منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 07 - 2024, 12:10 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,405

محاكمة بين الله وشعبه




محاكمة بين الله وشعبه:

3 «وَالآنَ يَا سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ وَرِجَالَ يَهُوذَا، احْكُمُوا بَيْنِي وَبَيْنَ كَرْمِي. 4 مَاذَا يُصْنَعُ أَيْضًا لِكَرْمِي وَأَنَا لَمْ أَصْنَعْهُ لَهُ؟ لِمَاذَا إِذِ انْتَظَرْتُ أَنْ يَصْنَعَ عِنَبًا، صَنَعَ عِنَبًا رَدِيئًا؟ 5 فَالآنَ أُعَرِّفُكُمْ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَرْمِي: أَنْزِعُ سِيَاجَهُ فَيَصِيرُ لِلرَّعْيِ. أَهْدِمُ جُدْرَانَهُ فَيَصِيرُ لِلدَّوْسِ. 6 وَأَجْعَلُهُ خَرَابًا لاَ يُقْضَبُ وَلاَ يُنْقَبُ، فَيَطْلَعُ شَوْكٌ وَحَسَكٌ. وَأُوصِي الْغَيْمَ أَنْ لاَ يُمْطِرَ عَلَيْهِ مَطَرًا». 7 إِنَّ كَرْمَ رَبِّ الْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا. فَانْتَظَرَ حَقًّا فَإِذَا سَفْكُ دَمٍ، وَعَدْلًا فَإِذَا صُرَاخٌ.



ليس أصعب من أن يدخل كائن ما في محاكمة مع ابن محبوب لديه، لكن أمام قساوة قلب الإنسان وجحوده طلب أن يقف أمام شعبه للحوار، متسائلًا: "ماذا يُصنع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه؟!" [4]. والعجيب أنه ترك الحكم للطرف الآخر، لمقاوميه، حتى يحكموا بأنفسهم على أنفسهم. هذا هو أسلوب الله في تعامله معنا، يفضح أمامنا نفوسنا، ويكشف أمام أعيننا ضعفاتنا، ويترك لنا أن نحكم على أنفسنا بأنفسنا، ليس لأنه يُريد أن يغلب أو يعاقب وإنما لأنه يطلب رجوعنا إليه ودخولنا في علاقات حب وود معه.

ماذا كان يمكن أن يصنع الله معنا أكثر مما فعل؟! لقد خلقنا من العدم، وأقامنا على صورته ومثاله، وسلمنا الأرض بما عليها وما تحتها وما فوقها، وقدم الكواكب لحسابنا، وعندما فسدت طبيعتنا أرسل لنا ناموسه وأنبياءه وأخيرًا جاء بنفسه يكتب نشيد حبه بالدم في جسده على الصليب!


إذ لم يجد الكرم ما يُجيب به على الكرام العجيب في حبه، بدأ الكرام يعلن تأديباته حتى يتحرك الكرم، ألا وهي:

أ. "أنزع سياجه فيصير للرعي" [5]. أن كان ملاك الرب حال حول خائفيه (مز 34: 7)، بل والرب نفسه يكون سور نار حول شعبه (زك 2: 5)، فإن الله في محبته يتخلى عن المقاومين وينزع عنهم الحراسة السماوية ليدركوا ضعفهم، ويشعروا أنهم بلا سياج ولا سور، تدخل إليهم الحيوانات المفترسة لترعى كما في قفر أو في برية جرداء، لعلهم يرجعوا إلى الله ويطلبونه ملجأ لهم.

إن نُزعت نعمة الله عن الإنسان يصير بلا سياج، وتنفتح نفسه على محبة العالم، لتدخل قطعان خنازيره الدنسة وتخرج بلا عائق، ويصير قلبه مدوسًا بالشهوات النجسة وأفكاره هائمة في الرجاسات، وتنحدر حواسه إلى الشهوة الرديئة.

وكما يقول القديس إكليمنضس السكندري: [إن هذه الأمور (نزع السياج والسماح للأعداء بالدخول) يتحقق بسماح إلهي ليحولها للخير والبنيان. فإن [العناية الإلهية هي فن تأديبي].

ب. "اجعله خرابًا لا يُقضب ولا ينقب" [6]. إذ يفارق الرب كرمه أي النفس البشرية تصير في فراغ وتُحسب خرابًا. يبكيها الرب كما بكى على أورشليم، قائلًا: "هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا" ( مت 23: 38).

حين يثمر الكرم يقوم الكرام بالقَضْب والنقب لكي يأتي بثمر أعظم، أما إذا أثمر عنبًا رديًا فلا يمد يده إليه. فان كان القضب والنقب يشيران إلى تأديبات الرب الحانية نحو أولاده، فإننا إذ نسلك معه في الطريق يمد يده إلينا كأولاد له يهتم بنا ويرعانا وأيضًا يؤدبنا حتى نزداد في ثمر الروح. فعدم القضب والنقب يشيران إلى عدم التأديب، وهذا هو أقسى أنواع العقوبة... التجاهل التام وعدم الاستحقاق حتى للتأديب.

وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إنه حينما يتوقف الطبيب عن تقديم الدواء المُرّ أو استخدام المشرط هذا يعني أن حالة المريض ميئوس منها تمامًا.

ج. "فيطلع شوك وحسك" [6]. هذا ثمر اعتزال الإنسان الله وانفصاله عنه، إذ ينبت من عندياته شوكًا وحسكًا. يقول الرسول: "وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق" ( رو 2: 28).

ما هو هذا الشوك إلاَّ فقدان الإنسان سلامه ليحمل في داخله متاعب وهموم لا يقدر أن يُجابهها بنفسه وحده؟!

د. "وأوصى الغيم أن لا يمطر عليه مطرًا" [6]. يُشير المطر في العهد القديم إلى عطية الروح القدس(117)، فإن الإنسان الجاحد للرب الذي يطلب الانفصال عنه يخسر سكنى الروح فيه، فيتحول قلبه إلى قفر، لا يحمل ثمر الروح. لهذا عوض أن يثمر "الحق" إذا به يثمر "سفك دم"، وعوض "العدل" يثمر "صراخًا" [7].

يطلب الرب أن يجد فينا جنته المثمرة بالروح، حيث تُناجيه النفس قائلة: "ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" [16]. لكن حرمان النفس من المطر الروحي يحول الجنة المبهجة إلى موضع مرعب ليس فيه سوى سفك دم وصراخ مستمر‍!

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن المطر في الكتاب المقدس يُشير إلى التعليم(118). هكذا إذ يجحد الإنسان الله يحرم نفسه من التمتع بتعليم الرب في أعماقه؛ يقرأ كلمة الله وربما يدرسها لكنه لا ينعم بفاعليتها وعذوبتها في أعماقه.
هذا ما أعلنه القديس أغسطينوس في أول وعظة له على الإنجيل بحسب معلمنا متى البشير قائلًا: [إنه كان كعصفور صغير في عش، في كبرياء قلبه أراد الطيران بنفسه، دارسًا الكتاب المقدس بروح النقد، فسقط على الأرض وكاد المارة أن يسحقوه تحت أقدامهم لولا نعمة الله التي انتشلته وردته إلى عش الإيمان حتى صار له جناحان يقدر بهما على الطيران.

يرى القديس أغسطينوس أن المطر هنا يُشير إلى الكرازة التي انتقلت من الكرم (الشعب اليهودي) إلى الأمم.

يقول: "إن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل وغرس لذته رجال يهوذا. فانتظر حقًا فإذا سفك دم وعدلًا فإذا صرخ" [7].

لقد قدم الله كل الإمكانيات لكل الجماعة: للكهنة واللاويين كما للشعب، للغني كما الفقير، للمتعلم كما للأمي لكي يثمر هذا الكرم "حقًا" و"عدلًا"، وقد جاء "الحق" متجسدًا من سبط يهوذا لكنهم سفكوا دمه وعوض العدل كان الصراخ: "أصلبه، أصلبه".
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أنه هو وشعبه لا يمكن أن يكونوا قد خانوا الله
الاتحاد النِّهائي في الفرح بين الله وشعبه
الاتحاد النهائي في الفرح بين الله وشعبه (متى 25: 1-12)
آرميا النبي | الله وشعبه
يعملون لأجل الله وشعبه


الساعة الآن 07:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024