الأقباط .. ورقة الإخوان الأخيرة لضرب الانتخابات الرئاسية

[Mary Naeem]

الأقباط .. ورقة الإخوان الأخيرة لضرب الانتخابات الرئاسية

لجأ أنصار جماعة الإخوان المحظورة إلى محاولات نشر الفتنة الطائفية لإفشال الانتخابات الرئاسية المقرر إجرائها 26 و27 مايو الجاري، حيث عمدت صفحات الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار وتقارير توحي من خلالها أن المرشح الرئاسي المشير عبدالفتاح السيسي هو مرشح الأقباط.

ميليشيات الإنترنت
وركزت ميليشيات الجماعة الإليكترونية على نشر موضوعات بعينها لترسيخ الاعتقاد بأن السيسي جاء لتنفيذ إرادة وتمكين المسيحيين وكان من بين ما نشرته صفحات الإخوان على الإنترنت نبأ انتشار رسالة على هواتف الأقباط بمحافظة أسيوط تقول: "الرب يسوع يدعوك لدعم المشير السيسي من أجل القضاء علي الإرهاب" لدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية، وحشد أصوات الأقباط للتصويت لصالحه، على اعتبار أنه اختيار المسيح عليه السلام، بحسب الرسالة،
من جانبه رد القس لوقا راضي، راعي كنيسة مار يوحنا المعمدان بالقوصية بأسيوط، إن تلك الرسائل موجهة لتعكير صفو الاستحقاق الديمقراطي الذي تنتظره مصر، مضيفا أن وصول المرشح المشير عبدالفتاح السيسي أو غيره لكرسي الرئاسة لن يفرق كثيرا ولكن الفيصل هو تلبية مطالب المواطن المحتاج.

حملة تشويه
كما أبرزت صفحات الإخوان تصريحات المشير عبدالفتاح السيسي، التي أدلى بها خلال حواره مع الإعلاميين لميس الحديدي وإبراهيم عيسى والتي قال فيها: "50 كنيسة اتحرقوا، ومحدش اتكلم ولا راحوا اشتكوا خالص، كل ده بيوجعني إزاي نسيج الوطن يتألم وإحنا موجودين؟.
وأضاف السيسي "ليه مش بنحترم بعض بشكل مش كويس، أسألوا في كل القيادات التي توليت قيادة فيها المسيحيين كنت بتعامل معاهم إزاي؟ بقولهم خلوا بالكم كل واحد دينه عنده غالي، نحترم خيارات بعضنا البعض، والاحترام مش كلام ده سلوك، وتابع: معنديش مسلم أو مسيحي، كلنا مصريين".

حمدين كلامنجي
كما أشارت الصفحات الإخوانية لتصريحات عدد من القيادات القبطية التي أعلنوا خلالها دعم المشير عبدالفتاح السيسى رئيسا للجمهورية حيث وصفوه بمرشح "الشعب" وسخروا من حديث صباحى عن كونه "مرشح الثورة " مؤكدين انه مجرد "هتيف" "وبياع كلام" ولا يصلح لإدارة البلد وكل محاولاته لتشويه صورة السيسي باءت بالفشل.
فمن جانبه ، قال القس عبد المسيح بسيط كاهن كنيسة العذراء ، السيسي هو مفجر الثورة الحقيقى ومرشح "الشعب" أما صباحيي فيكتفى بالهتاف في أي مسيرة ولا يستحق لقب "مرشح الثورة " ، والأقباط سيجمعون على دعم السيسي للقضاء على الإرهاب وتحقيق العدالة والمساواة بين مسيحيي مصر ومسلميها .
وأكد عبد المسيح أن 90% من الشعب المصري يؤيدون السيسي لأنها تريد رجل قوى صاحب أفعال لا أقوال ، ويرفضون حمدين صباحى لأنه كثير الكلام ولا يهتم سوى بما وصفه ب"الشو الاعلامي" وليس لديه حلول واقعية لمشاكل وهموم المواطنين .
وسخر عبد المسيح من حديث البعض عن "عسكرة الدولة " حيث قال أن من صدقوا أنفسهم انهم ثوار هم من يحاولون إرهاب الناس بهذه التخاريف ولكن الشعب أكثر وعيا منهم وسينتخب الأصلح لإدارة البلاد ، على حد قوله.

مؤامرة دنيئة
وحذر بسيط من محاولات أعضاء جماعة الإخوان تشويه صورة السيسي ودعمهم لصباحى نكاية فيه ، مؤكدا ان السيسي هو الوحيد القادر على القضاء عليهم والنهوض بالبلد من جديد استعادة الامن والاستقرار.
واتفق معه جمال أسعد المفكر القبطي، قائلا: حمدين صباحى "رجل مهرجانات" وكثير الكلام، أما السيسي رجل عملي وواقعي وقادر على إدارة البلاد وتحقيق أهداف ثورتي يناير ويونيو .
وتنتقل كتائب الإخوان الإليكترونية بعد ذلك إلى تصريحات المحامي أمير نصيف الناشط السياسي وعضو ائتلاف الأقباط، أن حمدين صباحى "متلون" أما السيسي صريح وواضح ويعترف بالمشاكل وقادر على ايجاد حلول منطقية لها ولا يفضل كثر الوعود عكس صباحى الذى يفرط في الوعود التي لا يقدر على تحقيقها .
ووجه نصيف رسالة لصباحى قائلا : كفاك وعود وظهور بالفضائيات وكن اكثر واقعية وتخلى عن حملات تشويه السيسي والحديث عن التفاف رجال مبارك حوله لعسكرة الدولة من جديد .
ويرى نصيف ان السيسي استحوذ على عقول وقلوب المصريين ، اما صباحى انصرف عنه كل مؤيديه والأحزاب السياسية اغلبها أعلن تأييده للسيسي، مشيرا الى ان دعوة صباحى لتنظيم مناظرة مع السيسي تؤكد مدى ضعفه وخوفه من شعبيته وتأكده من فوزه بالانتخابات.

أصوات الأقباط لمن
وبصفة عامة يشكل المصريون المسيحيون قوة "تصويتية" لا يستهان بها، إذ تقدر بعض الإحصاءات عددهم بما يتراوح من 10 إلى 14 مليون نسمة، يحق التصويت لنحو 70% منهم، ما جعل المرشحان للانتخابات الرئاسية المشير عبد الفتاح السيسي وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، يتنافسان للفوز بأصوات هذه الكتلة التصويتية.
ودائما ما ينتظر مسيحيو مصر دعوة من البابا إلى الشعب القبطي، للعمل من أجل مصر، بمشاركة الجميع في الانتخابات الرئاسية والقيام بدورهم الوطني، حسب رغبة كل شخص بتأييد من يميل إليه، ودون فرض من جانب الكنيسة، بإصدار توجهات بدعم مرشح بعينه. في كل عيد ديني، للعمل على إتمامها والسعي إليها، إذ تتبع هذه العادة منذ أيام البابا كيرلس الثاني الذي رحل في ستينات القرن الماضي، واستمرت مع البابا شنودة الثاني، وعادة ما تكون هذه الدعوة قائمة على السلام والتآخي والمواطنة، ولكن في عيد القيامة المجيد هذا العام، ومع صلاة خميس العهد التي أقامها بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، في المكان المقرب إليه، دير الأنبا بيشوي، بمنطقة "وادي النطرون".
وحسب دراسة أجراها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، "هناك سمات عامة يشترك فيها الأقباط مع عامة المواطنين المصريين، وهناك سمات خاصة تحدد اتجاهاتهم التصويتية كطائفة دينية تعاني من بعض المشكلات والهموم والطموحات".
ويأتي البحث عن الشعور بالأمان على رأس السمات الخاصة بالأقباط، حيث دمرت الكثير من كنائسهم، واعتديَ على قرى بأكملها لهم في جنوب البلاد من جانب جماعات متطرفة عقابا لهم على مشاركتهم الواسعة في ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان.
ويركز الخطاب الدعائي لحملة السيسي على إنهاء معاناة "مصر الخائفة"، في إشارة واضحة لتبديد مخاوف الأقباط من الإرهاب والعنف الذي يستهدفهم، فضلا عن تصريح المشير نفسه بأن "من يمس شعرة من رأس أي مصري، نمحوه من على وجه الأرض"، في أعقاب حوادث اختطاف أقباط من العمالة المصرية في ليبيا.
وتؤكد الدراسة على أن هذا الخطاب يجد أصداء قوية لدى الشرائح العمرية الكبيرة والمتوسطة في أوساط الأقباط، فضلا عن الشباب في مدن الصعيد النائية، حيث التنمية أقل والعادات القبلية أكثر حضورا، ويبدي كل هؤلاء حماسا شديدا للسيسي الذي تربطه علاقات وثيقة بالبابا تواضروس الثاني (بابا الإسكندرية) والكرازة المرقسية، والأب الروحي لأغلبية أقباط مصر الذين يدينون بالمذهب الأرثوذكسي.

فرصة حمدين
على الجانب الآخر، يراهن حمدين صباحي على ما يمكن تسميته، بحسب الدراسة، "شباب الأقباط المسيس"، ويتركز هؤلاء بشكل أساسي في القاهرة والإسكندرية وبعض المدن ذات الثقل السياسي والانتخابي في الوجه البحري مثل المنصورة وطنطا والزقازيق.
ووفقا للدراسة، سينقسم هؤلاء إلى فريقين: الأول سيصوت لحمدين باعتباره مرشح الثورة الذي تعهد بالقصاص من قتلة الشهداء من بينهم شباب الأقباط الذين قضوا أمام مبني "ماسبيرو" في مواجهات مع عناصر للجيش أثناء حكم المجلس العسكري، والثاني سيتجه إلى خيار المقاطعة، وهو الاتجاه الذي تميل إليه بعض الحركات والائتلافات القبطية الثورية مثل "شباب ماسبيرو" و"أقباط من أجل مصر".

أقباط يعارضون السيسي
في هذه الأثناء تغافلت المواقع الإخوانية عمداً مع سبق الإصرار وسوء النية هجوم بعض الرموز القبطية على المشير السيسي وعلى سبيل المثال لا الحصر تجاهلت تصريحات البرلماني السابق أمين اسكندر، القيادي في حملة حمدين صباحي، المرشح المنافس لرئاسة الجمهورية، والتي قال خلالها إن ملامح برنامج السيسي عبارة عن "وهم" يبتعد تماما عما يحتاجه المواطن خاصة الفقراء، فهو يحتوي على نقاط متعلقة بنظام رأسمالي بحت يخدم المستثمرين من رجال الأعمال دون غيرهم، ما يعتبر إعادة لسيناريو نظام الرئيس المخلوع "مبارك".
في الوقت ذاته أشاد إسكندر، ببرنامج حمدين صباحي، المرشح الرئاسي المنافس، قائلًا: "إن برنامج صباحي لا هو اشتراكي ولا هو رأسمالي، إنما هو عبارة عن برنامج يهدف إلى تنمية المجتمع على رأسهم العاملين، كما يبرز الاعتماد على الثروات في استخدامها في التصنيع والإنتاج، دون الحاجة للاستثمار المؤقت الذي يستفيد منه الأغنياء فقط".
وترى بعض الآراء أن لجوء أنصار الإخوان لهذه الحملات المشينة إنما تهدف لإفشال الانتخابات الرئاسية المقبلة بعدما استشعرت تأييد أغلب طوائف الشعب لأداء واجبهم وممارسة حقهم الانتخابي بالتوجه لصناديق الانتخابات وأن معظم الاستطلاعات المبدئية تشير إلى اكتساح المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.