رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نَعَمْ! نُورُ الأَشْرَارِ يَنْطَفِئُ، وَلاَ يُضِيءُ لَهِيبُ نَارِهِ [5]. حديث بلدد هنا صادق، لكنه لا يتحقق هذا فورًا وبطريقة منظورة علنية. بقوله "نعم" يشير بلدد إلى ما يعانيه أيوب من الحزن الشديد الذي يسقط تحته. يقول له: ما تقوله صدق، لأنه كان يجب أن تكون فيما أنت عليه كأمرٍ طبيعيٍ يليق بالإنسان الشرير. فلا تدهش إن كان ما لك من نور بسيط قد انطفأ تمامًا. لعله قصد بنور الأشرار ما كان له من خيرات وفرح إلى فترة وجيزة قبل حلول التجارب. نور الأشرار ليس نور شمس البرّ الأبدي، نور الرب الذي لن ينطفئ، إنما هو "نور ناره، والشرارة التي أوقدها" (إش 50: 11). يتحدث أيوب عن أيام رخائه حينما كان سراج الرب يضيء على رأسه (أي 29: 3). ويقول المرتل داود: "أنت تضيء سراجي، الرب إلهي ينير ظلمتي" (مز 18: 28). ومن الجانب الآخر يعبر أيوب البار عن ألمه الشديد بقوله: "كم ينطفئ سراج الأشرار" (أي 21: 17). ويقول سليمان: "من سب أباه وأمه ينطفئ سراجه في حدقة الظلام" (أم 20: 20). "سراج الأثمة ينطفئ" (أم 24: 20). وقد أشار السيد المسيح إلى الحرمان من ملكوت الله أو ملكوت النور بالدخول في الظلمة الخارجية أو جهنم (مت 8: 12؛ 22: 13). جاء في الأمثال: "نور الصديقين يُفَّرح، وسراج الأشرار ينطفئ" (أم 13: 9) (راجع إر 25: 10). * "ألا ينطفئ نور الأشرار، ولا يضيء لهيب ناره؟" [5]. إن كان يقول هذا عن الحياة الحاضرة فهو مخطئ، إذ كثيرًا ما يُرى النور مزدهرًا في حياة الأشرار، بينما ظلمة الخزي والفقر تغلف حياة الأبرار... وإن كان يُقال هذا بخصوص الإنسان الشرير، لكنه لا يُوجه هذا ضد الإنسان القديس الذي تسقط عليه ضربات... لكن "ينطفئ نور الأشرار". من حيث أن سعادة الحياة الحاضرة سرعان ما تنتهي مع الحياة ذاتها. لذلك فإنه يليق أن يُضاف: "ولا يضيء لهيب ناره". فإنه لكل إنسانٍ شرير "لهيب ناره"، الذي يشعله في قلبه من حرارة الشهوات الوقتية، مادام يحترق بشهوات متنوعة، ويذري أفكاره في لهيب أعظم بأوهام العالم المتعددة. ولكن إن كانت النار بلا لهيب، فإنها لا تضيء ببعث أي نور... فإنه حتى الصديقين لهم لهيب نارهم، لكنه لهيب ينير ببهاءٍ، حيث أن شهواتهم تشرق في الأعمال الصالحة. أما نور الأشرار فلا يشرق على الأقل كما يودون في الشر، ويلتزمون بالدخول إلى الظلمة. البابا غريغوريوس (الكبير) * إذ نعرف المسيح أنه النور الحقيقي (يو 9:1)، فإنه غير مُدرك (1 تي 16:6) بالنسبة للباطل. إننا نتعلم هذا، أي أنه من الضروري لحياتنا أيضًا أن تستنير بأشعة النور الحقيقي. لكن الفضائل هي أشعة "شمس البٌر" (مل 20:3)، تنبعث لأجل استنارتنا، خلالها نخلع أعمال الظلمة (2 كو 2:4). إذ نفعل كل شيءٍ في النور، نصير نحن أنفسنا نورًا، يضيء على الآخرين (مت 15:5-16)، إذ هذا من سمة النور. القديس غريغوريوس النيسي * ليس للهراطقة المسيح، الحق، على شفاههم، لأنه ليس في قلوبهم... يعنون شيئًا في قلوبهم، ويعدون بشيء آخر على ألسنتهم. ينطقون بالتقوى، ويخفون الشر. يتكلمون عن المسيح، ويخبئون ضد المسيح، لأنهم يعرفون أنهم لن ينجحوا في خداعهم إن أظهروا ضد المسيح. يقدمون النور فقط لكي يخفوا الظلمة، فبالنور يقودون إلى الظلمة. القديس جيروم |
|