|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حماية الكرمة المشتهاة: 2 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ غَنُّوا لِلْكَرْمَةِ الْمُشَتَهَاةِ: 3 «أَنَا الرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ. لِئَلاَّ يُوقَعَ بِهَا أَحْرُسُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا. 4 لَيْسَ لِي غَيْظٌ. لَيْتَ عَلَيَّ الشَّوْكَ وَالْحَسَكَ فِي الْقِتَالِ فَأَهْجُمَ عَلَيْهَا وَأَحْرِقَهَا مَعًا. 5 أَوْ يَتَمَسَّكُ بِحِصْنِي فَيَصْنَعُ صُلْحًا مَعِي. صُلْحًا يَصْنَعُ مَعِي». 6 فِي الْمُسْتَقْبِلِ يَتَأَصَّلُ يَعْقُوبُ. يُزْهِرُ وَيُفْرِعُ إِسْرَائِيلُ، وَيَمْلأُونَ وَجْهَ الْمَسْكُونَةِ ثِمَارًا. 7 هَلْ ضَرَبَهُ كَضَرْبَةِ ضَارِبِيهِ، أَوْ قُتِلَ كَقَتْلِ قَتْلاَهُ؟ 8 بِزَجْرٍ إِذْ طَلَّقْتَهَا خَاصَمْتَهَا. أَزَالَهَا بِرِيحِهِ الْعَاصِفَةِ فِي يَوْمِ الشَّرْقِيَّةِ. 9 لِذلِكَ بِهذَا يُكَفَّرُ إِثْمُ يَعْقُوبَ. وَهذَا كُلُّ الثَّمَرِ نَزْعُ خَطِيَّتِهِ: فِي جَعْلِهِ كُلَّ حِجَارَةِ الْمَذْبَحِ كَحِجَارَةِ كِلْسٍ مُكَسَّرَةٍ. لاَ تَقُومُ السَّوَارِي وَلاَ الشَّمْسَاتُ. إذ يتسلم الرب نفسه قيادة المعركة يصير هو شخصيًا طرفًا فيها لتتمتع كرمة المشتهاة بنصرته وحراسته لها ورعايته واهتمامه بها، لذلك يقول النبي على لسان الرب: "في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهاة، أنا الرب حارسها، اسقيها كل لحظة لئلا يوقع بها، احرسها ليلًا ونهارًا..." [3-5]. الله نفسه هو مالك الكرمة، يحبها ويشتهيها، وهو الكرام والحارس لها، يتعهدها كل لحظة يرويها ببركاته الإلهية، عينه عليها ليلًا ونهارًا، لا يتركها ولا يتخلى عنها، ينزع عنها الشوك والحسك ليحرقه، ويصالحها مع الآب خلال صليبه (رو 5: 1). إن كان الصليب قد حطم إبليس وجرده من سلطانه على المؤمنين، فإنه قدم أيضًا البركات التالية: أ. "غنوا للكرمة المشتهاة" [3]. تُرى لمن قيل هذا إلاَّ للسمائيين الذين أدركوا ثمار الصليب في حياة الكنيسة فتهللت حياتهم وصاروا يسبحون الله مخلص البشر على عمله العجيب فيهم، إذ جعل الأرضيين سمائيين، ورفع الكنيسة إلى حيث العرش تُشارك السماء تسابيحها وليتورجياتها. صارت الكرمة المشتهاة من الله مخلصها موضوع شهوة الملائكة وكل الطغمات العلوية (رؤ 5: 11-14). إن كان ذكر الله شهوة نفس الإنسان فإن ذلك هو ردّ فعل لحب الله لنا ولاشتهائه إلينا بكوننا كرمه المشتهاة وعروسه المحبوبة لديه وكنيسته التي يشتهي السكنى فيها. يقول المرتل: "لأن الرب قد اختار صهيون اشتهاها مسكنًا له. هذه هي راحتي إلى الأبد ههنا اسكن لأني اشتهيتها" (مز 132: 13-14)؛ "الجبل الذي اشتهاه الله لسكنه، بل الرب يسكن فيه إلى الأبد" (مز 68: 16). ب. حراسة إلهية: "أنا الرب حارسها... أحرسها ليلًا ونهارًا" [3]. أن كان الله يرسل ملائكته لحماية شعبه من المخاطر الزمنية؛ لكنه يقوم بنفسه بحراستها من ضربات الخطية القاتلة. لقد حُطم العدو بالصليب لا كحدث تاريخي مضى وإنما كعمل إلهي قائم وفعّال، ثبّت صليبه في وسط كنيسته ليحتضنها من كل ضربات العدو ما دامت تبقى في أحضانه وتطلب حراسته. لذلك يقول القديس مار أفرام السرياني: [المجد لك يا من أقمت صليبك جسرًا فوق الموت، تعبر عليه النفوس من مسكن الموت إلى مسكن الحياة]. ج. رعاية مستمرة: "أسقيها كل لحظة" [3]؛ إذ يُنزل عليها أمطار نعمته المجانية فتحول قَفْرَهَا إلى فردوس إلهي. لذا تُناجيه قائلة: "ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" (نش 4: 16). ما أحمله من ثمار الروح هو عمله في، ثمر رعايته غير المنقطعة. بماذا يسقي الله كنيسته الكرمة المشتهاة؟ أنه يهبنا روحه القدوس عاملًا فينا، يهبنا حياته فينا... يعطينا ذاته! * سخي هو ذاك الذي يهبنا أعظم كل العطايا، حياته ذاتها! القديس اكليمندس الإسكندري خارج الروح نحن غرباء عن الله وبعيدون عنه، أما بشركة الروح فصرنا قريبين للاهوت، فوجودنا في الآب ليس من عندياتنا إنما هو عمل الروح الذي فينا ساكنا في داخلنا. البابا أثناسيوس الرسولي يرى البعض أن كلمة "غيظ" يجب أن تقرأ هنا "hemah" وتعني "عنبًا"، فإنه إذ لم يجد عنبًا جيدًا بل شوكًا وحسكًا، أو عنبًا بريًا قام بحرق الشوك والحسك لإعطاء الفرصة للإثمار الجيد. ه. حرق الشوك والحسك: "ليت عليّ الشوك والحسك في القتال فأهجم عليها واحرقها معًا" [4]. لقد أخذ على عاتقه مقاومة الشوك والحسك الخانق للكرمة المشتهاة، قائلًا: "ليت عليّ الشوك...". بالفعل حمل الشوك على رأسه حين صُلب، نازعًا العار أو اللعنة عنا ليحملها من أجلنا. وكما يقول القديس مار يعقوب السروجي: [حمل لعنة الأرض بالإكليل الذي وضعوه على رأسه، وحمل ثقل العالم كله كالجبار...! صار لعنة حتى يتبارك به الوارثون الراجعون! بإكليله خلع زرع الحية الملعون... بإكليل الشوك هدم تاج الشيطان الذي أراد أن يكون إلهًا على الخليقة! بإكليل شوكه ضفر إكليلًا لابنة الأمم، العروس التي خطبها من بين الأصنام، وكتبها لاسمه]. و. مصالحتنا مع الله: "أو يتمسك بحصني فيصنع صلحًا معي، صلحًا يصنع معي" [5]. هذه هي نهاية عمل الصليب: مصالحتنا مع الله، إذ ونحن بعد أعداء صولحنا مع الله بموت ابنه (رو 5: 10). * ابن الله تألم ليجعلنا أبناء لله، وابن الإنسان (نحن البشر) يرفض أن يتألم لكي تستمر بنوته لله!!! القديس كبريانوس يقول القديس إيريناؤس: [أُلقيت البذار في كل المسكونة... فمن (أورشليم) هذه استطاع المسيح والرسل أن يأتوا بثمار]. ح. تأديبه لأولاده [7-9]: يُعاملهم كأبناء وليس كأعداء، فيسمح بتأديبهم لأجل خلاصهم وبنيانهم، إذ يقول: "هل ضربة كضربة ضاربيه؟!" [7]، بمعنى هل ضرب الله يعقوب إسرائيل كما ضرب ضاربي يعقوب؟! حينما يضرب شعب إنما لأجل بنيانهم أما ضربة للأعداء ضاربي شعبه فليهدمهم لأنهم مصرون على الجحود ومقاومة الله. بذات المعنى يقول: "أو قُتِل كقتل قتلاه؟!" [7]. "يزجر (بكيل) إذ طلقتها خاصمتها، أزالها بريحه العاصفة في يوم الشرقية" [8]. حتى في الخصومة إنما يُخاصمها كما بكيل، أي يسمح لها بالضيق قدر احتمالها، لأجل تأديبها على خطاياها، حتى وإن بَدَا أنه قد طلقها وسلمها للريح العاصف القادم من الشرق، أي لأشور أو بابل عام 722 ق.م. و587 ق.م. |
|