المحبة الخاطئة للنفس
كل إنسان يحب نفسه، ولا يوجد أحد لا يحب نفسه.
ومحبة النفس ليست خطية، إن كانت محبة روحانية.
والسيد الرب لما قال إن الوصية الأولي والعظمي هي "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك "قال بعد ذلك "والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك" (مت22: 37- 39). أي أن أعظم مستوي تحب به القريب، هو أن تحبه كما تحب نفسك......
غير أن هناك محبة خاطئة للنفس، وقال عنها الرب:
"من وجد حياته يضيعها.. ومن أضاع حياته من أجلي يجدها" (مت39:10).
فكيف تفرق بين الوصيتين؟ وما معني "من وجد حياته يضيعها"؟
الحل هو أن هناك شيء يسمي حروب الذات، أو عبارة الذات، التي يتمركز فيها الإنسان حول نفسه. ويقول أريد أن أبني نفسي، أن احقق ذاتي، أن أرفع ذاتي......
وهناك طرق خاطئة يلجأ إليها الإنسان في بناء ذاته فتضيعه.
فما هي هذه الطرق، التي بها يحب الإنسان نفسه محبة خاطئة.
المحبة الجسدانية
هذه التي قال عنها الرسول "شهوة الجسد، وشهوة العين، وتعظم المعيشة" (1يو16:2). وقال إنها جزء من محبو العالم الذي يبيد وشهوته معه..
إنها المحبة الخاصة باللذة والمتعة والرفاهية.
لذة الحواس، التي تقود إلي الخطية. والتي جربها سليمان الحكيم، وقال فيها "ومهما إشتهته عيناي لم أمسكه عنهما" (جا10:2). وقال في تفصيل ذلك "عظمت عملي. بنيت لنفسي بيوتًا، غرست لنفسي كرومًا. عملت لنفسي جنات وفراديس... جمعت لنفسي أيضًا فضى وذهبًا، وخصوصيات الملوك والبلدان. أتخذت لنفسي مغنيين ومغنيات، وتنعمات بني البشر سيدة وسيدات. فعظمت وأزددت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليم" (جا2: 4-9).
فهل هذه المتعة نفعت سليمان أم أضاعته؟
إنه لم ينتفع بها، بل وجد أن كل كا عمله "الك باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس" (جا11:2). بل هذه الرفاهية وهذه المتعة الجسدانية اضاعت سليمان، أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة آخري. ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب إلهة كقلب داود أبيه" (1مل4:11). وتعرض لعقوبة شديدة من الرب عليه.. وتمزقت دولته.
ومثال سليمان أيضًا الغني الغبي:
أراد أن يبني بمحبة مادية، عن طريق الاتساع في الغني والمتعة الأرضية، فقال "أهدم مخازني، وابني أعظم منها، واجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. واقول لنفسي: يا نفسي لك خيرات كثيرة لسنين عديدة. استريحي وكلي واشربي وافرحي". فهل تمكن بهذا من تحقيق ذاته وبناء نفسه؟! كلا، بل قال له الله "يا إني في هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذه التي أعددتها، لمن تكون؟!"(لو12: 16-20).
إنها ليست محبة حقيقية للنفس، التي تأتي عن طريق اللذة والمتعة.
ولهذا قال الرب إن من يحب نفسه يهلكها، اي الذي يحبها محنة خاطئة تقودها إلي المتعة الجسدية أو إلي شهوات العالم، فإنه يهلكها فيا يظن أنه قد وجد حياته.
هناك نوع آخر خاطئ، في إشباع النفس، وهو:
محبة خيالية
شخص لا يستطيع أن يمنع نفسه ماديًا، فيسبح في تصورات إسعادها بالفكر، يلذذ نفسه بالفكر والخيال.
ويسعد نفسه يسمونه: أحلام اليقظة.
فكل ما يريد أن يمتع به نفسه من أمور العالم، يغمض عينيه ويتخيله. ويؤلف حكايات وقصصًا، عن متعة لا وجود لها من عالم الحقيقة. ويقول لنفسه سأصير وأصير، وأعمل وأتمتع. وقد يستمر في هذا الفكر بالساعات، روبما بالأيام، ويستيقظ لنفسه فإذا في فراغ. وقد أضاع وقته..!
إن المحرومين علميًا، يعوضون أنفسهم بالفكر.
دون أن يتخذوا اي أجراء عملي بناء يبنون به أنفسهم. وكما يقول المثل العامي "المرأة الجوعانة تحلم بسوق العيش".
مثال ذلك تلميذ، لم يستذكر دروسه، ولم يستعد علميًا للامتحان. وإنما يجلس إلي جوار كتبه،ويسرح في الخيال: يتخيل أنه نجح بتفوق كبير، وانفتحت أمامه جميع الكليات، وصار وارتفع وأرتقي وتخرج. ثم يصحوا إلي نفسه، فيجد أنه أضع وقته وأضاع نفسه. ويقف أمامه قول الرب "من وجد نفسه يضيعها".
إن المتعة بالخيال، قد تكون أقوي من المتعة الحسية.
لن الخيال مجاله واسع، لا يقف عند حد. ويتصور تصورات لا يمكن ان تتحق في الواقع. ويكون سعيدًا بذلك سعادة وهمية.
وكثير من المجانين يقعون في مثل هذا الخيال الذي يشبعون به أنفسهم، ويجدون به أنفسهم في مناصب ودرجات وألقاب. والفرق بينهم وبين العاقلين، أنهم يصدقون أنفسهم فيما يتخيلونه. ويصيبهم نوع من المض يسمي البارانويا، وحكاياته كثيرة...
إنه خيال يظن به هذا النوع من الناس أنهم يجدون أنفسهم، بالإشباع الفكري والمتعة الخيالية، والأحلام والأوهام..
هناك نوع ثالث يظن أنه يبني ذاته بالعظمة.
العظمة
هناك نوع يجد نفسه، حينما يصير عظيمًا، بالمقاييس النادية:
وأول من وقع في هذه المحبة الخاطئة للنفس: الشيطان.
وهكذا قال في قلبه "اصعد إلي السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله. واصعد فوق مرتفعات السحاب، وأصير مثل العلي" (أش14: 13، 14). ولنطبق عليه قول الرب "من وجد نفسه يضيعها "وإذ به قد انحد إلي الهاوية، إلي اسفل الجب. ومصيره أسوا بكثير من سقطته (رؤ10:20). لقد ظن أنه يجد نفسه بشهوة العظمة، وبهذه الشهوة فقد كل شيء......
وبهذه الشهوة أيضًا أضاع الشيطان أبوينا الأولين، حينما قال لهما وهما في الجنة "تنفتح أعينكما، وتصيران مثلي العلي، عارفين الخير والشر" (تك5:3).
ووقع في هذه المحبة الخاطئة أيضًا، الذين أرادوا بناء برج بابل.
أولئك الذين قالوا "هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ" (سفر التكوين 11: 4). فكانت النتيجة أنهم اضاعوا أنفسهم، وبلبل الله ألسنتهم، وبددهم علي وجه كل الأرض. فلا بنوا مدينة ولا برج.
في شهوة العظمة العالمية، محبة خاطئة للنفس. أما العظمة الحقيقة فيصل إليها الإنسان بالاتضاع، حسب قول الرب "من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نسفه يرتفع (مت12:23).
أما الذي يحاول أن يجد نفسه بالرفعة العالمية، ما أسهل أن يدخل في حروب ومنافسات، قد تضيعه علي الأرض، وإن حصل علي ما يريد علي الأرض، فهذه العظمة الأرضية في الأبدية.
ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال: أبشالوم بن داود.
ذلك الذي أحب نفسه محبة خاطئة عن طريق العظمة،فانشق علي أبيه داود، وأساء إليه إساءات بشعة؟ وحاربه بجيش لكي يجلس علي كرسيه في حياته، ويحقق لنفسه العظمة بأن يصير ملكًا.. فماذا كانت النتيجة؟ لقد فقد كل شيء. ومات في الحرب وهو خاطئ متمرد، ففقد الأرض والسماء معًا.
هناك أشخاص لا يجدون أنفسهم بعظمة عالمية، فيحاولون أن يجدوا العظمة بالكلام.
بالمجد الباطل، بالفرح بمديح الناس لهم. وإن لم يجدوا ذلك يمدحون أنفسهم، ويتحدثون عن فضائلهم وأعمالهم المجيدة لكي ينالوا مجدًا من الناس.
وعكس هؤلاء كان القديس يوحنا المعمدان، الذي كان يخفي نفسه ليظهر المسيح ويقلل منن شأن نفسه ممجدًا سيده المسيح، قائلًا "ينبغي أن ذاك يزيد وأنا أنقص" (يو30:3). وبهذا الاتضاع ارتفع يوحنا المعمدان. وقال عند السيد الرب إنه أعظم من ولدته النساء (مت11:11).
حقًا ما أجمل ما نقوله عن الرب في القداس الإلهي:
"الساكن في الأعالي، والناظر إلي المتواضعات".
إن حروب العظمة قد ضيعت كثيرين، والأرملة كثيرة.
هناك نوع أخر من المحبة الخاطئة للنفس، يظن بها البعض أنهم يبنون أنفسهم فيضعونها، ذلك هو أسلوب المعارضة والصراع.
المعارضة والصراع
تجد أشخاصًا وكأنهم شعلة من النار، في التفكير والحركة والعراك.
لا يقدرون علي العمل البناء، فيظنون أنهم يجدون أنفسهم بهده البنائين.
إنهم يعملون علي هدم وتحطيم غيرهم. لا يسرهم شيء مما يعمله العاملون، فينتقدون كل شيء، ويبحثون عن أخطاء لتكون مجالًا لعملهم من النقد والنقض والتشهير. كأنهم يعرفون ما لا يعرفه غيرهم. وفي نفس الوقت الذي يحطمون فيه بناء غيرهم لا يبنون شيئًا.
حياتهم كلها صراع , ويظنون الصراع بطولة.
يرون أنهم ابطال ويفرحون بذلك. ويفتخرون بأنهم هاجموا فلانًا وفلانًا من الأسماء المعرفة. ويقول الواحد منهم إن عنده الشجاعة التي بها "يقول للأعور أنه اعور في عينه". وقد تكون شهوة قلوبهم أن يفقأوا عيون المبصرين، ثم يعبروهم بما فعلوه بهم!!
لهم الطبع الناري. وشهوتهم أن يرتفعوا علي جماجم الآخرين! فهم قادرون - في نظرهم علي تحطيم العاملين. ويفرحون بهذا. ولكن الله لا يقبلهم لن قلوبهم خالية من المحبة. وفي صراعهم يفقدون انفسهم. وفيما يتخيلون أنهم قد وجدوا أنفسهم، يرون أنهم قد ضيعوها. كالطفل في الفصل، الذي يشعر أنه قد وجد ذاته في معاكسة المدرسين! ويظن ذلك جراة وشجاعة وقوة وبطولة يبني بها نفسه التي يحبها. ولكنها محبة خاطئة للنفس.
والعجيب ان هذا النوع يفتخر بنفسه ويقول في تحطيمه للغير: أنا إنسان مقاتل I am afighter علمًا بأن الهدم أسهل من البناء. وكما يقول المثل "البئر الذي حفره العاقل في سنة، ويمكن أن يردمه الجاهل في يوم".
هناك أشخاص يظنون أنهم يحققون ذواتهم بالحرية.
الحرية
كالشاب في بلاد الغرب "إذا كبر، فلا سيطرة لأحد عليه، لا أبوه ولا أمه في البيت، ولا مدرسوه في معاهد التعليم. بل يظن انه يفعل ما يشاء بلا قيد. حتى المبادئ والقيم والتقاليد، يجب أن يتخلص منها. ويعتبر أنه بهذا يصير حرًا ويجد نفسه. والوجوديون يريدون -في تمتعهم بالحرية- أن ينحلوا حتى من (قيود) الله ووصاياه. ولسان حال كل منهم يقول "من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا "!!
كل هؤلاء يقصدون بالحرية، الحرية الخارجية.
وليست حرية القلب من الرغبات الخاطئة.
ولا يقصد التحرر من الخطايا والأخطاء والتحرر من المعادات الفاسدة. كل ذلك الذي قال عنه السيد المسيح "إن حرركم الإبن، فالحقيقة تكنون أحراارًا (يو36:8). الإبن الضال ظن أنه ومجد نفس بالحرية بتركه لبيت أبيه، ولكنه بذلك أضاع نفسه (لو15). وكذلك الذين يظنون أنهم يجدون أنفسهم بالحرية في الإدمان والفساد والتسيب واللامبالاة! أو بالرحية في الخروج من الحصون التي تحميه إلى القضاء الواسع الذي يهلكه!
العجيب أنه في الحياة الروحية، يظن أنه يجد الحرية في الخلص من قيود الإرشاد الروحي!
فلا يستشير الأب الروحي، إلا الأمور التي تعرف انه سيوافق عليها. وأما ما يشعر أنه سينهاه عنه، فذلك يخفيه! وهكذا يسير حسب هواه، فيضل الطريق. أو يقول "ابحث عن اب إعتراف آخر".. حقًا الاستخدام الخاطئ للحرية يضر. وقد أوصل البعض إلي الإلحاد.
والأخطر من هؤلاء: الذين يعطون أنفسهم الحرية في تفسير الكتاب، وينشرون آراءهم كعقيدة!!
فيفسرون الكتاب حسب هواهم. يخضعونه لأفكار، بدلًا من أن يخضعوا أنفسهم لنصوصه. من اجل هذه وجدت طوائف وكنائس متعددة تتعارض في عقائدها، ووجدت يشاء (كما فعل شهود يهوه وأمثالهم) والعجيب أن كل هؤلاء يظنون أنفسهم أكثر معرفة من غيرهم. وهنا تدخل النفس في حرب المعرفة.
المعرفة
يظن البعض أنه وجد نفسه عن طريق المعرفة.
أو عن طريق حرية المعرفة، أو المعرفة التي يقول عنها الكتاب أنها تنفخ (1كو1:8). ويحب الواحد منهم ان يكون مرجعًا في المعرفة، يقود غيره في المعرفة. ويحاول أن يأتي بفكر جديد ينسب إليه، ويتميز به، وينفرد به، حتى يقولون "فلان قال"......
ومن هنا ظهرت البدع، لأنها بها إبتداع أناس أفكارًا جديدة ضد التسليم العام...
يظن بها الشخص أنه يجد نفسه، كصاحب رأي وفكر وعقيدة، ولا يتضع بالخضوع لتعليم الكنيسة، بل يريد ان يخضع الكنيسة لتعليمه.. وهكذا يضع نفسه.
إنسان آخر يظن أنه يبني نفسه بالإعجاب بالنفس.
الإعجاب بالنفس
فيكون بارًا في عيني نفسه و"حكيمًا في عيني نفسه".
ويدخل في عبادة النفس. ولا مانع أن يكون الكل مخطئين، وهو وحده الذي علي صواب! وهذا النوع يبرد ذاته في كل عمل وفي كل خطأ. وإن قال له أحد أنه مخطئ لا يقبل ذلك. ويرفض كل توجيه. وإن عوقب علي خطأ، يملأ الدنيا صراخًا إنه مظلوم. ولا ينظر إلي الذنب الذي أرتكبه، وإنما يدعي قسوة من عاقبه!
وترتبك مقاييسه الروحية والأدبية والعقلية، ويضيع نفسه.
ويمدح نفسه، ويحب ان يمدحه الآخرون. وإن مدحوا غيره يستاء! كما استاء قايين، لما قبل الله قربان هابيل اخيه...
والكثير من هؤلاء الذين يقعون في الإعجاب بالنفس، يكون الله منحهم مواهب ولكنهم استخدموا المواهب في الإضرار بأنفسهم.
مجال آخر يظن الإنسان أنه يبني نفسه وهو الأنشطة:
الأنشطة
قد تجد إنسانًا كثير الحركة يعمل في أنشطة متعددة، وربما بلا عمق، ويظن أنه يبني بها نفسه!
يري أننا نعيش في عصر التكنولوجيا، فينبغي أن يكون هو أيضًا إنسانًا تكنولوجي، يسير مثل الآلة، حركة دائمة بلا توقف، بعضوية في كثير من الهيئات، وفي نشاط دائم لا يعطي له فرصة للصلاة ولا القراءة ولا التأمل، ولا الإهتمام بنفسه روحانيته، بلا عمق، مجرد نشاط في كل مكان، له مظهر العامل المجد، ناسيًا قول الكتاب:
"كل مجد ابنه الملك من داخل" (مز44).
وكلن الأجدر أن يعطي وقتًا وأهمية لروحياته، لأنه يضر نفسه بهذه المشغوليات المستمرة، التي قد تتحول عنده إلي هدف، ينسي فيه الهدف الأصلي وهو خلاص نفسه.
نوع آخر يحب نفسه محبة خاطئة، ويجد نفسه عن طريق:
المركز والشهرة
فيركز كل اهتمامه في هذه الأمور التي يدخلها الرسول تحت عنوان تعظم المعيشة وهكذا يفرح بالألقاب والمناصب والغني. وكلما اضاف إلي نفسه لقبًا جديدًا، ظن به أنه أوصلها إلي قمة المجد. بينما الفرح الحقيقي هو بناء النفس من داخل مهما كانت "مشتملة وبأطراف موشاة بالذهب ومزينة بأنواع كثيرة".
ليس المجد في أن تكون عظيمًا أمام الماس، إنما في أن تكون "عظيمًا أمام الرب "كما قيل عن يوحنا المعمدان (لو15:1). وهنا نتحدث عن الوضع السليم لبناء النفس.
المحبة الحقيقية للنفس
عن كنت تحب نفسك حقًا، حاول ان تبنيها من الداخل، من حيث علاقتها بالله، والمحبة التي تربطها بالكل. بأن تتكر ذاتك ليظهر الله في كل اعمالك. وينكر ذاتك لكي يظهر غيرك. وتصلب ذاتك لكي يحيا الله فيك. ويقول "مع المسيح صلبت، لكي أحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غل20:2). وهكذا تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات (غل24:5).
تقهر ذاتك،وتغلب ذاتك. وبهذا الأنتصار علي النفس، تحيا نفسك مع الله. الذي يقويك في مركب نصرته (2كو14:2). وهنا تكون المحبة الحقيقية للنفس أما المظاهر العالمية من عظمة وشهرة ولذة ومتعة وحرية خاطئة، فلن توصلك إلي البناء الحقيقي للنفس.
المهم أن تجد نفسك في الله، وليس في العالم.
تجدها لا في هذا العالم الحاضر، إنما في الأبدية.
تبني نفسك بثمار الروح (غل5: 22، 23). التي تظهر في حياتك. وذلك بأن تكون غصنًا ثابتًا في الكرمة الحقيقية عطي ثمرًا، والرب ينقيه ليعطي ثمرًا أكثر (يو15: 1، 2).
أي ينقيه من الشهوات والرغبات المهلكة للنفس، التي يجب أن تبغضها لتحيا مع الله، واضعًا أمامك قول الرب:
"ومن يبغض نفسه في هذا العالم، يحفظها إلي حياة أبدية" (يو25:12).
وهنا كلمة "يبغض نفسه "تعني يقف ضد رغباتها، ولا يطاوعها في كل ما تطلب، ولا يجعلها تسير حسب هواها، بل يقمعها ويستعبدها (1كو27:9). حتى بهذا تتطهر من كل دنس. وتكون هذه هي المحبة الحقيقية للنفس.