في العهد القديم كان المؤمنون يُقدمون البكور، أي بكور القطعان وبكور المحاصيل في وقت الحصاد. يُقدمونها في هيكل الله في يوم الخمسين (عد26:28). بهذا يُعلنون شوقهم نحو تقديم كل ما يملكونه لله، مكرمين الرب بكل قلوبهم ومن ممتلكاتهم وأعمالهم وأموالهم. لقد أعلن لشعبه أن الأرض بكاملها هي له، لهذا جاءت الوصية تؤكد ألا يبيعوا الأرض إلى الأبد، فإنها ملك لله (لا23:25). هكذا يشعر المؤمن أنه قد تسلم أرض قلبه من يديْ الله، كما تسلم شعب إسرائيل أرض كنعان. إننا لا نكتفي بتقديم المتكأ الأول لله في القلب، بل نسلمه القلب كله، لنستلمه من جديد من يديه كوكلاء أمناء على ما هو له!
يحذرنا العهد الجديد من توقعنا أن يُكافئنا الله ببركات مادية مقابل تقوانا (1تي3:6-6). فإن الله لا يريد أن يستأجر المسيحيين، إذ لا يريدهم أُجراء، بل أبناء له على شبه السيد المسيح، وذلك في الحب والقداسة والطهارة. يريدنا أن نطلبه لأجل ذاته لا ليقدم لنا مكسبًا جسديًّا أو ماديًّا. مكافأة الطاعة لله هي الالتصاق به، والتمتع باتحاد أعمق معه، وسُكناه في داخلنا (يو15:14-18، 21-31). كما يريدنا أن نقتنع بما يمدنا به ولا نطمع فيما هو أكثر (1تي6:6).