المرأة الكنعانية
يقول إنجيل مرقس عن هذه المرأة، إنها كانت فينيقية سورية (مر 7: 26)، أي أنها كانت من المنطقة الواقعة إلى الشمال الغربي لبحر الجليل حيث تقع مدينتا صور وصيدا. ويصفها متى بأنها كنعانية، بالنسبة لأجدادها القدماء الذين كانوا أعداء لبني إسرائيل. ولابد أن اليهود الذين استمعوا لمتى، أدركوا في الحال مغزى مساعدة الرب يسوع لهذه المرأة.
طلب التلاميذ من الرب يسوع أن يصرف المرأة لأنها كانت تزعجهم بسؤالها، فلم يبدوا أي عطف عليها أو أي إحساس بحاجتها. ويمكن أن ننشغل بالأمور الروحية، فلا نرى الاحتياجات الروحية الحقيقية لمن حولنا، سواء عن تحامل أو لما يسببونه من إزعاج. وبدلا من أن تنزعج، تنبه للفرص المحيطة بك، كن متفتحا لروعة رسالة الله لجميع الناس.
لا تتعارض كلمات الرب يسوع هذه مع حقيقة أن رسالة الله هي لجميع الناس (تث 32: 21 ؛ مز 22: 27 ؛ إش 56: 3 ؛ مت 28: 19 ؛ رو 15: 9-12)، ولقد قام الرب يسوع بخدمات للأمم في مناسبات كثيرة في أثناء خدمته. وما أراد الرب يسوع أن يقوله للمرأة، هو أن اليهود يجب أن تكون لهم الفرصة الأولى لقبوله كالمسيح، لأن الله اختارهم لتقديم رسالة الخلاص لسائر العالم (تك 12: 3). فيسوع لم يرفض هذه المرأة، بل لعله كان يريد أن يمتحن إيمانها، أو لعله أراد أن يستخدم الموقف فرصة أخرى لتقديم درس عن أن الإيمان متاح لجميع الناس.
اعتاد اليهود أن يطلقوا كلمة "كلب" على أي أممي (كل من هو غير يهودي)، لأن اليهود لم يعتبروا أولئك الشعوب الوثنيين أكثر من كلاب من جهة نوال بركة الله. فلم يكن الرب يسوع يهين المرأة بهذه العبارة، بل كان يعكس موقف اليهود ليبين الفرق بين موقفهم وموقفه. ولم تجادل المرأة، بل استخدمت الكلمات التي اختارها يسوع، ووافقت أن تعتبر كلبا مادامت تستطيع أن تحصل على بركة الله لابنتها. وللسخرية كان هناك كثيرون من اليهود سيفقدون بركة الله وخلاصه لأنهم رفضوا يسوع، وكثيرون من الأمم سينالون الخلاص لأنهم آمنوا بالرب يسوع. .
