![]() |
كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية وأهم مبادئنا في الأحوال الشخصية البابا شنودة الثالث
|
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
مصادر التشريع في المسيحية المصدر الأول الأساسي للتشريع في المسيحية هو الكتاب المقدس بعهديه. ثم هناك التقاليد والإجماع العام، وفي ذلك يقول القديس باسيليوس الكبير (من آباء القرن الرابع الميلاد) في "رسالته إلى ديودورس" "إن عادتنا لها قوة القانون، لأن القواعد سلمت إلينا من أناس قديسين". وهناك أيضًا القوانين الكنسية سواء كانت من الآباء الرسل أو من مجامع مسكونية أو مجامع إقليمية، أو من كبار معلمي الكنيسة من الآباء البطاركة والأساقفة. ومن هذا النوع الأخير قوانين أبوليدس وقوانين باسيليوس وهى قوانين معترف بها ونافذة المفعول في العالم المسيحي. وكل هذه القوانين التي وضعها الرسل والمجامع والآباء إنما كانت بناء على السلطان الكهنوتي الذي منحه لهم السيد المسيح بقوله " الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء". فالسيد المسيح قد سلم تلاميذه روح التعليم، وترك لهم كثيرًا من التفاصيل لم يعطهم فيها تعليما، واسند إليهم أن يتصرفوا فيها بحسب الروح المعطى لهم. لأن المسيحية روح وليست مجرد نصوص. وقد دعا السيد المسيح إلى التمسك بالروح وليس بالحرف. وفي ذلك يقول بولس الرسول في رسالته الثانية إلى كورنثوس " الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد. لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيى" (6:3). وقد كانت للسيد المسيح أحاديث كثيرة مع تلاميذه لم يرد منها في الكتاب المقدس شيء (أعمال 3:1). وهذا واضح، لأنهم لو سجلوا كل شيء لما كان ذلك مستطاعا، كما شهد القديس يوحنا في انجيله (21:25). وهكذا في أشياء كثيرة جدا وجوهرية للغاية، سار العالم المسيحي حسب التقاليد التي سلمت إليه، ولم ترد في الإنجيل، إذ لم يكن ممكنا آن تشمل الأناجيل كل شيء. ومثال ذلك كل تفاصيل العبادة في الكنيسة. فالكتاب المقدس يذكر أن السيد المسيح أمر تلاميذه قائلًا " تلمذوا جميع الأمم وعمدوهم " " متى 19:28". أما طقس العماد، طريقته وصلواته، فلم يذكر عنها شيء. وكذلك صلوات عقد الزواج، وصلاة القداس، وصلوات الجنازات.. الخ. كل ذلك وغيره وصل إلينا عن طريق التقاليد وضع بعضه رسل السيد المسيح، والبعض وضعته المجامع المقدسة، والبعض وضعه الآباء البطاركة والأساقفة فصار تقليدا له قوة القانون. ومثال ذلك تفاصيل أخرى في موضع الزواج الذي نحن بصدده، كالمحرمات في الزواج مثلا. ليست كل القرابات المحرمة موجودة في الكتاب المقدس، ومع ذلك فهي كلها من الأمور المسلم بها، ليس في الكنيسة القبطية فحسب، وإنما في الكنائس المسيحية جمعاء. فهل يمكن آن تسمح محكمة بزيجة محرمة شرعا في المسيحية، على اعتبار انه لا يوجد بخصوصها؟! كلا، وإنما نسأل نحن عن ديننا وعما نعتقده، ونحن أعرف من غيرنا بشريعتنا ومصادرها، التي لا تقتصر على الإنجيل. وإنما هناك كما قلنا التقاليد والإجماع العام والقوانين. وهناك روح الدين كما فهمها بنوه ومعلموه، وكما شرحه الآباء القديسون الأول الذين كانوا يتكلمون بروح الله، وكلماتهم لها في قلوبنا هيبة القوانين ذاتها. و لذلك لم نستطع أن نستغني في هذا البحث عن شيء من هذا كله. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
إثبات شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية من الإجماع العام: أ) مقدمة إن وحدة الزواج في المسيحية أمر مسلم به عند جميع المسيحيين في العالم كله على اختلاف مذاهبهم من أرثوذكس إلى كاثوليك إلى بروتستانت. اختلفوا في موضوعات لاهوتية وتفسيرية كثيرة، واختلفوا في بعض التفصيلات في موضوع الأحوال الشخصية نفسه. أما هذه النقطة بالذات "الزوجة الواحدة"، فلم تكن في يوم من الأيام موضع خلاف. وإنما سلمت بها جميع المذاهب المسيحية، وآمنت بها كركن ثابت بديهي من أركان الزواج المسيحي. فعلى أي شيء يدل هذا الإجماع، الذي استمر بين هذه المذاهب كلها طوال العشرين قرنا من بدء نشر المسيحية حتى الآن؟ واضح انه يدل على أن هذا الأمر هو عقيدة راسخة ليست موضع جدل من أحد. وشريعة " الزوجة الواحدة " هذه: كما كان مسلمًا بها لدى رجال الدين، كان مسلما بها أيضًا لدى رجال القضاء. وكما علمت بها الكتب الكنسية، كذلك وردت في التشريعات التي أصدرتها الحكومات المسيحية في العالم أجمع. ويعوزنا الوقت أن نتناول البلاد المسيحية واحدة واحدة، ونفصل تشريعاتها في الأحوال الشخصية ولكننا نشير إلى من يشاء معرفة هذه التفصيلات، بقراءة كتاب " الأحوال الشخصية للأجانب في مصر " الذي صدر في القاهرة سنة 1950 م. لمؤلفه الأستاذ جميل خانكى المحامى ووكيل النائب العام سابقًا لدى المحاكم المختلطة. وسنكتفي في هذا البحث الموجز بذكر أمثلة من المؤلف، تشمل بعض بلاد تتبع لكل من الذاهب المسيحية الرئيسية. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
إثبات شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية من الإجماع العام ب) الإجماع من جهة التشريعات المدنية فكمثال للبلاد الأرثوذكسية: 1- أقباط مصر: نصت لائحة الأحوال الشخصية التي أصدرها المجلس الملي العام سنة 1938 في الفصل الثالث " موانع الزواج الشرعية " على أنه ؛ " لا يجوز لأحد الزوجين أن يتخذ زوجًا ثانيًا مادام الزواج قائمًا " " المادة 25". وفي الفصل السادس الخاص ببطلان الزواج نصت المادة 41على أن كل عقد يقع مخالفا للمادة السابقة " يعتبر باطلا ولو رضى به الزوجان أو أذن ولى القاصر، وللزوجين وكل ذي شأن حق الطعن فيه". وكمثال للبلاد الأرثوذكسية، الخلقيدونية:1- اليونان: من بنود موانع الزواج تنص المادة 1354 من القانون المدني اليوناني الصادر في 30/1/1941 على أنه يمتنع الزواج " إذا كان أحد الزوجين قد سبق له الزواج، ولم تنحل رابطته بعد". وفي بطلان الزواج تحكم المادة 1372 بأنه يقع باطلًا "زواج من لا يزال مرتبطا بزواج سابق". وفي أسباب الطلاق تنص المادة 1439 على الطلاق في حالة " إذا ارتكب أحد الزوجين زنا أو تعددت زوجاته". 2- روسيا: على الرغم من أن الزواج فيها لا يعتبر سوى عقد تراض بين شخصين. فإنه على حسب القانون المدنى للجمهوريات السوفيتية الاشتراكية الصادر سنة 1927 نص على أنه من موانع تسجيل وثيقة الزواج " أن يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". وكمثال للبلاد الكاثوليكية:1- ايطاليا: ينص القانون المدني الإيطالي الصادر في 16/3/1942 في الشروط الموضوعية لصحة الزواج على أنه "لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد" (المادة 86). كما تنص المادة 117 على أنه يقع باطلا " زواج من كان مرتبطًا بزواج سابق لم تنحل رابطته". 2-فرنسا: على حسب قانونها المدني في الأحكام الصادرة في 12/4/1945 تنص المادة 147 في في الشروط الموضوعية لصحة الزواج على أنه " لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". والمادة 184 تقضى ببطلان زواج من كان مرتبطا بزواج سابق. 3-أسبانيا: تنص الفقرة الخامسة من المادة 83 من القانون المدني الأسباني الصادر في 24/7/1889م على أنه من الشروط الموضوعية لصحة الزواج " أن لا يكون أحد الزوجيين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". والفقرة الثانية من المادة 3 تقضى بالطلاق في حالة "تعدد الأزواج أو الزوجات". وكمثال للبلاد البروتستانتية: 1- الولايات المتحدة: حسب القانون العادي common law من شروط صحة الزواج " أن لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد ". 2- ألمانيا: تنص المادة الخامسة من القانون رقم 16 الذي أصدره الحلفاء بتاريخ 20/2/1946م على أنه من الشروط الموضوعية لصحة الزواج " أن لا يكون أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". 3- النمسا: تنص المادة 8 من القانون المدني النمساوي الصادر سنة 1810 في الشروط الموضوعية لصحة الزواج على أنه " لا يكون أحد الزوجين مرتبطًا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد". بينما المادة 24 تقضى ببطلان الزواج " إذا كان أحد الزوجين ما يزال مرتبا بزواج سابق صحيح". وكمثال للبلاد التابعة للمذهب الأسقفي:بريطانيا: وهى -وإن كان ليس لها قانون مكتوب- إلا أنه حسب التقاليد يحكم ببطلان الزواج إذا كان أحد الزوجين مرتبطا بزواج سابق لم تنحل رابطته بعد. وهذه الشريعة المسيحية " الزوجة الواحدة"، وكما هي متبعة في البلاد الآنفة الذكر التي تكلمنا عن قوانينها كمجرد أمثلة، هي أيضًا متبعة في باقي البلاد المسيحية مثل الأرجنتين وبولندا ورومانيا والسويد وسويسرا وهولندا.. الخ لذلك فإن الأستاذ تادرس ميخائيل تادرس في كتابه " القانون المقارن في الأحوال الشخصية للأجانب في مصر " - الذي أصدره سنة 1954 وهو وكيل لمحكمة الإسكندرية ورئيس دائرة الأحوال الشخصية للأجانب رأى في الباب الثاني الخاص بالشروط الموضوعية للزواج أن يتكلم بإجمال عن هذا الأمر فقال: " هذا ولا تأخذ القوانين الأوربية والأمريكية وبالأحرى قوانين البلاد غير الإسلامية بمبدأ تعدد الزوجات، بل أنها تعتبره مخالفا للنظام العام. ولهذا نصت جميع هذه القوانين على أن ارتباط شخص بزواج سابق لم يحل ولم يفصم يعتبر مانعا من زواجه بآخر". ويقول المؤلف أيضًا في الفقرة 182: وتأسيسا على هذا قضت المحاكم المختلطة ببطلان الزواج الثاني للشخص الذي مازال مرتبطا بزواج سابق، عملا بالقانون الفرنسي " في القضية رقم 1679 سنة 70 " بتاريخ 17 مارس سنة 1947، والإيطالي: في القضية رقم 2048 سنة 73 " بتاريخ 28 فبراير سنة 1949. ويقول المؤلف أيضًا في الفقرات 189 صفحة 129 تحت عنوان "الزواج الظني" "Marige Putatif ": كثيرًا ما يحصل أن أحد الزوجين كان يجهل أسبابا البطلان الذي عقده مع الزوج الأخر. مثال ذلك: رجل متزوج في بلد ما، ويخفي حالته المدنية علي سيدة أخرى في بلد أخر، ويتزوجها بصفة أعزبًا، ثم تظهر الحقيقة بعد ذلك ويقضي ببطلان الزواج. فما هو الحل؟ أيضيع كل حق للزوجة الثانية التي كانت حسنة النية، أم يعترف لها بحقوق، ويناقش سيادته مسالة التعويض في ما إذا كانت هذه الزوجة الثانية التي حكم ببطلان زوجها لقيام الزوج الأول تستحق تعويضًا أم لا |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
إثبات شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية من الإجماع العام: |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
- إثبات شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية من الإجماع العام:
د) خاتمة أوردنا أمثلة عديدة تدل علي أن شريعة " الزوجة الواحدة هي ركن أساسي من أركان الزواج المسيحي، تؤمن بها جميع المذاهب المسيحية التي سلمت بها علي الرغم من اختلافها في بعض أمور أخري وبقي آن نقول الآن: أما أن هذا الإجماع العام يعني آن الأمر هو عقيده راسخه لم تتزعزع مدي عشرين قرنًا من الزمان. وهذا هو الثابت منطقًا وعملًا. وأما انه يعني آن المسيحيين في العالم اجمع - إكليروسًا وعلماء وشعبًا - منذ نشأتهم حتى الآن مخطئون في فهم دينهم، وهذا ما لا يستطيع آن يقول به أحد. والذي يعرضون هذا الأمر يلزمهم أن يفتشوا التاريخ جيدًا ويسألوه: متى سمع عن المسيحي أنه جمع بين زوجتين في زواج قانوني تقره الكنيسة؟! ومنذ بدأ المسيحية حتى الآن، متى أجازت الكنيسة أمرًا كهذا -علي علم- وأجرت طقوسه؟! فإن لم توجد إجابة علي هذا السؤال -ولن توجد- نتدرج إلي نقطة أخري في الفصول التالية وهي تفسير وتوضيح الأسباب التي من اجلها امن المسيحيون بهذه العقيدة... |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء أ) اثنان؛ ذكرًا وأنثى عندما أتي الكتبة والفريسيون يسألون السيد المسيح عن الطلاق ليجربوه، قال لهم "إن موسي من اجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم، ولكن من البدء لم يكن هكذا" (متى 19: 18) يفهم من هذا ضمنًا أن السيد المسيح يهمه أن ترجع الأمور إلي ما كانت عليه منذ البدء. إن النظام الذي وضعه الله للبشرية منذ البدء لم يكن هكذا" (متى 19: 18) يفهم من هذا ضمنا أن السيد المسيح يهم أن ترجع الأمور إلي ما كانت عليه منذ البدء. لأن النظام الذي وضعه الله للبشرية منذ البدء. كان هو النظام الصالح له، وإذا حادت البشرية عنه كان يجب آن ترجع إليه " من البدء " ذكرها السيد المسيح كذلك في أول حزمه مع الكتبة والفريسيين (متى 19: 4). فما الذي كان منذ البدء؟ قال لهم " أما قرأتم آن الذي خلق، من البدء خلقهما ذكر وأنثي". وقال " من يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون اثنين جسدًا وأحدًا؟ إذن ليس بعد أثنين بل جسدا واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" (متى 19: 4-6). هذا إذن هو الزواج المسيحي:
نعم، لا يستطيع جسد ثالث أن يدخل بينهما ويفرقهما -ولو إلى حين- ليوجد له اتحادًا -إلى حين- مع طرف منهما. لأن الزواج ليس متكونا من ثلاثة أطراف بل من طرفين اثنين فقط، كما ظهر من كلام السيد المسيح، وكما تكرر التعبير بالمثنى في كلامه أكثر من مرة. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء ب) وضع إلهي منذ بدء الخليقة فكرة أن يقوم الزوج بين اثنين فقط، وأن تكون للرجل امرأة واحدة لا غير، ليست هي إذن فكرة جديدة أتت بها المسيحية، وإنما هي الوضع الأصلي للنظام الإلهي الذي كان منذ البدء. وكيف كان ذلك؟ يقول سفر التكوين - " وقال الرب الإله ليس جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينًا نظيرة... فأوقع الرب الإله سباتًا على آدم فنام ، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة، وأحضرها إلى آدم، فقال آدم: "هذه عظم من عظمى ولحم من لحمى، هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكونان جسدا واحد" (تكوين 2:18-24) كانت الأرض خالية من السكان، " ومع ذلك فإن الله الخالق الذي كان يريد أن تمتلئ الأرض من البشر، لم يصنع لأدم سوى زوجة واحدة. وكان آدم بمفرده في هذا الكون الواسع، ومع ذلك فإن الله لم يخلق له سوى معين واحد يشاركه حياته. وهكذا وضع الله بنفسه أسس الزواج الواحد Monogamy وفي هذا يقول سفر التكوين أيضًا عن الناس جميعًا، ممثلين في الزوجين الأولين"... ذكرا وأنثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض..." (تكوين27:1-28). ويختم سفر التكوين هذا الوضع الإلهي بعبارة " ورأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسن جدا، وكان مساء وكان صباح يوم سادسا" (تكوين 1:31). |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء: ج) تعليق القديسين والعلماء و قد ترك هذا الوضع الإلهي أثره في قديسي وعلماء القرون الأولى من معلمي المسيحية فأفاضوا في شرحه: + قال القديس ايرونيموس "جيروم": وذلك في رسالته التي كتبها سنة 409 م. إلى أجيروشيا عن وحدة الزواج " إن خلق الإنسان الأول يعلمنا أن نرفض ما هو أكثر من زيجة واحدة. إذ لم يكن هناك غير آدم واحد وحواء واحدة " وقال قبل ذلك في كتابه الذي وضعه سنه 393 ضد جوفنيانوس " في البدء تحول ضلع واحد إلى زوجة واحدة. وصار الاثنان جسدًا واحدًا، وليس ثلاثة أو أربعة. وإلا فكيف يصيرون اثنين إذا كانوا جملة؟!" + والعلامة ترتليانس الذي عاش في القرن الثاني الميلادي. تعرض لهذه النقطة أيضا في كتابه " إلى زوجته " Ad Uxorem فقال " كان آدم هو الزوج الوحيد لحواء، وكانت حواء هي زوجته الوحيدة: رجل واحد لامرأة واحدة". ويفصل الأمر في كتابه " حث على العفة" فيقول: إن أصل الجنس البشرى يزودنا بفكرة عن وحدة الزواج. فقد وضع الله في البدء مثالا تحتذيه الأجيال المقبلة، إذ صنع امرأة واحدة للرجل، على الرغم من أن المادة لم تكن تنقصه لصنع أخريات، ولا كانت تنقصه القدرة. ومع ذلك فأزيد من امرأة واحدة لم يخلق الله " يصير الاثنان جسدًا واحدًا، ليس ثلاثة أو أربعة، وإلا فلا يمكن أن يكونا اثنين في جسد " + ومن قبل جيروم وترتليانوس Saint Tertullian قال رسل السيد المسيح الاثنا عشر في تعاليمهم " الدسقولية ": ومن بدء الخليقة أعطى الله امرأة واحدة. ولهذا السبب فإن الاثنين جسد واحد. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء د) البشرية تكسر هذا الوضع الإلهي هذا هو ما وضعه الله منذ البدء، وما غرسه في ضمير الإنسان قبل أن يزوده بشريعة مكتوبة. و لكن البشرية أخطأت وكسرت الوضع الإلهي. وقايين الذي قتل أخاه هابيل ، فلعنه الله هو ونسله، ظهر من نسله رجل قاتل أيضًا اسمه "لامك" كان أول إنسان ذكر عنه الكتاب المقدس أنه تزوج من امرأة. إذ يقول سفر التكوين في ذلك: "واتخذ لامك لنفسه امرأتين" (تكوين19:4). وفى ذلك يقول القديس ايرونيموس Saint Jerome في كتابه ضد جوفنيانوس: " لامك رجل دماء وقاتل، كان أول من قسم الجسد الواحد إلى زوجتين ولكن قتل الأخ والزواج الثاني قد أزيلا بنفس العقاب، الطوفان". وهذا هو الذي حدث فعلًا إذ انتشر الزنا في الأرض، لأن نعمة الزواج التي أعطاها الله للبشر، ليتوالدوا بها ويكثروا ويملأوا الأرض ويخضعوها، استغلوها استغلال سيئا لإشباع شهوات جسدية. فغضب الله وأغرق الأرض بالطوفان، ومحا هذا الشر العظيم من على الأرض لكيما يجددها في طهارة مرة أخرى. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء ه) الله يرجع المبدأ.. أيام نوح و الآن لعلنا نسأل " أي قانون وضعه الله للزواج بعد أن تطهرت الأرض من الظلم والنجاسة؟" انه نفس القانون الذي كان قد وضعه منذ البدء، ورأى أنه حسن جدا، وهو قانون "الزوجة الواحدة". يسجل سفر التكوين هذا الأمر فيذكر أن الله قال لنوح " فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك... فخرج نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه" (15:8-18). وكما كانت لنوح امرأة واحدة كذلك كان بنوه لكل منهم امرأة واحدة أيضًا: "وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح، ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض (18:9-19). نوح وبنوه الثلاثة كانوا أربعة رجال، ولهم أربعة نساء فقط، لكل رجل زوجة واحدة، فيكون الجميع ثماني أنفس بشرية دخلت الفلك وهذا الأمر يثبته القديس بطرس الرسول في رسالته الأولى بآية صريحة (ص20:3) قال فيها " كانت عناية الله تنظر مرة أخرى في أيام نوح إذ كان الفلك يبنى، الذي فيه خلص قليلون أي ثماني أنفس بالماء". وأيضًا ورد هذا المعنى عينه في سفر التكوين بنص صريح هو " في ذلك اليوم عينه دخل سام وحام ويافث بنو نوح وامرأة نوح وثلاث نساء بنيه معه إلى الفلك" (تكوين13:7). بنفس شريعة " الزوجة الواحدة " جدد الله البشرية في أيام نوح بينما كانت الأرض خالية -كما في أيام آدم- وكان الله يريد أن يملأها. وهذا واضح من قوله تعالى لنوح وبنيه كما قال لآدم من قبل "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض، ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض" (تكوين2،1:9). كان الله يريد حقا أن تمتلئ الأرض وتعمر، ولكنه كان يريد أيضا أن يتم ذلك بطريقة مقدسة، تتفق والنظام الإلهي الذي وضعه للزواج منذ البدء، وهو قانون "الزوجة الواحدة". |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء و) حتى الحيوانات والطيور بنفس المبدأ حتى الحيوانات والطيور وضع لها نفس النظام، عندما جدد الحياة على الأرض . وفي ذلك يسجل سفر التكوين أمر الله لنوح " ومن كل حي ذي جسد اثنين من كل تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك، تكون ذكرا وأنثى، من الطيور كأجناسها ومن البهائم كأجناسها، ومن كل دبابات الأرض كأجناسها اثنين من كل تدخل إليك لاستبقائها (تكوين 20،19:6). وفعل نوح ذلك ودخل وأسرته إلى إلى الفلك "هم وكل الوحوش كأجناسها، وكل الطيور كأجناسها، وكل عصفور ذي جناح دخلت إلى الفلك: اثنين اثنين من كل ذي جسد فيه روح وحياة. والداخلات دخلت ذكرا وأنثى ومن كل ذي جسد كما أمره الرب". (تكوين14:7-16) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). نفس القانون نفذه الله على الحيوان والطير وإن كان قد فرق في الكمية لا في القانون بالنسبة إلى الحيوانات الطاهرة والنجسة. فقال لنوح من جميع البهائم الطاهرة، تأخذ معك سبعة سبعة ذكرا وأنثى، ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكرا وأنثى، لاستبقاء نسل على وجه الأرض" (تكوين3،2:7). وكانت الحكمة في ذلك هي أن الحيوانات والطيور الطاهرة يجب أن يزيد عددها " مع الاحتفاظ بنفس الشريعة " لسببين:
فإن كان الله قد وضع هذه الشريعة حتى للحيوان الأعجم الذي لم يصل إلى سمو الإنسان، فكم بالأولى تكون الشريعة المعطاة للإنسان؟! |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء ز) تعليق القديسين والعلماء وهذا الأمر لم يتركه قديسو الكنيسة وعلماؤها بدون تعليق. فقال القديس ايرونيموس: " وهكذا أيضًا في الفلك - الذي يفسره بطرس الرسول بأنه مثال للكنيسة - أدخل نوح وأولاده الثلاثة وزوجة واحدة لكل واحد وليس اثنتين، وبالمثل في الحيوانات غير الطاهرة زوجا واحدا أخذ ذكرا وأنثى، ليظهر أن الزواج الثاني ليس له مكان. حتى بين الوحوش والدواب والتماسيح والسحالي...". وقد علق أيضا على ذلك العلامة ترتليانوس فقال: "عندما ولد الجنس البشرى للمرة الثانية، كانت وحدة الزواج - للمرة الثانية - هي أمه. وإذا باثنين في جسد واحد، يعودان فيثمران ويكثران نوح وامرأته مع بنيهم، والكل في وحدة زواج. حتى بين الحيوانات أمكن ملاحظة واحدة الزواج... وبنفس الشريعة أمر باختيار مجموعات من سبعة أزواج، كل زوج ذكر وأنثى. ما الذي يمكن أن أقوله أكثر من هذا؟! حتى ولا الطيور النجسة أمكنها أن تدخل في شركة " زواج مع اثنتين". |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
هكذا كان منذ البدء ح) السيد المسيح يعمل على إرجاع ما كان منذ البدء هذا هو الوضع السامي الذي أراده الله للبشرية منذ البدء، والذي فشل البشر مدة طويلة من الزمن في الوصول إليه، وهو نفس الوضع الذي علم به السيد المسيح، ودعا الناس إليه موبخا إياهم على ضعف مستواهم بقوله: " لم يكن هكذا منذ البدء" (متى8:19، مرقس6:10). وقد صدق العلامة ترتيليان في قوله إن السيد المسيح عمل على إرجاع أشياء كثيرة إلى ما كانت عليه منذ البدء ؛ فألغى الطلاق الذي لم يكن موجودا منذ البدء. وارجع وحدة الزواج التي كانت منذ البدء. ولم يقيد الإنسان بالختان وبترحيم أطعمة معينة، إذ لم تكن القيود موجودة منذ البدء. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية أ) فساد الجنس البشري وتدهوره لكى يتضح هذا الأمر جيدا، علينا أن نعرف أولا ظروف قيامه، حينئذ تظهر لنا حكمة الله فيه: فساد الجنس البشرى وتدهوره:1- كان آدم بتولا في الفردوس، وكذلك كانت حواء. ويقول عنهما الكتاب المقدس " وكان كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان" (تكوين25:2). ولكنهما - بعد الخطية - فقدا حالتهما الأولى السامية الفائقة للطبيعة، وأحسا بعريهما فكساهما الله وستر عريهما. وبعد أن طردا من الفردوس، يقول الكتاب " عرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين..." (تكوين1:4). ولم يكتف الإنسان بالنزول من سمو البتولية إلى عفة الزواج الواحد، بل تدرج البعض إلى تعدد الزوجات (تكوين19:4)، وبدأت الشهوة الجسدية تسيطر على الرجال "فرأوا بنات الناس أنهن حسنات"، "فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا" (تكوين2:6)، ويصف الكتاب الحالة السيئة التي وصلت إليها البشرية فيقول "ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم... فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته" (تكوين7،5:6). وكان الطوفان... ولكن حتى نسل نوح الذي أنقذ من الطوفان أخطأ أيضًا إلى الرب وعاد الشر فكثر في الأرض. ولم يكتف الناس بالزنا، بل انحطوا أكثر من ذلك إلى الشذوذ الجنسي، كما ظهر ذلك ببشاعة في أهل سادوم التي أحرقها الله بالنار هي وعامورة (تكوين24،5:19). وظهرت بشاعة الزنا في حادث سبط بنيامين (قضاة29:20-33). وانحدرت البشرية إلى هوة أخرى فعبدت الأصنام دون الله، حتى أن لابان خال يعقوب أب أسباط إسرائيل الاثني عشر، كان هو أيضًا يعبد الأصنام (تكوين30،19:31). وظهر التسري وانتشر (تكوين2:16و 9،3:30). وتطور الزنا بالناس، حتى عرف بينهم البغاء أيضًا (تكوين16،15:38). ووسط هذا الجو الوثني الفاسد، كان تعدد الزوجات يعتبر عملا شريفا جدا إذا قيس بالممارسات الأخرى. وهكذا كانت البشرية تتطور - في البعد عن الله - من سيء إلى أسوأ. ولم تكن الشريعة المكتوبة قد أعطيت لهم بعد. فماذا يفعل الله؟ هل يفنى الإنسان مرة أخرى من على وجه الأرض، ويتوالى تكرار قصتي الطوفان ونار سدوم؟! أم هل كان هناك حل آخر تقوم به مراحم الله لأجل إنقاذ الإنسان؟.. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية ب) كان لابد من سياسة تدرُّج لإنقاذ الإنسان 1- انتقى الله من البشرية إبراهيم أبا الآباء، لكي يجعله نواة لشعب جديد، ينشأ بتربية إلهية خاصة، ويكون كمتحف حي للديانة الإلهية وللعبادة الحقة، وسط الشعوب الوثنية التي تملأ الأرض. ونظروا إلى حالة البشرية المنحطة لم يتقل الله بوصايا صعبة على الشعب الناشئ المحاط فكريًا وعمليا بألوان من خطايا الوثنيين. وحتى في هذا الشعب المختار ظهر تعدد الزوجات أيضا. لم يأمر الله به، ولكنه تسامح فيه: إذ كانت له ظروفه الخاصة من جهة، ومن جهة أخرى فإن المستوى البشرى المعاصر لم يكن يسمح وقتذاك بالسمو الذي أراه الله للإنسان منذ البدء. لابد من سياسة تدرج يتخدها الله الرحيم الشفيق، لكي يأخذ بيد البشرية الساقطة، ويقودها خطوة خطوة إلى الوضع الإلهي الذي كان في البدء. وكمثال لسياسة التدرج التي عامل بها شعبه تشريع الطلاق مثلا: في البدء لم يكن هناك طلاق، ولكنه ظهر لما فسدت البشرية. فلم يلغه الله دفعة واحدة، وإنما تدرج مع الناس. تركهم فترة طويلة في حريتهم المطلقة، يستخدمون الطلاق بدون قيد ولا شرط. ثم قيدهم في الشريعة بكتاب طلاق يعطى للمطلقة. ويقول القديس اوغسطينوس إنه " في هذا الأمر كان يظهر التوبيخ أكثر من الموافقة على الطلاق. فمن المعروف أن إجراءات قسيمة الطلاق كانت نوعا من التعطيل، لأنه تستغرق وقتا يراجع فيه الزوج نفسه. ومع ذلك فقد قال السيد المسيح لليهود "من أجل قساوة قلوبكم، أذن لكم أن تطلقوا نساءكم" (متى8:19). إذن فلم يكن السبب آن الأمر كان يتمشى مع قصد الله، وإنما هي تنازل من الله ليتمشى مع ضعف الإنسان. وقد قال ذهبي الفم: "أن الزوجة المكروهة، وإذا لم يكن يؤذن بطلاقها، كان يمكن أن يقتلها الزوج، لأنه هكذا كان جنس اليهود الذين قتلوا الأنبياء فسمح الله بالأقل ليزيل الشر الأكبر... فيخرجوهن بدلا من أن يذبحوهن في البيوت". ولكن الله صبر على ذلك زمنا، ثم وبخ الشعب علانية على الطلاق، مظهرا لهم كراهيته لهذا الأمر (ملاخى16:2). وأخيرا ألغى الطلاق في العهد الجديد، إلا لعلة الزنا، لأن هذه الخطية بالذات تكسر جوهر الزوج من أساسه، كما سيظهر ذلك عند كلامنا عن "الجسد الواحد". تنازل الله إذن في تشريعه مع مستوى الناس، لكي يرفعهم تدريجيا إلى المستوى الذي يريده لهم: سمح لهم بأكثر من زوجة، سمح لهم بالطلاق، سمح لهم بالتسري، سمح لهم برجم الزناة... كل ذلك لأنهم كانوا وقتذاك لا يحتملون السمو الذي أراده لهم. وكان من غير المعقول أن يعطى الله الناس شريعة فوق مستواهم لا يستطيعون تنفيذها. ولذلك حسنا وبخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين بقوله عنهم "يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس" (متى4:23). وهكذا اختار الله نقطة بدء منخفضة تتفق ومستوى الناس، مع عرضه الكمال عليهم يختاره من يشاء ومن يحتمل، دون أن يكون إجباريا. ولكنه تدرج شيئا فشيئا في تشريع هذا الكمال حتى تم ذلك في المسيحية. وحتى في هذه أيضا ترك درجات عليا من الكمال اختيارية، لأنه كما قال " ليس الجميع يحتملون" (متى11:19). غير أنه احتفظ في المسيحية بسمو للحد الأدنى. من أجل هذا قال العلامة ترتليانوس " كل واحد يعلم الآن، أنه قد سمح لآبائنا - حتى رؤساء الآباء أنفسهم - ليس فقط بالزواج وإنما بتعدد الزيجات أيضا، بل إنهم احتفظوا كذلك بسراري. ولكن على الرغم من استعمال الطريقة الرمزية في الكتاب في الكلام عن الكنيسة والمجمع، فإننا سنشرح هذا الإشكال في بساطة بقولنا إنه " كان من الضروري في الأزمنة الماضية، أن تقوم ممارسات ينبغي إبطالها فيما بعد أو تعديلها". بقى علينا أن نشرح لماذا كان ذلك ضروريا في تلك الأزمنة. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: ج) فكرة "شعب الله" وبركة النسل 1- كان تعدد الزوجات يتمشى إلى حد كبير مع فكرة " شعب الله"، هذا الشعب الذي علمه الله الشريعة، وأرسل إليه الأنبياء ليحفظ فيه العقائد السليمة إلى أن يحين انتشارها في الأرض كلها، فتصبح جميع الأمم هي شعب الله. وكان لابد أن يكثر هذا الشعب: ليس فقط ليستطيع الصمود أمام شعوب الوثنية القوية، وإنما أيضا ليستخدمه الله في القضاء على الوثنية. كما حدث فيما بعد، عندما طرد الوثنيين من الأرض وسكنها، فصارت مقدسة، إذ أنها كانت المركز الوحيد لعبادة الله الحقيقية في العالم كله. من أجل هذا كانت كثرة النسل بركة توارثها الآباء وسعوا لنيلها. وهكذا نسمع أن الله قال لإبراهيم أبى الآباء"... وأجعل نسلك كتراب الأرض، حتى إن استطاع أحد أن يعد تراب الأرض فنسلك أيضا يعد" (تكوين 16:13). وقال له أيضا " انظر إلى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها... هكذا يكون نسلك" (تكوين5:15). وقال له ثالثة " من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تمسك ابنك وحيدك " عنى"، أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر ويرث نسلك باب أعدائه، ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تكوين 16:22-18). وأقام الله عهدًا مع إبراهيم قال له فيه " لأني أجعلك أبا لجمهور من الأمم، وأثمرك كثيرًا جدًا وأجعلك أممًا، وملوك منك يخرجون. وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم..." (تكوين 5:17-7). ونفس هذه البركة منحها الله لإسحق بن إبراهيم فقال له " فأكون معك وأباركك... وأكثر نسلك كنجوم السماء وتتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تكوين 3:26،4). وكرر الله هذه البركة عينها ليعقوب بن إسحق (12:32،11:35). |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: د) زيجات إبراهيم ويعقوب وفكرة الرمز 1-أعجيب"... بعد كل هذه المواعيد بكثرة النسل كنجوم السماء ورمل البحر... أنيتخذ إبراهيم له أكثر من زوجة؟! ظانًا في نفسه أن هذا قد يتفق ومشيئة الله في مباركة نسله! ولم يفعل إبراهيم ذلك عن شهوة جسدية، وهو رجل كان قد شاخ واجتاز الثمانين من عمره بسنوات، دون أن يتخذ لنفسه امرأة أخرى غير سارة زوجته الوحيدة العاقر! إلى أن أعطته هي أمتها هاجر سرية قائلة له " هوذا الرب قد أمسكني عن الولادة. ادخل على جاريتي لعلى أرزق منها بنين" (تكوين2:16). وكانت له ست وثمانون سنة من العمر حين ولدت له هاجرا ابنا" (تكوين16:16) وقد قال القديس اغسطينوس في كتابه Bono Conjugali عن أبينا إبراهيم انه عاش في حالة الزواج بعفاف. وكان في مقدوره أن يعيش عفيفا بدون زواج، ولكن ذلك لم يكن مناسبا في ذلك الزمان. فأي زمان يقصده أوغسطينوس؟ إنه ليس زمنا وثنيا فاسدا تكتنفه ظلمة الجهل فحسب، وإنما تسرى إبراهيم في عصر خافت فيه ابنتا قريبه لوط من انقرض العالم بعد حرق سادوم وعمورا، وهرب هذه العائلة الصغيرة وحيدة في الأرض، فأسكرتا أباهما، وأنجبتا منه نسلًا دون آن يعلم (تكوين 19: 31-38)... ليس عن شهوة ولا دنس، وإنما رغبة في النسل، وخوفًا من انقراض الأسرة في الأرض... ليست المسألة أذًا شهوة حسية أو عدم ضبط نفس. فإن القديس أغسطينوس في الإجابة عن هذه النقطة "وهي زواج إبراهيم بأكثر من واحدة يصيح متسائلًا في تعجب" هل لم يضبط نفسه، هذا الذي قدم أبنه ذبيحة"؟! أما العلامة ترتيليانوس فيضيف رأيًا أخر بقوله "كان زواج إبراهيم مثالًا ورمزًا" وهذه الفكرة شرحها أيضًا القديس ايرونيموس بالتفصيل في رسالته إلي أجيروشيا. وكلا هذين الكاتبين المسيحيين الكبيرين لم يتكلم من ذاتيهما، وإنما أعتمد علي شرح القديس بولس الرسول بهذه النقطة بذات في رسالته إلي غلاطية (4: 22- 30). في الواقع كانت كثير من الأشياء في تصرفات وحياة الآباء الأول والأنبياء هي - كما قال القديس ايرونيموس - "رموز لأمور ستأتي". وهذا الموضوع شرحه بالتفصيل القديس هيلاري أسقف بواتيبية الذي كان يلقب "أثناسيوس الغرب" في كتابه Tractatus Mysteriorum فتحدث عن هذه الرموز منذ آدم، وتعرض فيه الزيجات إبراهيم ولزيجات يعقوب أيضًا. وهذا المر أوضحه القديس أوغسطينوس في عبارة موجزة قال فيها " كانت زوجات الإباء الكثيرات رمز لكنائس مستقبله من شعوب كثيرة تخضع لعريس واحد هو المسيح أما سر الزواج بواحدة في أيامنا، فيشير إلي وحدتنا جميعًا في خضوعنا لله، نحن الذين سنصبح فيما بعد مدينة سمائية واحدة".ومع ذلك فإن إبراهيم لم تجده زوجاته الكثيرات شيئًا إذ قال له الله " بإسحق يدعي لك نسل" (تكوين12:21). ولما مات لم يدفن كما لاحظ القديس أمبروسيوس إلا مع زوجته سارة وحدها. وابنه اسحق لم يتخذ في حياته كلها التي بلغت 180 عامًا (تكوين 35: 28) غير زوجه واحده هي رفقة ، التي كانت حياتها هي الأخرى تحمل رموزًا كثيرة بالأخص في زواجها وفي إنجابها. أما يعقوب أبو الأسباط الاثني عشر، فمعروف أنه خدع من خاله لابان الذي زفه إلي زوجه من ابنتيه غير التي أختارها لنفسه. وفي الصباح اكتشف يعقوب أنها ليست خطيبته التي أختارها، وإنما هي أختها الكبرى. وأجابه لابان عن هذه الخدع بقوله "لا يفعل هكذا في مكانًا آن تعطي الصغيرة قبل البكر" (تكوين 29: 36). وعلاجًا للمشكلة زواجه الصغرى أيضًا. وتسري يعقوب بنفس السبب الذي من أجله تسري إبراهيم: دفع إلي ذلك دفعا من زوجتيه أن يتخذ له جاريتهما سريتين لينجب لهما نسلًا (تكوين 30: 3،9). وكانت في تلك الزيجات أيضًا رموز لأمور ستأتي، شرحها القديس ايرونيموس في رسالته الأنفه الذكر. وهكذا نري أن الأب الكبير لم يطلب تعدد الزوجات ولم يشتهيه، ولكنه أيضًا لم يرفضه عندما دفع إليه دفعًا بحكم ظروفه الخاصة. بل علي العكس سري بأن ير له نسلًا كثيرًا كان يرن في إذنيه وعد الله له ولأبيه وجده بأن نسله سيصير كنجوم السماء ورمل البحر لا يعد من الكثرة، وأن به ستتبارك جميع قبائل الأرض. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: ه) العنصر الروحي الأول لتعدد الزوجات 1-كانت هناك أسباب روحية خطيرة من أجلها تسامح الله في قيام تعدد الزوجات. أما السبب الأول الخطير فهو مقاومة طغيان الوثنية: تلك الوثنية التي كانت قد انتشرت بشكل مريع، حتى كادت تكتسح العالم كله بدون استثناء. ولذلك كانت فكرة الله في اختيار شعب يعبده تقوم على ثلاثة عمد أساسية، وهى عزل هذا الشعب، وإنماؤه، وتعليمه. أما سياسة العزل فبدأت عندما قال الله لإبراهيم "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك، فأجعلك أمة عظيمة وأباركك..." (تكوين1:12،2). وكان العزل لازما حتى لا يتأثر شعب الله بالوثنية فيعتنقها نتيجة لاختلاطه بالوثنيين. وكان من مظاهر هذه السياسة: السكن المنفرد، وعدم التزاوج مع شعوب الأرض الوثنية، وعدم التعامل معهم. وحرص إبراهيم على تنفيذ هذا في في تزويجه لابنه إسحاق (تكوين3:24-4) كما حرص عليه اسحق في تزويج ابنه يعقوب (تكوين 1:28-4). وعندما كان شعب الله يكسر قاعدة العزلة هذه، كان يقع في عبادة الأوثان ويحل عليه غضب الله، كما حدث ذلك مرات سجلها سفر القضاة.و لكن سياسة العزل وحدها عن الشعوب الوثنية لا يكفى، لأن الشعب المؤمن إذ كان قليلا وضعيفا، حتى إن هو اعتزل عن الوثنيين يمكن أن يطغوا هم عليه ويستعبدوه لهم ويخضعوه لعبادتهم. فكان لابد أن تصحب عملية العزل عملية إنماء في العدد، حتى يستطيع الصمود أمام قوة أعدائه، وحتى يرث أرضهم وينشر فيها عبادة الله. وعملية الإنماء صحبها بالضرورة تعدد الزوجات، لأن الأمر لم يكن سهلًا، إذ هو تكوين شعب من فرد واحد. ولهذا كان إنجاب البنين وقتذاك عملا مقدسا. لأن المقصود به كان حفظ الإيمان بالله من الضياع، والوقوف أمام خطر العبادات الفاسدة. وهكذا نرى حقيقة هامة وهى: في تعدد الزوجات -قبل مجيء السيد المسيح- لم يكن المقصود هو الزوجات، وإنما البنين الذين تلدهم الزوجات والبنون لم يقصدوا لذاتهم، وإنما لحفظ الإيمان في عالم وثنى. فخرج الأمر إذن عن الغرض الجسدي إلى الغرض الديني. ومن الواضح أن هناك فرقا بين الحالة هنا، والحالة أيام آدم وأيام نوح بعد الطوفان. ففي هذه الحالة الأخيرة كانت الأرض خالية، ولكنها كانت نقية ليست فيها وثنية تهدد الإيمان السليم بالفناء فكان يمكن للإنسان أن ينمو على مهل في ظل قصد الله السامي بشريعة "الزوجة الواحدة". أما في أيام إبراهيم فكان العكس هو السائد: كانت في الأرض شعوب كثيرة من الناس. وإذ كانوا كلهم وثنيين، صاروا خطرا على القلة الضئيلة جدا التي تعبد الله. ولذلك كان يبدو أن تعدد الزوجات بالنسبة لعابدي الله لازم ليرفع نسبتهم العددية ولو قليلا. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: و) لم يكن مناسبًا أن يلغي تعدد الزوجات في شريعة موسى 1- كل هذا حدث ولم تكن الشريعة المكتوبة قد أعطيت بعد ونريد أن نعرف في أي ظروف أعطيت هذه الشريعة علي يد موسي النبي، لكي نفهم مدي مناسبتها للناس وللظروف المحيطة بهم. أعطيت الشريعة منحة لشعب مؤمن. ولكنه علي الرغم من كونه وقت ذاك الشعب الوحيد الذي يعرف الله الحقيقي ويعبده، فإنه كان شعبًا قاسيًا (متى 19: 8) عنيدًا " صلب الرقبة " بشهادة الله نفسه عنه ( خروج 32: 9، 33: 5) وبشهادة موسي النبي أيضًا (خروج 34: 9). كان شعبًا متذمرًا كثير الشهوات (خروج 15: 24، 16: 3) أتعب موسي النبي جدًا، علي الرغم من المعجزات التي رآها، حتى قال لهم هذا النبي العظيم، "ليس تذمركم علينا بل علي الرب" ( خروج 16: 8). لقد أعطيت الشريعة أيام موسي لشعب قال الله لموسي عنه " دعني أفني هذا الشعب". ولولا شفاعة موسي، لأهلك اله الشعب كله في البرية وأفناه (خروج 32). نعم أعطيت الشريعة لهذا الشعب، الذي لم أبطئ عليهم موسي مع الله - إذا كان علي الجبل يستلم الشريعة - قال هذا الشعب لهرون " قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن موسي هذا الرجل الذي أصعدنا من ارض مصر، لا نعلم ماذا أصابه "(خروج 32: 1) وهكذا لم نذل موسي من علي الجبل، وجد الشعب يعبد عجلًا من ذهب! هذا الشعب الذي قال الله عنه فيما بعد " ربيت بنين وبنات ونشأتهم وأنهم فعصوا علي. الثور يعرف قانية، والحمار معلف صاحبه. وأما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم ويل للأمة الخاطئة، الشعب الثقيل الإثم، نسل فعلي الشر أولاد مفسدين" (اشعياء 1: 2-4) لم يكن ممكنًا لمثل هذا الشعب الذي أوضحنا شيئًا من حالته، أن يحتمل مستوي عاليًا، فكان لابد أن يتدرج الله معهم. هذا الشعب الذي بكي بدموع مشتهيًا أن يأكل لحمًا (عدد 11: 4، 10،15)، والذي عادي فأشتهي العبودية من أجل اكلأ اللحم (خروج 16: 3)، هل كان ممكنًا أن يمنع الله عنه تعدد الزوجات؟! مثل هذا الشعب الذي ارتكب الزنا في بيت الرب نفسه، والذي بسبب زناه عبد آلهة أخرى وسجد لها في حياة موسي نفسه (عدد 25)، هل كان ممكنًا آن يمنع عن تعدد الزوجات؟!... لم يكن مناسبًا أذن أن يمنع تعدد الزوجات في شريعة موسي، علي الأقل لسببين: أولًا: لأن ذلك لم يكن مناسبًا لمستوي الشعب الإسرائيلي ذاته، وألا اقتيد إلي الزنا. ثانيًا: لأن ذلك لم يكن مناسبًا للرغبة في مقاومة الجو الوثني الطاغي المحيط بالشعب. وإنما كان لابد من سياسة تدرج، يسمح فيها لمن يريد من الشعب باتخاذ النساء كزوجات، مع رفع فكرة ليتسامي بفكرة الزواج فيتخذها بغرض روحي، لتكوين شعب لله، بدلًا من التفكير في الزواج كمادة لإشباع شهوة جسدية. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: ز) سياسة التدرج التي اتبعها الله 7- بدأ الله في شريعة موسي يغسل هذا الشعب من نجاسته ويرفع مستواه، حتى يستطيع أن يصل به في المسيحية إلي الطهارة التي أرادها له منذ البدء، والتي كانت شريعة "الزوجة الواحدة" أحد مظاهرها. فماذا شرع له حتى أقتاده إلي ذلك؟ أ- حرم الله علي الشعب كثيرًا من الزيجات: حرم عليه التزوج بالأخت، وكان ذلك ممارسًا في القديم. فإبراهيم أبو الآباء أتخذ سارة زوجه له ( تكوين 20: 12). وحرم عليه الزواج لأختين وكان ذلك أيضًا ممارسًا في القديم، كما حدث مع يعقوب أبي الأسباط الاثني عشر (تكوين 29: 26، 27). وحرم عليه زيجات أخرى كثيرة، بلغت في سفر اللاويين 17 حاله (أصحاح 18). وهكذا لم يعد الزواج مطلقًا كما كان من قبل. وقد تدرج هذه المحارم وتطور حتى وصلت إلي حد اكبر فيما بعد. ومن يكسر هذه المحارم كان في الغالب يقتل. ب- أمره بالابتعاد عن النساء في ظروف روحية معينه: فقبل أن يقتر بالشعب من جبل سيناء لسماع الشريعة، أمره موسي آن يتطهر ويغسل ثيابه، ولا يقرب النساء ثلاثة أيام (خروج 19: 15). وكان محرمًا علي أي فرض من الشعب آن يتقدم ليأكل من ذبائح الله المقدسة، إلا وهو طاهر لم يقرب امرأة (لاويين 22: 6). وهكذا كانت هناك أيام عامه، يتعفف فيها الشعب كله، ويتفرغ للعبادة وهي موسم الرب وأعياده، التي تقدم فيها ذبائح عامه وكانت كثيرة (لاويين 23) تضاف إليها المناسبات الخاصة بالأفراد التي يقدمون فيها ذبائح للرب عن أمور خاصة بهم. وهكذا عندما طلب داود النبي من أخيمالك الكاهن خبزًا، أجابه ذاك "... يوجد خبز مقدس، إذ كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم ولاسيما من النساء". ولم يعطيه إلا بعد أن أجابه داود " أن النساء قد منعت عنا منذ أمس وما قبله" (صموئيل الأول 21: 4، 5). ج- كان أمر الله الشعب بالابتعاد عن النساء في ظروف خاصة بهن: مثال ذلك "أيام طمث المرأة". أن مسها وهي "في نجاسة طمثها" يصبح هو أيضًا نجسًا إلي المساء وكذلك أن كانت ذات سيل، في الغير أيام طمثها (لاويين 15: 19، 27). أما إذا أضطجع رجل مع امرأة طامث فكلاهما يقطعًا من بين الشعب (لاويين 20: 18). كذلك كان المرأة لا تمس في أيام نفاسها حتى تطهر (لاويين 12). د- ولكي يمنع الله الشعب من الانغماس الشهواني في المعاشرات الجنسية اعتبر أن "كل من اضطجع مع امرأة أضطجع زرع يكون نجسًا إلي المساء" (لاويين 15: 16) فيغتسل الاثنين ويغسلًا ملابسهما هذا إذا كانا زوجيين، أما آن لم يكونا كذلك فإنهما يقتلان (لاويين 20: 10) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فكأن الله شرع لهم أن الابتعاد عن النساء طهارة، حتى الزوجات! فإن كانت هذا مع الوحدة، فكم بالأكثر في حالة تعدد الزوجات؟! ه - وهكذا حتى في شريعة موسي كشف الله للشعب ولو من بعيد قبسًا من جمال البتولية وسموها عن الزواج. وكمثال لذلك قال عن الكاهن الأعظم "هذا يأخذ امرأة عذراء أما الأرملة والمطلقة والمدنسة والزانية، فمن هؤلاء لا يأخذ بل يتخذ عذراء من قومه أمراة (لاويين 21: 13، 14). وتدرج الله حتى بارك الخصيان وقال "لا يكن الخصي أني شجرة يابسة... أني أعطيهم... أسمًا أفضل من البنين والبنات" (أشعياء 56: 3، 5). و- أصلاح آخر قام به الله في شريعة الزواج وهو يختص بالطلاق: وقد شرحنا قبلًا ما اتبعه الله فيه من تتدرج أنتها إلي أنه قيل في سفر ملاخي النبي " لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل" (2: 16). هذه أمثلة قليلة من التدرج الذي أحدثه الله في شريعة الزواج، ورفع به الشعب من الممارسات البدائية التي تشابه الوثنين إلي درجات قربتهم إلي شريعة المسيحية التي رجعت فيها الوضع الإلهي الأصلي. أما تعدد الزوجات فإن وقت إلغائه لم يكن قد حان بعد. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: ح) السبب الروحي الثاني لتعدد الزوجات 8- عمليًا سمح الله بتعدد الزوجات لأن مستوى الشعب لم يكن يتفق وإلغاءه. ولكنه لكي يسمو بهم وجههم إلي اتخاذ الزواج لإنجاب البنين لسببين. أ- لينمو شعب الله ويقف أمام قوة الوثنيين وفي ذلك يقول القديس أوغسطينوس "إن الآباء في العهد القديم كان واجبًا عليهم أن ينجبوا أولادا لأجل تلك الأم أورشليم... حتى الأنبياء الذين كانوا لا يعيشون حسب الجسد كانوا أيضًا مضطرين أن يجتمعوا بأجساد". ب-لأنه بهذا النسل ستتبارك الأرض، إذ أن منه سيخرج المسيح. كان مجيء المسيح أو "المسيا المنتظر" هو أمل كل فرد من أفراد الشعب. حتى إن المرأة السامرية - على الرغم من أنها كانت خاطئة - قالت للسيد المسيح قبل أن يعلن لها ذاته "أنا أعلم أن المسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء" (يوحنا 25:4). وهكذا كانت قلوب جميع أبناء إبراهيم معلقة بالمسيا ومجيئه. وكانوا يعرفون أنه المقصود بوعد الله لإبراهيم "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تكوين 18:22)، وهو نفس الوعد الذي سمعه إسحق أيضا (تكوين 4:26)، وكذلك يعقوب (تكوين 14:28). كل رجل كان يتمنى أن يأتي المسيح من نسله وكل امرأة كانت تذوب شوقًا في أن يكون المسيا من ثمرة أحشائها. ولهذا يقول القديس أغستينوس "فاشتعلت النساء القديسات -ليس بالشهوة وإنما بالتقوى- للإنجاب". وقال عن الآباء القديسين "كان الزواج واجبًا علي القديسين، ليس طلبًا له في ذاته وإنما لأجل شيء أخر". من أجل أي شيء؟ يريد القديس في نفس كتابة " ليوا من أجل العالم، وإنما من أجل المسيح صاروا أزواجًا ومن أجل المسيح صاروا أباء". لذلك فما أصدق القديس أوغسطينوس عندما قال في موضع آخر "كانت الرغبة في إنجاب الأولاد روحيه وليست جسدية". ولهذا أصبحت قلة النسل عارًا. فرحيل زوجة يعقوب، لما كانت عاقرًا قالت ليعقوب " هب لي بنين وإلا فإنا أموت"! (تكوين 30: 1) ولم فتح الله رحمها فولدت، قالت "قد نزع الله عاري" (تكوين 30: 23). وأليصابات العاقر لم ولدت أبنها يوحنا المعمدان سبحت الله قائلًا " نظر إلي لينزع عاري من بين الناس" (لوقا 1: 25) وعلي عكس ذلك كان كثرة البنين بركة. فقيل "البنون ميراث من الرب..." (مزمور 127: 3).... وكان من البركة أن يقال " امرأة مثل كرمه مخصبه في جوانب بيتك، وبنيك مثل غصون الزيتون الجدد حول مائدتك... "(مزمور128: 3)... لذلك فعلي الرغم من أن الزواج بامرأة الخ كان محرمًا حسب الشريعة (لاويين 18: 16) ، فإنه كان يتحول إلي واجب حتمي أذا مات الأخ بدون نسل، فيضطر أخوه إلي اتخاذ أرملته زوجه ليقيم نسلًا للأخ المتوفى، فالبكر الذي تلده يحسب أبنًا للمتوفى "لئلا يمحي اسمه من إسرائيل" (تثنية 25: 5- 10). |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: ط) تطور الأمور وزوال أسباب تعدد الزوجات إذن لم يكن تعدد الزوجات في قصد الله منذ البدء، بل انه وضع للبشرية شريعة "الزوجة الواحدة" ورأي أنه حسن. ولكن لما سقط الناس في الفساد في تعدد زوجاتهم تنازل الله إليهم ويرفعهم إليه، وتسامح في هذا المر محاولًا آن يوجه أفكارهم في اتجاه روحي. فسار هذا الأمر فتره من الزمن، ثم استجاب لهم القديسون فقط الذين قال عنهم أوغسطينوس "كان الآباء يستطيعون أن يضبطوا أنفسهم لكنهم - لأجل الإنجاب وليس لمرض الشهوة - اتخذوا لهم نساء. ولنا في السماء شركاء زاهدون.. لم يستعملوا نساءهم أطلاقًا للحبل". وقال عنهم أيضًا " لم يتقدموا في المعاشرة الجنسية أكثر من حاجة أنجاب البنين". أمام غالبيه الشعب فلم تسر في هذا الطريق الروحي، وإنما انحرف عن الطريق السليم، واستغلت سماح الله استغلالًا رديئًا. وكما قال العلامة ترتليانوس في كتابه إلي زوجته "هناك احتياجات أسيء استعمالها". ولم يقف الناس عند هذا الحد بل تدنسوا بالزنا وخالفوا وصايا الله وعبدوا آلهة أخري وسجدوا للأصنام. لذلك أسلمهم الله للسبي، فسباهم نبوخذ نصر ملك بابل. وأورشليم ذاتها أنهدم سورها وأحرقت أبوابها والذين نجوا من السبي وبقوا فيها صاروا في شر عظيم وعار (نحميا 1: 2، 3). وسمح برجوع المسبيين وبناء سور أورشليم، ولكن الشعب لم يتحول عن فساده حتى قال الله لارمياء النبي أكثر من مرة "لا تصل لأجل هذا الشعب للخير. حين يصومون لا أسمع صراخهم، وحين يصعدون محرقه لا أقبلهم. بل بالسيف والجوع والوباء أنا أفنيهم" (ارمياء 14: 11، 12). وبالفعل أسلمهم الله فعلًا لليونان فحكمهم الإسكندر الأكبر وخلفائه البطالمة، ومن بعد هؤلاء أسلمهم إلي الرومان فاستعبدوهم. وجاء المسيح وهم كذلك. هكذا لم تستمر فكرة "شعب الله الذي يصمد أمام الوثنيين" فإذا قد سلموا المسيحية وديعتهم العقائدية من نبوات ورموز وتقاليد وكتب موحي بها، انتهت فكرة الشعب المختار، وأصبح المؤمنون في العالم كله هو شعب الله، ولم يعد هناك فرق بين يوناني ويهودي كما قال بولس الرسول (كولوسي 3: 11) وفكرة إنجاب المسيح تطورت هي الأخرى. إذ ما لبثوا أن عرفوا من النبوءات أنه سيأتي من سبط يهوذا، وهو واحد فقط من الأسباط الإثنى عشر. ثم عرفوا أيضًا أنه سيأتي من قرية بيت لحم، من بيت داود بالذات، وهو فرع من سبط. ثم عرفوا أخيرا أنه سيولد من عذراء. وهكذا زال هذا السبب أيضًا كما زال سابقه وهكذا يقول القديس أوغسطينوس في كتابه De Bonon Viduitetis عن حنة النبية، التي تفرغت للعبادة وهى بعد شابة بعد ترملها المبكر، عابدة بأصوام وصلوات مدى 84 سنة لم تفارق الهيكل " كانت حنة كنبية تؤمن أن المسيح سيولد من عذراء، ولذلك لم تتزوج ثانية". ثم ولد المسيح أخيرًا، وانتهى هذا السبب أيضا. بل أننا وجدنا ظاهرة أخرى قد جدت في تاريخ شعب الله، وهى البتولية. فإذا بأنبياء كثيرين عاشوا بتوليين، مثل يشوع وإيليا واليشع ودانيال والفتية الثلاثة القديسين وكثيرين غيرهم، وأخيرا يوحنا المعمدان الذي عمد السيد المسيح. ولم يعد عدم الإنجاب عارًا، بعد دعوة المسيحية إلى البتولية وإلى البقاء في الترمل. والشعب اليهودي نفسه، بدأ يقلل من تعدد الزوجات، إذ لم يجد داعيا إليه ، حتى إنه ندر في الفترة التي سبقت ولادة المسيح. " وقد ألغته الآن طائفة اشكنازيم ولم تعد تسمح به. كما ألغته غيرها من الطوائف". وهكذا في مجيء المسيحية، كان الجو معدا من كل ناحية، ولم يعد هناك سبب واحد للإبقاء على تعدد الزوجات، الذي كان كسرا للنظام الذي وضعه الله منذ البدء. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية: ي) الزمن الآن قد تغير 10- عرضنا في الفصول السابقة، الظروف التي نشأ فيها تعدد الزوجات في العهد القديم قبل المسيحية، والأسباب التي كانت تدعو إليه وكيف زال بزوالها. وبقى أن نردد الآن ما سبق فقاله القديس ايرونيموس: "ما شأننا وهذا؟! نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور، الذين قيل لنا: الوقت مقصر، لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم" (1كو29:7). وأيا كانت الحالة في العهد القديم فإننا نضع إلى جوارها قول بولس الرسول " الأشياء القديمة قد مضت، وهو ذا كل شيء صار جديدا". فما أعجب قول من يقول آن المسيحية توافق على تعدد الزوجات مستدلًا على ذلك بأن إبراهيم أبا الأنبياء كانت له أكثر من زوجة! إن كان المسيحي إذن يقلد إبراهيم فيتخذ لنفسه زوجات، فهل يستطيع المسيحي أن يتزوج أخته لأن إبراهيم كان متزوجا أخته؟! وهل يستطيع المسيحي أن يتخذ له سراري ومحظيات مثل إبراهيم وسليمان؟! وهل يحق للمسيحيين أن يملأوا هياكلهم ذبائح ومحرقات لأنه هكذا كان أيام موسى والأنبياء؟! لا شك أن الزمن غير الزمن، والشريعة القديمة اليهودية قد كملت في المسيحية، والسيد المسيح نفسه قال إنه جاء ليكمل (متى17:5). قال القديس أغسطين "سمح للأزواج باتخاذ نساء عديدات، ولم يكن سبب ذلك شهوة الجسد ولكن فكرة الإنجاب... أما الآن فلم يعد إنجاب البنين واجبًا كما كان في القديم". ويقول أيضًا "حتى حينما كان النساء يلدن بنينا كان مصرحا بتزوج نساء أخريات للحصول على ذرية أكثر، ولكن هذا الآن بالتأكيد غير شرعي، لأن الاختلاف بين الأزمنة يحدد جواز الشيء أو عدم جوازه. الآن يعمل الرجل أحسن لو أنه لم يتزوج حتى زوجة واحدة، إلا إذا كان لا يستطيع أن يضبط نفسه" (اكو1:7،9). |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
تشريع المسيحية بخصوص الطلاق 1-الشريعة التي وضعها السيد المسيح بخصوص الطلاق هي شريعة واضحة لا لبس فيها، وهو قوله في العظة على الجبل " وأما أنا فأقول لكم أن من طلق امرأته إلا لعله الزنا يجعلها تزني. ومن تزوج بمطلقه فإنه يزني" (متى 5: 32) وهذا الأمر أيدته وفسرته قوانينه الكنسية وأقوال الآباء... 2-ولكن السيد المسيح لم يكتفي بهذا. إنماأتي إليه الفريسيون مره فسألوه في موضوع الطلاق، فكان من ضمن إجابته لهم " وأقول لكم أن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى، يزني..." (متى 19: 9، لوقا 16: 18). وهذه الآية تظهر بطريقة لا تحتمل الجدل شريعة "الزوجة الواحدة". لأنه أن كان مسموح للرجل أن يتخذ زوجات عديدات، فإنه لا يعتبر زانيًا أذا تزوج بأخرى. لأنه سواء أكان تطليقه للأولي قانونيًا أو غير قانوني، قائمًا أو باطلًا، فإن الزوجة الثانية - بمبدأ تعدد الزوجات - تعتبر زوجة قانونية أخرى تحل له. ولا يوجد من هذه الناحية ما يقف ضد شرعية هذا الزواج. 3-ولكن متى يعتبر الزواج بعد التطليق كعلاقة زنا؟ يعتبر كذلك إن كان هناك قانون ينص على عدم الجمع بين زوجتين في وقت واحد، واعتبر مثل هذا الشخص جامعا بين زوجتين في وقت واحد بسبب بطلان الطلاق من الأولى. وهذا هو الذي قاله السيد المسيح وعلم به إذ قال"... وتزوج بأخرى يزنى". ولذلك فإن القديس مرقس الرسول أورد لنا أكثر وضوحا من هذا، فبعد سؤال الفريسيين للسيد المسيح وإجابته لهم، يقول القديس مرقس في إنجيله " ثم في البيت سأله تلاميذه أيضا عن ذلك. فقال لهم: "من طلق امرأته وتزوج بأخرى، يزنى عليها (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزني" (مرقس11،10:10). هذا هو الشرح الذي نطق به السيد المسيح نفسه. فإنه إذا ما اعتبر الطلاق باطلًا لسبب كونه لغير عله الزنا وتبعًا لذلك اعتبر الزواج الأول مازال قائمًا وعلاقة الزواج بمن طلاق مازالت علاقة زوجية لم تنفصل، فإنه إن تزوج غيرها يزني عليها. وكلمه " عليها " تدل علي جرم هذا الذي أتخذ زيادة علي زوجته الواحدة التي لا تحل له زوجه أخري عليها. ومن الشق الثاني للآية التي أوردها القديس مرقس، نري أن السيد المسيح قد ساوي بين المرأة والرجل في وحده الزواج. فكما آن المرأة لا تستطيع أن تجمع بين زوجين، وان تزوج بأخر في حالة قيام الزوج الأول لبطلان الطلاق يعتبر زانية؛ كذلك الرجل الذي لا يحل له هو أيضًا سوي زوجه واحده. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
فكرة "الجسد الواحد" أن الفكرة قديمة متجددة: 1- إن فكرة " الجسد الواحد" قديمة متجددة. ذكرت في البدء منذ أول الخليقة إذ قيل " لذلك يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته. ويكونان جسدا واحدا" (تكوين24:2). وذكرها السيد المسيح في كلامه مع الكتبة والفريسيين ودعمها بقوله "إذًا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" (متى5:19، مرقس7:10). وبولس الرسول استعمل هذا التعبير أيضا في رسالته إلى أفسس (3:5) مشبها إتحاد المسيح بالكنيسة باتحاد الزوجين وقائلا بعد ذلك " إن هذا السر عظيم". ما معنى " جسد واحد "؟2- من قول السيد المسيح " ليسا بعد اثنين ، بل جسد واحد " يفهم آن الاثنين قد أصبحا بالزواج وحدة واحدة وليس أكثر. ولذلك فإن القديس يوحنا فم الذهب يخاطب في ذلك العروسين قائلا " لقد أصبحتما الآن واحدا ، مخلوقا حيا واحدا". هذه الوحدة فيها الرجل هو الرأس والمرأة هي الجسد، كما شرح بولس الرسول (أفسس28،23،5) الذي قال أيضا مؤكدا ذلك في نفس الأصحاح من الرسالة " من يحب امرأته يحب نفسه. فإنه لم يبغض أحد جسده قط" (الآيتان28،29). ويشرح القديس يوحنا ذهبي الفم هاتين الآيتين فيقول: "أتسأل كيف هي جسده؟ اسمع هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمى هكذا قال آدم" (تكوين23:2)، لأنها مصنوعة من مادة منا. وليس هذا فقط، وإنما يقول الله يصيران جسدا واحدا" (تكوين24:2)... ليس لاشتراكنا في طبيعة واحدة. كلا، فطبيعة الواجب نحو الزوجة هي أبعد من طبيعة واحدة. كلا، فطبيعة الواجب نحو الزوجة هي أبعد من هذا بكثير وإنما هذا لأنه ليس هناك جسدان وإنما جسد واحد: هو الرأس وهو الجسد. ويستطرد هذا القديس فيقول:" الاثنان لا يظهران بعد اثنين. لم يقال "روحا واحدًا" ولا "نفسًا واحده" لأن هذا ممكن لجميع الناس" (إعمال 4: 32)، وإنما "يكونان جسدًا أحدًا". ويتذكر القديس قصة لخليقة فيقول "في الواقع إن الله منذ البدء قد عمل إعداد خاصًا لهذا الاتحاد فيقول: "في الواقع آن الله منذ البدء قد عمل إعداد خاصًا لهذا الاتحاد لتحويل الاثنين إلي واحد... فهو لم يخلقها من خارج لئلا يشعر " آدم أنها غريبة عنه " والقديس أمبروسيوس يؤيد هذه الحقيقة فيقول " أن الله أخذ ضلعًا من أدم وعمله امرأة، لكي يرجع ويربطهما مرة أخري، ويصبحان جسدًا واحدًا". تعرض الفكرة مع الطلاق وتعدد الزوجات:3- فكرة " الجسد الواحد " هذه، تتعارض منطقيًا مع أمرين منعتهما المسيحية أيضًا لأنهما لا يتفقان وتعليم المسيحية في الزواج. أما هذان الأمران فهما: الطلاق وتعدد الزوجات. واضح هو تعارض الطلاق مع فكرة "الجسد الواحد". فمن المستطاع التفريق بين اثنين، ولكن الزوجين في المسيحية هما كما قال السيد المسيح " ليسا بعد اثنين بل جسد واحد ". ولم يسمح السيد المسيح بالطلاق في حالة الزنا إلا لأن الزوجة قد خطت في ذلك عمليًا يوم زناها. لأنها - بهذا الزنا - تكون قد حطمت مبدأ " الجسد الواحد " تحطيمًا. وذلك لأن جسد ثالثا قد دخل بالزنا في الإتحاد الذي ربطه الله ففصم عري روابطه. فالزوجة مع زوجها جسد واحد حسب الشريعة، وهي -كزانية- صارت كذلك جسدا واحدًا مع الذي زني بها. وهكذا علم بولس الرسول في رسالته الأولي إلي كورنثوس إذ قال "أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد، لأنه يقول يكون الاثنان جسدًا واحدًا؟" (6: 16). فبالزنا مع الزواج، أصبح هناك اتحادان أو جسدان، وتحطمت الفكرة السامية، وأصبح فصل الزوجين شيئًا واقعيًا قد تم من قبل عملا، وبقي أن يتم شرعا. وذلك لأنه الزواج المسيحي ليس جسدين ولا اتحادان ولا أكثر، وإنما جسد واحد واتحاد واحد حسب قول الرب. والذي يحدث في الزنا المسبب للطلاق، هو من الناحية العلمية نفس الذي يحدث في تعدد الزوجات الوضع واحد وإن تغيرت الأسماء. كل ما في الأمر أنه في الحالة الثانية حدث أن كسر فكرة " الجسد الواحد " قد تغطي برداء شرعي.. أما الواضع الواحد المشترك بين الحالتين، فهو دخول جسد ثالث غريب، يحاول أن يوجد له اتحادا مع أحد طرفي الوحدة المقدسة، بأن يعزل الطرف الآخر عنه، ويكون بهذا قد حطم الفكرة الإلهية. إن فكرة " الجسد الواحد " تجعل تعدد الزوجات أمرا متعذرا فليس بالإمكان عقليًا أن يكون رجل في جسد واحد مع أكثر من امرأة، إذ يستحيل اجتماع ثلاثة في جسد واحد ولا أربعه. قالت الوصية الإلهية أن الزوج يترك أباه وأمه ويلتصق بامرأته. ولكن الذي تتعدد زوجاته لا يستطيع بحق أن يكون ملتصقًا بأخرى. وعلي ذلك فإن كل محاولة للاتصال بامرأة أخرى، عن طريق علاقة شرعية أو زنائية، هي تصديع لهذه الوحدة. فإن سأل أحد: هل يمكن للرجل -بعد الزواج- أن يتحد بجسد أخر؟ فمثل هذا السؤال ليس له موضع في الواقع. لأنه بعد الزواج لم يعد هناك اثنان حتى يجوز أن يعطي واحد منهما جسده لثالث. فهما ليسا بعد اثنين وغنما جسد واحد، لا يستطيع إنسان آن يفرقه، كما قال الرب. ويقول القديس ايرونيموس: إنه مع التعدد تكون فكرة الزواج " الجسد الواحد " قد تحطمت ويستطرد القديس متعجبًا " في البدء تحول ضلع واحد إلي زوجة واحدة ، وصار الاثنان جسدًا واحدًا وليس ثلاثة أو أربعة وإلا كيف يكونان اثنين أن صار جمله "؟! خاتمه: 1- إنه جسم واحد، فيه الزوج هو الرأس والزوجة هي الجسد. وكما أنه لا يمكن أن يكون للجسد رأسان أو أكثر، كذلك لا يمكن أن يكون للمرأة زوجان أو أكثر. وأيضًا كما أنه لا يمكن للرأس جسدان أو أكثر، كذلك لا يمكن أن يكون للرجل زوجتان أو أكثر. وإلا فإن هذا التشبيه الذي ذكره بولس الرسول مقتبسًا إياه من تعليم الله ذاته، يكون تشبيهًا خاطئًا لا تطبيق له. أنسأل بعد عن نص في المسيحية لتحريم تعدد الزوجات؟! ليست المسيحية في الواقع ديانة نصوص بقدر ما هي "روح وحياة" كما قال الرب (يوحنا 6: 63). وهذا هو روح الزواج المسيحي وقد علمنا المسيح أن نسلك بالروح. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
علاقة المسيح بالكنيسة الزواج الروحي بين المسيح والكنيسة : 1- كما أن الذي يلتصق بامرأة، يصير معها جسدًا واحدًا (تكوين 2: 24) ، كذلك " من التصق بالرب فهو روح واحد" (1 كو 6: 17). فالاتحاد الأول نسميه زواجًا جسديًا، والاتحاد الثاني نسميه زواجًا روحيًا وفي الكتاب المقدس أمثله عديدة لهذا الزواج الروحي بين الله وشعبه أي بين الله وكنيسته. ويكفي أن سفرا بأكمله في العهد القديم، هو نشيد الأناشيد، يدور كله حول هذه العلاقة وحدها التي ذكرها الله أيضًا بوضوح في سفر أشعياء النبي كذلك (أشعياء 54: 5). ولهذا يقول بولس الرسول في رسالته الثانية إلي كورنثوس "خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 2). وفي رسالته إلي أفسس أتي بتفصيلات كثيرة لهذه العلاقة الروحية بين المسيح وكنيسته، مقارنا بينها وبين الزواج الجسداني للرجل والمرأة في أوجه شبه عديدة ((أفسس 5: 22- 33). قائلًا عن الزواج الروحي بين المسيح وكنيسته "أن هذا السر عظيم". زوجة واحدة: 1- من هذه المقارنة التي عقدها بولس الرسول بين زواج الرجل والمرأة من ناحية أخري، يمكن الاستدلال بوضوح علي شريعة " الزوجة الواحدة " في المسيحية. وقد كان هذا هو نفس تفكير كبار قديسي الكنيسة ومعلميها. فالقديس ايرونيموس يقول في كتابه ضد جوفنيانوس: " المسيح بالجسد بتول، وبالروح تزوج مرة واحدة. لأن له كنيسة واحدة، هي التي قال عنها الرسول: أيها الرجال أحبوا نساءكم، كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة، وأسلم نفسه لأجلها (افسس 5: 25). فكما آن المسيح مثال يقتدي به البتوليون في حياته حسب الجسد، كذلك هو مثال أيضًا للمتزوجين، في علاقته الروحية بالكنيسة التي سار فيها علي شريعة "الزوجة الواحدة". ويقول القديس ايرونيموس أيضًا في رسالته إلي اجيروشيا " إن بولس في شرح هذا الفصل من أفسس، يشير إلي المسيح والكنيسة بقوله " من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. هذا السر العظيم، ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة" (أفسس 5: 31، 32). فجعل آدم الأول صاحب زوجة واحدة في الجسد، وآدم الثاني "= المسيح " صاحب زوجة واحدة في الروح. وكما أنه توجد حواء واحدة هي أم كل الأحياء كذلك توجد كنيسة واحدة هي أبوا كل المسيحية". وكلمه " أبوا " التي استخدمها القديس ايرونيموس يقصد بها المسيح والكنيسة ، العريس والعروس، الرأس والجسد. ومثل هذا الكلام قال أيضًا العلامة ترتليانوس في كتابه De Exhortatione Castitas إذ قال " عندما فسر الرسول هذا النص " يصير الاثنان جسدًا واحدًا"، علي علاقة المسيح بالكنيسة، فكر في العلاقة الروحية بين المسيح الذي هو واحد، والكنيسة التي هي واحدة. نفس التأييد لقانون الزواج الواحد. زواج واحد جسد في آدم وروحي في المسيح". رأس، وجسد: قال بولس الرسول في رسالته إلي أفسس " إن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة " (5: 23). وعن الجسد قال " كذلك يجب علي الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم... فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه، كما الرب أيضًا للكنيسة لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (5: 28-30). وفي الآية الأخيرة يذكرنا بولس الرسول بقول آدم عن حواء "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي" (تكوين 2: 23). فكما آن للرأس جسدًا واحدًا، فللمسيح كنيسة واحده وكذلك للرجل امرأة واحدة. لأنه لو اتخذ الرجل زوجات عديدات، لما أمكن تشبيهه بالمسيح الذي له كنيسة واحدة. إذ أننا نقول في قانون الإيمان " نؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعه رسولية". وفي ذلك يقول القديس اغريغوريوس الناطق بالإلهيات " لو كان هناك مسيحان، لكان يمكن هناك زوجان أو زوجتان. ولكن إن كان المسيح واحدًا، الذي هو الرأس الواحد للكنيسة، فليكن هناك إذن جسد واحد، وليرفض الثاني ويأخذ القديس أمبروسيوس هذا التشبيه من ناحية المرأة أيضًا، فيقول " لم تأخذ حواء زوجًا ثانيًا، ولا الكنيسة المقدسة تعرف عريسًا ثانيًا. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
نصوص أخرى بخصوص الزوجة الواحدة |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
|
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
قوانين كنسيّة بخصوص الزِّنى والتَسَرِّي |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
نظرة المسيحية إلى الزواج الثاني بعد الترمُّل المسيحية لا تستحسن الزواج الثاني بعد الترمُّل علي الرغم من أنه أخف من تعدد الزوجات: 1- المسيحية تجيز بعدم قيامة، وتضعه في درجة أقل من الزواج الأول. وقد كان الحماسة شديدة جدًا ضده في القرون المسيحية الأولي "ضد لياقته لا ضد شريعته طبعًا". وحاول كثير من القديسين أن يثنوا المترملين عنه. حتى أنه كلمه Monogamia " الزواج الواحد " في استعمال الكتاب المسيحيين في تلك العصور، لم تكن تعني اكتفاء الزوج بإمرأة واحده فلا تتعدد زوجاته، إذ أن ذلك كان أمرا لا يختلف فيه أحد. وإنما كانت في غالبية استعمالها، تعني الزواج الواحد علي الإطلاق سواء في حياة الزوجة أو بعد وفاتها. وغالبيه الذين عن الـMonogamia كانوا يدعون إلي عدم التزوج بعد الترمل. للعلامة ترتليانوس ثلاثة:" إلي زوجته " و"بحث علي العفة" و"الزواج الواحد" كلها تدور حول هذه النقطة. وكثيرة هي كتابات القديس ايرونيموس "جيروم" عن هذا الموضوع وبالأخص في رسائله وكذلك القديسان أمبروسيوس وأوغسطينوس، كتب كل منهما كتبا عن الترمل، وغير هؤلاء الكتاب الكبار، كثيرون ساروا علي نفس نهجهم. وفي مسألة الزواج لم يكن من منافس لهذا الموضوع في كتابات القديسين غير تمجيد البتولية. حدث كل هذا علي الرغم أن الزواج بعد الترمل - من حيث عفته وبعده عن شهوة الجسد - لا يقارن بحالة الجمع بين زوجتين في وقت واحد! فماذا تكون إذن فكرة المسيحية عن تعدد الزوجات؟! زواج في مرتبه أقل وعلامة علي عدم ضبط النفس. 2- وقد تحدث القديس بولس الرسول عن هذا الأمر في الأصحاح السابع من رسالته الأولي إلي كورنثوس، فقال " ولكن أوق لغير المتزوجين وللأرامل، إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا. ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا "(الأيتان 8، 9). وكرر هذه النصيحة للمرأة المترملة فقال "إنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا" (الآية 40). فهو قد جعل البقاء في الترمل، أحسن وأكثر غبطة من الزواج الثاني. وقد علق كثير من القديسين علي أفضليه الترمل فقال القديس باسيليوس " الزيجات الثانية هي علاج ضد الزنا فهكذا قيل :" أن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا " أما القديس اغسطينس فعلق علي تعليم بولس الرسول بقوله التزوج ثانية علامه علي عدم ضبط النفس " كما قال أيضًا " الزيجات الثانية ليست مدانة، ولكن في مستوي أقل". وفسر ذلك بقوله " عفة الزواج حسنة، ولكن زهد الترمل أحسن". أما القديس أمبروسيوس معلم القديس أوغسطينوس فقال " لست أرفض الزيجات الثانية، ولكنى لا أنصح بها " واستطرد القديس يقول للمترمل " شرعيا يمكن أن تتزوج، ولكن من المناسب أكثر أن تمتنع".و عن هذا الزواج غير المستحسن، يقول القديس ايرونيموس " جيروم " " آدم الأول كانت له زوجة واحدة، والثاني " أي المسيح " كان غير متزوج، فليرنا أنصار الزوج الثاني آدم ثالثا تزوج مرتين!!". ويشرح القديس ايرونيموس رأيه فيقول " وكما جعل " الرسول " الزواج أقل من البتولية، كذلك جعل الزواج الثاني أقل من الزواج الأول"... إنه يسمح بالزيجات الثانية، ولكن للأشخاص الذين يرغبونها، " ولا يستطيعون أن يضبطوا أنفسهم " لئلا " ينحرف البعض وراء الشيطان" (1تى15:5) وهكذا وضح القديس السبب الذي من أجله سمح بالزواج للمترملين. وكشف أكثر فقال " بالنسبة إلى خطر الزنا يسمح للعذارى أن يتزوجن، ولتجنب نفس السبب يسمح بالزيجات الثانية" وأضاف في الفصل التالي " وهكذا سمح بالزواج الثاني لغير المتعففين". ونفس الرأى عرضه القديس كيرلس رئيس اساقفة أورشليم فقال إن هذا الزواج سمح به على الرغم من أن العفة شيء نبيل " حتى لا يسقط الضعيف في الزنا... إذ قال الرسول: خير أن نتزوج من أن نتحرق" (1كو9:7). وأيد ترتلينانوس نفس الرأي فقال "هذا الزواج سمح به من أجل خطر عدم التعفف " واستطرد " السماح هو اختبار للشخصية، هل ستقوم الإغراء أم لا، والسماح هو ذاته إغراء". على أن بعض القديسين قد سمح بالزواج بعد الترمل، لمن ترملوا وهم ما يزالون في سن الشباب، أو لم يقضوا في حياة الزيجة سوى فترة ضئيلة. وفى ذلك قد نصح القديس بولس من جهة " لأرامل الحدثات " أن " يتزوجن، ويلدن الأولاد، ويدبرن البيوت" (1تى14:5)، وذلك إشفاقًا عليهن. وبعض العلماء يوافقون على الزيجة الثانية بعد الترمل، بالنسبة إلى من يحتاجون إلى رعاية، في ضعف أو شيخوخة أو مرض، كما حدث لداود في شيخوخته. وذلك أن التزوج ليس لمجرد عدم ضبط الجسد، وإنما أيضا للتعاون في الحياة " فأصنع له معينا نظيره" (تك18:2). والخلاصة: فإن الكنيسة على الرغم من اعترافها بشرعية الزواج الثاني بعد الترمل، فإنها جعلته في مرتبة أقل وسمحت به لحالات من الضعف... فإن كان كل هذا قد قيل عن الزواج واحدة بامرأة بعد وفاة الأولى، فماذا يمكن أن يقال عن الجمع بين زوجتين؟! أي عذر يمكن أن يقدمه للكنيسة طالب هذا الزواج الأخير لتسمح به بينما زوجته التي ما تزال على قيد الحياة يمكن أن تقيه من الأسباب التي يتعلل بها الضعفاء من المترملين في طلب الزواج ثانية. ولذلك فإن كلمة digamy أي الزواج الثاني، أخذت -في هذا الجو العفيف الذي ساد كتاب المسيحية في تلك العصور- معنى الزواج بعد وفاة الزوجة، وليس الجمع بين زوجتين. إذ لم يكن أحد يتصور إطلاقا، أن تنفذ فكرة تعدد الزوجات polygamy إلى المسيحية المحبة للبتولية والعفة، ولم تثر تلك المشكلة حتى يحاربها كبار كتاب المسيحية في كتاباتهم. مثال من الطيور: 1- وتعجب كتاب المسيحية من أن الإنسان الذي خلق على صورة الله ومثاله (تكوين27:1) لا يستطيع أن يصل إلى مستوى العفة الذي وصلت إليه بعض أنواع الطير! فقال القديس امبروسيوس " هناك أنواع كثيرة من الحيواناتوالطيور إذا فقدت أليفها لا تبحث عن آخر، وتقضى وقتها كما لو كانت حياة وحدة". والعلامة اكليمندس الإسكندري ضرب المثل في ذلك بالحمام واليمام. وهكذا قال القديس ايرونيموس أيضًا " الحمامة واليمامة إذا مات رفيقها لا تأخذ غيره... فنفهم أن الزواج الثاني يرفضه حتى الطيور. وقال القديس باسيليوس في قانونه الثالث والأربعين " إذا كان اليمام غير الناطق لا يقعد في زيجة ثانية، فكيف بالحيوان الناطق". عقوبة كنسية على المتزوج بعد ترمله: 2- من أجل كل هذا، تأخذ الكنيسة إجراءات حازمة مشددة تجاه من يتزوج ثانية بعد وفاة زوجته الأولى. أول تلك الإجراءات هو أنها تفرض عقوبة على المتزوج ثانية، بأن تبعده عن الكنيسة وعن تناول الأسرار المقدسة مدة من الزمن، شرحها القديس باسليوس الكبير في القانون الرابع من رسالته القانونية الأولى. فقال " الذين تزوجوا للمرة الثانية، يوضعون تحت عقوبة كنسية لمدة سنة أو سنتين. والذين تزوجوا للمرة الثالثة لمدة ثلاث سنين أو أربعة. ولكن لنا عادة أن الذي يتزوج للمرة الثالثة يوضع تحت عقوبة لمدة خمس سنوات، ليس بقانون وإنما بالتقاليد. وأشار إلى هذه العقوبة أيضا في رسالته القانونية الثالثة في القانون الثالث والخمسين. والظاهر أن تلك العقوبة كانت معروفة أولا عن طريق التقاليد ولكن ما لبثنا أن رأيناها مشروعة رسميا في المجامع المقدسة التي انعقدت في القرن الرابع الميلادى. وهكذا أشار إلى هذه العقوبة القانون الثالث من قوانين مجمع قيسارية الجديدة المنعقد سنة 315م فقال عن أمثال هؤلاء إن "مدة عقوبتهم معروفة " مما يدل على قدم هذه العقوبة في الكنيسة. ثم استطرد هذا المجمع في قانونه الثالث " ولكن طريقة معيشتهم وإيمانهم يقصران المدة. أي أن هذا المعاقب على "عدم ضبطه لنفسه"، إذا ما أظهر في مدة العقوبة تعففا ة نسكا، فإن مدة عقوبته تقل تبعًا لذلك. وأخيرا - على حسب ما ورد في القانون الأول من قوانين مجمع اللاذقية المقدس المنعقد في القرن الرابع أيضا - " يعطى هؤلاء القربان على سبيل المسامحة " " وذلك بعد مرور زمان قليل من ممارستهم الصلوات والأصوام". لا بركة إكليل لهذا الزواج بل صلاة استغفار: 3- وقد ورد في البند الحادي عشر من الباب الرابع والعشرين من كتاب المجموع الصفوي لابن العسال ما يأتي " وأما الزيجة الثانية فدون الأولى. ولهذا رسم في القوانين أن لا يكون لها بركة إكليل بل صلاة استغفار. فما الذي يحدث إن كان أحد طرفي هذا الزواج بكرا أي بتولا والطرف الآخر أرمل؟ للإجابة على هذا السؤال ورد في البند 87 من الباب السابق ذكره " وإن كان أحد المتزوجين بكرا، فليبارك وحده. وهذه السنة للرجال والنساء جميعًا". ولا يحضر القس وليمة هذا الزواج: 4- يقول القانون السابع من قوانين مجمع قيسارية الجديدة: " لا يجلس القس في وليمة زيجة المتزوج ثانيا. وذلك من حيث أن المتزوج ثانيا يجب عليه أن يلتمس التوبة. فما عساه يكون أمر القس الذي بواسطة اتكائه في الوليمة قد يذعن مرتضيا في تلك الزيجة". ويعلق العالم هيفيليه Hefele على ذلك القانون بقوله " إن المتزوج ثانيا، المفروض فيه أن يأتى إلى الكاهن ليخبره بعقوبته التي يمارسها. فكيف يقف القس نفسه في الوليمة كأنه يشترك معه في الإساءة". المتزوج ثانية لا يدخل في شرف الكهنوت: 5- ومن أهم النقط التي تبين نظرة الكنيسة إلى الزواج الثاني من حيث أنه علامة على عدم التعفف، كونها تحرم ممارسه من الدخول في شرف الكهنوت في أية درجة من درجاته الثلاث الأساسية: الأسقفية، والقسيسية، والشماسية. وقد ورد هذا الأمر في رسالة بولس الرسول إلى تيطس (6:2) وفي رسالته الأولى إلى تيموثاوس (12،2:3). حتى الشماس لا يستطيع أن يتزوج ثانية بعد وفاة زوجته، لأن مستوى هذا الزواج الثاني لا يتفق وسمو رتبته الكهنوتية كشماس. وتنص قوانين الكنيسة على أنه إذا تزوج أحد من رجال الكهنوت بعد وفاة زوجته فإنه يقطع من درجته الكهنوتية. حتى الذي سبق له هذا الزواج الثاني قبل المعمودية، لا يجوز أيضا أن يصير كاهنا على الرغم من أن المعمودية تغفر فيها جميع الخطايا السابقة ويولد الإنسان منها ولادة ثانية في نقاوة تامة وطهر. وفي ذلك يقول القديس باسيليوس إن المسألة ليست مسألة خطية، وإنما مسألة قانون ونظام. " فالذي تزوج ثانية لا يحسب له ذنب، ولكنه غير مؤهل للكهنوت". ويقول في كتاب آخر " ولكن يجب أن نعرف أنه في المعمودية تغفر الخطية، ولكن لا يلغى القانون". حتى التي تخدم أرملة في الكنيسة: على الرغم من أن وظيفتها ليست خدمة كهنوتية فإنها أيضا لا تقبل إلا إذا كانت أرملة لزوج واحد. فهكذا يأمر بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تيموثاوس (9:5). الزيجات الأكثر من هذه: 6- فإن كانت هذه هي نظرة الكنيسة إلى من تزوج ثانية بعد وفاة زوجته الأولى؟ فماذا يقال عن نظرتها إلى المتزوج ثالثة بعد وفاة الزوجة الثانية، أو إلى المتزوج رابعة بعد وفاة الزوجة الثالثة. تقول الدسقولية " الزيجة الثالثة هي علامة الغواية لمن لم يقدر أن يضبط نفسه. والأكثر من الثالثة هي علامة الزنا الظاهر والنجاسة التي لا تذكر". ويقول القديس اغريغوريوس الناطق بالإلهيات في تتابع الزيجات"... الأولى هي شريعة، والثانية تسامح، والثالثة تعد... وكل ما يزيد على ذلك هو شبيه بالخنازير". ويقول القديس باسيليوس في قانونه الحادي عشر عمن تزوجوا لثالث مرة " لم يأمر المجمع بأن يبقوا خارجا عن الكنيسة، بل قالوا أنهم مثل إناء وسخ في الكنيسة". أما الذين يتزوجون للمرة الرابعة أو الخامسة فقد أمر القديس في نفس القانون أن "يطردوا خارج مثل الزناة". خاتمة: 7- وبعد، فإن كانت هذه هي نظرة المسيحية إلى تعدد التزوج -مع الاحتفاظ بزوجة واحدة في كل مرة- فماذا يمكن أن يكون رأيها في تعدد الزيجات والجمع بينهن في وقت واحد. إن كان الذي توفيت زوجته فتزوج غيرها - وقد تكون فترة الزواج الأول أو الزوجين الأولين قصيرة، والرجل ما يزال شابا، وقد ذاق لونا من الحياة ولم يستطع الامتناع - إن كان هذا تنظر الكنيسة هكذا، ولا تباركه، ولا تحضر وليمته، وتفرض عليه العقوبات الكنسية، وتحرمه من الكهنوت، وتنظر إليه كضعيف، فهل يمكن لديانة تدعو إلى هذه الدرجة من التعفف، أن تسمح بتعدد الزوجات؟! لا يستطع أحد أن يجيب بنعم. |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
عفة الزواج المسيحي |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
نظرة المسيحية إلى البتولية |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
أقوال آباء الكنسية وعلمائها بخصوص الزوجة الواحدة |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
رأي أساتذة القانون المسلمين أ) رأي الأستاذ الدكتور أحمد سلامة أستاذ ورئيس قسم القانون المدني - كلية الحقوق - جامعة عين شمس - في كتابه الذي حاز على جائزة الدولة التقديرية سنة 1963. ذكر الأستاذ الدكتور أحمد سلامة، في حديثه عن خصائص الزواج في المسيحية، في الفقرة "ج" تحت عنوان الزواج علاقة فردية " ص 425 - ص 427، ما يلى: الزواج علاقة فردية:ذلك أن الزواج لا يمكن أن ينشأ إلا بين رجل واحد وامرأة واحدة. ومن ثم فلا يجوز لرجل أن يجمع بين أكثر من زوجة في وقت واحد، ولا يجوز للمرأة أن تجمع أكثر من زوج في وقت واحد. https://st-takla.org/Pix/Christian-Sy...le-Justice.jpg St-Takla.org Image: The Holy Bible وينبني على ذلك أنه إذا كان من يريد الزواج مرتبطا سلفا برابطة زوجية أخرى، فإن العلاقة المزمع إنشاؤها لا يمكن أن تنشأ باعتبارها زواجا. وقد ألمعت إلى هذه الخاصة المادة 14 من مجموعة الأقباط الأرثوذكس حين قالت " يرتبط به رجل وامرأة". ونصت عليها صراحة المادة 24 من نفس المجموعة، حين قالت "لا يجوز لأحد الزوجين أن يتخذ زوجا ثانيا ما دام الزواج الأول قائما". كما جعلت المادة 12 من مجموعة السريان الارتباط بزيجة أخرى مانعًا من صحة الزواج الثاني. وكذلك المادة الخامسة من مجموعة الأرمن الأرثوذكس، والمادة الثالثة من مجموعة الروم الأرثوذكس. وليست بقية الشرائع بأقل وضوحا في هذا الصدد من شرائع الأرثوذكس، فالمادة الثانية من الإرادة الرسولية تنص في فقرتها الثانية، على أن من خصائص الزواج الجوهرية خاصة الوحدة unite . وكذلك تنص المادة السادسة من قانون الإنجيليين على أن الزواج هو اقتران رجل واحد بامرأة واحدة اقترانا شرعيا. وهذه النصوص كلها تنفق مع المؤكد في الشريعة المسيحية (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لأنه إذا كانت هذه الشريعة تقرر أن من يطلق امرأته إلا لعلة الزنا ويتزوج بأخرى يزنى عليها، وكذلك من يتزوج فإنه يزنى، فبالأولى أن يكون الجمع بين زوجتين (Polygamie) أو زوجين (Polyandrie) زنا ظاهر. ومبدأ فردية الزواج هو المعمول به في الشرائع الوضعية في بلاد الغرب " ثم تعرض الأستاذ الدكتور احمد سلامة إلى الزيجة الثانية في المسيحية بعد انتهاء الزيجة الأولى بالوفاة أو بالتطليق " فقال: ويتصل بهذه الخاصة أمر الزيجة الثانية أو بعدها عند الأرثوذكس. وبطبيعة الحال فإن هذا الأمر لا يعرض ولا يجوز النقاش فيه، إلا إذا كانت الزيجة الأولى قد انتهت. فإن لم تكن، فالحكم في الزيجة الثانية مقطوع به وهو التحريم، لأننا سنكون بصدد تعدد ممنوع... " وقد أكد الأستاذ الدكتور احمد سلامة هذا الرأي ذاته في كتابه "الوجيز في الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين". وهو كتاب نشره سنة 1977 أي بعد 14 سنة من الكتاب المطول، ويحمل نفس الرأي باختصار بنفس العبارات، إذ قال فيه " ص 112": " وأما أن الزواج علاقة فردية: فلأنه لا يمكن أن ينشأ إلا بين رجل واحد وامرأة واحدة. ومن ثم فلا يجوز لرجل أن يجمع بين أكثر من زوجة في وقت واحد، ولا يجوز للمرأة أن تجمع أكثر من زوج في وقت واحد. وينبني على ذلك أنه إذا كان من يريد الزواج مرتبطا سلفا برابطة زوجية أخرى، فإن العلاقة المزمع إنشاؤها لا يمكن أن تنشأ باعتبارها زواجا"... |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
رأي أساتذة القانون المسلمين |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
رأي أساتذة القانون المسلمين: |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
رأي أساتذة القانون المسلمين: د) رأي الدكتور آهاب حسن اسماعيل 1- "في كتابه: شرح مبادئ الأحوال الشخصية للطوائف الملية". ذكر في باب "موانع الزواج" فقرة 111 تحت عنوان "سادسا": عدم جواز الجمع بين زوجتين" ص 155 ما يأتي: وهذا واضح إذ أن المسيحية لا تقر تعدد الزوجات. وقد كانت مجموعة نصوص المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس، تنص على عدم جواز اتخاذ الزوج زوجة ثانية مادام الزواج قائمًا. والجمع بين الزوجتين عند المسيحيين غير جائز إطلاقًا. فالدين المسيحي لا يجيز أن يكون للرجل غير امرأة واحدة، لآن الله لم يخلق إلا معينا للرجل. وكانت الشريعة الأولى تجيز أن يتخذ أكثر من امرأة، غير أن شريعة الكمال منعت ذلك. والأدلة على ذلك كثيرة، منها ما قاله بولس الرسول: "ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها". وكذلك فإن الغرض الأصلي من الزواج هو التمتع بالحياة حسب النظام الطبيعي الذي أوجده البارئ. فمخالفته بتعدد الزوجات، يدل على الشره والخروج عن الاعتدال" (المجموع الصفوي ص 224، والخلاصة القانونية للأحوال الشخصية للأيغومانوس فيلوثيوس: الفرع الثاني - المسالة ألحادية عشرة). وقد جاء في كتاب الخلاصة القانونية للأحوال الشخصية للأيغومانوس فيلوثاؤس ص 36 ما يلي: "إن الرجل الذي يقدم على الزيجة مع وجود زوجة له على قيد الحياة، يرتكب اثمًا فظيعا، فضلًا عما يلحقه من عقاب..." وانتهى الدكتور اهاب بعد سر حكم لمحكمة أسيوط، إلى قوله: "وهكذا فإن الجمع بين الزوجتين، أي تعدد الزوجات، غير مباح في الشريعة المسيحية". وحديثه عن موانع الزواج عند الإنجيليين، وشرح عدم الجمع بين زوجتين ص 225 قال: "وهذا المانع لابد من التسليم به في شريعة الإنجيليين، باعتبار هذه الطائفة من شيع المسيحية، والمسيحية بكافة فرقها وشيعها تحريم الجمع بين أكثر من زوجة واحدة". 2- "في كتابه: انحلال الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس" يذكر الدكتور إهاب في باب "آثار انحلال الزواج" تحت عنوان "إمكان عقد زواج جديد" - الفقرة 78 صفحة 276، ما يلي: "يعتبر إمكان عقد زواج جديد، من أهم الآثار التي تترتب على انحلال الزواج الأول. فإذا انحل الزواج بالتطليق أو بالوفاة، استطاع كل من الزوجين، في حالة التطليق، أو الزوج الباقي على الحياة في حالة الوفاة، عقد زواج جديد، الأمر الذي كان ممنوعًا عند قيام الزوجية الأولى. فشريعة الأقباط الأرثوذكس، شأنها في ذلك شأن كافة الشرائع المسيحية، تأخذ بنظام وحدة الزيجة وتمنع تعدد الزوجات". |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
مذكرة البابا كيرلس السادس تؤكد على شريعة الزوجة الواحدة |
رد: كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية
وحدة الزيجة في المسيحية ونقصد به عدم تعدد الزوجات أو الأزواج في المسيحية. وهذا مبدأ عام يجمع عليه كافة المسيحيين في أنحاء العالم كله على اختلاف مذاهبهم، وقد ظهر واضحًا في الكتاب المقدس. ومن أبرز الأدلة عليه قول السيد المسيح "مَنْ طلَّق امرأته وتزوج بأخرى فانه يزنى عليها" (مرقس 10: 11). فلو كان يجوز الجمع بين زوجتين، ما كان يعتبر الزواج الثاني زنا، سواء كان الطلاق شرعيًا أو غير شرعي. لذلك نرى أن يتضمن التشريع الجديد مادة من فقرتين تنص على الآتي:
|
الساعة الآن 01:43 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025