم حضر الآن يطلبها منى فهل ينبغي أن أردها له؟ قال: ما كنت أظنك تسألين سؤالا كهذا. ألم تعلمي أنه يجب رد الوديعة إلى أصحابها وإعطاء كل ما له. قالت نعم إنما ظننت الأفضل أن لا أعيدها قبل أن أسالك. ثم دعته إلى المخدع الذي فيه جثتا الولدين وأزاحت الغطاء الأبيض عنهما. فصرخ بلوعة وحزن شديد وأخذ يندب ولديه. أما هي فقد التفتت إلى غير الجهة وبكت بمرارة ثم أمسكت بيدي زوجها قائلة: ألم تقل لي انه ينبغي رد الوديعة إلى صاحبها وإعطاء كل حقه. فالرب أعطى والرب اخذ فليكن اسم الرب مباركًا. فقال نعم ليكن اسمه القدوس مباركا من الآن والى الأبد.
روى الكتاب عن الملك والنبي داود أن الرب ضرب ولده الذي ولدته امرأة أوريا فسأل داود الله من أجل الصبي وصام واضطجع على الأرض. وقام شيوخ بيته عليه ليقيموه عن الأرض فلم يشأ ولم يأكل معهم خبزا وكان في اليوم السابع أن الولد مات فخاف عبيد داود أن يخبروه أن الولد قد مات. لأنهم قالوا هوذا لما كان الولد حيا كلمناه فلم يسمع لصوتنا. فكيف نقول له قد مات الولد. يعمل أشر. ورأى داود عبيده يتناجون ففطن داود أن الولد قد مات فقال داود لعبيده: هل مات الولد؟ فقالوا مات. فماذا فعل داود؟ قام عن الأرض واغتسل وادهن وبدل ثيابه ودخل بيت الرب وسجد. ثم جاء إلى بيته وطلب فوضعوا له خبزًا فأكل. فاندهش عبيده وسألوه ما هذا الأمر الذي فعلت! لما كان الولد حيا صمت وبكيت ولما مات الولد قمت وأكلت خبزا! فقال لما كان الولد حيا صمت وبكيت لأني قلت من يعلم ربما يرحمني الرب ويحيا الولد. والآن قد مات. فلماذا أصوم؟ هل أقدر أن أرده بعد؟ أنا أذهب إليه أما هو فلا يرجع إلى 2 صم (12: 15 -23).

فالولد وديعة استردها الرب لا يمكن للدموع ولا للأحزان أن ترجعه. هل تقدر أن ترده بعد؟ لو أن الدموع تقدر أن ترده لبكى الوالدون ليلًا ونهارًا بل الحياة كلها. وأجروا من عيونهم أنهارا ولكن ذلك لا فائدة منه. وليس من الحكمة أن يهلك العاقل قواه عبثا. وما أحسن التعزية بتسليم الإرادة للمشيئة الإلهية التي قضت بذلك ولا مرد لقضائها. فخير لنا أن نتعزى بأن الولد في السماء.
وفي القصة الآتية تعزية كبرى فيما نحن بصدده:
مات لبستاني ولد عزيز كلن يحبه جدا. فأبى أن يتعزى وصرف أيامه في الحزن والتذمر على العناية الإلهية، ففي أحد الأيام رأى وردة جميلة أحسن من كل الزهور التي في بستانه فأخذ في الاعتناء بها ليقدمها أخيرا ً لسيده وجاء مرة ليفتقدها فلم يجدها فاستشاط غضبا واحتدم غيظا ظانا أن أحد الخدام سرقها. واجتهد ليفحص أين هي؟ وبينما كان يبحث عنها رآها في مخدع سيده وعلم أنه هو الذي قطفها لاستحسانه إياها. فتحول غيظه سرورا وسكن باله إذ رأى أن سيده قد سر بمرآها واستحسنها فقطفها. أما السيد فقال له: قد سرك إني قطفت تلك الوردة وزينت بها منزلي فلماذا لا يسرك أن أباك السماوي شاء بحكمته أن يقطف ولدك وهو صغير وينقله من تربة الأرض، عالم الخطية والإثم، إلى دار السرور في جنة الخلد والنعيم حيث يكون هناك مع الملائكة الأطهار فتعزى الرجل تعزية كبرى وسلم نفسه لمشيئة الله.
فيا أيها الوالدون لا تتذمروا على عناية الله لأنكم لا تعرفون أحكامه ولا ما هي مقاصده فربما كان في نقله أحد أولادكم خير لكم ولأودكم.
كم من الناس كادوا أن يموتوا لمرض أولادهم وبذلوا ما في وسعهم لنجاتهم وعاشوا، ولكن عيشه السوء والشر. وكانوا ضربة لأنفسهم ولوالديهم ولوطنهم للعالم، ولم عرف والدوهم مستقبلهم لتمنوا أن تقطع الأحزان أفئدتهم وتمزق الأوجاع نياط قلوبهم على أن يروهم على تلك الحال التعيسة،وقد ألجأت التجارب أحد الصالحين أن يقول: خير لك أن تبكى على عشرة أولاد موتى من أن تبكى على ولد حي. تذكر حزن داود الذي أذاب فؤاده بأن طلب ابنه أبشالوم يهلكه 2 صم (17) ولا شك أن محبة الوالدين لأولادهم تحملهم على أن ينكروا أن يكون أحدهم كابشالوم لأن محبتهم لهم تظهرهم أبرار في أعينهم، حتى في مستقبلهم الذي لا يعرفه إلا الله. ولكن الذي يعرف الخفايا، والمكشوف أمامه كل شيء، والمطلع على الخفيات والمستقبل هو الله الذي وحده يجب أن نسلم نفوسنا لمشيئته الصالحة ونخضع لإرادة أحكامه العادلة.
لقد روى أن طيب الذكر المرحوم إبراهيم الجوهري كان رجلا تقيا صالحا وكان من عادته سنويًا أن يرسل الزاد والمؤونة لجميع أديرة الرهبان. كان لهذا الرجل ابن وحيد اختطفته يد المنون فحزن حزنا شديدا، وأفرطت زوجته أيضا في حزنها وألبست كل شيء في بيتها علامات الحداد وفي تلك السنة امتنعا أن يقدما عادتهما السنوية للأديرة قائلين أننا قضينا حياتنا كلها في خدمة الله ورجاله وكنائسه. وهذا الولد الوحيد لا يرضى الله أن يتركه لنا لنتعزى به! ويكون ذكرا لنا في هذه الدنيا! ففي ليلة ما رأت زوجته في حلم القديسينالأنبا أنطونيوس والأنبا بولا وقالا لها ما بالك هكذا حزينة تعترضين على أحكام الله؟ ألم تعلمي أن الله لفرط حبه لك ولزوجك وانه مكافأة لكما على أعمالكما الطيبة نقل ولدكما إليه؟ وان هذا الوالد لو عاش لفسد وهلك واسقط اسمكما من الدنيا. فذكر الله لكما حسناتكما وأمات هذا الولد ليخلصه. وبذلك منحكما مكافأة عظمى بينما أنتما تظنان أنه تعالى أساء إليكما. فاستيقظت تلك المرأة الصالحة وتعزت عزاء وافرا. وأبدلت ثيابها السوداء بثياب بيضاء. ولما استيقظ زوجها رأى كل شيء في حالته الأصلية، وعلامات السرور بادية على وجهها. فسألها ما الخبر؟ فقصت عليه حلمها. فتعزى هو أيضا وشكر الله على أعمال عنايته العجيبة. فعلينا أن لا نتذمر على قضاء الله لأننا لا نعرف مشيئته. على ما نراه محزنا لنا ربما كان علامة محبة الله لنا ونحن لا ندرى.
قال الأسقف فنيلون "في الحياة الأخرى نرى ونفهم عظائم وجود الله وعجائبه. ونسر بما أحزننا به على الأرض. ويلاه إننا في ظلامنا الحبالى لا نقدر أن نرى خيرنا من شرنا. ولو سمح الله لنا بكل مشتهياتنا لأدت بنا إلى كل الويل. ولهذا ينقذنا بقطع القيود والربط التي تربطنا بهذه الديار فنكتئب لأننا لا نتذكر أن الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا. ونبكى لأنه يأخذ من نحب من منازل التجارب والآثام. يأخذ من يدنا كأس السم الزعاف فنبكى كولد أخذت منه أمه السكين اللامعة لئلا يثخن نفسه بالجراح. أتدرى أيها المصاب يا من لأجل تلك النازلة قد تذمرت على العناية الإلهية أن ذلك الموت الذي تظنه قبل وقته هو الدليل الأعظم على رحمة الله ومحبته لك! ولعل موت ذلك المحبوب لديك كان فداء من شر مصيبة أو ذنب عظيم سيرتكبه فيجعل خلاصه عرضه للإخطار فأخذ الله من معرض التجارب أمنا لذلك الخلاص.
نعم أن كأس الفراق أمر الكؤوس ولكن أباك الرحيم لا يحزن خليقته عبثا فلا يجرح إلا لبرء أمراض النفوس فلنتيقن ذلك زمن المصيبة ولنقل مع أيوب "أنه وان قتلني هو متكلي. رحمته هنا عمادي وفي النهاية ثوابي" هذا ما يجب على المسيحي الخاضع لمشيئة الله أن يردده في زمن امتحانه ويقول من قلبه: "لتكن مشيئتك" وهذا ما سلكه فنيلون صاحب القول السابق ذكره إذ وقف أما نعش أعز أحبائه الذي ود لو مات عنه قائلًا: "قضى واضطجع على سرير الفناء فهلكت واضطجعت معه كل سعادتي الأرضية ولكن لو أمكن رده إلى الحياة برد غرس من فردوس سعادتي العالمية ما عاندت المشيئة الإلهية برده، لو كانت قيمة ثمر ذلك الغرس تعادل سعادة عشرة آلاف عالم" فطوبى لمن يسلم أمره لإرادة سيده ويعيش أمنا تحت ظل عنايته الرؤوفة فان في ذلك كل العزاء والاطمئنان.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:10 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
أولاد لم يموتوا بل هم في حياة في السماء

من أكبر الخيرات أن الأولاد يتخلصون وهم صغار من عالم الإثم وشر الخطية بانتقالهم سريعا إلى صروح الأمجاد العلوية ومقر الراحة الأبدية. فما أحسن الإيمان أن نتحقق أو أولادنا في السماء ونتأكد سعادتهم. ومن يعلم ماذا يصيب الأولاد الباقين في الدنيا عندما يكبرون؟ ربما يعيشون ويفقدون تلك الحياة المجيدة في عالم الأبدية. أما ذلك الولد الذي نقله الله إليه. فلا شك أنه ملاك طاهر ضمه إلى صفوفه الأطهرين، فالولد لم يفقد بل هو حي في السماء عند الرب.
أيها الوالدون أنكم تودون كل السعادة لأولادكم وتصلون لأجل نجاحهم وخلاصهم. وتسعون بكل قوتكم لإيصال كل خير لهم. وإذا عرض لأحدهم مرض تنسون أنفسكم وتسهرون عليه وتبذلون أنفسكم. ولا تبالون بحياتكم لأجله. لأنكم ترغبون كل الرغبة في أن يحصل على أسمى سعادة. ألم تنذر أيها الوالد ولدك عند المعمودية بأنه يجحد الشيطان وينكر الإثم ويعيش لله؟ فما بالك تغضب الآن وقد حصل على نصيب أحسن مما تمنيته له، وحاز مجدا وسعادة أبدية وتخلص من أتعاب الحياة ومشاهدها المملوءة بالأوجاع. ربما يقول والد أن ولده كان ذكيًا عاقلًا وكانت آثار النباهة بادية عليه منذ طفولته: ولو عاش لعد من الرجال الحقيقيين ونال كذا وكذا: لنفرض أنه عاش وظهرت علامات حذقه ومهارته وبلغ شأوا كبيرا في الحكمة والعلم والمجد: فهل تقيسون حكمة الأرض بما حصل عليه من الحكمة في السماء؟ هناك تكشف له أعمال السرائر: وتظهر له المكنونات: ويدرك ما لا يستطيع أن يدركه أكبر الفلسفة هنا: فهو الآن في مدرسة المخلص يعرف مقاصد الله ويطلع على حكمة عنايته: هناك يرافق موسى وصموئيل وداود وإشعياء وباقي الأنبياء والرسل، ويدرك كل شيء. وما هي مراتب المجد العالمي بالنسبة لبهاء ذلك المجد الذي حصل عليه في السماء؟ كان بالأمس ولدا صغير على ذراعي أمه يتلهى بألعابه: أعمى عن إدراك أقل شيء. لا يعرف ما ينفعه مما يضره: فأصبح الآن ملاكا بين زمرة الأطهار. وقواه العليقة التي كانت لا تزال في بدء نموها أضحت الآن كاملة. هل تود أيها الوالد أن يرجع ولدك ويطرح من يده قيثارة الذهبي ويعود إلى ألعابه الأرضية: أتريد أن يعود طفلا يمرض ويتألم ويعيش في الجهاد والألم ثم يموت؟ أنه لا يريد أن يبدل عشرة الملائكة والقديسين بعشرة سكان الأرض، ولا يعود أن يغير منظر الأمجاد السماوية بالنظر إلى شقاء وتعاسة هذه الدنيا: بل لا يريد أن يبدل ساعة واحدة من ساعات مجده بعشرة آلاف عالم مثل هذا العالم.

اعلم أيها الوالد أن ولدك الذي خطف من بين يديك لم يسرقه سارق، ولأذهب إلى أرض موحشة. بل أن الرب نقله من ميدان الحروب ومعمعة الشر والخطر إلى حصن الأمن والسلام، حيث يتمتع بالمجد في النعيم. ولم بقى الأرض لصرف أيامه في الشقاء والتعب والجهاد كما تشعر أنت الآن. قد تخلص من آلام الدنيا وخرج من قفارها حيث لا تقدر مصائبها أن تصل إليه. نقل من تربة الدنيا المعرضة للزوابع وريح السموم وغرس في جنة الله فهل هو عزاء قليل أن تعرف وتتحقق أن ابنك في السماء؟
إن تلك الإزهار اليانعة التي كانت تزهو وتزهر في رياض العالم وذبلت من الدنيا قد أزهرت الآن في فردوس الله. وهاتيك الشهب الصغير التي غابت عيوننا ونظن أنها أطفئت. ليست إلا محتجبة وراء الأفق وتضيء الآن بلمعان ساطع في ديار المجد والنعيم. وتلك الجواهر التي كانت مرصعة على أعناق الوالدات رصعت بالمجد في ذلك الملكوت الأبدي، وتلك الشفاه الصغيرة التي ما كانت تقدر أن تنطق بتسبيح اسم الربتنادى الآن بألذ أناشيد الحمد والخلاص، وترنم ترنيمات الشكر والسعادة للجالس على العرش. فكف عن أحزانك أيها الوالد (أو أيتها الوالدة) وامسح عبراتك فان ابنك الذي انفصل عن ذراعيك الأبوية هو الآن على ذراعي المخلص. هل كنت تود لولدك الوقوع في الآلام التي تعانيها أنت الآن والمرور في تجارب كالتي تصيب باقي البشر؟ هل كنت تريد أن يتمزق قلبه كما يتمزق قلبك الآن، ويشاهد ما تشاهده من مناظر الشقاء والتعاسة التي تراها في الدنيا كل حين. أليس أن مسيره إلى السماء بدون دخوله جحيم الآلام ونيران عذاب هذه الحياة مما ينبغي أن تقدم لأجله الحمد والشكر للعناية السامية التي أنقذته من الأوجاع. تذكر الجهاد الذي جاهدته في العالم والأخطار المحيطة بك، وحينئذ تشكر الله على وصول ولدك إلى مواطن السلام بلا مشقة ولإجهاد: وان قلت أن فراق الولد خطب صعب لا يحتمل: أجبتك نعم. لكن مصائب العالم وأتعابه خطب أصعب. لعلك وضعت كل محبتك في ولدك فاختطفه الله منك لتوجه قلبك إليه تعالى، ورفعه إلى السماء لترفع أنت أيضا أفكارك إلى فوق حيث المسيح جالس.
قال السيد لتلاميذه: "خير لكم أن أنطلق" يو (16: 17) لأنه لو بقى على الأرض لبقيت أفكار التلاميذ معلقة به على الأرض، ولكن لما ارتفع عنهم إلى السماء ارتفعت أفكارهم إلى فوق. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك. فطالما أحباؤنا الذين نحبهم معنا على الأرض فلا تزال أفكارنا فيهم، ولكن إذا امتدت يمين العلى ونقلتهم إلى مقاصير السعادة الأبدية صعدت أفكارنا إليهم وفكرنا في نصيبهم ومجدهم وطلبنا أن نسلك طريقهم للوصول إليهم أخير، وكثيرا ما يخطف أعز ما تتعلق به قلوبنا، وأهم ما نتكل عليه سواء من الوالدين أو الأولاد أو الأصدقاء حتى يبقى هو وحده تعالى ركن إيماننا، وموضع اتكالنا ورجائنا، وأعز ما يملك على قلوبنا.
قال بعضهم: رأيت راعيا يسوق قطيعه إلى الحظيرة، والقطيع يأبى الدخول مفضلا التيه في الوعور والقفار حيث زوائر الوحش ومخالب الأسود. فكَلَّ الراعي. ثم أخذ خروفا صغيرا على ذراعيه وضمه بلطف إلى صدره ودخل به إلى الحظيرة فتبعته أم الخروف فتبعها القطيع جميعه فبات الكل في أمن وسلام، كذلك الله يقودنا إلى الحظيرة السماوية فنأبى إلا التيه في قفر الغرور، فيأخذ صغارنا ويدخلهم السماء فنتبعهم كلنا، ويقتدي بنا الآخرون فتقيم هنالك في أحسن أمن وخير وسلام. عناية لا يبصر جمالها إلا من أنارت عينيه أشعة الروح القدس، ولا تدرك فوائدها إلا الألباب التي لم تسكر بخمره هذا العالم الباطل.
لا شك أن هذه التأملات بل الحقائق بل الحقائق السامية من شأنها أن تمسح دموع الوالدين، وتملأ قلوبهم بالصبر والتسليم وتحول أحزانهم إلى أنهار تعزيات.
ولو أمكن للأولاد المنتقلين أن يخاطبونا وأمكن لنا أن نسمع أصواتهن لسمعناهم يقولون بنغمة الفرح: إن الذي خلقنا يحبنا ولم يرض أن نذوق مرارة شقاء الدنيا، ودعانا سريعا إلى مجده فلبينا الدعوة فرحين وخضعنا لإرادته شاكرين، ونحن الآن في غبطة لا تخطر على بال أحد من سكان الأرض. لقد أصبحنا أنقى من ذرات النور وأبهى من الشمس حيث ننتقل من مجد إلى مجد، ومن نعيم إلى نعيم ونتردد على سعادات لا توصف. فلا تبكوا علينا بل ابكوا على أنفسكم لأنكم لا تزالون في شقاء أرض المنفى. أما نحن فقد رجعنا إلى وطننا الدائم. مساكين أنتم الآن فيما تعانون، وماذا كنا نصادف في العالم لو عشنا على الأرض كما أنتم الآن عائشون. فالحمد لله على النصيب الذي منحه لنا. فلماذا نراكم أيها الوالدون تحزنون وتبكون على نصيبنا السعيد الذي سبقنا فنلناه. قد سبقانكم إلى المجد فان كنتم تحبوننا فافتكروا في نصيبنا، وليكن همكم وأنتم على الأرض أن تحصلوا على مثل ما حصلنا إلى أن يقضى الله بمجيئكم إلينا وحينئذ تقدرون أن ترونا ونراكم ونكون معا إلى الأبد بلا افتراق ولا انفصال. لا تبكوا علينا بل اخضعوا لما رسمته المشيئة الإلهية. لأنه هكذا أنعم الله علينا فالحمد لاسمه العظيم، ومتى تأملتم خساسة الدنيا وتغير الزمان وقصر الحياة وقابلتموه بأمجادنا الأبدية وأدركتم عناية الله اعترفتم بمحبته التي نقلتنا من أحضانكم إلى أحضان الرحمة الأبوية. قبلاتكم التي كنتم تقبلوننا بها لا تساوى شيئا مما نشعر به الآن من محبة. فخلوا عنكم الحزن والألم وإياكم والاعتراض على أعمال الله فان ما يتراءى لكم أنه قساوة نراه نحن عطفا، وما ظننتموه غضبا حسبناه نحن رحمة ومحبة، ولا تقولوا أننا خرجنا من العلم في أوائل الحياة. فإننا قضينا الغاية من الوجود وهى الحصول على السعادة والمجد والتمتع بالله إلى الأبد. تلك الغاية التي لم تبلغوها أنتم بعد والتي نرجو أن تحصلوا عليها. وها نحن الآن نرتل مع الملائكة ترنيمة جود الله ونسبحه كل حين على هذه النعمة. فلا تنكروا أنتم هذا الإحسان والجود. بل اشكروا الله وتعزوا بأن لكم أولادا في السماء يقفون أمام الله ويرون وجهه كل حين.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:12 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
موت الشباب

خلاصة عظة على إقامة ابن الأرملة في نايين
"وفي اليوم التالي ذهب إلى مدينة تدعى نايين: وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير. فلما اقترب إلى باب المدينة إذا ميت محمول ابن وحيد لأمه وهي أرملة ومعها جمع كثير من المدينة فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون. قال أيها الشاب لك أقول قم. فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه. فأخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه" لو (7: 11-16).
إن تشييع الجنازة إلى القبر من أكبر المشاهد المحزنة التي يتوجع لها القلب. فإنه منظر يرينا مصير الإنسان ويذكرنا بزوال الحياة وبطلان العالم، وينصب أمام عيوننا تمثال الموت المريع وسطوته وبأسه حيث نرى من كان يتكلم معنا بالأمس جثة صفراء خرساء هامدة أعدت طعاماً للدود والحشرات. هناك ترى المشيعين وقد خيم الحزن والأسى عليهم، يسيرون بالجنازة مطرقين بوجوه حزينة، وقلوب منكسرة، وعيون تذرف الدموع، والسكوت مستول على الألسنة والشفاه. لاسيما إذا كان الفقيد شابا عاجلته المنية في ريعان صباه وعنفوان شبابه وهدت به أركان رجاء عائلته. فهناك المصاب الأليم والخطب الجسيم.
والموت أكبر عدو للإنسان. ليس كأس أمر من كأسه. ولا سلطان أقوى من سلطانه. يغتال الكل على السواء الكبار والصغار. الأغنياء والفقراء يهجم على الملوك في قصورهم كما يخطف المساكين من أكواخهم. لا يراعي حرمة كبير ولا يشفق على صغير. لا يرأف بالشباب. ولا يرق للأجسام النضرة. ولا ينظر إلى دموع الأمهات ولا يراعي شعور الأولاد. ولا ينعطف إلى وداد الأصدقاء.
ومن يستطيع أن يصف مقدار الأحزان التي جلبها الموت على البشر. ما أكثر الآلام التي يجلبها كل يوم. فهوذا أصوات البكاء والعويل والنحيب تتصاعد في كل مكان على توالي الزمان. وكل ذلك مسبب وناتج في الأصل عن الخطية. لأن الله تعالى عمل كل شيء حسناً. ولكن خطية آدم ومعصيته جلبت الموت على الجميع. قال الرسول بولس "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" رو (5: 12).
ولا يخفى أن العالم الذي نحن فيه مملوء بالأوجاع والأحزان والنكبات والشرور، فأينما توجهنا وحيثما التفتنا نرى مشاهد الفقر والأمراض والرزايا والأحزان. وكيف يقاسي أصحابها المشاق والأكدار ولم يبطل صوت النحيب والولولة من العالم لحظة واحدة وكل ذلك مصدره في الأصل الخطية، فكم هي دنسة ومكروهة تلك الخطية التي جلبت كل هذه الشرور والويلات. ولولاها لما شاهدنا هذه المناظر المؤلمة المحزنة. فهذه هي أحوال العالم منذ القديم إلى الآن في عالم انقراض الحياة، لا مكان لتعييرها ولا سبيل للفرار منها بل نحن عائشون في عالم ملآن بالأوجاع وكله بطلان. وهذا ما يعلمنا أن نعمل للحياة الباقية ولا نضع آمالنا في هذه الدنيا الفانية.
وفي الفصل الذي بدأنا به مقالنا هذا نرى جنازة حارة ومشهداً محزناً للغاية يستدر الدموع من أجمد العيون. حيث نرى الموت وفعله في أقسى صوره وأشكاله. وقد كانت تلك الجنازة مؤثرة جداً لثلاثة أسباب:

السبب الأول -أن الفقيد كان شاباً- أذوى المنون غصنه الغض وهو لا يزال في مقتبل العمر وفجر الحياة. والموت لا يظهر في معظم قساوته أكثر مما يظهر وقت اغتياله الشبان وهم في شرخ الصبا. فموت الطفل الصغير باكراً يبعث إلى الحزن والأسى، ولكن عندما نبصره مدرجاً بأكفانه، ونلتفت إلى وجهه الملائكي. ونتأمل حياته القصيرة الطاهرة المنزهة عن كل عيب. نتعزى ونبارك العناية الإلهية التي مدت يدها وانتشلته من عالم الإثم قبل أن يتلطخ بأوزار وأقذار العالم،وخلصته من أتعاب وجهاد الدنيا. لينجو من شرور ومخاطر العالم ونقلته إلى ديار السعادة والهناء. كذلك عندما نرى شيخاً صالحاً راقداً في تابوته ليشيع إلى بيته الأبدي تكف عيوننا عن الدموع. لأننا نفكر في جهاده وتعبه من السفر في غربة هذه الدنيا. وأنه شبع أياماً وتعب فيها وأصبح مشتاقاً للراحة ويتوقع الانطلاق إلى وطنه الدائم: ولسان حاله يقول مع سمعان الشيخ: "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك " لو (2: 29).
ولكن عندما يهجم الموت ويختطف من هم في عنفوان الشباب يحسب ذلك مصيبة أليمة. ليس هذا بالأمر النادر الوقوع فإننا نرى الموت في كل يوم يهجم على بني البشر. ويحصد بمنجله الحشيش اليابس والعشب الأخضر ويختطف شبانا وشابات في زهرة الصبا.
السبب الثاني - الذي جعل تلك الجنازة مؤثرة للغاية. هو أن ذلك الشباب كان وحيداً. مهما اتسعت دائرة العائلة وكثر عدد أفرادها فلا يهون عليها فقد أحد أعضائها. ومهم كان الوالدين في غاية الفقر فلا يهون عليهما ليس فقط فقد ولد من أولادهما بل بعده عنهما زماناً طويلاً فماذا يكون بفقد ابن وحيد تعلقت عليه آمال الوالدين. هو لديهما قرة أعينهما، وموضوع بهجتهما، وتعزيتهما الوحيدة في هذا العالم. وقد ضرب المثل منذ القديم بعظم بلاء هذا الخطب وشدة مرارته (ار6: 26، زك12: 10).
السبب الثالث - الذي جعل تلك المصيبة فادحة هو أن والدة ذلك الفقيد الوحيد كانت أرملة. لا يقدر اللسان ولا القلم أن يعبر عن عواطف وحساسيات الأمهات ومحبتهن لأولادهن. فمن يقدر أن يصف أحزان تلك الأرملة الثكلى التي تبددت الآن أفراحها وسقط كل رجائها، خاب أملها، وانطفأ مصباحها. ما أوجع الآلام وأشد الأوجاع التي كابدتها هذه المسكينة. مات زوجها الذي كان سندها الوحيد فبقى لها أمل تحيا به وهو ولدها. ربته وعلقت عليه آمالها فهجم الموت واختطفه منها وقضى على بقية رجائها. أصبحت كشجرة علق فيها عنقود واحد فجاء العدو واقتلعه وصارت بلا ثمرة. وكبيت مستند على عمود واحد فانهدم. ولم يوجد في المدينة من سمع بمصابها إلا توجع لألمها. لهذا كان معها جمع كثير من المشيعين عساهم يخففون شيئاً من أحزانها ولكن هيهات ذلك فإن القلب الحزين يعرف مرارة نفسه. والله وحده هو الذي يدري مقدار ألمها ولوعة حزنها لاشك أن المشيعين كانوا متوجعين متألمين، واحد يبكي وآخر يتنهد وغيره يئن. ومن يشاهد منظراً كهذا ولا تغرق عيناه في دموعه. ومن شأن هذه المناظر المؤلمة أن تؤثر في نفوسنا ولها قوة ولا نستطيع دفعها وكأن صوت العالم في تلك الساعة يسكت وكل ما حولنا يصمت حيث نسمع صوتاً آخر يتردد في آذاننا من كل ناحية قائلاً "باطل الأباطيل الكل باطل" ونشعر كأننا واقفون أمام الحقيقة، وأن كل ما نحتاج إليه ليس الغنى ولا الشهرة ولا المجد ولا أتباع شهوات النفس. بل شيء آخر هو معرفة أننا زائلون، أننا في الدنيا غرباء وعنها راحلون.
بعدما سار المشيعون بالجنازة من منزل تلك الأرملة إلى خارج باب المدينة (نايين) وتلك الأرملة تندب وحيدها إذا بالرب يسوع الذي له سلطان الحياة والموت تحنن عليها وقال لها "لا تبكي"، كيف لا تبكي ومنتهى جهدها الدموع والبكاء؟ ومن يستطيع أن يوقف جريان دموع أرملة تبكي وحيدها وسندها؟ أن يسوع الذي تحنن مرة على الجموع لما رآهم مشتتين كغنم لا راعي لها وبكى عند قبر لعازر. تحنن عند رؤيته حزن هذه الأرملة ووقف بجانب النعش وقال للأرملة لا تبكي!! لو قال هذا القول شخص آخر غير الرب يسوع لكان كلامه مخالفاً للطبيعة. لأن لا أحد اختبر الطبيعة البشرية وعلم ما هو الحزن وما هي قوة الدموع يحاول إطفاء تلك النار المتأججة في ذلك القلب الحزين ولكن الذي قال لها لا تبكي يستطيع وحده أن يحول مجاري تلك الدموع إلى تعزيات لا تخطر على بال وهو العطوف الشفوق المتحنن مصدر كل خير، ونبع كل إحساس، تقدم من تلقاء نفسه ولمس النعش فوقف الحاملون: يا لها من لحظة انتظار رهيبة: إنها دقيقة ترد فيها الحياة أو يتسلط الموت.
لم يكن أحد من المشيعين يرتاب في موت الشاب لأنهم لم يكونوا حاملين تابوتاً بل نعشاً مكشوفاً عليه جثة الفقيد في أكفانه ولكن الرب يسوع نادى قائلاً: "أيها الشاب لك أقول قم" فبقوة تلك الكلمة عادت الروح إلى الجثة المائتة وانبثت الحياة في ذلك الجسد الفاقد الحس والشعور "وجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه" وهكذا تحول الموت إلى حياة، والحزن إلى فرح. ومن يستطيع أن يصف حالة تلك الأم. وكيف استحالت للحال أحزنها إلى مسرات، ومرارتها إلى ينابيع أفراح وشاهدت موضوع رجائها وقد عاد يتكلم معها! لا شك أن الرب يسوع أرجع إليه مع الحياة الجسدية حياة جديدة روحية لأن الذي أرجع الروح إلى الجسد وأعاد إليهما حياتهما السرية. الذي جعل الحرارة تدب في الدم ليجري في العروق. الذي رد للعضلات قوتها. وللأعصاب إحساساتها. سهل عليه أن يرد لذلك الشاب الصورة الحقيقية إلى نفسه التي فسدت بالخطية. ويمنحه الضمير الحي والعقل الروحي ويبعث النفس من موت الآثام إلى الحياة الجديدة.
أما ما يجب أن نتعلمه من هذه الحادثة فهو الحقائق الآتية:-
الحقيقة الأولى: أن الموت مسلط على الجميع كباراً وصغاراً وهو يختطف الشيوخ والشبان والأولاد والأطفال. وحياتنا ما هي إلا بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل يع (4: 14) قال المرنم: عرفني يا رب نهايتي ومقدار أيامي كم هي فاعلم كيف أنا زائل. هوذا جعلت أيامي أشباراً وعمري كلا شيء قدامك. إنما نفخة كل إنسان قد جعل إنما كخيال يتمشى الإنسان. مز (39: 5و6) وقال أيوب الصديق أليس جهاد للإنسان على الأرض وكأيام الأجير أيامه أي (7: 1) الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعباً يخرج كالزهر ثم ينحسم ويبرح كالظل ولا يقف أي (14: 1، 2) وقال الرسول بطرس: كل جسد كعشب وكل مجد إنسان كزهر عشب. العشب يبس وزهره سقط 1بط (1: 24) ليتنا ننصب تمثال الموت أمام عيوننا ونذكره كل حين فان الافتكار فيه حكمة بالغة لئلا ننساه ونسكر بخداعات وغرور هذه الحياة. إننا غرباء على هذه الأرض. ومسافرون إلى طريق الأبدية فهل يليق بالمسافر أن يتوانى في طريقه ولا يفتكر كل حين في السبيل الموصل إلى وطنه. لقد حكم علينا كلنا بالموت. وسمعنا صدور الحكم ورأينا تنفيذه في كل الذين سبقونا. وكخطوة بيننا وبين الموت فطوبى لمن نظر إلى آخرته وعمل لمستقبله. فإنه يكون كالبحَّار الماهر الذي يجلس في مؤخر سفينته ويمسك دفتها لكي تسير حسناً وفي أمان.
أيها الشيخ الكبير الذي وقفت رجلاه على أبواب الأبدية. اذكر أن الموت قريب منك: فاستعد للقاء ربك. وأنت أيها الشاب لا تنس أن الموت كل يوم يختطف شباناً لا يزالون في عنفوان قوتهم، واذكر أن قوتك ستفنى وجمالك سيذبل. وجسدك الصحيح سوف يأكله الدود، وأولئك الذين يحبونك ويشفقون عليك سوف يقدمونك إلى القبر، حينئذ لا شيء ينفعك إلا فضائلك وأعمالك.
الحقيقة الثانية: كثرة تحنن المسيح وأنه المعزي الوحيد الذي عليه نلقي رجاءنا. إن السيد لما رأى تلك الأرملة تحركت عواطف قلبه وظهرت شفقته العظيمة عليها أن يتأخر عن مساعدتها، مع أنها لم تطلب منه ذلك ولا خطر ببال أحد في ذلك الوقت أنه قادر على مساعدتها: لكنه تقدم وقال للمرأة: "لا تبكي" وأقام ابنها من الموت ورده إلى أمه الحزينة حياً، وحول أحزانها إلى أفراح فالسيد الذي عمل ذلك قديماً على الأرض. لا يزال اليوم وغداً وإلى الأبد: وهو قادر أن يعزينا في أوقات ضيقتنا لاسيما في وقت الأحزان فهو ينظر إلينا دائماً ويتحنن علينا ويرى كل قلب وما فيه من الأوجاع يعرف كيف يجرح ويعصب: يسحق ويداه تشفيان، وليس لنا محب شفوق ومعز رءوف يعرف أوجاعنا ويشعر بآلامنا نظيره، وهو حي إلى الأبد في السماء يرثى لضعفاتنا فلنأت إليه بالإيمان وندعوه ليخفف أوجاعنا. أنه مستعد دائماً لأن يكون طبيباً لأمراضنا، معزياً لأحزاننا، شافياً لجراحنا. جابرًا لمنكسري القلوب. وحبيباً وصديقاً يهبنا كل شيء.
الحقيقة الثالثة - قدرة المسيح الفائقة- فإنه بكلمة واحدة أعاد الحياة إلى ذلك الميت عندما قال له "أيها الشاب لك أقوم قم". فللحال تحرك الميت وجلس وانفتحت عيناه وانحل لسانه وعاد كل عضو في جسده إلى مباشرة وظيفته. فلنتذكر أنه كما أقام هذا الشاب سوف يقيم أجساد المائتين في القيامة إلى حياة جديدة. فإنه "تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" يو (5: 28، 29). حينئذ يجازي كل إنسان حسب أعماله.
الحقيقة الرابعة: إن الموت يأتي كلص فيجب الاستعداد له، إننا لا نعرف متى نفارق هذه الحياة. في سن الشباب أم الشيخوخة. أما رأينا كثيرين ممن كانوا أصحاء أقوياء عاجلهم الموت على غرة بدون أدنى إشارة أو مرض، وكان لسان حال الموت يقول لكل منا: هذه نهاية كل حي وعما قليل ستكون نهايتك. فاستعد للقاء إلهك (عا 4: 12) والسيد له المجد حذرنا كثيراً وقال: اسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم، واعلموا هذا أنه لو عرف رب البيت في أي هزيع يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته ينقب. لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان (مت 24: 42- 44) وساعة الموت هي ساعة مجيء الرب، وفي تلك الساعة تنتهي حياة الإنسان على الأرض وتبتدئ حياته الأبدية. أما في سعادة دائمة أو في شقاء أبدي.
إن الإنسان في حالته الطبيعية وهو بعيد عن معرفة الله لا يقدر أن يستعد للموت لأنه لاصق بالتراب، وعقله منشغل في الدنيا. وقلبه متعلق بالأباطيل، ولكن الموت يفاجئه بغتة، وفي ذلك اليوم نفسه تهلك أفكاره مز (146: 4) "وحينما يقولون سلام وأمان حينئذ يفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون" 1تس (5:3) فإن ذلك الغني الذي قال لنفسه: يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. استريحي وكلي واشربي وافرحي. سمع الصوت يقول له: يا غبي في هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذه التي أعددتها لمن تكون؟ لو (12: 19، 20) ويا له من أمر مزعج ومخيف إذا جاء الموت لإنسان وهو على هذه الحالة. فإنه يفصل بينه وبين كل آماله في الدنيا وحينئذ لا يرى إلا ظلمة كثيفة تعقبها دينونة مخيفة، وما هو رجاء الفاجر عندما يقطعه الله عندما يسلب الله نفسه أي (27: 8) أما المؤمن الملآن بالنعمة، السالك في طريق الرب، الحافظ وصاياه. فإنه متى جاءه الموت لا يرعبه بل يخلصه من أتعابه ويدخله إلى الراحة الأبدية فيستطيع أن يقول من ملء قلبه وهو ناظر إلى الرب يسوع: الآن يا سيد أطلق عبدك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك (لو 2: 30) "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي" مز (23: 4).
فطوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده مستعداً لقدومه. لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:13 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
موت الزوجة

رباط العائلة أمتن الروابط وهو أساس كل نظام، والعلاقة بين الزوجين وثيقة العرى ومقدمة على كل العلاقات النسبية زمنًا وطبعًا لأن الله تعالى هو الذي رتبها وكنها وفضلها على كل الأنساب بقوله: يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد مت (19: 5، 6) والمحبة بين الزوجين شبهت بمحبة المسيحللكنيسة اف (5: 25) فالزوجة للزوج جسده. والزوج الصالح يتخذ امرأته صديقته وحبيبته وخزانة أسراره، مفرجة همومه ومدبرة أموره وهى تعزيته في كل أحواله يسر بعشرتها، ويغتبط بمحبتها. إذا مرض عالتها وإذا تألم تألمت لأجله، وإذا تعب حملت معه أتباعه.
وبما أن الوقت متسلط على الجميع ولا ينجو أحد منه. فكثيرا ا يشهر سيفه ويقطع ذلك الرباط، ويفرق بين الحبيب وحبيبته، وبمقدار محبة وألفة الزوجين يكون الألم والحزن لفراق أحدهما عن الآخر، وكيف تنقطع علاقة مقدسة كهذه دون أن يتقد القلب بنار الأسى. ومن يقطع عضو من جسده ولا يتألم. أن موت الأحباء مصيبة ثقيلة على القلب، وربما أن فقد الزوجة من أثقل المصائب، فلذلك يفتقر الزوج إلى أوفر عزاء من الله، ولكن ان ترك نفسه للأحزان واستسلم للدموع والبكاء سقط إلى وهدة اليأس والضرر.
ومن أصيب بمثل هذه المصيبة لا يجد عزاءه إلا في الإيمان. فان الكافر لا يجد عزاء في شيء. لأنه لا يؤمن بشيء ولا يستند على صخر الدهور الأبدي. ومتى تأمل المؤمن عرف أن زوجته وحبيبته لم تمت ولكنها نائمة، ولم تفقد ولكنها في السماء، خلعت عنها الجسد الترابي وصعدت روحها إلى مسكنها الأبدي، انه سيلتقي بها يوما ما في حياة لا فراق فيها ولا دموع. ومتى واظب على درس كلمات الوحي وتمسك بالإيمان وأكثر من الصلاة طلبا للعزاء الإلهي يشعر بالراحة والاطمئنان ويمتلئ قلبه بالصبر والخضوع لأحكام مشيئة الله وفي ذلك كل العزاء والسلوان، ولكن إذا أكثر من الضجر والاعتراض والتذمر والشكوى فلا يجديه ذلك سوى زيادة الألم.

نعم أن القوة البشرية ضعيفة أمام آلام الحياة ونكد الدنيا، وما أقل اصطبار الإنسان على احتمالها، ومن يجتاز في الحياة متحملا أثقالها على كاهله دون أن يسقط مرار قبل وصوله أول رحلة من سيره، ولكن لنعلم أن الله لا يدعنا نحمل عبء الحياة ومتاعبها وأحزانها وحدنا بل يضع النيران على أعناقنا ويحمله معنا ويخفف عنا الأحمال. لا يتركنا ولا ينسانا، وبينما نظن أنه بعيد عنا يكون هو أقرب إلينا من نفوسنا، وكلما أحاطت بنا غيوم الحيرة والارتباك ازددنا تعليما بدرس الثقة بالله والاتكال عليه وحده والخضوع لعنايته وليس لنا الحق أن نعرف أيضًا كل تصرفات الله معنا كما لا يستطيع الولد الصغير أن يعرف تأديبات وتصرفات أبيه معه. غير أن لنا في مواعيده الأمينة أن لا يتركنا عند الضيق والتجربة، ولا يهملنا في أوان الحزن والشدة بل في أشد الأهوال وأصعب الأحوال يلقى في قلوبنا ملء الإيمان ويهبنا العزاء الوافر ويصدق علينا قوله لبطرس: لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع بك ولكنك ستفهم فيما بعد يو (13: 7) هكذا نحن لا نفهم أعمال الله معنا في زمن الافتقاد والبلوى. ولكن إذا صبرنا والتصقت قلوبنا به حينئذ تتجلى لنا محبته ويفيض علينا عزاءه، لقد أجاز الرب شعبه إسرائيل في البحر. ثم أدخلهم إلى البرية. ثم جاء بهم إلى أرض الموعد، وهكذا يقود الله شعبه مرارا كثيرة ويجيزهم في الماء والنار والجبال والقفار ويأتي بهم أخيرًا إلى الراحة. فطوبى لمن يخضع لمشيئته ولا يتذمر على عنايته وأعماله.
ما نقدر أن نمنعه، وما لا نقدر أن نمنعه، لا يجب أن نتذمر منهما. فما نقدر أن نمنعه لا داعي للتذمر منه طالما في أيدينا منعه. أما ما لا نقدر أن نمنعه فماذا ينفعنا التذمر إذا إلا زيادة الوجع والألم. فالطاعة والخضوع والصبر أولى بكثير من الضجر والشكوى.
إن المخلص له المجد كان أعظم مثال للطاعة فقد كانت حياته لجة آلام وأحزان من المذود إلى الصليب. وقد قال في أهول أوقاته لأبيه "لتكن لا إرادتي بل إرادتك" لو (22: 42) فهل يليق بنا أن نتذمر متى شاء الرب اقتيادنا بالتجارب لتهذيب نفوسنا ورجوعها إليه. قال الرب اخترتك في كور المشقة اش (48: 10) وهل في يدنا أن نختار نصيبنا؟ وهل في قدرتنا رفع ما يضعه الرب على أعناقنا؟ ومن منا يستطيع أن يرفع صوته ضد من بيده أمرنا؟ هو الرب يفعل ما يشاء، ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل وهو قادر أن يخفف ألمنا ويملأنا عزاء،فان الفاخوري لا يترك آنيته في النار حتى تحترق، وكذا البستاني فانه إذا نزع بعض أشجاره فانه بذلك يحافظ على جزوعها وأصلها. فطوبى للنفس التي تقول من عمق قلبها بتسليم كامل "لتكن لا إرادتي بل إرادتك".
لا يحدث أمرًا إلا وقد سمحت به عناية الله. وطالما نؤمن بحكمته وصلاحه. فما بالنا لا نتركه يتصرف فينا كيف شاءت مسرته، لكن إذا تركنا الإيمان وبعدنا عن كلام الله وأسندنا مصائبنا إلى علل طبيعية جدًا، خسرنا عزاء الإيمان حين نبتدئ نقول لو عملنا كذا وكذا لما حصل كذا. فهذه كلها تعللات باطلة لا أساس لها سوى الظن الباطل وحكمة الإنسان الواهية، وليس وراءها سوى زيادة الألم والإفراط في الحزن. ولنا في صلاتنا "لتكن مشيئتك" خير معز ودليل قوى على الخضوع لأحكام الله في كل ما يجريه معنا كل يوم، ونحن نعلم أن مشيئته مقدسة وعادلة. إن الصحة والقوة والثروة والأحباء والأطفال وكل خير نملكه ما هو ألا هبات من الله تعالى، له أن يستردها أو يبقيها بحسب إرادته، ويزيدها أو ينقصها كما يوافق صلاحه. وكثيرا ما يرى أن كفة خيرات الدنيا رجحت على كفة خير نفوسنا وأننا علقنا قلوبنا على أمور زائلة. فيخطف منا بعض تلك الهبات حتى نلتصق به وحده وتعود نفوسنا لاجئة إليه، وفي حماه نجد كل الأمن والعزاء.
الحزن على فقد الأحباء شأن الطبيعة البشرية، والبكاء وسكب الدموع من دلائل رقة القلب، ومن لا تدمع عيناه ويبكى لفراق أحبائه فقد تجرد من خصائص الطبع البشرى. إن التصلب والجفاء علامة جمود القلب وقساوته، ألا ترى يسوع رب الكل وخالق الجميع بكى عند قبر حبيبه لعازر وبكى على أورشليم؟ فالبكاء ليس خطية حين حلول المصائب والأحزان لأن من شأن الدموع تخفيف الحزن، أبلغ الألم ما تخمد معه العين ويسكن في الأحشاء دون أن يجد له منفذا للخروج. فلا يخطئ من يذرف جموعه لفراق أحبائه، وإنما الخطية في التذمر على عناية الله، والحزن الشديد الذي بلا رجاء.
فيا أيها المحزون المتألم ابك ولكن لا تيأس. أطلق لطبيعتك أن تظهر عاطفتها ولكن لا تتذمر على تلك اليد المباركة التي لطمتك. احزن ولكن ليس كالباقين الذين لا رجاء لهم. نعم بالموت فارقت من تحب فراقا طويلا ولكن أذكر أن الحياة قصيرة ولابد من مفارقتها اليوم أو غدا. إن ما له نهاية قصير وسيكون لقاء بهد هذا الفراق، لقاء دائم وبقاء أبدى. فان كنت تبكى من فارقت فاذكر أنه في جوار الرب الذي ستمسح يده المباركة كل دمعة من عينيك. اطلب عزاءك منه فهو قادر أن يعزيك ويضمد جراحك وسوف يجمع شمل من تفرقوا أمام عرشه المجيد. فيلتقي كل منا بمن يحب، حيث لا دموع ولا بكاء ولا فراق إلى الأبد.
ما رأيت إنسانًا فقد زوجته إلا وسمعت منه روايات وأحاديث عن حلاوة عشرتها وصدق إخلاصها وشدة وفائها، وكيف كانت مثالا للتضحية والأمانة فيا أيها الزوج الذي ماتت زوجته. إن كانت من فقدت على مثل هذه الخصال فلا تدع تذكاراتها سببا لأحزانك، بل اجعلها موضوعا لتعزياتك بأنها انتقلت إلى السعادة العلوية والراحة السرمدية. اذكر أتعابها الماضية وأن الله تعالى أراحها سريعا من آلام هذه الحياة المملوءة بالأوجاع. وان كانت تحبها محبة حقيقية فبارك الله على نصيبها السعيد الذي نالته. وان شئت أن تراها يوما فانسج على منوالها وسر في طريق الله الموصلة إلى المجد. ولتكن هذه التجربة التي أصابتك نذيرا لك ببطلان هذه الدنيا. اعلم أن فرصة هذه الحياة القصيرة أننا لسنا إلا في دار غربة وأننا سائرون نحو الأبدية. فأسرع في الرجوع إلى الله وارفع قلبك عن محبة هذا العالم وضع كل ثقتك وأملك في السماء عالما أننا ما دمنا في هذا الدار فنحن عرضة لنوائب عديدة وأرزاء الأحزان ووادي الدموع. واتخذ من هذا المصاب درسًا آخر هو أن ترحم المصابين المتألمين أمثالك الذين يئنون تحت أثقال بلاياهم، فلست وحدك المتألم والحزين ولا بيتك فقط هو محط الحزن وعبء أحزان مختلفة الأشكال متنوعة الصنوف. وأنه من الواجب على كل إنسان أن يشترك مع الآخرين في آلامهم ويواسيهم في ضيقاتهم ومصائبهم.
وان كان لك أولاد فاذكر كيف أنه تضاعفت عليك الواجبات. فاجتهد لتعوضهم ما خسروا بمحبتك لهم وعنايتك بتربيتهم. فسيكون قرة لعينيك وستراهم يوما كأغصان الزيتون حول مائدتك، واحذر من أن محبتك لهم وزيادة شفقتك عليهم خوفًا من انكسار قلوبهم تجعلك تتراخى في تربيتهم وتطلق لهم زمام أنفسهم وتعرض عن تقويمهم، فانتبه لذلك وحذره كل الحذر. وكن قدوة لهم في التصرفات. ومهد لهم طريق الصلاح. وعلمهم من مثالك ما يجعلهم رجالاً فضلاء أتقياء. وبذلك تعيش في الدنيا سعيدًا. وتجمع أنت وأفراد عائلتك معا أخيرا بالمجد في دار النعيم حيث الحياة الأبدية والمجد الذي لا يزول.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:14 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
موت الزوج

ما قلناه عن موت الزوجة يمكن أن يقال عن موت الزوج لأن العلاقة واحدة. والرجل للمرأة رأسها. وأي جسد فقد رأسه ولم يتوجع. فلا تلوموا الزوجة إذا بكت وأذرفت دموعها كيف تشاء، ومن يقدر أن يمنع دموعها عن الجريان. ولكن يوجد واحد فقط الذي يقدر أن يسمح دموعها ويحول بكاءها إلى أنهار تعزيات، هو لذلك الحنون الذي تحنن على الأرملة وقال لها "لا تبكى" لو (7: 13) لا تزجروها ولا تمنعوها عن البكاء، ولكن ضعوا أمامها تعزيات الرب. دعوها تقرأ كلمات الله فهي وحدها القادرة أن تكفكف عبراتها. وفي الفصول الواردة في هذا الكتاب كثير من الحقائق الإيمانية التي تعزينا في غربة هذه الحياة. وتعلمنا احتمال آلام الحزن والصبر على الضيقات. وإلقاء نفوسنا بين يدي الروح المعزي القادر أن يملأها بعزائه وسلوانه.
أيتها الزوجة الحزينة، إن بكيت وأكثرت من سكب الدموع فلا ينفعك من ذاك شيء غير زيادة الأسى. وان تضجرت وتذمرت على عناية الله فلا تحصدين إلا مضاعفة الحزن وتضيفين عليه اليأس وفقد الإيمان. نعم أن الحزن شديد والضيق مر. ولكن لنا من الله ما يخففه عنا... وذلك بالإيمان والصلاة وتلاوة كلامه المقدس. ولكن إذا مزجنا ضيقاتنا بعقاقير الضجر، وفقدنا الإيمان، وازددنا حزنا وبعدت عنا كل تعزية. عار على المؤمن أن يجزع في زمن الضيق. وما دمنا نعرف أن أرادة الله لابد أن تتم فلماذا لا نخضع لها؟ هل الحزن والبكاء يغيران شيئا من مشيئته. الدموع تجرى وحدها مع التسليم لله في أحكامه وقضائه. عالمين أن شدة الحزن خطية ضد الإيمان والرجاء. ولذلك قال الرسول بولس (لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضا معه" 1 تس (4: 13، 14).

قد انتقل زوجك وخلص من أتعاب الدنيا ودخل بيت راحته الأبدي. وأي محب يود رجوع حبيبه إلى ميدان الكفاح بعد أن غلب وانتصر. قد فاز الجندي ووضع عليه الملك أكليل المجد وأمسكه غصن النصر. فهل نتمنى أن يترك كل ذلك ويعود من جديد إلى الحرب ويكون عرضة للنيران الأعداء وهدفا لسهام التجارب. لقد أعيد المنفى إلى وطنه ودخل بيت أبيه. فهل نحزن ونشتهى رجوعه إلى دار الغربة ليقاسمنا ويلات هذه الدنيا ويتورط في فخاخها ويسير بين أشواكها، يأكل من خرنوبها، يتألم بمصائبها. مرض احد الأتقياء بحمى خبيثة ويئس الأطباء من شفائه. وأخيرًا رجوا له الشفاء ولما أبلغوه ذلك قال لهم "لم تعزوني بهذا بل مزقتم قلبي فكأنكم تقولون لغريق حملنه الأمواج إلى الميناء الآمين انك ستعود إلى حيث كنت لتبتلعك الأعماق".
اعلمي أيتها الزوجة أن زوجك الذي فارقك انضم إلى صفوف القديسين وهو يطرب الآن بعشرة الملائكة وسكان السماء،ولو تأملت خساسة هذه الدنيا وأمجاد النعيم، وقارنت بين هذه وتلك، وبين حياة الأرض الزائلة وحياة الملكوت الأبدية لعدت كل شيء في الدنيا خسارة ونفاية بالنسبة لدقيقة واحدة من دقائق النعيم. فدعي إذن رجائك في الله. وآمني بأنك سترين زوجك في القيامة المجيد وثقي بأن جسده الذي رقد واستراح سيعود أبهى مما كان ويقوم في عدم فساد. ليتك تقولين: ليستريح جسدك أيها الراقد الحبيب في ضريحه بسلام. ولتتمتع نفسك بالخلود أمام الله فانك قد سبقتنا وسنلتقي بك يوما في حياة لا فراق فيها إلى الأبد.
إن التجأت أيتها الزوجة إلى رحمة المسيح وطلبت عزاءه يمنحك العزاء الوافر والسلام الكامل. لقد أصبحت أرملة وفقدت بعلك. ولكن لا تنسى أن المسيح من شدة محبته للكنيسة سمى نفسه بعلا لها فهو يعرف مقدار حزنك ومرارة نفسك ويعلم ما تفتقرين إليه من التعزيات ولا تجدين العزاء إلا فيه. فإذا أطلقت لنفسك وجرت دموعك فلا تدعى الدموع تحجب قلبك عن رؤية المسيح بل اسمعي صوته يقول: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد. أتؤمنين بهذا" يو (11: 25، 26) وان قلت لقد ترك لي أطفالا أصبحوا أيتاما بلا أب فاعلمي أن الله هو أبو الأيتام وقاضى الأرامل واسمعي مواعيده تعالى: الرب يحفظ الغرباء. يعضد اليتيم والأرملة مز (146: 9) وهوذا قوله: اترك أيتامك أنا أحييهم وأراملك على ليتوكلن ار (49: 11) وقول هوشع النبي: بك يرحم اليتيم (14: 3) وقول المرنم إليك يسلم المسكين أمره. أنت صرت معين اليتيم... لحق اليتيم والمنسحق لكي لا يعود أيضا يرعبهم إنسان من الأرض مز (10: 14، 18) وقول الحكيم: لا تدخل حقول الأيتام. لان وليهم قوى هو يقيم دعواهم عليك أم (23: 11) الرب يقلع بيت المتكبرين ويوطد تخم الأرملة أم (15: 25) وقول حزقيال النبي لا تسئ إلى أرملة ما ولا إلى يتيم. إن أسأت إليه فإني إن صرخ إلى أسمع صراخه فيحمى غضبى وأقتلكم بالسيف فتصير نساؤكم أراكل وأولادكم يتامى حز (22: 22-24) فهو الصانع حق اليتيم والأرملة تث (10: 18) كراع يرعى قطيعه. بذراعه وجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات اش (40: 11) قالت صهيون: قد تركني الرب. سيدي نسيني. هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها، حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك اش (49: 14، 15).
ألا تجدين في كل هذه المواعيد الإلهية تعزيات وافرة على ترملك! وان كنت فقدت زوجك وأصبح أولادك أيتاما بفقدان أبيهم الجسدي فلهم الأب السماوي أبا وقاضيا وهو الذي يعتني بالجميع. فضعي اتكالك عليه تجدين فيه كل شيء. قال إسرائيل ليوسف عند موته: ها أنا أموت ولكن الله سيكون معكم ويردكم إلى أرض آبائكم تك (48: 21) وقال يوسف لإخوته: أنا أموت ولكن الله سيفتقدكم ويصعدكم من هذه الأرض تك (50: 34).
فليكن كلام الله تعزيتك. والإيمان قوتك. والرجاء سندك. لقد اتحدت مع زوجك على الأرض بالمحبة والإخلاص ولا يزال رباط المحبة بينكما وثيقا إلى الأبد أنظري بعين الإيمان إلى الوطن الأبدي الذي ذهب إليه زوجك وهناك ستلتقين به بعد هذه الحياة، وتعرفينه وتتيقنين أنه ل يمت بل انه حي، وقد سبقك إلى المجد في النعيم الخالد.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:15 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
موت الوالدين

"أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني " مز (27: 10).
أن الله تعالي هو مصدر الوجود وموجد كل موجود، قرر بأن يكون الوالدون علة ثانية لوجودنا في هذا العالم. ولا يخفي أن الولد صورة أبيه ورسم جوهره. ومن يستطيع أن ينسي محبة والديه وما كابداه من الأتعاب لأجله. ومن يثق بمحبة الأرض أكثر من محبتهما وإخلاصهما. فكيف لا يتمزق القلب أسي وحزناً لفراق أحدهما وخسارة تلك المحبة الطاهرة والعواطف التي لا يوجد أسمي منها.
متى ظهرت علامات الشيخوخة والهرم علي الوالدين ووهنت قواهما خفقت قلوب الأولاد الصالحين خوفاً عليهما ويتمنون طول أيامهما. ويشتهون لو أمكن أن تعبر عنهما كاس الموت. ولكن الموت لا يرحم شيخاً ولا يشفق عي شاب، كلنا رهن المنون، فمتى امتدت يد الموت واختطفت أحدهما فتعزيتنا أنه قام بما عليه من واجب في هذه الحياة. وتعب من الجهاد في أيام غربته علي الأرض وأصبح مشتاقاً إلي راحته الأبدية والانضمام إلي صفوف القديسين الذين يرحبون بقدومه فينتظر الانطلاق من الدنيا وهو يبارك الله ويقول مع سمعان الشيخ: الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك لو (2: 29، 30) ولسان حاله يقول لأولاده ما قاله داود لابنه سليمان: أنا ذاهب في طريق الأرض كلها فتشدد وكن رجلاً. احفظ شعائر الرب إلهك، إذ تسير في طريقه وتحفظ فرائضه ووصاياه وأحكامه وشهاداته لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت 1مل (3: 2، 3) وحينئذ يتم عليه ما قاله الرب لإبراهيم: أما أنت فتمضي إلي آبائك بسلام وتدفن بشيبة صالحة تك (15: 15) وقد اسلم إبراهيم روحه بشيبة صالحة. شيخاً وشبعان أياماً وأنضم إلي قومه تك (25: 8).

أما إذ كان ذلك الولد قد فارق الحياة وهو لم يبلغ سن الشيخوخة فعزاؤنا في التسليم لقضاء الله وأحكامه. وما هي الحياة في هذه الدنيا سوي تعب وجهاد. ولا فرق بين من يعيش فيها كثيراً أو قليلاً. لأن العبرة ليست بطول الحياة بل بما يعمله الإنسان فيها من الواجبات. وقد قضي الراحل الغاية من وجوده. وعلينا في هذه الحالة أن نبارك الله الذي خلصه من أتعاب الدنيا ونقله إلي دار الراحة والسعادة،ولنا في كلام الله وما نرجوه في الحياة الأخرى خير معز لنا في مثل هذه الأوقات، طالما نعلم بأن المنتقل إلي الله ورقد جسده في قبره علي رجاء القيامة فنتعزى ونرجو لقاءه في القيامة مع صفوف الأبرار ومواكب القديسين.
وإذا كنا في شدة ألحاجه إلي ذلك المنتقل وإلي محبته وعنايته فعلينا أن نرفع ألحاظنا إلي أبينا السماوي فنجد فيه كل ما نحتاجه من المحبة والعناية، ونقول مع داود: "أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني" فطوبي لمن يتكل علي عناية الله ويضع كل رجاءه فيه فانه يعيش تحت ظل عنايته آمنا مطمئنا.
كم من والدين ماتوا وتركوا أطفالاً صغاراً، وتمتلئ قلوبنا حزنًا عندما تقع العين عليهم، مفكرين في من يعتني بهم ويعولهم بعد والديهم. ولكن لو رفعنا قلوبنا إلي الله وعلمنا بان الله أقام نفسه أبًا ومحاميًا وقاضيًا وعونًا للأيتام وأنه تعالي يعتني بعم عناية خاصة. باركنا الله علي حنوه ورحمته، وما تطرق إلي قلوبنا أي فكر يضاد الإيمان، ولكن بعض ضعفاء الإيمان يقولون أن ذلك الوالد كان يسعي ويهتم بخير أولاده. فمن يعولهم من بعده؟ وتملأ هذه الأفكار قلوبهم ولكم الإيمان يهمس في آذانهم قائلاً: "انظروا إلي طيور السماء، أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها، ألستم أنتم بالحري أفضل منها... تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو، لا تتعب ولا تغزل ولكن أقول لكم أنه ولا سليمان بكل مجده كان يلبسه كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا، أفليس بالحري جدا أن يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان مت (6: 26-30) فالله تعالي الذي يعتني بالعصافير والغربان ويعول فراخها ويكسو عشب الحقل بذلك الجمال، لا يترك صغار أولاده يحتاجون. وأن كان الوالد يعتني بخير أولاده الزمني، فالرب السماوي يلاحظ حياتهم ووجودهم وأرواحهم.
فيا أيها الأولاد يا من فارقهم والدوهم: دعوا الرب يضمكم إليه واقتربوا منه يقترب إليكم، وهو يدعوكم قائلاً "تعالوا إلي وأنا أريحكم" التصقوا به واتحدوا معه فتشعرون بمحبة أسمي من محبة والديكم لكم لأنه كما يترأف الأب علي البنين يترأف الرب علي خائفيه مز (103: 13) قال المرنم: أيضاً كنت فتي وقد شخت ولم أر صديقاً تخلي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزا. اليوم كله يترأف ويقرض ونسله للبركة مز (37: 25، 26). لا تخف لأني معك لا تتلفت لأني إلهك قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري... لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك اش (41: 10، 13) قال الرب: بالبكاء يأتون وبالتضرعات أقودهم أسيرهم إلي أنهار ماء في طريق مستقيمة لا يعثرون فيها لأني صرت لإسرائيل أبا وأفرايم هو بكري ار (31: 9) وأكون لكم أبا وانتم تكونون لي بنين وبنات ويقول الرب القادر علي كل شيء 2كو (6: 18) فأسكنوا في مساكن الله العلي واستريحوا في ظل القدير وقولوا له الآن يا رب أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا وكلنا عمل يديك اش (64: 8) فإنك أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم وأن لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب ولينا، منذ الأبد أسمك. اش (63: 16).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:16 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الباب الرابع: الحزن وزيارة المقابر


  • عدم الإفراط في الحزن
  • زيارة القبور

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:38 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
عدم الإفراط في الحزن

"لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم " 1 تس (4: 13).
الحزن والبكاء شأن الطبيعة البشرية. ومن يقدر أن يوقف جريان دموعه أمام جثة حبيب أو عزيز له. وقد رأينا في الكتاب أن يوسف وقع علي وجه أبيه وبكي عليه وقبله تك (50: 1) وأخوته وأقاربه صنعوا مناحة سبعة أيام. تك (50: 10) وداود بكي بكاء عظيما لموت ابنه أمنون 2 صم (13: 36) وناح علي ابنه العاصي أبشالوم 2 صم (18: 33) بل رب المجد نفسه يسوع المسيح بكي علي لعازر يو (11: 35) ومن لا يبكي في مثل هذه الأوقات ويذرف دموعه فهو قاسي القلب متصلب الإحساس. فالحزن والبكاء بحسب ما تقتضيه الطبيعة جائز وغير ممنوع. ولكن البكاء بإفراط وترك النفس للحزن بلا عزاء أمر غير جائز عقلًا ودينًا. ويحذرنا الرسول عنه بقوله: ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنه أن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه". وبهذه الآية ينبهنا الرسول بأن لا نجهل أن الذين انتقلوا إنما هم رقود في المسيح، وكما قام المسيح سيقومون هم أيضاً. فأن السيد له المجد قال عن موت لعازر: "أنه نام" وعن الصبية التي أقامها "أنها نائمة" وبما أن المسيح أباد سلطة الموت وكسر شوكته وصيره واسطة للاجتياز من هذه الحياة إلي الحياة الأخرى، ومعبرا من عالم الأتعاب إلي عالم الراحة. فلا داعي إذا للإفراط في الحزن ما دمنا نؤمن أن وراء هذا العالم عالما آخر مجيدًا ينتقل إليه المؤمنون.
جاء في أخبار القديسين أن أحد الصيادين وجد سائحاً وهو في حالة احتضاره يرتل ترتيلًا شجيًا بنغمة مطربة، فاقترب منه الصياد وقال له: كيف أن رجلًا مثلك في حاله الذل والتعاسة يرنم في ساعة الموت مثل هذا الترنيم؟ فأجابه السائح: أعلم يا أخي أنه ليس بيني وبين إلهي سوي هذا الحائط المنهدم وأشار إلي جسده. فكما أراه مائلًا إلي السقوط أعلم أنه قد دنا وقت اقترابي إلي إلهي، وتركي زمن غربتي، واستيطاني عند الرب إلهي لأتمتع به إلي الأبد.

وجاء أيضاً في سيرة أحد الآباء النساك في برية الأسقيط أنه لما جاء وقت احتضاره كان فرحًا، ومن شدة فرحه كان يضحك، بينما كان الحاضرون حوله يبكون. فسألوه ماذا يضحك؟ فأجابهم وأنتم لماذا تبكون مع مشاهدتكم إياي منطلقًا من التعب والعناء إلي الراحة والنعيم في السماء.
قال الحكيم: نهاية أمر خير من بدايته.... ويوم الممات خير من الولادة جا (7: 8، 10) لأن الإنسان يولد للدخول في عالم مملوء بالتعب. ولكن بالموت يولد ميلادا جديدا ويحيا حياة أبدية. وما أكبر الفرق بين حياة يعقبها موت. ولكن بالموت يولد ميلادا جديدا ويحيا حياة أبدية. ولو أمكن لنا أن نسمع أحد المنتقلين لسمعناه يقول لنا: لا تبكوا عليً. أنا لم أمت بل كنت مائتا وأنا الآن حي وسأحيا مع المسيح إلي الأبد. لم أمت بل انتقلت من الموت إلي الحياة. فلماذا تحزنون؟ أتبكون علي سعادتي التي حصلت عليها. أتحزنون علي مجدي وفرحي الذي لا ينطق به. وراجتي التي لا يعبر عنها. لقد نجوت من بحر هذا العالم المتلاطمة أمواجه. وخلصت من مشاهد الحياة الملآنة بالشقاوات. لقد تركتكم وعاشرت القديسين والملائكة، أنا الآن في نور لا يغيب. وسلام لا يشوبه كدر. وفرح لا يعتريه انزعاج. فأن كنتم تبكون فأبكوا علي أنفسكم لأنكم لا تزالون تحت أخطار أمواج العالم وبين تيارات الأحزان وعواصف البلايا، وما أنا فقد بلغت الميناء بسلام.
لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم ومن هم هؤلاء الباقين؟ هم الكفرة الذين لا يؤمنون، الذين لا رجاء لهم بحياة أخري ولا يعتقدون بالقيامة. ويظنون أن النفس مائته وتنحل مع الجسد. فهؤلاء يحق لهم أن يبكوا ويولولوا لأنهم لا يرجون لقاء من فارقوهم وينظرون إلي الموت كأنه آخر شيء قطع بينهم وبين أحبائهم، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.فمتى مات لهم أحد أحبائهم لا يجدون أمامهم أملًا يرتاحون إليه. ولا يظنون انه بقي لفقيدهم اثر. فيتملكهم الحزن ويسود عليهم اليأس إذ ليس أمامهم سوي البكاء فيسكبون الدموع بقدر ما شاءوا. وكيف يتعزي غير المؤمن لأنه لا يقدر أن يعزي نفسه. ولا يقدر غيره أن يعزيه. وكل العزاء في الإيمان والرجاء. وهو لا يؤمن ولا يرجو.
أما نحن فنؤمن أن المسيح مات وقام. فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم أيضاً معه. فمن فارق الحياة وهو مؤمن إيمانا حيا بالمسيح لم يمت بل هو حي وأن كان جسده رقد، فعلي رجاء أن يقوم ثانية في القيامة.
جهل الوثنيون حقيقة القيامة فاعتقدوا أن لموتاهم راحة في القبور وظن بعض الفلاسفة أن الموت نوم بلا أحلام، ولكن الإنجيل هو الذي أنار الحياة والخلود. فيمكن لأصغر مؤمن وهو يجتاز الموت أن يقول: "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك معي " مز (23: 4) لذلك نجد أن كل رجال الله قد نظروا إلي الموت كصديق حميم، وكطريق يوصلهم إلي الحياة الأبدية. قال بولس الرسول لي الحياة هي المسيح، والموت هو ربح.... لي اشتهاء أن وأكون مع المسيح ذلك أفضل جداً في (1: 21، 23) لأننا أن عشنا فللرب نعيش، وأن متنا فللرب نموت. فأن عشنا وأن متنا فللرب نحن رو (14: 8) وقال قرب انتقاله: فأني أنا الآن اسكب سكيبًا ووقت انحلالي قد حضر. قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، وأخيرا قد وضع لي أكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً 2 تي (4: 6 - 8).
كتب القديس أغناطيوس وهو ذاهب للاستشهاد إلي أهل رومية حتى لا يصدوه ولا يمنعوه عن الموت، ومن ضمن كلامه قوله: "إن كنتم تحبونني محبة مخلصه دعوني أمضي لأتمتع بإلهي. فهذه فرصة لي للاتحاد به لا يكون لي أوفق منها.... ولكن إن جنحتم إلى محبة جسدية فتكونون نظير أعداد عديمي المعروف جذبتموني من ميناء سعادتي الطوباوية وطرحتموني في عمق بحر عجاج متلاطم الأمواج، حيث يلزمني الدخول إلي مضمار الجهاد بأتعاب كثيرة من جديد فيما بين العواصف وتحت المخاطر التي لا يحصي عددها. إلي أن قال: ليت الوحوش تزداد نهما فأن أسنانها ليست إلا كرحي فإنها أن طحنت القمح لا تفنيه بل تصيره دقيقا. فلتسحقني فأصيد قرصًا نقيًا معدًا للسماء " وقال القديس بوليكربوس الشهيد حين ربط بوتد للحريق " دعوني من الوثاق فأن من وهبني قوة الإتيان إلي النار هو يعطيني صبرًا علي احتمال اللهيب مطلقًا" وقال القديس كبريانوس " لا يخاف هذا الموت إلا من أجتاز منه إلي الموت الثاني. ولما سمع القضاء عليه بالموت. قال اشكر الله لتحريره إياي من سجن هذا الجسد " والقديس باسيليوس لما تهدده الوالي بالاستيلاء علي أملاكه والعذاب والنفي والقتل قال له: لا يخشي فقد المال من لا يملك شيئا ولا النفي من يحسب السماء وطنه الحقيقي، ولا العذاب من يسلم الروح بضربة واحدة، ولا الموت من يري انه الطريق الوحيد إلي حضرة الله وقال القديس يوحنا ذهبي الفم في رسالته الثانية إلي قورياقوس وهو منفي من المملكة أوكسيا الأريوسية " أني لما خرجت من المدينة لم أعد افتكر بشيء بل أخذت أحدث نفسي هكذا: أن نفتني الملكة فالأرض بكمالها للرب، وأن أحبت أن تنشرني فقد نشر أشعياء من قبلي، وأن أرادت أن تلقيني في البحر فأذكر يونان، وأن شاءت أن ترجمني فلي أسوة باسطفانوس أول الشهداء. وأن رامت أن تقطع رأسي فرفيقي يوحنا المعمدان، وأن أثرت أن تغتصب مالي ورزقي فعريانًا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود".
من يقرأ هذه الأقوال ولا يتحمس؟ من يري أتعاب الدنيا ويقابلها بسعادة الحياة الأبدية ولا يستهين بالموت؟ ويري أنه المعبر الوحيد الموصل إلى الراحة، فلماذا إذا نحزن ونبكي علي المنتقلين وقد فازوا بعربون السعادة فيليق بالمؤمن أن مات له أحد أحبائه أن يتعزى بإيمانه ورجائه، وإن بكي فلا إفراط، وأن حزن فلينظر إلي الرجاء المنتظر فيمتلئ قلبه بالعزاء.
نعم أن الطبيعة البشرية من شانها الحزن وتأتي بالدموع، ولكن الإيمان يمسحها ويقف جريان ينابيعها. فإذا مات لأحد أبوه أو أمه نضطر إلي البكاء، ولكن إيمان يعلمه أن له آبا في السماء يشفق عليه أكثر من أبيه فيذكر قوله: كما يترأف الأب علي البنين يترأف الرب علي خائفيه... أما رحمة الرب فإلي الدهر وإلي الأبد علي خائفيه وعدله علي بني البنين مز (103: 13، 17) وإذا مات أخوه أو أخته أو أحد أقاربه أثارت الطبيعة عوامل الحزن ولكن الإيمان يمسح دموعه ويريه انه بقيت له نسبة اسمي وهي أن المسيح أخوه الأكبر: من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي مت (12: 50) وإذا مات صديقه الذي يحبه يجد في المسيح أو في محب وأخلص صديق أنتم أحبائي أن فعلتم ما أوصيكم به يو (15: 14) وأن مات من كان يعوله ويعضده قال "أنا مسكين وبائس. الرب يهتم بي. عوني ومنقذي أنت يا الله لا تبطئ" مز (40: 17) فإذا نظر المؤمن إلي الأرض لا يجد تعزية، ولكن إذا تطلع إلي السماء يجد فيها نعم العون والعزاء قال المرتل: آبت نفسي التعزية. أذكر الله فأئن مز (77: 2، 3).
إذ عرفت ذلك رأيت أن تلك المناحات المرة التي يعملها بعض الناس علي موتاهم والتي نجد فيها النساء ينحن ويلطمن علي خدودهن ويأتين بالنائحات والنادبات لإثارة إشجانهن، ومخالفة للعقل وللدين ومضادة لإيمان والرجاء وغير لائقة بالمسيحيين بل هي علامة الجهل ودليل اليأس. قال الرب لا تجرحوا أجسادكم لميت لا (19: 28) أنتم أولاد الرب إلهكم. لا تخمشوا أجسامكم ولا تجعلوا قرعة بين أعينكم لأجل ميت. لأنك شعب مقدس للرب إلهك تث (14: 1، 2) فيا أيها المؤمن يا من لا تجهل حظ الراقدين لماذا تحزن كالباقين الذين لا رجاء لهم. أرفع عقلك إلي فوق وثق بأن من فقدته أنتقل إلي سعادة السماء وآمن بأنك ستلتقي به يوم القيامة، وحينئذ تخف أحزانك وتكثر تعزياتك.
وما أحسن ما قاله القديس يوحنا ذهبي الفم في هذا الصدد وإليك بعض أقواله النفسية. قال: "ينبغي أن لا نندب ولا ننوح علي أمواتنا بعد أن حقق لنا سيدنا له المجد قيامة الأموات. فما بالنا نبكي بحرقة ونتخذ النائحات والنادبات، وقد قهر سيدنا يسوع المسيح الموت وأنتزع ملكه وسلطانه ما بالك يا هذا تنوح نوحًا مزعجًا وتكابد أحزانًا وهمومًا وغمومًا، وقد صار موتنًا نومًا عارضًا".

ولقد كان يجب أن نضحك علي الخارجين عنا الذين ينكرون قيامة الأموات، فما بالنا نجعل الخارجين عنا يضحكون علينا لأنهم يقولون أن المسيحيين لو كانوا يصدقون بقيامة الأموات كما يزعمون لما كانوا يأتون علي موتاهم مثل هذه الأعمال. ما بالك أيتها المرأة تندبين بالبكاء والعويل، وتكثرين من الحزن والنحيب، وتستدعين النادبات، وتخدشين وجهك، وتنهشين ساعديك، وتقطعين شعرك وتلطمين وجهك ولا تسمعين قول سيدنا: ط أن الصبية لم تمت لكنها نائمة " إلا تنظرين حياتها بعد الموت الذي دعاه نوما. فإن قلت فلماذا لا يقيم لي ابنتي الآن كما أقام تلك. قلت أن كان عملك هذا علي الموت والحاضر. فما الفائدة في أن تعيش مدة ثم تموت ثانية. وأني أقول لك ولسائر المؤمنين. أما تعلمون يا هؤلاء إننا في الدنيا معذبون مسجونون نكابد أحزانا وهموما يطول شرحها. فما بالنا نندب علي من خلصه الله من موطن الآفات ونبكي علي من رفعه من مرارة الأتعاب والهموم. لا ينبغي لنا أن نحزن علي أمواتنا بل يجب أن نسر لنقلهم من أرض الشقاء إلي دار النعيم حيث لا غم ولا حزن ولا آسف ولا هم ولا تنهد. بل نعيم الملكوت الذي لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر علي قلب بشر. فإن قلت أن الحزن طبيعة لازمة لنا فكيف تخرج الطبيعيات عن التصرف بما يقتضيه وضعها. قلت أن الذنب ليس للطبيعة الحيوانية بل لعقل صاحبها المتصرف بها. لأنك لو ثقفت عقلك وروضته بالنظر في الناموس دائما، لغلب الطباع الجسمية وقهرها وفعل ما تقتضيه البصيرة العقلية. أخبرني يا هذا ما الذي تراه في الدنيا من السعادة حتى تحزن علي النازحين عنها. أليس دائما تري أضدادك محيطين بك من كل جانب وأنت متقلب بين أنواع الآفات وأصناف المصائب. تارة تطلب ما لا تجده وتارة تفقد الموجودات التي تهواها، وتارة تشكو ثقل الأمراض والأوجاع، وتارة قلة المكاسب، وتارة تتوجع لألم الأقرباء والأحباب. وتارة تشكو مشقة الكبر. وتارة تشتهي الموت من شدة الضيقات والآلام. وتارة تنزعج حواسك لوقوع بعض المصائب كالغلاء وقيام الأعداء وحدوث الزلازل وتواتر الحروب والفتن: فلماذا لا نصبر علي فراق الأحباء، ونسر بانتقالهم من دار الشقاء والهموم. نحسن ظننا بالله في الاجتماع بهم هناك. وإذا رأيت أيتها المرأة أن الذي أعطاك الأولاد هو الذي أخذهم إليه ليعطيهم أكثر مما عندك. وأنك سائرة إلي الاجتماع بهم عن قليل. فلماذا تندبين وتحزنين؟ فإن قلت إني أرملة وحيدة وليس لي سند ولا معين. قلت كيف تقولين هذا وقد رجع أمرك إلي ربك أب الأيتام وقاضي الأرامل. ألا تسمعين قول بولس الرسول: أن الأرملة رجاؤها الله وحده ولو علمت حقيقة العيشة الحاضر لأعرضت عن هذه ورغبت في المسارعة إلي تلك.
فسبيلنا أن ننهض عقولنا ونظهر سرائرنا ونجتهد في الانتقال إلي ملكوت ربنا الذي له المجد إلي الأبد أمين.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:39 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
زيارة القبور

«إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى الْقَبْرِ لِتَبْكِيَ هُنَاكَ»" (إنجيل يوحنا 11: 31).
من عوائد الأمم قديمًا وحديثًا إكرام الأحباء بعد الموت. وكان الشرقيون القدماء يبدون إكرامًا مقدسًا لموتاهم. ويقدمون وقارًا واحترامًا لقبورهم. واعتبروا إهمال أمور الدفن من أكبر المصائب التي يكرهونها لأعزائهم ويتمنوها لأعدائهم. ولا يزال جميع البشر حتى الآن يبدون الإكرام للمدافن التي تضم رفات أعزائهم. ويعتنون كثيرا ببنائها وتزيينها لأنهم يعتبرونها المكان الذي يضم عظامهم بعد انتهاء الحياة، وكل ذلك دليل على محبة البشر لأعزائهم وعدم نسيانهم بعد الموت. لان المحبة لا تقف عند حد الموت بل لا يزال كل منا يذكر من كان يحبه وفارقه في هذه الدنيا، وفي الحقيقة أن المدافن التي رقد فيها أحباؤنا لا تزال محبوبة لدينا. وكلما وقفنا أمامها تذكرنا عشرة وصداقة الذين عاشوا معنا وأخيرا أصبحوا سكتن تلك اللحود. والذهاب إلى القبور أحيانا لذكرى أحبائنا لا يعد من الأمور المستهجنة بل بالعكس فإننا بتلك الزيارة يمكننا أن نستفيد غير ذكر أعزائنا أمورا كثيرة نذكر منها:
أولا - نتعلم احتقار أباطيل العالم. وزوال كل مجد يخصه. حيث نرى هناك أن كل مجد دنيوي وكل مرتبة عالمية. وكل شهوة وكل لذة. وكل آمال الإنسان التي يؤملها في الدنيا. قد انتهت في ذلك القبر. وأن ذلك الإنسان الذي كان يتكلم بالأمس قد أصبح جثة هامدة أعدت طعاما للدود قال أحد الحكماء وهو يرثى الملك اسكندر الكبير "ها هوذا الذي كان بالأمس يطأ الأرض بقدميه فالآن قد وطأته الأرض تحتها. أمس لم تكن الأرض بجملتها كافية لمرغوباته ولان تكفيه فقط سبعة أشبار منهل ليدفن فيها بالأمس كان يقود على وجه الأرض عددًا عظيمًا من الجيوش والعساكر. والآن أنفار قلائل من الحمالين تحمله إلى قلب الأرض" ففي القبور نقف بخشوع وورع ونرى نهاية كل شيء في الدنيا ومن لا يتخشَّع عندما يتأمل أن جسده سيعود يوما مل مأكلا للدود والحشرات فبحق دعا القديس يوحنا ذهبي الفم القبور "مدرسة التواضع". فهي كذلك لأننا نتعلم منها الاتضاع والحكمة وزوال بطلان كل شيء دنيوي.

ثانيا - نتعلم قيمة الزمن الذي نحن فيه لنصرفه فيما يرضى الله إذ القبر الذي نحن ذاهبون إليه والأبدية التي سنسير لا يمكن لأحد أن يعمل فيها شيئا وليس هناك إرشاد ولا تنبيهات ولا خطب ولا عظات بل ما دمنا في الحياة يجب أن نذخر ما ينفعنا وينير لنا تلك الطريق. قال السيد ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل (يو 9: 4) فلنعرف أننا دخلنا إلى العالم عراة. ونذهب إلى القبر عراة من كل شيء، ولا يستطيع أحد أن يأخذ معه شيئا، وحينئذ لا ينفع المال ولا الجاه ولا المراتب الرفيعة. شيء واحد يبقى معنا هو ما عملنا من التقى والخير.
ثالثا - نتذكر أننا تراب والى التراب نعود وأننا مائتون ولابد أن نفارق العالم يومًا ما، فان المغرور المغرم بشهوات العالم وطالب المجد الباطل وباقي المخدوعين بحب الدنيا عندما يتأملون نهايتهم تقف أطماعهم ولو قليلا وربما استفادوا من ذكر الموت ما ينبههم عن غفلتهم ويفيد حياتهم الروحية. وفي ذكر الموت فائدة كبرى وهو أهل لأن يكون موضوع تأمل الإنسان مدة الحياة. فان من يذكر نهايته تحسن بدايته وتستقيم حياته. وقد كان الفلاسفة الوثنين والأتقياء في كل زمان يهتفون بذكر الموت. قال أبيكتيتوس الفيلسوف Epictetus: أديموا التفكر في الموت لأن هذا الفكر يمنعكم أن تفتكروا أبد فكرا دنيئا أو تشتهوا شيئا بإفراط الرغبة والشوق. وقال أفلاطون: "انه بقدر ما يتعمق الإنسان في التثبت بفكر الموت ويتوغل في التأمل فيه بقدر ذلك تتسع حكمته" وروى عن الملك فيلبس أبى الإسكندر الكبير: أنه أمر أحد خدامه وأن يكرر له في كل صباح ثلاث مرات هذه الكلمات "اذكر يا فيلبس أنك بشر وأنك بالموت ستترك كل شيء" وجاء عن الملك مكسيميليانوس الأول أنه صنع نعشا لنفس قبل موته بأربع سنين وحيثما توجه كان ينقله معه ليكون مذكرًا له بالموت، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وكثير من ملوك الشرق كان لهم من جملة أعلام وعزتهم الملوكية كتاب من ذهب يحملونه باليد اليسرى القريبة من القلب اسم "البر" وهذا الكتاب مملوء ترابا وغبارا وكانوا يشيرون به إلى أن الإنسان مائت. وكان من عادة الأحباش عند تتويج أحد ملوكهم أنهم يحملون أمامه وعاء مملوء ترابا وجمجمة ميت. وقد وجد على مكتبة أحد الفضلاء جمجمة كتب عليها على لسان الميت هذه الكلمات يخاطب بها كل من يقرأها: "كما أنت الآن قد كنت أنا أيضا" ومن يتأمل في جمجمة وعظام الإنسان دون أن يسفك تشامخه وينحط ترفعه.
ما أكثر الفوائد التي نربحها بمثل هذه التذكارات والتأملات، فالذهاب إلى القبور إذا ليس أمر جائز فقط بل هو مناسب ومفيد. نعم إن هناك تستعر نار أحزاننا في ضلوعنا وتقطر أجفاننا بالدموع عندما نذكر الذين كنا نحبهم، ولكن عندما نتأمل أن أولئك الذين وثقنا بهم وتعلقت قلوبنا بمحبتهم ورأينا أن تلك الثقة عادت بالخيبة وان لا شيء إلا ويغيره الزمان، وان أولئك الراقدين قد هدأوا من أتعاب الدنيا، وأننا لا نزال في معترك الحياة نقاسى آلامها، وأن المستقبل في ظلمات الريب، ولا نعلم ما يخبئه الزمان. حينئذ نغبط الذين رقدوا بسلام. وان بكينا هناك فلا نخطئ وإنما الخطأ في البكاء بلا رجاء. لأن الدموع إذا مزجت بروح الثقة والتسليم أعقبتها التعزية والله تعالى يحصى عبرات شعبه ويمسحها من عيونهم.
فإذا ذهبنا إلى القبور وبكينا هناك أحباءنا وذكرنا محبتهم فلا يجب أن ننسى التأمل في آخرتنا. بل يحسن جدًا أن نجعل تلك الزيارة وسيلة لاجتناء الفوائد الروحية لنفوسنا حيث نسمع من تلك الرموز العظات البليغة. عظات بدون ضجة أصوات ولا دوى كلام. منابرها القبور وخطباؤها الأموات وعاظ بلغاء لا يهابون كبيرًا ولا يخشون غنيًا ولا وجيهًا. حيث نسمع أصواتًا من تلك الجماجم الجامدة والعظام البالية تنادى باطل الأباطيل الكل باطل ولو أمكن لعظامهم أن تكلمنا لقالت لنا: كما أنتم الآن فقد كنا نحن قبلا مثلكم. كما أنتم أحياء تنظرون وتسمعون وتتكلمون، تذهبون وتعودون، تقفون وتمشون، تأكلون وتشربون. كنا نحن أيضا كذلك وأصبحنا كما ترون. لقد صمتت ألسنتنا وكلت عيوننا وهمدت التي أنتم واقفون عليها وتمشون فوقها إلا من رفات أجسادنا. فقفوا بورع لا اختيالًا على رفات العباد. لا تغلقوا قلبكم على شيء من أمور الدنيا الغرور فسوف يلحقكم ما لحقنا، وسف تصيرون كما صرنا. وسيكون مالكم كمالنا. من له أذنان للسمع فليسمع.
هنا يتساوى الجميع، الصغير كالكبير، الغنى كالفقير، السيد كالعبد العظيم كالحقير، المتكبر كالمزدرى به. هنا تبطل الميزات التي مَيَّزَت البشر.. هنا يبطل انقسام البشر إلى أسياد وعبيد، كبار وصغار، هنا ينتهي مجد الإنسان. هنا تبطل القوة والعظمة الدنيوية. هنا تزول نضارة الشباب وينتهي حد الشيخوخة. هنا تفنى اللذات وتنقضي المسرات، وتقف حدود الرغائب والشهوات. هنا نهاية كل شيء. الرتب والمناصب، الصيت والمجد والسؤدد. فقولوا للمفتخرين لا تفتخروا، وللأشرار لا ترفعوا قرنا ولا تتكلموا بعنق متصلب مز (75: 4) قولوا للمتكبر هنا أن كبرياءه تسقط. ولمن لم يشبع من الشهوات هنا سيرى خداع غرور، أن صرف حياته في الآثام هنا سيعرف أنه خسر كل شيء باطلا. ولمن صرف حياته في طاعة الله وخدمة بنى الإنسان أن أتعابه ستنتهي هنا ثم تبدأ راحته هناك وتتفتح أمامه أبواب السعادة ويتمتع بالسلام، ويشرق له فجر النهار الأبدي وينال شبع سرور.
لقد سلكنا هنا مطمئنين هادئين. أجسادنا هنا، أرواحنا في السماء وانتهى زمن جهادنا، وما عدنا نسع أصوات الشرور التي تزعج بنى آدم وارتحنا من الآلام التي تُعَذِّب البشر كل يوم، فلا ترى الشقاوات والتعاسات المحيطة بالإنسان، ولا نشاهد زحام الحياة وتنازع البقاء، وقتالات البشر وحروبهم على أمور فانية، وما عُدنا نرى صور الرذائل التي كنا نراها من الوحوش الآدمية والحيوانات البشرية والذئاب المفترسة. لقد خلصنا من مشاهدة مناظر الدناءة والخسة السائدة في الكون. لأن هنا يبطل الظلم ويزول الظالم ويرتاح المظلوم، وتنتهي الهموم والغموم، ومن شاء أن يتعلم التواضع ويدرس الفضائل ويقضى حياة طيبة ونهاية سعيدة. فليتعلم أول درس منا هنا. ومن كان غافلا لاهيا ساهيا فليفطن إلى النهاية وليتعلم أن هنا آخرة كل حي. فطوبى لمن يقول "لِتَمُتْ نَفْسِي مَوْتَ الأَبْرَارِ، وَلْتَكُنْ آخِرَتِي كَآخِرَتِهِمْ" (سفر العدد 23: 10).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:41 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الباب الخامس: آيات مختارة من الكتاب المقدس للتعزية في أوقات الضيقات
https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-of-rachel.jpg



  • آيات عن المشقات والتأديبات
  • آيات عن النعمة ضد التجارب
  • آيات عن المساعدة في الضيق
  • آيات عن الخلاص من الضيق
  • آيات عن تعزيات الله
  • آيات عن أن الموت نهاية كل حي
  • آيات عن المساعدة في الموت
  • آيات عن السعادة بعد الموت
  • آيات عن القيامة المجيدة
  • آيات عن السعادة الأبدية والمجد في السماء
  • الإشارة إلى بعض فصول الكتاب التي يناسب قراءتها في أزمنة الضيقات والأحزان

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:43 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن المشقات والتأديبات



  • "فَاعْلَمْ فِي قَلْبِكَ أَنَّهُ كَمَا يُؤَدِّبُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ قَدْ أَدَّبَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" (تث8: 5).
  • "هُوَذَا طُوبَى لِرَجُل يُؤَدِّبُهُ اللهُ. فَلاَ تَرْفُضْ تَأْدِيبَ الْقَدِيرِ" (أي5: 17).
  • "طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي تُؤَدِّبُهُ يَا رَبُّ، وَتُعَلِّمُهُ مِنْ شَرِيعَتِكَ13 لِتُرِيحَهُ مِنْ أَيَّامِ الشَّرِّ، حَتَّى تُحْفَرَ لِلشِّرِّيرِ حُفْرَةٌ" (مز94: 12، 13).
  • "لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ" (أم3: 12).
  • "صَالِحٌ أَنْتَ وَمُحْسِنٌ. عَلِّمْنِي فَرَائِضَكَ... خَيْرٌ لِي أَنِّي تَذَلَّلْتُ لِكَيْ أَتَعَلَّمَ فَرَائِضَكَ... قَدْ عَلِمْتُ يَا رَبُّ أَنَّ أَحْكَامَكَ عَدْلٌ، وَبِالْحَقِّ أَذْلَلْتَنِي" (مز119: 68، 71، 75).
  • "وَأَرُدُّ يَدِي عَلَيْكِ، وَأُنَقِّي زَغَلَكِ كَأَنَّهُ بِالْبَوْرَقِ، وَأَنْزِعُ كُلَّ قَصْدِيرِكِ" (أش1: 25).

    https://st-takla.org/Pix/Angels/www-S..._Angels-04.jpg
  • "هأَنَذَا قَدْ نَقَّيْتُكَ وَلَيْسَ بِفِضَّةٍ. اخْتَرْتُكَ فِي كُورِ الْمَشَقَّةِ" (أش48: 10).
  • "لِذلِكَ هأَنَذَا أُسَيِّجُ طَرِيقَكِ بِالشَّوْكِ، وَأَبْنِي حَائِطَهَا حَتَّى لاَ تَجِدَ مَسَالِكَهَا. فَتَتْبَعُ مُحِبِّيهَا وَلاَ تُدْرِكُهُمْ، وَتُفَتِّشُ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَجِدُهُمْ. فَتَقُولُ: أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى رَجُلِي الأَوَّلِ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ خَيْرٌ لِي مِنَ الآنَ" (هوشع2: 6، 7).
  • "وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي" (رو5: 3، 4، 5).
  • "وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ" (1كو11: 32).
  • "لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا" (2كو4: 16، 17).
  • "لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هذَا يَؤُولُ لِي إِلَى خَلاَصٍ بِطَلْبَتِكُمْ وَمُؤَازَرَةِ رُوحِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (في1: 19).
  • "يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ.
  • "إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟... لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ" (عب12: 5، 6، 7، 10، 11).
  • "إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ" (رؤ3: 19).
  • "اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا.
  • وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ... طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (يع1: 2، 3، 4، 12).
  • "مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ ­ إِنْ كَانَ يَجِبُ ­ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1بط1: 6، 7).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:45 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن النعمة ضد التجارب

  • "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا" (1كو10: 13).
  • "يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ، وَيَحْفَظَ الأَثَمَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مُعَاقَبِينَ" (2بط2: 9).
  • " وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا" (رو8: 37).
  • " فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ" (2كو12: 9)
  • "لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ" (عب2: 18).
  • "أَنْتُمْ مِنَ اللهِ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، وَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ" (1يو4: 4).
  • "حَسَنٌ أَنْ تَتَمَسَّكَ بِهذَا، وَأَيْضًا أَنْ لاَ تَرْخِيَ يَدَكَ عَنْ ذَاكَ، لأَنَّ مُتَّقِيَ اللهِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا" (جا 7: 18).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:47 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن المساعدة في الضيق


  • "وَيَكُونُ الرَّبُّ مَلْجَأً لِلْمُنْسَحِقِ. مَلْجَأً فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ" (مز9: 9).
  • "انْتَظِرِ الرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَانْتَظِرِ الرَّبَّ" (مز27: 14).
  • "إِنَّ أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَالرَّبُّ يَضُمُّنِي" (مز27: 10).
  • " إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَه... أَمَّا خَلاَصُ الصِّدِّيقِينَ فَمِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، حِصْنِهمْ فِي زَمَانِ الضِّيقِ" (مز37: 24، 39).
  • "اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا. لِذلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ، وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَار" (مز46: 1، 2).
  • "أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ" (مز55: 22).
  • "أَبْتَهِجُ وَأَفْرَحُ بِرَحْمَتِكَ، لأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَى مَذَلَّتِي، وَعَرَفْتَ فِي الشَّدَائِدِ نَفْسِي" (مز31: 7).
  • "فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ" (خر3: 7).
  • "الَّذِي فِي مَذَلَّتِنَا ذَكَرَنَا، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ" (مز136: 23).

    https://st-takla.org/Gallery/var/resi...thsemane-2.jpg
  • "اَلرَّبُّ عَاضِدٌ كُلَّ السَّاقِطِينَ، وَمُقَوِّمٌ كُلَّ الْمُنْحَنِينَ" (مز145: 14).
  • "مَنْ مِنْكُمْ خَائِفُ الرَّبِّ، سَامِعٌ لِصَوْتِ عَبْدِهِ؟ مَنِ الَّذِي يَسْلُكُ فِي الظُّلُمَاتِ وَلاَ نُورَ لَهُ؟ فَلْيَتَّكِلْ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ وَيَسْتَنِدْ إِلَى إِلهِهِ" (أش50: 10).
  • "لأَنَّ السَّيِّدَ لاَ يَرْفُضُ إِلَى الأَبَدِ. فَإِنَّهُ وَلَوْ أَحْزَنَ يَرْحَمُ حَسَبَ كَثْرَةِ مَرَاحِمِهِ" (مرا3: 31، 32).
  • "لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُخَلِّصَكَ. وَإِنْ أَفْنَيْتُ جَمِيعَ الأُمَمِ الَّذِينَ بَدَّدْتُكَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْتَ لاَ أُفْنِيكَ، بَلْ أُؤَدِّبُكَ بِالْحَقِّ، وَلاَ أُبَرِّئُكَ تَبْرِئَةً" (إر30: 11)
  • "لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي... أَحْتَمِلُ غَضَبَ الرَّبِّ لأَنِّي أَخْطَأْتُ إِلَيْهِ، حَتَّى يُقِيمَ دَعْوَايَ وَيُجْرِيَ حَقِّي. سَيُخْرِجُنِي إِلَى النُّورِ، سَأَنْظُرُ بِرَّهُ" (ميخا7: 8، 9).
  • "صَالِحٌ هُوَ الرَّبُّ. حِصْنٌ فِي يَوْمِ الضَّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ" (ناحوم1: 7).
  • "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (مت11: 28).
  • "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يو16: 33).
  • " لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا" (2كو1: 5).
  • "مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِين َمُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِين" (2كو4: 8، 9).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:49 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن تعزيات الله



  • https://st-takla.org/Pix/Angels/www-S..._Angels-04.jpg
    "وَتَقُولُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ، لأَنَّهُ إِذْ غَضِبْتَ عَلَيَّ ارْتَدَّ غَضَبُكَ فَتُعَزِّينِي" (أش12: 1).
  • "أَنَا أَنَا هُوَ مُعَزِّيكُمْ. مَنْ أَنْتِ حَتَّى تَخَافِي مِنْ إِنْسَانٍ يَمُوتُ، وَمِنِ ابْنِ الإِنْسَانِ الَّذِي يُجْعَلُ كَالْعُشْبِ" (أش51: 12).
  • "لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ، وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ. بِفَيَضَانِ الْغَضَبِ حَجَبْتُ وَجْهِي عَنْكِ لَحْظَةً، وَبِإِحْسَانٍ أَبَدِيٍّ أَرْحَمُكِ، قَالَ وَلِيُّكِ الرَّبُّ" (أش54: 7، 8).
  • "رَأَيْتُ طُرُقَهُ وَسَأَشْفِيهِ وَأَقُودُهُ، وَأَرُدُّ تَعْزِيَاتٍ لَهُ وَلِنَائِحِيهِ" (أش57: 18).
  • "كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هكَذَا أُعَزِّيكُمْ أَنَا، وَفِي أُورُشَلِيمَ تُعَزَّوْنَ" (أش66: 13).
  • "لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" (يو14: 18).
  • " مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ" (2كو1: 3، 4).
  • "وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا الَّذِي أَحَبَّنَا وَأَعْطَانَا عَزَاءً أَبَدِيًّا وَرَجَاءً صَالِحًا بِالنِّعْمَةِ، يُعَزِّي قُلُوبَكُمْ وَيُثَبِّتُكُمْ فِي كُلِّ كَلاَمٍ وَعَمَل صَالِحٍ" (2تس2: 16، 17).
  • "عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" (مز94: 19).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:49 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن أن الموت نهاية كل حي



  • https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-Advent-11.jpg
    "وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عب 9: 27).
  • "اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ، قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَبًا. 2 يَخْرُجُ كَالزَّهْرِ ثُمَّ يَنْحَسِمُ وَيَبْرَحُ كَالظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ...
  • "إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ... «لأَنَّ لِلشَّجَرَةِ رَجَاءً. إِنْ قُطِعَتْ تُخْلِفْ أَيْضًا وَلاَ تُعْدَمُ خَرَاعِيبُهَا. وَلَوْ قَدُمَ فِي الأَرْضِ أَصْلُهَا، وَمَاتَ فِي التُّرَابِ جِذْعُهَا، فَمِنْ رَائِحَةِ الْمَاءِ تُفْرِخُ وَتُنْبِتُ فُرُوعًا كَالْغِرْسِ. أَمَّا الرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. الإِنْسَانُ يُسْلِمُ الرُّوحَ، فَأَيْنَ هُوَ" (أي14: 1، 5، 7، 10).
  • "لَيْسَ لإِنْسَانٍ سُلْطَانٌ عَلَى الرُّوحِ لِيُمْسِكَ الرُّوحَ، وَلاَ سُلْطَانٌ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ" (جا8: 8).
  • "حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تك3: 19).
  • "فَيَرْجعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجعُ الرُّوحُ إِلَى اللهِ الَّذِي أَعْطَاهَا" (جا12: 7).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:50 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن المساعدة في الموت


  • "أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي" (مز23: 4).
  • "لأَنَّ اللهَ هذَا هُوَ إِلهُنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. هُوَ يَهْدِينَا حَتَّى إِلَى الْمَوْتِ" (مز48: 14).
  • "إِنَّمَا اللهُ يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ لأَنَّهُ يَأْخُذُنِي" (مز49: 15).
  • "اَلشِّرِّيرُ يُطْرَدُ بِشَرِّهِ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ" (أم14: 33).
  • "يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ، وَيَمْسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَيَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عَنْ كُلِّ الأَرْضِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ" (أش25: 8).

    https://st-takla.org/Gallery/var/resi...thsemane-2.jpg
  • "مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي النَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ" (هو13: 14).
  • "فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً،
  • "وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رو8: 38، 39).
  • "لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا" (2كو4: 16).
  • "لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ" (2تي1: 12).
  • "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ­ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ­ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ" (عب2: 14، 15).
  • "«أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟» أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ. وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1كو15: 55، 57).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:51 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن السعادة بعد الموت



  • https://st-takla.org/Pix/Bible-Illust...ich-Man-01.jpg
    "بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي" (مز73: 24).
  • "يَدْخُلُ السَّلاَمَ. يَسْتَرِيحُونَ فِي مَضَاجِعِهِمِ. السَّالِكُ بِالاسْتِقَامَةِ" (أش57: 2).
  • "هُنَاكَ يَكُفُّ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الشَّغْبِ، وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعًا، لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ" (أي3: 17، 18).
  • "فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ" (لو16: 25).
  • "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ»" (لو23: 43).
  • "لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ... فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا" (في1: 21، 23).
  • "وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ" (عب12: 23).
  • "عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ" (مز116: 15).
  • "وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ»" (رؤ14: 13).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:52 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن القيامة المجيدة


  • وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هذَا، وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ. الَّذِي أَرَاهُ أَنَا لِنَفْسِي، وَعَيْنَايَ تَنْظُرَانِ وَلَيْسَ آخَرُ. إِلَى ذلِكَ تَتُوقُ كُلْيَتَايَ فِي جَوْفِي. (اى19:26, 27).
  • تَحْيَا أَمْوَاتُكَ، تَقُومُ الْجُثَثُ. اسْتَيْقِظُوا، تَرَنَّمُوا يَا سُكَّانَ التُّرَابِ. لأَنَّ طَلَّكَ طَلُّ أَعْشَابٍ، وَالأَرْضُ تُسْقِطُ الأَخْيِلَةَ. (أش 26: 19).
  • وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. (دا 12: 2).
  • لِذلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا. (مز 16: 9).
  • فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْيَا هذِهِ الْعِظَامُ؟» فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ: هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا فَتَحْيَوْنَ. وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ عَصَبًا وأَكْسِيكُمْ لَحْمًا وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْدًا وَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحًا، فَتَحْيَوْنَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
  • ... فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ. ونَظَرْتُ وَإِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا، وبُسِطَ الْجِلْدُ علَيْهَا مِنْ فَوْقُ... فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا. (حز 37: 3- 10).
  • وَلكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ الْقِيَامَةِ. (لو 20: 35, 36).

    https://st-takla.org/Gallery/var/albu...zarus-tomb.jpg
  • لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ. (يو5: 28, 29).
  • وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ (يو 6: 39, 40, 54).
  • قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا (يو11:25).
  • وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ. (رو8: 11).
  • فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ... هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ... وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ... هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ. وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ:«ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ». (1كو 15: 21, 42-44, 49، 51 -54).
  • أَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ. فَإِنَّنَا فِي هذِهِ أَيْضًا نَئِنُّ مُشْتَاقِينَ إِلَى أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا مَسْكَنَنَا الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ. وَإِنْ كُنَّا لاَبِسِينَ لاَ نُوجَدُ عُرَاةً. فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ. (2كو5:1-4).
  • عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ، وَيُحْضِرُنَا مَعَكُمْ. (2كو4: 14).
  • الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ. (فى 3: 21).
  • لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. (1تس4: 14-17).
  • وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. (2تى1: 10).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:53 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن السعادة الأبدية والمجد في السماء


  • مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ (1بط1: 3, 4).
  • مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ (أف 1: 18).
  • أَمَّا أَنَا فَبِالْبِرِّ أَنْظُرُ وَجْهَكَ. أَشْبَعُ إِذَا اسْتَيْقَظْتُ بِشَبَهِكَ. (مز17:15).
  • لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. بِنُورِكَ نَرَى نُورًا. (مز36:9).
  • لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. (رو6:23).
  • اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. (يو 6:47).
  • وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. (1يو 2: 25).
  • وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ... كَتَبْتُ هذَا إِلَيْكُمْ، أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ. (1يو 5: 11, 13).
  • «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ" (لو 12: 32).
  • ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (مت 25: 34).

    https://st-takla.org/Gallery/var/albu...dgement-01.jpg
  • لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ. (2بط 1: 11).
  • وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ. (2تى 4: 18).
  • وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ. وَعَرْشُ اللهِ وَالْخَرُوفِ يَكُونُ فِيهَا، وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ. وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ. (رؤ22: 3, 4).
  • حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ. (مت 13: 43).
  • وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ. (دا 12: 3).
  • فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. (رو 8: 17, 18).
  • لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. (2كو 4: 17, 18).
  • بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. (1بط 4: 13).
  • مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ. (كو3:4).
  • لأَجْلِ ذلِكَ أَنَا أَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ، لِكَيْ يَحْصُلُوا هُمْ أَيْضًا عَلَى الْخَلاَصِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، مَعَ مَجْدٍ أَبَدِيٍّ. (2تى2: 10).
  • بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ». (1كو2: 9).
  • لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ!... لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ! (رو5: 10, 17).
  • بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ. لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ. وَلكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا. لِذلِكَ لاَ يَسْتَحِي بِهِمِ اللهُ أَنْ يُدْعَى إِلهَهُمْ، لأَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ مَدِينَةً. (عب11: 9, 10, 16).
  • فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا. (يو14: 2, 3).
  • وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا. (2تى4: 8).
  • * وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ. (2بط3: 13).
  • لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ. (رؤ2: 10).
  • عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ. (رؤ3: 4).
  • مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ. لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ، وَلاَ تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ، لأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ». (رؤ7: 15-17).
  • لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ الشَّمْسُ نُورًا فِي النَّهَارِ، وَلاَ الْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئًا، بَلِ الرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُورًا أَبَدِيًّا وَإِلهُكِ زِينَتَكِ. لاَ تَغِيبُ بَعْدُ شَمْسُكِ، وَقَمَرُكِ لاَ يَنْقُصُ، لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ لَكِ نُورًا أَبَدِيًّا، وَتُكْمَلُ أَيَّامُ نَوْحِكِ. (أش60: 19, 20).
  • ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً:«هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». (رؤ21: 1-4).
  • وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا. وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا. (رؤ21: 22, 23).
  • وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. (رؤ22: 5).
  • أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. (1يو3: 2).
  • وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ... أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. (يو17: 22, 24).
  • وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ. (يه1: 24, 25).

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:53 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الإشارة إلى بعض فصول الكتاب التي يناسب قراءتها في أزمنة الضيقات والأحزان


1- من العهد القديم


الموضوع
الفصل التأديب والتجارب
تثنيه (8: 2-6)
ضربات أيوب وتقواه وتسليمه لمشيئة الله ومباركته اسم الرب
أيوب (1، 2)
غبطة من يؤدبه الرب
أيوب (5: 17- 27)
قصر حياة الإنسان
أيوب (14)
الثقة بالله، وأن حكمه لا يرد
أيوب (23: 1- 12)
اتضاع أيوب وخضوعه
أيوب (40: 3، 4، 42: 1-5)
بطلان كل ما في العالم
جامعة (1: 1- 18، 2: 1- 11)
نشيد موسى، وحث على الطاعة
تثنية (32: 1- 12)
صعود موسى على جبل نبو وموته هناك
تثنية (34)
شكوى المتضايق
مراثي ارميا (3: 1-9، 17-33)
الثقة بالله واختصاص شعبه له
أشعياء (26: 3- 20)
2- من الإنجيل



الموضوع
الفصل سكون الرياح بدخول المسيح السفينة
متى (14: 22- 36)
إقامة ابنة يايرس
متى (9: 18- 35)
حزن المسيح وصلاته في بستان جثسيماني
متى (26: 36- 46)
إقامة لعازر من الموت وأن يسوع هو القيامة والحياة
يوحنا (11)
تعزية يسوع تلاميذه عن مفارقته ووعده بإرسال الروح القدس
يوحنا (14)
تعزية المسيح تلاميذه
يوحنا (16: 20- 33)
3- من الرسائل ورؤيا يوحنا


الموضوع
الفصل آلام الزمان الحاضر وأنين الخليقة وانتظار المجد
روميه (8: 18- 28)
لا شيء يقدر أن يفصل المؤمن عن محبة المسيح
روميه (8: 31- 39)
تمجيد المسيح بالحياة أو بالموت
فيلبي (1: 12- 30)
القيامة وحقيقتها ومجدها
1كورنثوس (15)
التقوية بالإيمان ورجاء القيامة والاشتياق للاستيطان عند الرب
2كورنثوس (4: 7، 5:1-10)
التعزية بالمسيح في الضيقات
2كورنثوس (1: 1-11)
تعزية عن الذين رقدوا وقيامتهم وحضورهم مع المسيح
1تسالونيكي (4: 13- 15)
قرب وقت انحلال بولس الرسول
2تيموثاوس (4: 1-8)
التقدم بثقة إلى عرش النعمة وتعلم الطاعة على مثال المسيح
عبرانيين (4: 14، 5: 1-10)
حث على الثبات في الإيمان والصبر وقبول التأديب
عبرانيين (12: 1- 13)
التقدم بثقة أمام الله بالإيمان وانتظار مجئ الرب
عبرانيين (10: 19-24، 25-39)
امتحان الإيمان بالتجارب للتزكية
1بطرس (1: 1- 10)
غبطة ومجد الذين خرجوا من الضيقة العظيمة
رؤيا (7: 9- 18)
القيامة العامة والدينونة وتقييد إبليس
رؤيا (20)
وصف أورشليم السمائية
رؤيا (12)

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:54 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
الباب السادس: صلوات لأوقات الأحزان


  • صلاة عند موت أحد أفراد العائلة
  • صلاة عند موت طفل
  • صلاة عند موت شاب
  • صلاة عند موت أب أو أم

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 03:58 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
صلاة عند موت أحد أفراد العائلة

يا أبانا السماوي يا من بيدك روح كل حي. وبأمرك الحياة والموت. لقد شاءت إرادتك أن تأخذ من أفراد هذه العائلة عضواً محبوباً. وليس لنا إلا أن نخر ساجدين خاضعين لكل ما ترسمه أحكامك، ومن يستطيع أن يتذمر على أعمال عنايتك التي لا تدرك إنما نطلب تعزيات نعمتك حتى نبارك اسمك في حال الشدة كما في حال الرخاء، ونشكر لأنك في أوقات أحزاننا ومع كثرة خطايانا نقدر أن ننظر إليك كاب حنون ونتكل على رحمتك ونثق بمحبة أبنك الحبيب، وتعزيات روحك القدوس عالمين أننا في دار غربة نترجى الحياة العتيدة الأبدية حيث لا حزن ولا دموع ولا خطية.
يا اله العزاء والرأفة نتوسل إلى حنوك الأبوي أن تهب عبيدك روح العزاء والصبر وتعزي قلوبهم وتساعدهم ليسلموا أمرهم لإرادتك وليعلمهم روحك الأقدس أن لا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. ليتك تعلمنا بأننا سائرون في الطريق التي سلك فيها جميع آبائنا وأننا لابد أن نموت ونكون كالماء المهراق على الأرض الذي لا يجمع أيضاً 2صم (14: 14) حتى نرى بأعيننا بطلان العلم. عرفنا قصر زمان غربتنا وامنحنا نعمة لنكون فيها ساهرين كعبيد ينتظرون قدوم سيدهم، وأحقاؤهم ممنطقة، وسرجهم موقدة. ليرشدنا روحك القدوس لنسلك أمامك بالقداسة والبر كل أيام حياتنا.
نبارك اسمك الصالح لأنك بموت ابنك الحبيب مخلصنا يسوع المسيح أبطلت الموت وكسرت شوكته، وبقيامته أكدت لنا أن الذين يرقدون وهم مؤمنون يقومون أيضاً ويحضرون أمامك. أنت الذي نقلت عبدك فاستراح جسده من أتعاب الدنيا وعادت روحه إليك في موضع الأمن والراحة، فليكن سعيداً أمامك ولينضم إلى جماعة الذين اخترتهم وقبلتهم في ديارك، إلى أن يقوم أخيراً بغير فساد إلى الحياة الأبدية. لأنك لم تخلقنا للغضب بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح الذي لك معه ومع روحك القدوس كل مجد وإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.

Mary Naeem 17 - 07 - 2014 04:00 PM

رد: كتاب عزاء المؤمنين - القديس الأرشيذياكون حبيب جرجس
 
آيات عن تعزيات الله



  • https://st-takla.org/Pix/Angels/www-S..._Angels-04.jpg
    "وَتَقُولُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ، لأَنَّهُ إِذْ غَضِبْتَ عَلَيَّ ارْتَدَّ غَضَبُكَ فَتُعَزِّينِي" (أش12: 1).
  • "أَنَا أَنَا هُوَ مُعَزِّيكُمْ. مَنْ أَنْتِ حَتَّى تَخَافِي مِنْ إِنْسَانٍ يَمُوتُ، وَمِنِ ابْنِ الإِنْسَانِ الَّذِي يُجْعَلُ كَالْعُشْبِ" (أش51: 12).
  • "لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ، وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ. بِفَيَضَانِ الْغَضَبِ حَجَبْتُ وَجْهِي عَنْكِ لَحْظَةً، وَبِإِحْسَانٍ أَبَدِيٍّ أَرْحَمُكِ، قَالَ وَلِيُّكِ الرَّبُّ" (أش54: 7، 8).
  • "رَأَيْتُ طُرُقَهُ وَسَأَشْفِيهِ وَأَقُودُهُ، وَأَرُدُّ تَعْزِيَاتٍ لَهُ وَلِنَائِحِيهِ" (أش57: 18).
  • "كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هكَذَا أُعَزِّيكُمْ أَنَا، وَفِي أُورُشَلِيمَ تُعَزَّوْنَ" (أش66: 13).
  • "لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" (يو14: 18).
  • " مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ" (2كو1: 3، 4).
  • "وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا الَّذِي أَحَبَّنَا وَأَعْطَانَا عَزَاءً أَبَدِيًّا وَرَجَاءً صَالِحًا بِالنِّعْمَةِ، يُعَزِّي قُلُوبَكُمْ وَيُثَبِّتُكُمْ فِي كُلِّ كَلاَمٍ وَعَمَل صَالِحٍ" (2تس2: 16، 17).
  • "عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" (مز94: 19).


الساعة الآن 11:38 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025