رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القيامة فى حياتنا
يمتاز الإنسان عن غيره من الكائنات بعنصرين هما: العقل والروح، وذلك بسبب الروح العاقلة التى نفخها الله فى الإنسان عند خلقته! ولأن الروح من الله، لذلك فهى لا تموت!! ويقول سليمان الحكيم: «يَرْجِعُ التُّرَابُ (الجسد) إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجِعُ الرُّوحُ إِلَى اللَّهِ الَّذِى أَعْطَاهَا» (جامعة 7:12). لذلك آمن الإنسان بخلوده، فى نفس الوقت الذى آمن فيه بإلهه الخالد!! وكانت عقيدة القيامة كامنة فى أعماق الإنسان منذ خلقته، مصاحبة لصوت الله فى داخل الإنسان: أى الضمير! ولعلنا نجد فى قدماء المصريين دليلًا على ذلك، حين بنوا الأهرامات، ووضعوا تماثيل بجوار الجسد، حتى ما تتعرف كل روح على جسدها، حينما تعود إليه فى يوم البعث، هذا حسب معتقداتهم. والروح الخالدة، هى التى تجعل الإنسان متجاوزًا لذاته، لا يشبع من شىء، وليس لطموحه حد.. ففى داخل كل منا عطش لا نهائى وجوع إلى المطلق، ولا يوجد كائن لا نهائى سوى الله!! لذلك لن تشبع أرواحنا إلا حينما تتعرف على إلهنا الحىّ، اللانهائى!! لاشك أن الإيمان بالقيامة ينير العقل، إذ يفتح آفاقه نحو امتداد أبدى هو التفسير الوحيد المقبول للحياة الإنسانية!! فما هو هذا الوجود؟! وما معنى أن يولد الإنسان، ثم يحيا فى عالم متعب وظروف صعبة، ثم يشيخ، ثم يموت؟! إن عدم الإيمان بالله، وبالقيامة، وبالخلود يفقد حياتنا معناها، ويفقد وجودنا قيمتها. لذلك لم يكن غريبًا أن نقرأ للفلاسفة الملحدين عبارات مثل: - «هذا الوجود زائد عن الحاجة، ولا داعى له» (سارتر). - «هذه الحياة تستحق الانتحار، ولكنى لا أفضل ذلك» (ألبير كامى). - «الإنسان يولد باكيًا، ويعيش شاكيًا، ويموت يائسًا» (أحد الكتاب). هذه العبارات البائسة اليائسة سببها عدم الإيمان بالله، وبالخلود الذى وعدنا به الله!! تعالوا نناقش هذه العبارات، فى ضوء عقيدتنا بالقيامة والخلود. -1القيامة تعطى معنى للحياة: فبالفعل، ما قيمة هذه الحياة والإنسان يشيخ ثم يموت؟! أو يسقط صريع الحرب أو الفقر أو المرض أو الوباء أو الكوارث؟! القيامة فقط هى التى تعطى معنى لحياتنا، فالله حينما خلقنا، أراد أن نسعد معه فى ملكوته المقيم، ولكنه أراد أن يكون ذلك بقرار منا، وبحرية إرادتنا التى منحنا إياها، وهذه الحرية تحتاج إلى «اختيارات»: أى أن يختار الإنسان بين أمرين، أن يحيا مع الله أو ضد الله. لهذا يقول الكتاب المقدس للإنسان: «جَعَلتُ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالمَوْتَ.. فَاخْتَرِ الحَيَاةَ لكَىْ تَحْيَا» (تثنية 19:30). إذن، فحياتنا أصبح لها معنى!! و«اختبارات »: أى أن يتحمل الإنسان مسؤولية اختياره، سلبًا أو إيجابًا! - فالمعنى هو أننا خلقنا لنعيش مع الله، ولن نستريح إلا حينما نحيا له كما قال القديس أغسطينوس: «يارب لقد خلقتنا لك، ولن نستريح إلا فيك». - ويكمن فى الإيمان بالله غير المحدود.. وهنا نرفض مقولة إن «هذا الوجود زائد عن الحاجة»، ولكننا نؤمن بالعكس تمامًا، أن هذا الوجود مفرح وخالد، ونحن مدعوون له، وهكذا نحيا حياتنا الأرضية، متطلعين فى شوق إلى حياتنا الأبدية السعيدة. -2 القيامة تعطى رجاء للإنسان: من قال «إن الإنسان يولد باكيًا، ويعيش شاكيًا، ويموت يائسًا»؟! إن الإنسان المؤمن، الذى يحيا مع الله، ويؤمن بالخلود، يولد باكيًا.. ولكنه يرى فى بكاء الطفل انفتاحًا للشعب الهوائية، لا حياة بدونه.. وهو لا يعيش شاكيًا بل بالحرى يعيش شاكرًا، واثقًا أن إلهنا المحب يرعانا، فعين الرب علينا من أول السنة إلى آخرها، ومن الطفولة إلى الشيخوخة. كذلك فالإنسان المؤمن لا يموت يائسًا، بل بالحرى يموت واثقًا من القيامة والخلود... لذلك لا يتسلل اليأس إلى حياته أبدًا، بل شعاره هو: «إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ » (رومية 8:14(. وهو يرى أنه يحيا فى غربة، ويشتاق أن يستوطن عند الرب، كما يقول الرسول بولس: «فَإِذًا نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِى الْجَسَد،ِ فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ. لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعَيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ» (2 كورنثوس 6:5-8). ولهذا فهو يجتهد فى أن يحيا حياة مقدسة قائلًا: «لِذَلِكَ نَحْتَرِصُ أَيْضًا.. أَنْ نَكُونَ مَرْضِيِّينَ عِنْدَهُ.. لأنه سيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ.. بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا» (2 كورنثوس 9:5-10( وهكذا يملأ الرجاء قلب المؤمن.. والرجاء باليونانية «هلبيس»، أى المرساة: أى أنه مثل «الهلب» الذى يلقيه قائد السفينة إلى الشاطئ، ليمسك بالصخور، وهكذا بالخلود. -3 القيامة تنير الذهن: لا يرى الإنسان ما رآه الملحد المسكين حين قال: إن الإنسان «يخرج من ظلمة الرحم إلى ظلمة الأرض، وينتهى إلى ظلمة القبر». فهو فى ظلمة الإلحاد، يفقد القدرة على الرؤيا والتمييز. بينما الإنسان المؤمن بالله يستنير بعمل روح الله القدوس، لهذا يقول الرسول بولس: «بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ» (عبرانيين 3:11( -1هل هناك ظلمة فى الرحم؟ أم هناك نور الله الخالق، الذى يصنع من خليتين صغيرتين جنينًا متكاملًا، بأعضاء متنوعة وخلايا مختلفة، وتشريح مذهل، وأنسجة تسبح الخالق!! -2 وهل هناك ظلمة على الأرض؟ أم أن نور الإيمان يجعلنا نسير فى سعادة مع الله، إذ يقود خطواتنا قائلًا: «سِيرُوا - فى النور- مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ» (يوحنا 35:12). إن الذهن المستنير بنور الخالق، يستطيع أن يميز، ويتحكم، ويتفطن بكلمة الله. لهذا قال المرنم داود: «فَتْحُ كَلاَمِكَ يُنِيرُ، يُعَقِّلُ الْجُهَّالَ» (مزمور 130:119). -3 وهل فى القبر ظلمة؟ أم أنه وضع مؤقت، ينام فيه الجسد مستريحًا، أما الروح فتكون فى أنوار الفردوس، حيث الله النور الذى «لَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ » (1يو 5:1). إلى أن يجىء يوم القيامة، فتتحد الروح مع الجسد، ويقوم الإنسان بجسد روحانى، نورانى، سمائى، ممجد.. لينطلق إلى حياة أبدية سعيدة ممتدة |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القيامة سر حياتنا |
القيامة حياتنا |
القيامة في حياتنا |
بركة القيامة في حياتنا |
بركات القيامة في حياتنا |