رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بولس الرسول بين الربح والخسارة اعتبر هؤلاء الخصوم أنَّهم رابحون، ونسوا قول الربّ: »ماذا ينفع الإنسان إن ربح العالم كلَّه وخسر نفسه!« (مت 16: 26). وخاف بولس أن تلحق الخسارة بأبناء فيلبّي فيُخدَعوا كما خُدع قبلهم أهلُ كورنتوس: »فلو جاءكم أحد يبشِّركم بيسوع آخر غير الذي بشرناكم« (2 كو 11: 4) أما كنتم تتبعونه؟ إن لم يكن كلُّكم فبعضكم. ماذا ربح هؤلاء؟ افتخروا بأنَّهم يهود، وتعلَّقوا بامتيازات اليهود. قالوا إنّهم أهل الختان. فأجاب الرسول: »نحن أهل الختان الحقيقيّ« (3: 3أ)، لا بالجسد واللحم والدم، على مثال ما قال الربُّ للسامريَّة. سألته: أين يُعبَد الله، في أورشليم أم على جبل جرزيم، قرب السامرة؟ أجابها: »الله روح، وبالروح والحقّ يجب على العابدين أن يعبدوه« (يو 4: 24). على ماذا اعتمد هؤلاء الخصوم؟ على الجسد. بل على اللحم والدم، على الضعف البشريّ. اعتمدوا على أنفسهم فكانوا كمن يستند على قصبة مرضوضة. اعتمد هؤلاء على أعمال الشريعة، من ختان واحتفاظ من بعض الأطعمة. أمّا الرسول فلا يفتخر بمثل هذه الأعمال، بل »بالمسيح يسوع«. ذاك كان ربح الخصوم. هم يهود ويستندون إلى عهود الله ووعده، ويجعلون رجاءهم في ما يمارسون من أعمال تتوافق مع الشريعة. وهل بولس بعيد عن هذا الربح؟ كلاّ. لهذا جاء إليهم حيث هم. هم مختونون. قال الرسول: »وأنا مختون في اليوم الثامن لمولدي« (3: 5أ). هم من بني إسرائيل! قال: »وأنا من بني إسرائيل« أيضًا (آ5ب). ولو تعرفون من أيَّة قبيلة؟ قبيلة بنيامين حيث يقوم الهيكل. ومن هذه القبيلة خرج أوَّلُ ملك للقبائل العبرانيَّة. قالوا له: نحن عبرانيّون. فأجاب: »أنا عبرانيّ ابن عبرانيّ«، أنا عبرانيّ أبًا عن جدّ. قالوا له: نحن نمارس الشريعة. فأجاب: أنا من أشدِّ الممارسين لها. فأنا فرّيسيّ. ونعرف من سفر الأعمال أنَّ بولس »تعلَّم عند قدمي غمالائيل شريعة الآباء تعليمًا صحيحًا« (أع 22: 3). اعتمد الخصوم على أمور الجسد. لا بولس. قال: »ولكن ما كان لي من ربح، حسبتُه خسارة من أجل المسيح، بل أحسب كلَّ شيء خسارة من أجل الربح الأعظم« (3: 7-8أ). نلاحظ المسيرة من الربح إلى الخسارة إلى الربح، على ما في الإنجيل: »من يريد أن يخلِّص حياته يخسرها، ومن يخسر حياته في سبيلي يجدها« (مت 16: 25). ذاك ما حاول بولس أن يعيشه. وما هو هذا »الربح الأعظم«؟ الجواب: »معرفة المسيح يسوع ربّي« (آ8ب). ذاك هو الهدف الذي جعله الربُّ في »صلاته الكهنوتيَّة« كما نقرأها في إنجيل يوحنّا (ف 17): »الحياة الأبديَّة هي أن يعرفوك أنت الإله الحقّ وحدك، ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته« (يو 17: 3). من أجل يسوع استعدَّ بولس أن يخسر كلَّ شيء »ويحسبه نفاية« (آ8ب). بما أنَّه يبحث عن »التبرير« (آ9)، فهو لا ينتظر أن يتبرَّر بأعمال الشريعة، بل بالإيمان، فلماذا الاستناد إلى الشريعة التي حسبها اليهود ربحًا؟ ماذا يطلب الرسول؟ »أعرف المسيح وقوَّة قيامته متشبِّهًا بموته« (آ10). |
|